نيفين عبدالله - مستشار و مدرب شخصي و أسري !

موقع يهتم ببناء الإنسان " وجدانيا - عقليا - إجتماعيا - روحيا - أخلاقيا "

أرجو من سيادتكم الاهتمام بمشكلتي لآن رد سيادتكم سيعينني -من بعد الله- على تحديد مسار حياتي، المشكلة من الممكن أن تحدث لكثير، ولكن لم أتخيل أن تحدث معي، فأنا مكتوب كتابي منذ 5 أشهر بعد فترة خطوبة لا تزيد عن شهرين ودون سابق معرفة بالعريس الذي هو زوجي على الورق الآن، أي أنه كان زواج صالونات كما يقولون. المشكلة التي أعاني منها أنه بعد كتب الكتاب بشهر اتصلت بي حماتي، وقالت لي إن ابنها تعبان من الأحوال المادية؛ لأني أطلب أشياء كثيرة منه، مع العلم أني والله لم أطلب منه شيئا مراعاة لظروفه المادية، ومع العلم بأن حالته المادية تعتبر أكثر من جيدة جدا بالنسبة للكثير من الشباب في سنه، المهم طلبت مني أن تقابل والدي لتضع النقط على الحروف؛ لأن ابنها تعب وعليه ضغط كبير. استغربت جدا منها؛ لأنها كانت تتحدث بأسلوب غير لائق على الإطلاق، وقابلت زوجي بعد المحادثة الهاتفية ووجدته مقتنعا تماما بما قالته أمه، وطلب مني تحديد ميعاد لمقابلة والدي، وأنا لا أدري ماذا فعلت حتى يطلبوا مني هذا الطلب. حكيت لأهلي ما حدث و قال لي والدي إنه إذا أراد أن يحدثه فليحدثه مباشرة دون أن أكون أنا وسيط بينهم، ومر حوالي 3 أيام على ما حدث دون أن أسمع من زوجي شيء، ولكني قلت إنني سأبدأ بالحديث لأني أراعي ربنا في كل شيء، وبالفعل اتصلت به وطلب مني مقابلته في شقة الزوجية لأن فيها عمالا وهو معهم "ومش هينفع أنه يسيبهم ويمشي" وقال لي: إن والدته معه، فقلت له إني لا أريد أن أتحدث إليه في وجودها واتفقنا على أن نتقابل اليوم التالي. ولكنه عاد واتصل بي بعد عشر دقائق، وقال إن والدته غادرت "وإنه مستنينى.. وأنا في طريقي إليه وجدت حماتي أمامي، لم انتبه لها في البداية لأني لم أتخيل أني سأقابلها، المهم سلمت عليها، فوجدتها تعاملني بأسلوب فظ وتتهمني أني "عملت نفسي مش شايفاها" وأني "مكنتش عايزة أسلم عليها"، ثم تركتني ورحلت. وعندما وصلت لزوجي حكيت له على هذا الموقف، وتعاتبنا على ما حدث منه في ذلك اليوم. والمهم أننا تصالحنا وطلب مني أن أذهب لوالدته لإرضائها، وكان هذا الطلب ثقيلا على قلبي، ولكنني فعلته من أجله، ويا ليتني ما فعلته؛ لأنها قابلتني بتجاهل، ولم تنظر لي وهي تتحدث، وكذلك أخته التي تصغرني بسبع سنوات، ولكن وبعدها بيومين طلب مني الخروج معه ومع عائلته ولكنني كنت مترددة خوفا من رد فعل والدته، ولكنه قال لي إنها نسيت الموقف، وإنها طلبت أن أخرج معاهم، وبالفعل قابلتهم وسلمت على حماتي فكانت عادية جدا، وكأن شيئا لم يكن وكنت أنا سعيدة بذلك. ثم مرت فترة حاولت فيها التقرب إلى حماتي وابنتها أكثر ، وكنت أشعر أنني بالفعل نجحت في هذا. ولكن عندما بدأنا بتأثيث الشقة كانت حماتي تقول إن الشقة شقتي وإن الرأي رأيي، ولكن كان هذا كلاما فقط ؛ لأنها كانت تتدخل في كل شيء حتى لون حجرة نومي!! وعند هذه النقطة طلبت من زوجي ألا يحضرها معنا؛ لأن أذواقنا مختلفة وأنا لا أريد المشاكل، وكان إلى حد ما مقتنعا بكلامي، واتفقنا على شراء الأثاث من دمياط -إحدى مدن مصر- وفي يوم السفر اتصل بي وقال إنه يريد تأجيل