نيفين عبدالله - مستشار و مدرب شخصي و أسري !

موقع يهتم ببناء الإنسان " وجدانيا - عقليا - إجتماعيا - روحيا - أخلاقيا "

 
احلام   - فلسطين الاسم
ضعف الشخصية والغيرة الأخوية! العنوان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أعاني من صعوبة في تربية ابني عبد الله (6 سنوات)، وذلك بسبب الغيرة من أخته التي تكبره بسنة وأربعة أشهر أيضًا، هو عنيد، وألاحظ أيضًا أنه بخيل في البيت وخارجه، لا يدافع عن نفسه فيسمح لأي أحد أن يضربه وكل ما يفعله هو البكاء، فأقول له: دافع عن نفسك.. اضرب من يضربك إذا كان قصده إيذاءك، ولكن لا فائدة.

أريد أن أعرف كيف أتعامل معه، ومع أخته من ناحية الغيرة والبخل وضعف شخصيتهما، ولكم جزيل الشكر.

السؤال
2003/05/25 التاريخ
غيرة وشجار الأشقاء الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح اسم الخبير
الحل
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الأخت الكريمة، شكرًا على رسالتك، ونسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
قد سألت عن نقاط ثلاث: ضعف الشخصية – الغيرة – البخل.

وسأبدأ بأولها: ضعف الشخصية:
رسالتك جاءت إلينا ضمن عدد كبير من الرسائل التي اختلف موطن صاحبها. ولكن المشترك بينها هو الشكوى من ضعف شخصية الأطفال. وكم يؤلمني ويحز في نفسي أن يكون براعم هذه الأمة يعانون هذا الضعف. وأجد هذا الكم الرهيب من الأخطاء التربوية التي نقع فيها على غير وعي منا. ثم نقف مندهشين متسائلين: ما الذي حول أطفالنا لضفادع ضعيفة. ومما لا شك فيه أن تربيتنا لأطفالنا على الخنوع والطاعة العمياء أو حتى الاستسهال بترك الحبل على الغارب؛ كلها من مسببات وجود شخصية الضفدع متمثلة في أبنائنا.

وأستميحك عذرًا أن أقولها بوضوح ودون مواربة: نحن جميعًا بحاجة لإعادة النظر في طرقنا التربوية المتبعة. كما أننا بحاجة ماسة وملحة لإعادة بناء أنفسنا بما يساعدنا على تجاوز أزمة تقدير الذات لدينا. وبما يسهم في بناء تقديرنا لذواتنا تقديرًا يسهل معه تمرير هذه الثقة لأبنائنا. فنحن كآباء من يحتاج بحق لبناء هذا التقدير للذات بما يخرج ردود أفعالنا عن دائرة العدوان بعدوان مماثل. فرد العنف من قبل الفرد عالي التقدير لذاته لا يكون عنفا مماثلا؛ وإنما يكون في البداية رفضا ثم حسما دون عنف؛ حسما يفهم المعتدي أننا لسنا ممن يقبلون بالعدوان. وكنت قد كتبت من قبل ردًّا على مشكلة مماثلة.. فأرجو أن تطالعيها حتى لا أكرر الحديث.
ومن المهم أن أذكر أن ما يبني تقدير الذات هو ما يمر به الفرد من خبرات، وما يتعرض له ويحصله من معارف، وما يقوم به من إنجازات. وما يمكنه أن يعرف نفسه به من أدوار بل من مفردات الدور الواحد.

أي أن الأهل الذين يتعرضون لخبرات كثيرة ومعارف كثيرة، ويقومون بأدوار في الحياة تشعرهم بالنجاح والإنجاز ويرضون عن أدائهم لهذه الأدوار يُبنى لديهم تقدير عالٍ للذات. إضافة إلى أن معرفة الشخص لنفسه ومواطن القوة والضعف لديه من العوامل التي تسهم أيضا في بناء تقدير الذات. ويستوي في هذا الطفل والراشد. وما يهمنا في هذا الصدد أن نشير في عجالة لكيفية بناء الذات لدى الأمهات خاصة؛ حتى يتشرب الطفل هذا التقدير العالي لذاته. فنكتسب كثيرا من المهارات ونتعلم الأشياء الجديدة.

