الذي دفعني لكتابة تلك الهمسة التربوية قصة لأم منفصلة فقالت أن ابني متمرد علي بل لايقبل مني حديثاً ، ولا توجيهاً فقلت لها ربما لا تحبينه قالت كيف ؟ ، وأناأعمل ليل نهار من أجله ، وضحيت من أجله وادخلته أحسن المدارس وأطعمته أشهى الأطعمة وألبسته أرقى الماركات قاطعتها معتذراً منها قائلا واشتريت له جوال ، واشتركت له في نادي ، و....... قالت بكل فرح نعم ، فقلت لها مازحاً معه حق . قالت : كيف؟ قلت لها: قد يكون الحب موجودا بالقلب ولا يعبر عنه في الواقع ، وأحياناً طريقة التعبير عن هذا الحب تكون خاطئة ، وتارة أخرى قد يستحي البعض من التعبير عنها بطريقة مباشرة فالحب سيدي المربي سيدتي المربية – ليس ماديات فقط فالجانب المعنوي قد يكون أهم وأعمق وأشد تأثبراًعلى نفسية الطفل وذكرت لها حالة لأحد الأثرياء بالمملكة كنت أتابعها بالمدرسة فلفظ الابن بكلمة مفعمة بالأسى والحزن – ياريت يلعب أبوي معي – وقلت لها : ناصحاً لا تتقمصي دور الأبوين بداية ، ثم يطغى الجانب الذكوري على تربيته ، ويتلاشى تدريجياً الجانب العاطفي الأموي .
فقلت لها : تتبعي الآتي لعله يحبك وتحبينه :-
1- اقض بعض وقت مع أولادك كل منهم على حدة، سواء أن تتناولي مع أحدهم وجبة الغذاء خارج البيت أو تمارسي رياضة المشي مع آخر، أو مجرد الخروج معهم كل على حدة، المهم أن تشعرهم بأنك تقدر كل واحد فيهم بينك وبينه دون تدخل من إخوته الآخرين أو جمعهم في كلمة واحدة حيث يتنافس كل واحد فيهم أمامك على الفوز باللقب ويظل دائما هناك من يتخلف وينطوي دون أن تشعر به.
2- ابني داخلهم ثقتهم بأنفسهم بتشجيعك لهم وتقديرك لمجهوداتهم التي يبذلونها وليس فقط تقدير النتائج كما يفعل معظمنا ولكن تقدير المجهود والتقدم ولو كان قليلاً مع تجاوز الخطأ والبعد عن التحقير
من كان يرجو أن يسود عشيرة * * * فعليه بالتقوى ولين الجانب
ويغض طرفا عن إساءة من أساء * * * ويحلم عند جهل الصاحب
فالمخطئ قبل أن نعاتبه أو نحاسبه لا بد أن نتفهم سبب الخطأ, ونلتمس له الأعذار وفي كل ذلك لا بد أن تحترم مشاعره حتى لا يعاند ويصبح الخطأ خطأين.سَامِحْ ابنك إِذَا وَافَاكَ بِالْغَلَــطِ * * * وَاتْرُكْ هَوَى الْقَلْبِ لا يُدْهِيْكَ بِالشَّطَطِ
3- احتفلي بإنجازات اليوم، فمثلا أقيمي مأدبة غداء خاصة لأن ابنك فلان حفظ آية أو حديث أو نظف غرفته بنفسه ، أو لأن آخر اشترك في فريق كرة القدم بالمدرسة أو لأن الثالث حصل على درجة جيدة في الامتحان، وذلك حتى يشعر كل منهم أنك مهتم به وبأحداث حياته، ولا تفعل ذلك مع واحد منهم فقط حتى لو كان الآخر لا يمر بأحداث خاصة ابحث في حياته وبالتأكيد سوف تجدين أي شئ، وتذكري أن ما تفعلينه شئ رمزي وتصرفي على هذا الأساس حتى لا تثير الغيرة بين أبناءك فيتنافسوا عليك ،ثم تصبح بينهم العداوة بدلا من أن يتحابوا ويشاركوا بعضهم البعض فيحدث ما حدث بين يوسف وإخوته.
4- علمي أولادك التفكير الإيجابي بأن تكونين إيجابية، فمثلا : بدل من أن تعاتبين ابنك لأنه رجع من مدرسته وجلس على مائدة الغداء وهو متسخ وغير مهندم فقولي له "يبدو أنك قضيت وقتا ممتعا في المدرسة اليوم" ثم وجه من طرف خفي على غرار ( ما بال أقوام ) توجيه غير مباشر وابتعدي تماما عن العلاج بالعنف ورفع العصا والغضب
يا من يربي بالعصا أولاده ساءت عصاك مربيا ومؤدبا
يتمرد السنور إن عاملته بشراسة وتثير فيه العقربا
البيت مدرسة تحب وتشتهى ما كان راعيها رضيا طيبا
فاسهر على ابنك واصلا حسناته واجزه بالحسنى إذا هو أذنبا
مادمت تضربه ضعيفا قاصرا جازاك بالأنكى قويا أغلبا.