السفر لأن والدته متعبة جدا ولا يوجد أحد معها في المنزل غيره، وعندما أخبرت أهلي بذلك قالت لي والدتي إنها تريد الذهاب إليها للاطمئنان عليها، وبالفعل ذهبنا وياليتنا لم نفعل، لأني وجدت حماتي كالبركان الثائر وتصرخ وتقول أنها زهقت مني ومن الموضوع كله، وأني "لو عايزة ابنها أخذه" ومعملتش اعتبار لماما. و كل ما فعله زوجي العزيز أنه أشار عليّ وقال: هي دي السبب في كل المشاكل اللي إحنا فيها..! وفجأة شعرت أنى في كابوس، فأخذت والدتي ونزلنا وأنا أشعر أن حياتي تنهار أمامي في لحظات ولسبب لا أعرفه. المهم، في مساء ذلك اليوم اتصل بي صديق لزوجي محاولا تهدئتى ثم كلمني زوجي وطلب أن أسامحه وأنه سيسرضي والدتي وأنه سيصلح المشاكل اللي حصلت، وبالفعل اعتذر لوالدتي طبعا بعد أسبوع. وطلب منى أن أعتذر لوالدته للمرة الثالثة على شيء ليس لي به علاقة، طبعا لم أكن أرغب في الذهاب لها، ثم عرفت أن هي أيضا لم تكن تريد رؤيتي ولا اعتذاري، وطلبت من زوجي أن تقابل أخي لتتحدث معه باعتبار أنه صديق ابنها، وبالفعل ذهب إليها أخي وقالت له إنها لا تريد أي علاقة بيني وبينها وإنها ستكتفي بأن تؤدى دورها فقط من ناحية ابنها، واتفقت مع أخي أنها ستسافر إلى الإسكندرية لبضعة أيام لتريح أعصابها وعندما ترجع ستقابل والدي ووالدتي لتهدئة الأمور. وفى فترة سفرها اقترح زوجي أن نسافر أنا وهو إلى دمياط لاختيار الأثاث حتى لا نضيع الوقت لأن زفافنا كان من المفروض أنه باقي عليه شهرين، وبالفعل سافرنا واخترنا الأثاث، ولكن طبعا كانت ليلة ليلاء عندما عرفت والدته أنه سافر معي!! ثم فوجئت بزوجي يتصل بي من الإسكندرية ويقول لي إنه سيؤجل ميعاد الزفاف إلى ما شاء الله وإذا كان عاجبني، وبعدها كلمني وقال إنها كانت تمثيلية منه أمام والدته لتهدئتها فقط لأنها معتقدة أنى مسيطرة عليه تماما وأنه لا يرفض لي طلبا، فأراد أن يثبت لها عكس ذلك، وأقنعها أنه لا يكلمني في التليفون ولا يقابلني.. كل هذا وأنا ساكتة، ثم قال لي إن الحل أنى أسافر لها إسكندرية وأراضيها، ولم أوافق كالعادة، ولكنه ثار هو علي وقال لي إنني إذا لم أطعه أكون قد أغضبت الله وإن الله سيحاسبني لأنني لا أطيع زوجي ولذلك وافقت على السفر معه، ولكم أن تتخيلوا.. إنها لم ترض أن تفتح الباب عندما عرفت أني سافرت لها... وظلت حماتي لفترة طويلة تظن أني وزوجي لا نتحدث.. إلى أن رأتني أخته معه في أحد الأيام وأخبرت حماتي التي غضبت جدا، وقالت لزوجي أنه إذا أراد أن يتمم الزواج فهو حر وهي لن تساعده في أي شيء ولن تتحدث معه إلا في يوم الفرح، وسألني زوجي إذا كنت أرضى بهذا الوضع، فحاولت أن أهدئ من روعه وأصبره وأقول له أنه من هذا الكلام يقال في لحظات الغضب وأنها عندما تهدأ سنحاول أن نراضيها لأننا لن نفعل شيئا بغير رضا الأهل. طبعا أهلي غير راضين على هذا الموضوع، ووالدته أيضا غير راضية، وهو وأنا الآن في مشكلة، ولا أعارف ما العمل؟ المفروض أن زفافي كان يوم ** من الشهر القادم لكننا طبعا ألغينا الحجز وتأجل الزفاف إلى ما شاء الله، ولا أعرف هل أكمل في الزواج، علما بأن شقة الزوجية باسمها هي، أنا فعلا محتارة، هل أنا أخطأت في حاجة؟؟؟؟ أرجوكم ساعدوني لأنى على حافة الانهيار، أنا لا أنام ولا آكل.