وألخص لك في كلمتين:
* ساعدي طفلك على ألا يكون ممن يغرون بالاعتداء عليهم.
* ابني كل ما يدعم تقديرك لذاتك وطفلك على التوازي.
النقطة الثانية: غيرة الأُخُوَّة:
دعينا نتساءل ما الذي يغذي الغيرة بين الإخوة:
*تفوق طفل على آخر.
*تميز في مساحة ما.
*إبداء القبول والحب لطفل أكثر من الآخر لتوافق طبعه مع طباعنا كآباء. أو لأنه أسلس قيادًا من الآخر أو أي سبب آخر.
*المقارنات المعقودة بقصد أو غير قصد لإبراز محاسن وتميز طفل دون آخر.

ولذا يكون العمل على الحد من الغيرة بتقوية كل طفل والاعتراف بتميزه وإبداء الحب والتقبل بتساو. فقد قال رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام: "ساوِ بينهم ولو في القبل". والاهتمام العادل بينهم ماديا وأدبيا وبذل الوقت لكل محتاج منهم لهذا الوقت. ولا يشترط التساوي التام في الوقت خاصة –ولكن دون جور أيضا– فقد يحتاج الأصغر بعض الوقت الإضافي أو الجهد لتعليمه شيئا إضافيا أو غير ذلك.

ولذا إفهام الطفل الأكبر يساعد كثيرا، ويساعد أكثر في هذا المضمار وغيره من الإيجابيات في الأسرة هو العمل في الأسرة بروح الفريق، وتعويد الطفل منذ صغره أنه عضو مسئول وعليه مسئوليات تجاه هذا الفريق الذي ينتمي له. كذلك نجاح الفريق يعتمد على نجاح كل فرد فيه.
هناك بعض الأفكار أسأل الله أن تساعدك على خفض الغيرة بين ابنيك حماهما الله ورعاهما وأعز بهما دينه.

- تنزهي تماما عن المقارنات بين سلوكيهما، مثل: "لماذا لا تكون مثل أختك؟" لِمَ لا تكون مرتبًا مثل...". فالطفل يترجم هذه الكلمات إلى "أمي تفكر أنه أفضل مني" "أمي تحبه أكثر مني".

وهذا يضع ضغطا كبيرا على الطفل. ويقلل من قيمته وتقديره لذاته. فيكون العدوان الذي تشكين منه. فكل مفردات الحياة تصب في بوتقة واحدة. وما يبني لدى أطفالنا نقطة إيجابية؛ يبني بجانبها عدة نقاط أخرى أو حتى يحول دون بعض المشكلات التي ربما تبدو لنا بعيدة عن النقطة المحددة التي نتعامل معها.

- استمعي لكل من طفليك (ولا أعني الاستماع للتحكيم بينهما) لتعكسي احترامك لأفكارهما وآرائهما.
- لا تقارني الأداء المدرسي بين طفليك؛ فالمقارنة بين إنجاز اليوم والأمس. فإن المقارنة بين نجاحات طفل ونجاحات أقل للطفل الثاني لا تحفز كما نتصور أحيانا. فهي تترك أحقادًا في قلب الصغار، وتربي فيهم أن القمة تتسع لفرد واحد، وإن أراد أي منهم النجاح والتميز فلا بد أن يزيح الآخرين من طريقه. وهذا يفقدنا الكثير من الطاقة في النزاعات والأحقاد والنظرة الفردية الأنانية. ولذا علمي طفليك أن كلا منهما يمكنه النجاح والتميز في نقطة ما. وشجعي دعم كل منهما للآخر. وساعدي على ذلك.

