بداية وقبل الخوض في تفاصيل الموضوع هذا الموضوع لا بد أن نقرر أمرين :
الأول : أننا متفقون مع الفئة المعارضة على هذه التعديلات-على أهمية صياغة دستور جديد شامل للبلاد بدلا من دستور 1971 الذي تم إسقاطه بالثورة أو حتى تعطيله من قبل المجلس العسكري الحاكم ، لكن الاختلاف قد يكون في عملية التوقيت .. لأن البلاد تمر بمرحلة انتقالية صعبة حيث لا توجد بها مؤسسات حاكمة سوى الجيش ، فضلا عن حالة الانفلات الأمني ، والثورة المضادة التي لا تخفى لا أحد ..ومن ثم نحن أمام وضع استثنائي لا بد من الانتباه إليه ، فضلا عن أن الحاكم في هذه الفترة هو المؤسسة العسكرية التي تقوم في حالات مشابهة في بلدان أخرى بإصدار إعلان دستوري ، يتضمن دستور مؤقت خلال الفترة الانتقالية من وجهة نظرها وبدون التشاور مع أحد ، على اعتبار أن لها وجهة نظر في إدارة البلاد خلال هذه الفترة الانتقالية لحين تسليم الدفة لمؤسسات ديمقراطية تشريعية وتنفيذيه تضع بعد ذلك ما تشاء من تعديلات ، ويحمد للجيش أنه لم يتعسف في استغلال هذا الظرف الانتقالي ، فقام بتشكيل لجنة لصياغة هذه التعديلات التي هي أسبه بدستور مؤقت ، والذي روعي فيه إجراء الانتخابات البرلمانية بمجلسيها" الشعب والشورى"، والرئاسية بصورة ديمقراطية ، مع التركيز على اختيار جمعية تأسيسية من نواب الشعب المنتخبين في إطار انتخابات نزيهة لوضع الدستور الجديد .. وهذه سابقة في تاريخ الفكر الثوري تثبت مدي رقي الجيش المصري الذي لا يرغب في البقاء في السلطة سوى ستة اشهر فقط ،والتي يقابلها سابقة أيضا في رغبة المجتمع المدني ودعاة الديمقراطية في بقاء الجيش فترة أطول لحين الاستعداد للانتخابات ، وكأن هؤلاء لم يشاركوا في انتخابات سابقة تمت قبل شهرين من الثورة ، وكان يفترض أنهم استعدوا لها جيدا ، وهو ما يطرح علامات استفهام كثيرة عن الحكمة من التأجيل .
حجج الرافضين والرد عليها
قبل الخوض في تفاصيل التعديلات الدستورية ، وما بها من إيجابيات ينبغي الرد بصورة موضوعية عن الالتباس أو الشبهات التي يطرحها المعارضون ومنها :
أولا : أن تأييد هذه التعديلات معناها العمل بباقي البنود الواردة في الدستور الساقط أو المعطل والتي تعطي صلاحيات لا نهائية للرئيس بما في ذلك حل مجلس الشعب . وهذا أمر غير صحيح بالمرة ، لأنه لم يقل أحد من لجنة الصياغة بأن تأييد هذه التعديلات معناها تفعيل دستور 1971 من جديد ، وإنما الإعلان الدستوري للجيش "البيان رقم5 الصادر بعد تنحي مبارك بيومين " واضح في هذا الشأن ، حيث نص على تعطيل العمل بالدستور . ومعنى هذا أن الرئيس القادم سيحكم بالقوانين السائدة في البلاد ، وليس بموجب الدستور القديم ، وفي حالة رغبته-أي الرئيس- في سن قوانين جديدة ، فلا بد أن يطلب ذلك من مجلس الشعب المنتخب انتخابا حرا ونزيها ، ناهيك عن أن إمكانية انتهاء اللجنة المنتخبة من قبل أعضاء مجلس الشعب والشورى القادمين والمكلفة صياغة الدستور من وضع الدستور الجديد " المادة 189 مكرر وفق التعديلات الجديدة" بعد تولي الرئيس بفترة وجيزة جدا .ومن ثم ستظل صلاحيات الرئيس محدوجة وليست مطلقة كما يظن النعارضون
علاوة على ذلك فإنه وبفرض جدلي نظري أن الدستور القديم سيعمل به خاصة فيما يتعلق بالمادة 136 ، فإن التعديلات الواردة على هذا الدستور عام 2007 جعلت هذا الحق مقيدا بحالة الضرورة ، ومن ثم يتعذر نظريا تطبيق هذا النص ، ناهيك عن الاستحالة العملية ، لأنه يفترض أولا أن هذا الرئيس الجديد منتخب بصورة حرة ونزيهة ، ومن ثم فهو يعبر عن الشعب ، فهل يعقل أن يقوم أول ما يقوم بمصادرة حق الشعب عن طريق حل نوابه ، لاسيما وأنه يدرك جيدا أن هذا الشعب شعب ثوري لا يفرط في حقوقه بسهوله.