 

 29/09/2004

الرد

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أقدر ما أنت فيه من مشاعر القلق والتوتر والرغبة في إتمام الزواج.. ولكن ربما يكون من المحمود أن نتوقف قليلا لنضع بعض النقاط على الحروف: أول هذه النقاط التي لابد من الاتفاق عليها هي الاحترام المتبادل بين كل الأطراف؛ والاتفاق على طريقة للتعامل مع الخلافات والاختلافات في وجهات النظر. فرسالتك تثير كثيرا من التساؤلات التي لابد منها رغم ثرائها بالتفصيلات العديدة والتي أظهرت لي جانبا من العلاقة التي تجمع أربعة أطراف: زوجك وأنت والأم وأهلك. ومن هذه التساؤلات: تاريخ العلاقة.. كيفية التعارف؟ هل هم جيران؛ أقارب؛ هل تعرفونهم بشكل أو بآخر من قبل؟ ماذا تعرفون عنهم؟ هل تعرفون عنهم حسن العشرة والخلق؟ كيفية التعامل بين أفراد أسرة زوجك؟ خاصة وقت الخلاف والاختلاف؟ هل تمت الخطبة بعد قناعة تامة من كل الأطراف: أهلك وأهله؟ هل بدأت علاقتك أنت وزوجك في التطور نحو الفهم والتقدير والحب؟ هل عرفت صفاته بعد؟ هل عرف صفاتك؟ ماذا يعجبك من صفاته؟ ماذا يعجبه من صفاتك؟ ما المتشابه والمختلف في طريقة تفكيركم؛ وطريقة تعاملكم مع الأمور؟ ما فارق السن بينكما؟ ثم ما سبب التعجل بعقد الزواج؟ ثم لدي استفسارات في تفاصيل ما ذكرت لنا: ما الذي يقصده زوجك من أنك أنت السبب لأنك لم تكسبيها من البداية؟ فيم كانت الاختلافات بينكما؟ ماذا تظنين من أسباب شعور أم زوجك السلبي تجاهك؟. ولدي عدة علامات استفهام لمواقف متشابهة وشبه متكررة: 1-أولها حيث ذكرت: "كنت مستغربة من أسلوبها غير اللائق على الإطلاق". وأتساءل بدوري: وماذا بعد الاستغراب؟ وهل فهمت هي أنك تقبلين أو لا تقبلين هذا الأسلوب؟ وكيف تصرفت أنت تجاه هذا الأسلوب غير اللائق الذي ترفضينه؟ 2- المرة الثانية حين وجدت حماتك أمامك فوجدتها تتعامل بأسلوب فظ؛ وتتهمك أنك "عاملة نفسك مش شايفاها" وتركتك ومشت!!!!! 3- ثم تعاملك كحشرة عند ذهابك لها لتسترضيها؟ 4- ثم تطلبين من زوجك عدم إحضار أمه لاختيار الأثاث ثم تطلبين محادثتها لتطلبي منها الذهاب معكم؟ 5- بل وتذهبين أنت وأمك لزيارتها فتصرخ و.... و.... ,.... دون اعتبار لوجود والدتك معك... وأتساءل مرة أخرى: ما سبب هذه المشاعر السلبية من أم زوجك؟ ثم تتعجبين من انهيار حياتك أمام عينيك وتتساءلين عن السبب؟ ماذا تظنين أنت؟ وتحت أي مظلة تقبلين هذه الأفعال غير مفهومة الأسباب بالنسبة لي على الأقل. وربما لديك أنت من الأسباب ما لم تبوحي به؟ هل هناك بعض تفاصيل لم تظهريها لنا.. هل هناك بعض النقاط التي فسرت بطريقة خاطئة من قبلها؟ هل لها أسبابها التي تعتقدينها؟ وهذه الحالة الغامضة، لا يمكنني أن أفسرها إلا بأحد أمرين، وكلاهما مر: عدم قبول والدة زوجك لهذه الزيجة من أساسها؛ أو عدم قدرتها على التحكم العاقل في تصرفاتها؛ وهذا طبعها في التعامل مع الناس بشكل عام؛ فيمكنها أن تهين أو تبيح لنفسها تصرفات غير لائقة.. وفي كلا الحالتين لابد من وقفة ومراجعة. وربما يمكنني نسبيا أن أضع بعض الاحتمالات لموقفك أنت تجاه هذا الفعل فيمكنني أن أفهم أنك تودين إتمام الزيجة؛ أو تودين إرضاء زوجك؛ وتودين أن تظهري أمام نفسك وزوجك وأهلك بموقف سليم أو تكوني بالفعل تصرفت معها بطريقةٍ ما قلبتها عليك وترين أنك بصدد إصلاح ما أفسدته عمدا أو بدون عمد. وكما ذكرت تعتقدين أن في الصفح؛ والتسامح؛ ومراعاة حقوق أم الزوج...الخ إرضاء لله فربما تحتسبين الجزاء من عند الله!. إلا أن كل هذه الأمور مراجعات لابد أن تتم في حدود هذه التجاوزات والطريقة السليمة للتعامل معها.. فهل ستصفحين على طول الخط أم أن هذا التراكم لأمور تتغاضين عنها ولا تقبلينها يمكن أن يحدث انفجارا في وقت ما؟ فيكون من الأصوب والأفضل أن نعالج أمورنا بدلا من أن نترك الآخرين يسيئون لنا ثم نتنازل عن حقنا في التعامل المقبول باسم الصفح والغفران؟!! أليس في هذه المراجعات امتثال منا لقول حبيبنا عليه الصلاة والسلام: "انصر أخاك ظالما أو مظلوما...". وإن كنت كما قلت يمكنني نوعا ما أن أتفهم بعض احتمالات موقفك؛ إلا أني لا يمكنني فهم أهلك في مواقف كثيرة تحوي في جملتها معنى عدم الاحترام الكافي. ثم... ما موقف الزوج نفسه؟ أقدر بطبيعة الحال محاولاته لبر أمه؛ والحفاظ على مشاعرها؛ ورأيه فيما يحدث؛ فتارة تذكرين أنه يقوم بتمثيلية حتى يرضي أمه، ومرة يشير عليك ليقول أنك السبب ومرة ثالثة يوهمها أنكما لا تتحدثان. ما رد فعله بعيدا عن التمثيليات التي ينسجها ليقنع والدته بأنك لا تسيطرين عليه؛ ولا تحاولين الاستحواذ عليه بعيدا عنها.. وهل تجاوز مرحلة التمثيليات ليقف في الواقع يشرح لك أو لأمه حقيقة الموقف. أو يحاول محاولات إيجابية لحل المشكلة أو على الأقل توضيح وجهات النظر المختلفة.. وإن لم يفعل.. فلماذا؟؟ ما موقفه الحقيقي إذن؟ وما موقفه تجاه هذه العلاقة السلبية مع أمه إذا تمت هذه الزيجة؟. والأهم: كيف سيتصرف كل منكما إذا استمرت هذه الخلافات؟ في كل الأحوال: لا يجوز السكوت على علاقة مريضة ملتهبة حتى تنفجر.. فلم لا نحاول الفهم والتفاهم من البداية.. لم لا نحاول محاولات إيجابية لتعريف كل طرف بحقوقه وواجباته. وفي هذا تنفيذ لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: "انصر أخاك ظالما أو مظلوما" ففي تعريف الظالم بأنه ظالم نصرة له هو نفسه. أي علاقة نتمنى لها أن تكون صحيحة سليمة لابد أن نقف أمام ما لا نرضى من تصرفات لنخبر من أمامنا بما نحب ونكره. ولا يتم ذلك إلا بغرض الحفاظ على العلاقة؛ فحقيقة الأمر أن تكرار ما نكره من الآخرين يباعد بيننا ويقلل فرص التفاهم والتقارب الحقيقي فنكون كمن ندع الأمور تمر وتمر وتمر حتى تتجمع في نقطة انفجار لتندفع دفعة واحدة كالبركان محطمة العلاقة