جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
بورسعيد النشأة وحتي قبيل العدوان الثلاثي
تمثال دليسيبس
فى الحقيقة لما نتكلم عن بورسعيد بنبدأ من بداية حفر قناة السويس فى يوم الاثنين 25 ابريل سنة 1859 وهو اليوم الذي بدأ فية اجدادنا المصريين فى حفر القناة وبدأوا فى ضرب اول معول فى حفر قناة السويس .. وفى نفس اليوم اطلق على بورسعيد هذا الاسم لان حاكم مصر كان وقتها الخديوي سعيد .. أجدادنا المصريين حفروا القناة بطريقة بدائية جدا فى عشرة سنين وسبعة أشهر ، انتهوا فى حفر القناة فى نوفمبر سنة 1869، استشهد من اجدادنا المصريين فى حفر القناة أكثر من 120 ألف شهيد نتيجة لسوء المعاملة من قبل زبانية ديليسبس وسوء التغذية وهو المهندس الفرنساوي الذى كان يشرف على حفر القناة ، وقد كان زبانية هذا الرجل يضربون اجدانا المصريين الذين حفروا القناة بالكرابيج ، والعامل المصري الذى كان يحفر القناة كان يعمل ما يقرب من 14 ساعة او مايزيد ، وكان اجر العامل المصري فى مقابل هذا : كسرة عيش وكسرة بصل ! فى نوفمبر سنة 1869 أفتتح الخديوي اسماعيل الذي كان يحكم مصر إن ذاك قناة السويس فى احتفالات ضخمة اقامها لإفتتاح القناة ودعا لحضور حفل افتتاح القناة أكثر من 5000 شخصية عالمية من زعماء العالم وعلى رأسهم الامبراطورة أوجينية … وبعد إفتتاح القناة اصبحت بورسعيد بوابة مصر الشرقية والشمالية .
اما الجريمة الثانية التى ارتكبها المهندس ديليسبس فى حق مصر هي : سرقة القناة المصرية بطريقة او بأخري لآجل تمليكها لبلدة فرنسا ومعها بريطانيا ، وفى اغسطس سنة 1882 أرتكب ديليسبس الجريمة الثالثة فى حق مصر وهي بأن اعطي وعد للزعيم المصري العظيم أحمد عرابي بأن الانجليز لن يدخلوا مصر عن طريق القناة .. لكن ديليسبس غدر بالزعيم احمد عرابي وخان مصر ! وكان الاسطول الانجليزي امام شاطيء بورسعيد حيث اطلق نيران مدفعيتة على المدينة وهدم منها مناطق شاسعة ، وقد ردت المدفعية المصرية على النيران بالمثل ، لكن استطاع الاسطول الانجليزي ان يرسو على شاطيء بورسعيد وبدأت المقاومة من شعب مصر فى بورسعيد ضد قوات الاسطول الانجليزي ، لكن قواتهم كانت فعلا نزلت بورسعيد و احتلوا المدينة واستمرت المقاومة وحتي زحف الانجليز وصولا الى منطقة القناة ببورسعيد والاسماعيلية والسويس ودخلوا القاهرة كما احتلوا الاسكندرية و استمر احتلالهم لمصر 74 عاما من سنة 1982 الى سنة 1956 ، وطوال هذة الفترة كانوا بيعتبروا انفسهم اسياد ونحن عبيدهم بل أقل من العبيد لدرجة القتل دون أدني سبب .. يعني ممكن الجندي البريطاني والكلام اللي بقولة دة انا شفتة بعيني وانا طفل : الجندي البريطاني كان بيمشي سكران ويقوم مطلع الطبنجة بتاعتة ويقتل بعض المصريين ومفيش حد ابدا كان يقدر يتكلم ! مفيش مشاكل ! وساعات كان الجندي البريطاني راكب السيارة بتاعتة و يدخل فى بعض المصريين و بياخدهم تحت عجلات السيارة ولما كان بيشوف ضحاياة فى مراية السيارة كان بيبتسم ابتسامة عريضة .. مفيش مشاكل ! دة الراجل كان بيهزر معاهم وماتوا ! دة اللي كان بيحصل .. ولما كان المصري بيدافع عن نفسة .. فى الوقت دة لو الانجليز مسكوة : كانوا بيقتلوة ! ولو السلطات المصرية امسكت بة : كانوا بيرموة فى السجن و بيعتبروة مجرم لآنة دافع عن نفسة ادام البريطانيين ! انا كنت بشوف المناظر دى وانا طفل وكنت بتألم ! وفى عام 1951و 1952 كنا بنتجمع نحن ابناء بورسعيد فى شارع محمد علي وكان الرجال والشباب بيلموا الاطفال اللي من سني فى الوقت دة من سن 12 و 13 و 15 سنة اقصي حد و بيعطونا كور من القماش مبللة بالبنزين وكان فية معسكر انجليزي خلف السكة الحديد بعد وابور النور بشوية صغيرين اسمة معسكر جولف كامب الآنجليزي ، وكان هؤلاء بياخدونا نحن الاطفال ومعنا كبريت وهذة الكور القماش و نتسلل من خلف السكة الحديد لحد ما نروح للسور الخلفي والذي كان عبارة عن اسلاك شائكة لمعسكر جولف كامب ويحددوا لنا الاماكن التي سوف نشعل فيها النيران ، ثم نقوم بالقفز على هذا السور وندخل المعسكر ونولع الكور ونرمي بيها على مخازن الوقود ومخازن الاسلحة والزخيرة ومخازن التعيينات والمهمات ثم ننصرف بسرعة ، وكان البريطانيين لما بيحسوا بالحرايق كانوا بيفتحوا علينا النار ومعظم الاحيان