ثانيا- المناداة بوضع دستور جديد خلال فترة عام أو أكثر من خلال جمعية تأسيسية ، وتشكيل مجلس رئاسي يتكون من ثلاثة أو خمسة ، أو أحد عشر على أن يكون من بينهم عسكري.
هذا الاقتراح مردود عليه للأتي .
1 -بالنسبة لتشكيل مجلس رئاسي ، فإنه أمر يخالف الإعلان الدستوري الصادر من الجيش ، والذي أشار إلى أنه سيدير البلاد لفترة ستة أشهر ، أو لحين إجراء الانتخابات النيابية والرئاسية .. وهنا ينبغي ملاحظة أن الجيش بما له من سيطرة فعلية على مقاليد الأمور يرفض فكرة المجلس الرئاسي ، أو بمعنى أخر يرفض الشراكة المدنية العسكرية ربما لاختلاف أسلوب إدارته عن أسلوب الإدارة المدنية ، كما أن الجيش أكد أنه سيدير لفترة مؤقتة ، فلما ننازعه الاختصاص لاسيما ونحن الذين منحناه هذه الشرعية بعد قيام الثورة ..لذا لم يستجب الجيش لهذا المطلب ، كما أن كثيرا من قوى الثورة لم تسلط الضوء عليه بكثافة مقارنة بمطالب أخرى كحل حكومة شفيق بالرغم من أن مطلب المجلس الرئاسي لا يقل عنها في الأهمية إن لم يكن يفوقها . ومن ثم فربما كان على الاصرار أكثر واقعية بعد رحيل مبارك وليس الأن على اعتبار أن الجيش لا يرغب في البقاء ، وحتى بفرض أنه يريد هذا ، هل يوافق دعاة الديمقراطية على تمديد عمل المؤسسة العسكرية التي تخالف القواعد الديمقراطية، ثم هناك تساؤل أخر : من الذي سيختار هذا المجلس أولا : هل المجلس العسكري ؟ في حالة الإجابة بنعم فإن السؤال التالي هو : هل هذه هي قواعد الديمقراطية ، ؟ وهل سيتم الموافقة على ترشيحات الجيش لهذا المنصب الحساس ، وهل من المنطقي أن يختار الجيش أشخاصا يمكن أن يعارضوه في المجلس ؟
أما إذا كانت الإجابة بأن عملية الاختيار ستكون بصورة توافقية بين قوى الثورة ، فإن السؤال هو .. هل هناك قوة واحدة ممثلة للثورة ،وهل هناك اتفاق بين هؤلاء ؟
لقد رأينا عند تفويض البرلمان الشعبي لعشرة أشخاص للحوار مع عمر سليمان إبان الثورة خرج حمدين صباحي رافضا هذا الأمر .. فما بالنا إذا كان الأمر يتعلق بأشخاص سيحكمون البلاد .. أما إذا كان الشعب هو الذي سيختار فهناك سؤالان : الأول ما هي معايير اختيار هؤلاء "شروط الترشح"،ومن الذي سيضعها ، لأن هناك المئات بل الآلاف يمكن أن يرشحوا أنفسهم ، "وهذا من حقهم" ، والثاني : هل سيطرح الأمر على الشعب للاختيار، وفي هذه الحالة سنكون بصدد إجراء انتخابات مبكرة جدا لمجلس رئاسي، فضلا عن عدم وجود دستور مؤقت يحكم عمل هذا المجلس ، ناهيك عن إمكانية الخلاف بين المدنيين وممثل الجيش والذي يملك القوة الفعلية بالرغم من أنه يشكل أقلية داخل المجلس ،. وإذا افترضنا أن هذه الأمور يمكن تحقيقها واقعيا ، فالسؤال هو .. لماذا إطالة فترة وجود الجيش لمدة أخرى قد تصل إلى سنة أو أكثر بعد فترة بقائه الأولى"ستة أشهر".