الهشة في أساسها. العلاقة السليمة تقوم على المكاشفة والوضوح في كل تفصيلة. أحدثك بذلك وأنا أعلم تمام العلم أن هذا يتطلب من الطرفين قدرة على التعبير وقدرة على التفهم والتعاطف والتسامح والوعي لمشاعر الآخر دون أن يرفض مشاعره. كما يتطلب شجاعة على البوح وهو ما لم نألفه في ثقافتنا، ولكن لا مناص من التدريب وتبديل أنماط تواصلنا المريضة. وتفهم مشاعر الآخرين لا يعني قبولها؛ فحين تكونين غاضبة مثلا من فوات موعد القطار: فأنت في هذا الموقف لا تريدين من يقف ليخبرك بحكمته: "ليس لديك حق!! المسألة لا تستدعي هذا الضيق".. وإنما تحتاجين وتقدرين وتحبين من يقول لك: "أحسب أن فوات القطار ضايقك كثيرا؛ لابد أنك كنت تودين اللحاق به؛ قدر الله وما شاء فعل". ما الفرق بين الحالتين.. وما الناتج في العلاقة في كل من الحالتين.. نحن نضيق كثيرا بمن يلعب معنا دوما لعبة الواعظ الحكيم متجاهلا ما شعرنا به في حقيقة الأمر. نخطئ كثيرا حين نعتقد أن من المشاعر ما يقبل أو يرفض.. مادمت شعرت شعورا ما، فلا تريد حتما أن يرفض.. كل ما تريده بالطبع هو التعاطف والتقبل لهذا الشعور وإن اختلفنا معا في الرأي والسلوك الذي يتبع هذا الشعور. هذا تماما ما لا بد أن تفعليه مع زوجك وأمه؛ لابد أن تقفي لتعرفي حقيقة مشاعرهما؛ وكذلك تتيحي لهما معرفة حقيقة مشاعرك. وأؤكد: دون أن يكون بوحنا بمثابة الأحجار نقذفها على الآخرين، وإنما البوح يعني أن نختار أفضل وأنسب الكلمات التي تعبر عن أنفسنا وليس تلك التي تعبر عن الآخرين. فدوري أنا أن أعبر عن نفسي وأن أذكر ما يخصني. ولأقرّب لك الأمر، حين تريدين معاتبة؛ أو ذكر حاجة لك؛ أو شعور ما، فالزمي: "أنا أريد.. أنا أرى.. أنا أشعر.."؛ "بدلا من أن تقولي: "هي فعلت؛ هي قالت...". أضيفي إلى ذلك عدم المبالغة وعدم الإتيان بالقديم والجديد. ركزي على الموقف الذي بين يديك الآن.. والآن فقط. فلا تعممي أو تستعملي: "دائما..، كل مرة...". يخطئ الكثيرون حينما يعتقدون أنه من الحكمة والذكاء أن نجعل الأمور تمر. أصل العلاقة الصحية هي تعريف كل طرف للآخر بما يحب منه ويرضى، وإن كان سكوتنا يعتبر الخطأ الأول في أنماط تواصلنا؛ فأحسب أن الخطأ الثاني والأكثر شيوعا والأكثر تخريبا في علاقتنا أننا نظن أن الآخرين سيفهموننا دون أن يكون هناك داع لأن نعبر نحن أنفسنا.. ما أكبر هذا الوهم؟! لا يمكن لأحد أن ينجّم أو يقرأ الكف ليعرف ما يحبه الآخر وما يحتاجه.. صحيح أن هذا يمكن أن يحدث بعد طول عشرة وطول معرفة.. ولكن أيضا بعد طول إحباط من توقعات غير ملباة؛ واحتياجات غير مشبعة. لمَ نطوّل طريق التعارف الواضح الصريح. لم نضيع وقتا طويلا يمكن أن يسهم في بناء علاقتنا بالآخرين إن كنا أكثر بوحا وتعبيرا؛ ونظل طويلا لنضرب أخماسا في أسداس، غارقين في حيرتنا: ترى، ماذا يريد مني أن أفعل؟ وماذا يريد مني أن أقول؟ وماذا يريد مني...الخ. وفي حيرة أكبر: لم لا يفعل كذا؟ "لم لا يقول كذا؟"...الخ. تأكدي أن هذا اللاتعبير من شأنه أن يوقعنا في الخطأ الثالث وهو: الشكوى بدل من الطلب؛ فكثيرون وكثيرات نراهم ونسمع شكواهم التي هي في أساسها توقع واحتياج لم يعبر عنه.. ولو أن الإنسان اختصر الطريق لاستطاع أن يظفر بعلاقة صحية مشبعة؛ ولاستطاع ولو بعد حين أن يتفاوض حول مطالبه، ولاستطاع الوصول لحلول مرضية وصيغ ترضي كل طرف في وقت من الأوقات.. بدلا من أن يئن بالشكوى بعد حين عاجلا أم آجلا!!. ترى، هل تريدين أن تنضمي لهذه الصفوف البائسة؟ أم تحلمين بعلاقة صحيحة معافاة من أمراض التواصل الشهيرة؟. على كل حال، علاقة الزواج هي علاقة بين أسرتين ورباط بينهما، وليس كما يعتقد البعض من أنه ما دام الحب يجمع بين الزوج والزوجة فلن تكون هناك مشاكل. ومن المفيد في حالتك أن تجلسي جلسة مصارحة مع زوجك أولاً لتعرفي مسائل الخلافيات التي تعكر صفو العلاقة بينك وبين حماتك وابنتها. ثم بعد ذلك تجلسين معها لتستوضحي منها فعليا ما هي جملة المواقف التي فسرت من قبلها تفسيرات جعلت موقفها منك على حالته التي ذكرت!. في كل الأحوال، قدر الله وما شاء فعل؛ وأيّا كان اختيارك (الاستمرار أو عدم الاستمرار) فإنه من الأفضل ألا يتم الزواج إلا بعد الاتفاق بنسبة كبيرة على طرق التفاهم، والاتفاق على طريقة محددة تتعاملون بها مع الاختلافات في الآراء. حيث لا اتفاق تاما في كل الأحوال، وإنما هناك طريقة للتعامل عند الاختلاف. أما إذا أدى كل اختلاف لتعكير صفو علاقتكما، وإلى محاولات لجذب الزوج في أحد اتجاهين: أنت أو أمه؛ فهذا أمر يصعب احتماله. أرجو منك أن تفكري بصدق في مشاعر أم زوجك.. هل هي تشعر -ولو خطأ- بأنك تحاولين جذبه في اتجاهك؟ هل تشعر بأنك تحاولين الاستئثار بحبه دونها؟ هل تشعر بأنك تسيطرين بحق على قراراته؟. إن كانت هذه هي مشاعرها فحاولي أن تفهميها أنك تعرفين وتقدرين هذه المشاعر.. حاولي إثبات ذلك عمليا من خلال تصرفاتك معها. ومهما كانت تفسر أو تؤول الأمور بطريقة مخالفة نوعا لما تقصدين فإن هذه الحالة من سوء الفهم لا يمكن التعامل معها بالتجاهل. حدثتك وفق ما وقفت عليه من سردك لمشكلتك. وفي انتظار تواصلك، وقدر الله لك الخير حيث كان. والله المستعان.

nevenabdalla

نيفين عبدالله مدير مركز أجيال للاستشارات و التدريب الأسري

  • Currently 135/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
45 تصويتات / 1383 مشاهدة
نشرت فى 15 نوفمبر 2009 بواسطة nevenabdalla

ساحة النقاش

نيفين عبدالله

nevenabdalla
زوجة و أم لثلاثة أبناء اعمل مدير مركز أجيال للاستشارات و التدريب الأسري و مستشار القسم الإجتماعي بشبكة أون إسلام .. و مصمم برامج تدريبية و إثرائية لكل الأعمار .. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

254,249