5- اخرجي ألبوم صور أولادك وهم صغار وأحكي لهم قصص عن هذه الفترة التي لا يتذكرونها وركزي على الذكريات الجميلة التي تحمل معاني راقية وسامية مثل: تتذكر ولدي يوم لما تبرعت بريال للفقير عند الشاطئ وهكذا .
6- ذكريهم بشئ قد تعلمتيه منهم مثال ك أنا أشكرك "أشواق" بصراحة أنا تعلمت منك كيف أتحكم في غضبي لما شوفتك ما تعصبتي على أختك لما كسرت لك اللعبة .
7- قولي لهم كيف أنك تشعرين أنه شيئ رائع أنه ولدك وعبري قولاً وفعلاً عن هذا الفخر والحب أهمسي بأذن طفلك وأنت تسيرين معه في المول أو السوق وقولي له بكلمات يفهمها "بحبك" أنا فرحانة أني أمك فرحانة ومبسوطة أني ماشية معاك .
8- اجعلي أطفالك يختارون بأنفسهم ما يلبسونه فأنت بذلك تريهم كيف أنك تحترمين قراراتهم من المهم جدًّا أن يتصرف الأم و الأب مع صغيرهما في الأقوال والأفعال بما يظهر احترامهما له وقد رأينا النبي صلى الله عليه وسلم نموذجًا في احترامه للأطفال، ومنه ما قاله أنس- رضي الله عنه-: "انتهى إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا غلام في الغلمان فسلَّم علينا".مشهد فذ لقائد الأمة يذهب ويسلم على الصبيان رغم المشغوليات والمسؤوليات والهموم ولكن الفهم العميق الشامل للنبي صلى الله عليه وسلم أن هؤلاء شركاء في الوطن في الأمة في صنع القرار، هم وقود وزاد المستقبل . واستئذانه صلى الله عليه وسلم الغلام، فيما رواه البخاري عن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ مِنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ وَعَنْ يَسَارِهِ الْأَشْيَاخُ فَقَالَ لِلْغُلَامِ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلَاءِ فَقَالَ: الْغُلَامُ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لا أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا قَالَ فَتَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَدِهِ.
9- اندمجي مع أطفالك في اللعب مثلا كأن تتسخ يديك مثلهم من ألوان الماء أو الصلصال وما إلى ذلك ، فكان صلى الله عليه و سلّم يلعب مع الأطفال في مواقف كثيرة من أشهرها ما رواه الشيخان و غيرهما من حديث أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقاً ، وَكَانَ لِى أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ - قَالَ أَحْسِبُهُ فَطِيمٌ - وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَالَ « يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ » . نُغَرٌ كَانَ يَلْعَبُ بِهِ " .
و مداعبته صلى الله عليه و سلم لأبي عمير رضي الله عنه درسٌ عظيم يرسم منهجاً في تربية الأطفال بأسلوب التشويق و التودد لهم ، و لذلك اهتم العلماء بهذا الحديث أيّما اهتمام ..وعن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه– قال: رأيت الحسن والحسين -رضي الله عنهما- على عاتِقَيِ النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت: نِعمَ الفَرَسُ تحتكما! فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((ونعم الفارسان هما!)) .
10- اعرفي جدول أولادك ومدرسيهم وأصدقاءهم حتى لا تسأليهم عندما يعودون من الدراسة بشكل عام "ماذا فعلتم اليوم" ولكن تسألين ماذا فعل فلان وماذا فعلت المدرسة فلانة فيشعر أنك متابعين لتفاصيل حياته وأنك تهتممين به.
وللحديث تتمة حول عشرة حب ( 2 )
مع تمنياتي بتربية راقية
أ . نزار رمضان
محبكم دوماً الخبير التربوي والكاتب الصحفي بجريدة عكاظ
مجلة رؤى - مجلة الدعوة الإسلامية
والمشارك التربوي بقنوات دليل - الرسالة- السعودية الأولى
فور شباب - عيون جدة -إذاعة جدة -الشباب
مدرب تنمية بشرية ومستشار أسري
مخطط استراتيجي أسري ومعالج سلوكي للطفل والمراهق
بانتظار أفكارك وآرائك
للتواصل التربوي والاستشارات
المملكة العربية السعودية
شمال جدة حي الشاطئ
ج / 00966508705124
ايميل / [email protected]
[email protected]
[email protected]
ساحة النقاش