2 : بالنسبة لتشكيل الجمعية التأسيسية التي ستضع هذا الدستور . من الذي سيختار هؤلاء ..هل أعضاء المجلس الرئاسي، أم سيطرح الأمر على الشعب للتصويت عليه نظرا لأهمية هذا الأمر .. ففي الحالة الأولى سيثور خلاف كبير بين أعضاء المجلس لاختيار مائة شخص ، اللهم إلا إذا قاموا بتقسيم هذا الأمر وفق نظام الحصص عليهم .وحتى في هذه الحالة قد يصعب على عضو المجلس الرئاسي اختيار 25 شخصية .
أما في حالة طرح الأمر للتصويت الشعبي ، فهناك استحالة عملية لأن يقوم الشعب باختيار مائة شخص ، اللهم إلا إذا قام المجلس الرئاسي في هذه الحالة بتحديد هؤلاء ، وطرح الأمر على الشعب للاستفتاء عليهم كتلة واحدة بنعم أو لا . حيث سنقابل ببعض المشاكل وهي حيرة الناخب لا سيما إذا تضمنت القائمة أشخاص يحبهم وآخرون لا يحبهم..
ثالثا : إجراء الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية من أجل إعطاء مزيد من الوقت لقوى الثورة وباقي القوة السياسية للاستعداد لخوض هذه الانتخابات ، لأن إجراء الانتخابات النيابية أولا سيسفر عن فوز كل من الإخوان ، والحزب الوطني باعتبارهما أقوى قوتين على الساحة حاليا. هذا الأمر مردود عليه من أكثر من زاوية :
1- هناك عقبة في هذا الأمر لا تتعلق فقط بالمادة 79 من الدستور المعطل ،والتي تنص على أن الرئيس يؤدي اليمين الدستورية أمام مجلس الشعب ، حيث يمكن أن يقول قائل :كان يفترض أن تطرح هذه المادة للتعديل من ضمن المواد المعدلة . ونرد عليه بالقول ليس العبرة بضم هذه المادة للمواد المعدلة ،وإنما بوجود رقيب على الرئيس الجديد . فليس من المنطقي إجراء الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية .. فمن الذي سيراقب الرئيس المنتخب في قراراته في ظل غياب مجلسي الشعب والشورى ، أم أنه سيكون رقيب نفسه ، وماذا لو تطلب الأمر إصدار بعض القوانين .. هل سيصدرها الرئيس بمفرده ثم يعرضها بذلك على السلطة التشريعية .. إننا في هذه الحالة نصنع بأيدينا مستبدا جديدا
2- بالنسبة لطلب مهلة للاستعداد من قبل شباب الثورة والقوى السياسية ، وهنا نقول إن إجراء الانتخابات سريعا قد يكون في صالح هذه القوى ، لأن الكثير يعرف الأن شباب الثورة ، لكن بعد فترة قد يتم نسيان هؤلاء
أما بالنسبة للقوى السياسية الحزبية الأخرى ، فهذه ليس لها مبرر للتأجيل لأنه يفترض أن تكون على أهبة الاستعداد منذ انتخابات نوفمبر الماضي ، ومن ثم فإن اقتراب المدة قد يفيدها ولا يضرها
3- إن القول بأن اقتراب المدة سيكون لصالح الإخوان والحزب الوطني أمر مردود عليه أيضا
فبالنسبة للإخوان يلاحظ أنهم قوى منظمة اعتادت على خوض الانتخابات في أصعب الظروف ، كما أنها حددت نسبة المشاركة سواء أتأجلت الانتخابات أم تمت في موعدها بما لا يزيد عن 30 % من مجموع الدوائر، فضلا عن عدم تقديم مرشح رئاسي ، أو المشاركة في الحكومة .. وفي حالة مخالفة الإخوان ذلك فسوف يدفعون ثمنا سياسيا غاليا لأنهم سيفقدون ثقة الناخبين فيهم من ناحية ، كما أنه يصعب عليهم حمل هذه التركة المثقلة بالمشاكل بمفردهم لا سيما وأنهم لم ينتقلوا من مقاعد المعارضة إلى الحكم حتى الأن
أما بالنسبة للحزب الوطني فإن سرعة إجراء الانتخاب قد تضره أكثر مما تفيده ، لا سيما وأن الحزب يمر الأن بأصعب فترة في حياته ، في ظل حملات القبض على رموزه من ناحية ، والاستقالات وفصل الأعضاء من ناحية ثانية ، فضلا عن الحنق الشعبي ضده من ناحية ثالثة ، ومن ثم فإن تأجيل الانتخابات قد يساعده في لمله جراحه ، كما قد يؤدي إلى إمكانية نسيان الشعب المصري ما ارتكبه اعضاء هذا الحزب من فساد وغيره
الرفض يعني الفوضى
ننتقل بعد ذلك لنقطة أخرى مثارة .. ماذا لو كانت نتيجة التصويت رفض التعديلات ؟
بداية لا بد من التفرقة بين أمرين :
الأولى : أن رفض التعديلات مرجعه الاعتراض على بعض بنودها :
الثاني : رفض التعديلات من حيث المبدأ ، بمعنى أن المطلوب ليس تعديلات جزئية ، وإنما وضع دستور جديد .
