جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
|
|
العنوان
|
|
|
بسم الله الرحمن الرحيم، أكتب إليكم هذه الرسالة أو بالأصح هذه الحسرات أكتبها وقلبي يكاد يتفطر همًّا وينزف أسى.. أبكي نفسًا أبية وعزمًا حديديًّا وعقلاً ذكيًّا كل ذلك أجده في ملف الذكريات لا غير.
سيدي الفاضل أنا شاب في الثانية والعشرين من عمري أدرس السنة الثالثة من الهندسة، أشكو فتورًا وخمولاً شديدين يسيطران على حياتي الدراسية، نتائجي لا أقول سيئة، بل أسوأ ليس لأني لا أفهم، ولكن لأني لا أدرس بالشكل المطلوب، ثم إن درست فلا أجد التوفيق.
كنت قبل دخولي الجامعة من أوائل مدرستي وإن شئت قل الأول في مدرستي، وحصلت في الثانوية على درجة أهلتني للدراسة في الخارج، ولكن ما إن بدأت الدراسة حتى أصبت بالإحباط والكسل أقضي ساعاتي في قراءة الكتب الثقافية والمجلات تصور أني خلال هذه السنة قرأت ما يقارب من 200 كتاب ثقافي وتابعت مجلتين تصدران شهريًّا، ولا أخفيك أني أصبت بإدمان الإنترنت، وأي إدمان، أقضي ساعات طويلة وطويلة جدًّا أمام شاشة الحاسوب أخسر المال والوقت، بل وأشياء أخرى فيا من أرجو منهم بعد الله أن يدلوني الطريق ويأخذوا بيدي إلى الرشد، ويرفعوا عيني صوب سماء الهمة أشكو إليكم فتوري، وأطلب منكم الرد السريع، فهنا بقية قلب أخشى عليه الموت.
|
المشكلة
|
15/03/2004
|
التاريخ
|
|
اسم الخبير
|
|
|
|
الأخ الكريم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،، أعتذر لتأخري في الرد عليك.. وإن لم تغب رسالتك عن ذهني، حيث إنها من ذلك النوع المتكرر الذي يدق على وتر هام لدى أغلب الشباب: الحافز.. والدافعية.
فهناك الكثير ممن يشتكون ضعف الهمة والحافز لأداء أدوارهم المنوطة بهم في الحياة، ولعل أكثر هؤلاء من الشباب.
وهو ما يستدعي منا النظر بشيء من الجدية لكيفية اختيارنا لأهدافنا في الحياة، فلا شيء يحفز الإنسان كأن يكون له هدف في هذه الحياة.. هدف يدركه.. ويتناغم مع الأشياء الهامة في حياته.. الأشياء التي يحبها ويستمتع بعملها.
ولو أنك كنت في عامك الأول في الكلية لاتضح لي أكثر سبب عزوفك عن الدراسة.. فحينها كان من الممكن أن أفسر الأمر على أنه اختيار خاطئ لا يتوافق مع ميولك؛ وربما لا تجد أنه يؤدي بك لدورك الذي تتمناه في الحياة (هذا إذا كانت رسالتك وهدفك في الحياة واضحين لك)..
وعلى الرغم من تجاوزك عامك الأول والثاني من الدراسة اسأل نفسك: هل أنت في المكان الذي تحبه؟ هل هذه الدراسة موافقة لميولك والأشياء المحببة لك؟ هل تسمح لك بأن تقترب من الأشياء ذات القيمة والأهمية في حياتك؟ هل تشعر أنها الدراسة التي ستؤدي بك لمجال العمل الذي تؤدي من خلاله رسالتك في الحياة؟
لم أتعجب كثيرًا لذكرك أنك تقرأ هذا الكم من الكتب البعيدة عن المقرر الدراسي.. وهذا تحديدًا ما يدفعني لأن أطلب منك أن تعيد النظر بصدق: هل أنت في المكان الصحيح؟ ما نوع ما تقرأ؟ ما أكثر ما يستهويك من فروع المعرفة؟ هل تتضمن هذه المعارف المحببة موضوعات ذات صلة بتخصصك الدراسي؟ وهل هذه الحالة من فقدان الشهية للمواد التعليمية جاءتك من عامك الأول في الكلية أم أنها حالة جديدة عليك هذا العام؟ ما الجديد في حياتك وتعتقد أنه أثار هذا التغيير تجاه تعلمك؟
اسمح لي أن أسألك سؤالاً هامًّا: ماذا تريد من هذه الدراسة؟ ما الأشياء المهمة في حياتك؟ ما الأشياء التي تحب القيام بها؟ هل من علاقة بين هذا الذي تحب وما تمارسه فعلاً الآن من أنشطة ودراسة؟ بل ما هي الرسالة التي اخترت أن تعيش لها في حياتك؟ هل هناك علاقة بين هذه الرسالة وما تقوم به من أنشطة ودراسة الآن؟ هل لديك مشكلة في طرق الاستذكار؛ الذاكرة؛ التركيز؟ هل يصعب عليك فهم واستذكار بعض المواد؟ ما نسبتها من جملة ما تدرس؟ هل هذه الصعوبة منذ سنتك الأولى في الكلية أم أنها عرض جديد؟
واسمح لي أخي أن أسألك وأجب أنت بينك وبين نفسك بصدق: ما الذي تدمنه تحديدًا في الإنترنت: هل تطالع نوعًا ما من المعارف أم أنك شغفت بالدردشة أم شيء آخر؟! هل شغل ذهنك بأشياء تقصي اهتمامك بعيدًا عن الدراسة؟
وحتى تجيب على أسئلتي السابقة؛ دعني أكررها مرة أخرى: لا يوجد الحافز إلا إذا كان وراءه هدف يرتبط بشيء هام ذي قيمة في حياتك.
وهذه الأشياء الهامة في حياتك هي التي تمثل القيم التي تدور في فلكها والتي تحدد بدورها رسالتك في الحياة، ومن ثَم تحدد القنوات التي يمكنك أن تقوم من خلالها بأداء رسالتك المحددة في الحياة.
وربما كانت قنواتك ترتبط بنوع معين من الدراسة أو المهنة أو المعارف، لكنها في كل الأحوال تمثل قناة تؤدي من خلالها دورا تختاره في الحياة. فدراستنا ومهننا ما هي إلا وسيلة وليست هدفًا في حد ذاتها.
اعلم ذلك وابدأ باختيار رسالتك ودورك في الحياة. هذه رحلة نسعد أن نشاركك فيها.. فشاركنا ليعم النفع. وفي انتظار ردك على أسئلتنا لنتمكن معًا من اكتشاف الأسباب الحقيقية وراء فقدان الشهية التعليمية، والله المستعان.
|
نيفين عبدالله
مدير مركز أجيال للاستشارات و التدريب الأسري
ساحة النقاش