- تجنبي التسميات السلبية كوصف طفل "تختخ أو قزم أو..." فهذا يسبب الضيق والتقدير المتدني للذات. فهذه التسميات تذكره يوميا بعدم جدارته لحبك واحترامك بما يحفز غيرته من الآخر.

- تعرفي على جوانب القوة في كل من طفليك. وساعديهما ليتعرفا مواطن القوة في نفسيهما (عقلية – نفسية). دعمي نواحي القوة في كل منهما على حدة. فأسمعيهما المدح والثناء والتقدير على النقاط المتفردة في كل منهما. فليس من الضروري الثناء على نفس المزية إن كانت غير موجودة، وإنما اغتنمي الفرصة للثناء على أي صفة إيجابية.

- أوجدي وقتا خاصا لكل منهما. فهذا يشعر الطفل بالتقدير والحب. وركزي على هذا الوقت المميز. فرتبي له وأشركيهما في التخطيط له.
- نمي السلوك التعاوني، اغتنمي الفرصة لأي تقدم في هذا الأمر، وقدمي الإشارة بالتقدير لتعاونهما معا. وكذلك دعيهما يشعران بأثر هذا التعاون على كل منهما (إنجاز أسرع – وقتا أمتع – فرصة أطول للعب – إمكانية لعب كل منهما بلعب الآخر - سعادتك بتعاونهما؛ وهو ما يعني إفساح الوقت لمشاركتك بعض اللعب...). وربما كانت هذه الأوقات التي يتعاونان فيها متباعدة، إنما يمكن زيادتها إذا ما شعرا أننا نلاحظ هذا ونثني عليه. إذا ما لمسا بنفسيهما ثمارا لهذا التعاون.

- وساعدي لخلق فرص دائمة للتعاون بين أفراد الأسرة ككل. فأشركيهما معك في تفاصيلك وفوضي لكل منهما مهامَّ أسرية يقوم بها. وأشركيهما في نقاشاتكم الأسرية بما يشعرهما بالتقدير والاحترام. ويشعرهما بأنهما أفراد فاعلون ومهمون في الأسرة.

وهذه بعض الأسئلة التي تساعدك على تبين المساحات التي تنبع منها مشكلة الإحساس بالغيرة لدى طفلك:
- إذا ما سأل أحد ما طفلك عما إذا كنت تحبينه حبا مساويا لأخته. فماذا تكون إجابته؟
- هل يشعر كل من طفليك بأنه المفضل لديك؟
- هل تتجنبين المقارنة بين الطفلين أمام بعضهما البعض؟
- هل توفرين فرصا متساوية أمام كل منهما لينمي مواهبه الخاصة؟
- هل تسمعين بانفتاح لاهتمامات وتعليقات وشئون كل منهما؟
- هل تبرق عيناك بنفس الوميض حين رؤية كل منهما؟
- هل تقضين وقتا خاصا مميزا مع كل منهما؟
- هل تعطين انتباها مساويا لكل من هوايات وأصدقاء ومدرسة،... كل منهما؟
- هل تضعين توقعات عادلة لكل منهما؟
- هل توزعين المهام المنزلية والمكافآت والمصروف الشخصي و... بعدل بين كل منهما؟
فكرى في علاقة طفليك؛ أي منهما يشعر أكثر بالغيرة؟ فكري ما الذي أضرم هذه الغيرة؟ سجلي قائمة بالأسباب الممكنة.

* تخيلي لو كنت في مكان هذا الطفل فكيف كنت ستشعرين؟ ثم فكري ما الذي ينبغي عمله ليشعر ابنك بالتمييز والجدارة وعدم الغيرة.
تحدثي مع طفليك ما الذي يستمتع به كل منهما في الأخ الآخر. وما أكثر ما يضايقه. ربما ساعد ذلك أيضا في فهم ما يحدث بينهما وفهم شعور كل منهما وطريقة تفكيره بما يساعد أكثر في إرشادهما لحل المنازعات بينهما. واسألي كلا منهما لو لديه مقترحات لتحسين العلاقة بينهما.