بالنسبة للحالة الأولى ، يمكن أن يكلف الجيش لجنة الصياغة ذاتها أو غيرها ببحث البنود التي يوجد اعتراضات عليها ، وطرح الأمر للتشاور المجتمعي ثم إجراء الاستفتاء ثانيا ، وإن كان من شأن هذا الأمر إطالة الفترة الانتقالية ، فضلا عن التكلفة المادية والبشرية " اقصد بها الإشراف القضائي" .
أما بالنسبة الحالة الثانية ، والتي تمثل التيار الأغلب" رفض فكرة التعديلات من الأساس" ، فلا شك أن الأمر سيعود إلى المجلس العسكري ثانيا ، والذي سيكون هنا صاحب القرار الوحيد في اتخاذ ما يراه . بمعنى أخر أنه الذي سيقوم بإصدار مراسيم عسكرية لها قوة القانون يقرر بها وجهة نظره في إدارة البلاد ، كما يمكن أن يصدر إعلانا دستوريا دون مشاورة أحد على اعتبار أن الشعب رفض التشاور . ومن ثم سيمارس الجيش دوره كقيادة منفردة تأمر وتطاع خلال الفترة الانتقالية .
ولا شك أن هذا الأمر خطير جدا لاسيما في ظل التحديات التي يواجهها الجيش في الداخل " الانفلات الأمني ، الثورة المضادة ، الاحتجاجات والفئوية وغيرها" ، فضلا عن التحديات الخارجية " عدم الاستقرار الأمني في دول الجوار " السودان ، ليبيا ، فضلا عن إسرائيل " ,
وأخشى ما أخشاه أن يصدر الجيش مرسوما بإطالة فترة بقائه منفردا لمدة عام يتم بعدها إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية وفق قواعد يضعها هو . ولا شك أن هذا الحل غير ديمقراطي من ناحية ، فضلا عن أنه قد يؤدي إلى إمكانية تصادم الشعب مع الجيش ، وهذا هو عين الفوضى.
لماذا نعم ؟
أما إذا انتقنا إلى مبررات القول بنعم فهي عديدة ، ولكي نقيمها لا بد أن نفهمها من خلال التفويض الممنوح للجنة الصياغة والمتمثل في بعض المواد فقط ، وهي تلك المتعلقة بالانتخابات القادمة النيبابية والرئاسية ، فضلا عن تعديل الدستور ،والحد من الصلاحيات الاستثنائية للرئيس لاسيما فيما يتعلق بإعلان حالة الطوارئ ، والإرهاب .
إن من أهم مبررات التأييد ما يلي :
أ- أن هذه التعديلات الجزئية تتيح إجراء انتخابات نيابية حرة ونزيهة لمجلسي الشعب والشورى خلال فترة وجيزة لا تزيد عن أربعة أشهر في أقصى تقدير" أي قبل أغسطس وهو الموعد المحدد لإجراء انتخابات الرئاسة" من خلال إشراف قضائي كامل ولا يشترط أن تجرى في يوم واحد .. وهو مطلب طالما حلمنا به كثيرا .