كان بيبقي فى صفوفنا شهداء ومصابين ، وفى يوم من الايام كان فية خمسة شهداء من الاطفال وكان اشهر شهيد مصري فى اكتوبر سنة 1951 كان الشهيد البطل نبيل منصور بعد ما ولع فى المعسكر .. وقد كان الانجليز بعد كل غارة لنا يقومون بالآنتشار فى شارع محمد علي بالجانب الشرقي من الشارع بدباباتهم ومدافعهم وكنا نحن المصريين على الجانب الغربي من نفس الشارع واحيانا كنا بنوصل لآلفين مصري كانوا بيضربونا بأعتي الآسلحة وكنا لانملك سوي الحجارة والزجاجات الفارغة والكور المشتعلة ، العملية دى كانت بتكرر يوميا خلال عامي 1951 و 1952 لحد ما جاء الينا ضابط الاتصال البريطاني والمصري والاتنين يحضروا بالسيارات بتاعتهم و يقفوا ادام بعض وينزلوا من السيارات بتاعتهم ويتكلموا مع بعض و لو أتفقوا .. ضابط الاتصال المصري يشاور لنا ( يعني خلاص ) وكذلك فى الجانب البريطاني يقومون بالانسحاب ويدخلوا معسكرهم ، وحتي 25 يناير سنة 1952 والذى اشتركت فية قوات الشرطة المصرية مع المصريين ضد الانجليز وبدأت المعركة هذة المرة من الإسماعيلية لان ضابط انجليزي طلب من ضابط مصري أن يسلم اسلحة قواتة فى الاسماعيلية ، لكن الضابط المصري رفض مطلب الضابط الانجليزي ، فأعطوا لنا انذار بتدمير المبني الذى كنا نقطن فية، ودى كانت اول مرة تشترك فيها القوات المصرية ضد الانجليز ، فالضابط المصري راح للقوات المصرية وقال لهم : ساعة كذا .. أول رصاصة تطلع من سلاح بريطاني ردوا بكل قوة ودافعوا عن أنفسكم وعن بلدكم وامتدت المعركة الى بورسعيد وكانت معركة دامية ! وفى 26 يناير سنة 1952 كان حريق القاهرة … كنا نحن المصريين فى بورسعيد فى حالة يرثي لها ، الانسان كان مستعد يموت مليون مرة ولا نري جندي بريطاني على أرضنا .. وبعد ذلك قامت ثورة يوليو بقيادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر فى ليلة 23 يوليو سنة 1952 وبعد قيام ثورة يوليو اصبح العمل الفدائي فى مصر مشروع ومدعم من قبل مصر الثورة .. القوات المسلحة المصرية فتحوا معسكر فى بورسعيد للتدريب على العمل الفدائي تحت اسم " فدائيو حرس وطني بورسعيد " وكنت ضمن شباب بورسعيد المتقدمين لهذا المعسكر وقد تلقينا التدريبات على العمل الفدائي ، وحملنا السلاح وكنا نطارد الجنود البريطانيين فى كل مكان داخل المعسكرات وفى الشوراع والطرقات والعمليات الفدائية كانت مستمرة .. ونتيجة للعمليات الفدائية ولعوامل اخري تمت اتفاقية مصرية بريطانية فى 19 اكتوبر سنة 1954 سميت بإتفاقية الجلاء وقد كانت اهم بنود الاتفاقية بأن تنسحب القوات البريطانية من مصر تماما فى موعد أقصاة عشرين شهرا وحتي تم الجلاء قبل موعدة فى اوائل يونيو سنة 1956 حيث تم جلاء اخر جنود بريطانيا من مياء بورسعيد ، فى 18 يونيو سنة 1956 اعلنت مصر الجلاء واحتفلت مصر بإستقلالها وكانت احتفالية الجلاء فى بورسعيد وكان على رأس المحتفلين بالاستقلال فى بورسعيد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قائد ثورة يوليو ،وبعد وصول عبد الناصر الى بورسعيد ذهب الى ميناء بورسعيد وكان العلم البريطاني مرفوع فوق الميناء لآربع وسبعين عاما وكنا نحن فدائيو بورسعيد نلتف حول عبد الناصر داخل الميناء وبيد عبد الناصر المصرية الشريفة هبط علم بريطانيا من فوق الساري وقد كنا نهتف بحياة مصر ، وقد قمنا بخطف العلم من يد عبد الناصر وقعدنا نشدة من بعض وحتي مزقناة وكل اللي فى ايدة حتة من العلم وضعها تحت اقدامة وبقينا نهلل ونكبر : الله أكبر .. تحيا مصر ، وبيد عبد الناصر ارتفع علم مصر عاليا خفاقا وسلم عبد الناصر لنا علم الفدائيين تكريما لنا وتقديرا للعمل الفدائي ، ثم انصرفنا … الطالب رجع مدرستة او كليتة ، الموظف رجع العمل بتاعة ، والصانع او التاجر رجع لعملة ، ورغم انتهاء الاحتلال إلا اننا كنا مستمرين فى التدريب يوميا من الساعة الرابعة وحتي ساعتين او مايزيد عن ذلك استعدادا لاي احتمالات
المصدر: برواية الفدائى محمد مهران عثمان .. مواليد بورسعيد بحي العرب فى 6 سبتمبر سنة 1938 ، متزوج وعندى بنتين : الكبيرة منهم هي : طبيبة اميمة محمد مهران .. والثانية : مهندسة نسرين محمد مهران ، وعايش انا وزوجتي بعد زواج ابنتاي ، عملي : محاضر في متحف بورسعيد الحربي للتوعية والتوجية المعنوي
ساحة النقاش