ثم اسألي نفسك ما أهم وأكثر سلوك ينبغي عليك تغييره في نفسك ليحدث التغيير في أطفالك.
النقطة الثالثة: البخل:
لم توضحي كثيرا في رسالتك شكل هذا الذي سميته بخلا. هل هو عدم رغبة في مشاركة لعبه وأشيائه مع الأطفال الآخرين. أم مع أخته تحديدا. أو هو عدم الرغبة في العطاء من الحلوى والفاكهة والأشياء الأخرى التي يحبها. ولم توضحي هل أمامه نموذج في أحد الوالدين يؤيد هذا الحرص أو البخل.

على كل حال طفلك ما زال صغيرا لم يكتمل تشكيله بعد. فهناك مجال واسع لغرس ما تودين من إيجابيات عن طريق القدوة أولا. والتحبيب والترغيب والتعويد دون دفع على هذه الصفة أو تلك. ولكن قبل ذلك لا بد من الوصف السليم فقد لا يكون بخلا على الإطلاق بل هو عدم المشاركة وهذا أمر طبيعي في كثير من الأطفال، ولا يلزمه إلا التدريب والإحساس بثمرة التعاون كما أسلفت.

- لا تصفيه بهذه الصفة وتسمعيه هذا الوصف فيلتصق به ويفقد الحافز على التغيير.
- وإنما انتهزي أي فرصة بدا ابنك فيها كريمًا (كرمًا طفوليا)، وكافئيه وأعلميه دائما أن الله سيكافئه على عطيته وكرمه.

- ولذا ساعدي طفلك دائما على أن يعتاد التهادي "تهادوا تحابوا" فهذا قلم لأبيه؛ وهذه قطعة من الحلوى لأخته؛ وهذا لجده... وهكذا. على أن نقدم له النموذج الحي في أنفسنا أولا ونشجعه على البدء.

- قدمي الهدايا وأشركي صغيريك في اختيار الهدايا في المناسبات المختلفة.
- علمي طفلك أن يقسم مصروفه الشخصي لثلاثة أجزاء (مشتريات – ادخار - صدقة).
- اصطحبيه معك حين تقديمك الصدقة للفقراء. أو مع أبيه وقت دفع الزكاة.
- حدثيه عن نعم الله والثواب الكبير للصدقة. ودعيه يتخيل كيفية نماء السنابل ونماء الحسنات. وأسمعيه من القرآن والأحاديث (دون وعظ) ما يحث على العطاء.
- دعيه يفكر في نعم الله عليه وكيف أعطاه وحرم الآخرين. وكيف أمرنا بإعطاء هؤلاء مما أنعم علينا به.
- اغتنمي فرصة ودعيه يرى بعينيه مكافأة الله للعاطي. (زيادة في راتب الأب –هدية غير متوقعة...).
- القصص القصص القصص. العالم الخاص الذي يستوعب الطفل من خلاله دون وعظ كل ما نرغب في تعليمه إياه.
- لا تعنفي ولا تدفعي فأي سلوك طيب لا يعلم بالقوة وإنما الصبر والقدوة والتدريب والإثابة والتشجيع.

وأخيرًا.. أرجو الله العلي القدير أن يكرمهما كرمًا كبيرًا، ويمن علينا جميعا بفيض من رحمته وجوده. أعز الله الإسلام بطفليك الكريمين بإذن الله. اللهم آمين.
وأرجو أن توافينا بالتطورات، وفي انتظار مزيد من التساؤلات. فنحن معك.

nevenabdalla

نيفين عبدالله مدير مركز أجيال للاستشارات و التدريب الأسري

  • Currently 199/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
66 تصويتات / 2200 مشاهدة

ساحة النقاش

نيفين عبدالله

nevenabdalla
زوجة و أم لثلاثة أبناء اعمل مدير مركز أجيال للاستشارات و التدريب الأسري و مستشار القسم الإجتماعي بشبكة أون إسلام .. و مصمم برامج تدريبية و إثرائية لكل الأعمار .. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

262,415