ب- أن انتخابات المؤسسة التشريعية التي من وظيفتها الرقابة على المؤسسة التنفيذية "الرئاسة" ستجري أولا ، وبالتالي وفي ظل غياب الدستور ، فإن الرئيس سيحكم بالقوانين الحالية ، وفي حالة طلب اقتراح قانون فلا بد أن يعرضه على مجلس الشعب الذي له الحق في الرفض أو الموافقة
ت- " أن هؤلاء النواب المنتخبين وفق المادة 189 مكرر ( والتي أضافتها لجنة الصياغة) من مجلسي الشعب والشورى سيقومون باختيار جمعية تأسيسية من مائة عضو لوضع الدستور في أول جلسة مشتركة للمجلسين بعد إجراء الانتخابات ، ومن ثم فلا عبرة ولا دخل للرئيس القادم المنتخب في الدعوة لعملية التعديل من عدمه .. وهذه الفقرة تحديدا وضعت بصورة استثنائية ولكي يتم تطبيقها مرة واحدة فقط لتقييد حق الرئيس في الدعوة لوضع الدستور الجديد القادم ، لأنه ربما يرفض توجيه هذه الدعوة . ومعنى هذا أنه ليس لرئيس البلاد القادم دور في طلب التعديل من عدمه وفق هذه المادة الاستثنائية التي سيعمل بها خلال الدستور القادم فقط . كما أن هذه المادة حددت مدة زمنية لعمل لجنة الصياغة لا تزيد عن ستة أشهر ، ومعنى هذا أن هذه اللجنة إذا فرغت من التشكيل خلال شهرين مثلا ، فإن الدستور سيطرح للاستفتاء خلال 15 يوما . وهذه نقطة إيجابية في منتهى الأهمية .إذ حددت اللجنة الجهة الشعبية التي ستختار هذه الجمعية ، وهم النواب المنتخبون فقط ، وليسوا المعينين من قبل الرئيس"ثلث أعضاء مجلس الشورى" ، كما أنها استبعدت أي دور للرئيس في طلب تعديل الدستور" ، على عكس الفقرة المضافة للمادة 189 المعدلة والتي أعطت للرئيس في الوضع الطبيعي – طلب تعديل الدستور بموافقة الحكومة-، أي أن هذه المادة استثنائية ومقيدة للرئيس ، أو بمعنى أخر سيعمل بها خلال صياغة الدستور القادم فقط ، وليس بعد ذلك .
ث- أن هذه التعديلات قلصت مدة الصلاحية من ست سنوات قابلة للتمديد لفترات أخرى لأربع سنوات فقط ، ولمدة واحدة تالية ، بمعنى أن من حق الرئيس الفائز بالانتخابات الترشح في الانتخابات التالية فقط سواء فاز بها أم لا . يعني أن المدة لن تزيد عن ثمان سنوات ، بل ربما تصبح أربع سنوات فقط . وهو نص قلما نجد له مثيلا في الدساتير الأخرى من حيث تقييده مدة الرئيس بهذه الصورة .
ج- أن التعديلات ألغت قانون الإرهاب الذي كان يساء استغلاله وفق المادة 189 ، كما أنها قيدت صلاحيات الرئيس في إعلان حالة الطوارئ لأسبوع واحد فقط لحين عرض الأمر على مجلس الشعب الذي ينعقد على الفور لبحث الأمر ،ولا يجوز للمجلس أن يسمح بالطوارئ إلا لفترة ستة أشهر فقط ، وفي حالة الرغبة في التمديد لمدة إضافية يعرض الأمر على الشعب صاحب الاختصاص الأصيل لمعرفة رأيه في التمديد ، وفي حالة تعطيل إجراء الاستفتاء من قبل الرئيس تعتبر حالة الطوارئ منتهية .
إذا هذه بعض المبررات لكي نقول نعم يوم السبت القادم ، ويكفي أن قول نعم سيساهم في إقامة المؤسسة الشعبية الأهم " مجلس الشعب" فضلا عن تقييدها لصلاحيات الرئيس، واختيار نواب الشعب الذين سيقومون بدورهم باختيار الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور الذي سيطرح على الشعب بدون وجود دور للرئيس خلال فترة لا تزيد عن ستة أشهر بعد تشكيل اللجنة ..علاوة على أنها ستساهم في عودة العسكر إلى ثكناتهم ، والتفرغ لمهامهم الأساسية على الحدود. فهل هذه المبررات المنطقية؟.. أفيدونا يرحمكم الله
ساحة النقاش