لا يوجد في تاريخنا المعاصر ما يفضل أبريل إلا أكتوبر، ففي الثاني بتوفيق الله عبرنا وانتصرنا، وفي الأول استعدنا بحمد الله سيناء كاملة وجنينا ثمار النصر
وعادة ما يستقبل المصريون شهر أبريل بحفاوة خاصة نظرا لما يحتويه من إجازات رسمية تجمع شمل الأسر المصرية، ولأسباب اقتصادية تقضي غالبية الأسر أيام الإجازات أمام التليفزيون الذي عادة ما ينتهز الفرصة ويمارس هوايته المعهودة في عرض عدد من أفلام المناسبات التي لا تخرج من علبها إلا في أمثال هذه الظروف. أما عن الأغاني والأوبريتات الوطنية التي تذاع بمناسبة الاحتفال بعيد تحرير سيناء فحدث ولا حرج، فبها نستعيد أجواء الحرب ومعها نسترجع أفراح النصر، وهذا شيء جميل لشعب باتت أفراحه قليلة، بل نادرة
وليوم أو يومين، على الأكثر، تدور فعاليات البرامج الحوارية حول سيناء التاريخ والجغرافيا، ثم ودعوني أخمن فلن نعود للحديث حول سيناء إلا في مثل هذا التوقيت من العام القادم، أحياكم الله وأحيانا وعفا عنكم وعنا، آمين. يحدث هذا في الوقت الذي تتضح فيه أكثر وأكثر معالم المشاريع والتوجهات الأمريكية ــ الإسرائيلية لإعادة توطين الفلسطينيين في سيناء، كجزء لا يتجزأ من تصورات الحل النهائي، وفي إطار تصورات لخريطة مستحدثة لشرق أوسط جديد جدا، تصاحبها ضغوط غير محتملة علي الشعب الفلسطيني في غزة لدفعه دفعا لتخطي الحواجز واجتياز الحدود، وما حرب غزة الأخيرة وأحداثها وتوابعها إلا أحد حلقات هذا المسلسل الخطير. ولن يكفي رفضنا ورفض الأخوة الفلسطينيين لإثناء الجارة اللدود إسرائيل وحليفتها الكبري عن تبني هذه الخطط وأمثالها من الحلول المعلبة، خاصة في ظل الفراغ السكاني الموجود حاليا بسيناء، والذي لم يعد لاستمراره أدني مبرر موضوعي أو منطقي بعد توقيع معاهدة السلام المصرية ــ الاسرائيلية حيث كانت سيناء قبلها تعتبر منطقة عمليات عسكرية وحيث كانت الكثافة السكانية بسيناء حينها أمرا غير مرغوب فيه لدواع أمنية واستراتيجية
وعلي العكس وفي الوقت الراهن فإن عملية توطين المصريين بسيناء تقدم حلولا جذرية لعدد من مشاكلنا المستعصية، أهمها تكدس السكان بوادي النيل وما يصاحبها من قضايا ارتفاع نسبة البطالة وقلة وضعف التنوع في فرص العمل المتاحة وتقلص المساحات المنزرعة لحساب بناء المساكن وتلوث البيئة وغيرها من المشاكل المزمنة التي ليس لها من حل إلا بتوزيع أكثر توازنا لسكان مصر علي كامل مساحتها بحيث يتم الاستفادة بأفضل صورة ممكنة من كافة الموارد الجغرافية والبيئية المتاحة. وهنا يثور السؤال: وهل البنية التحتية لسيناء حاليا مؤهلة لاستقبال أعداد متزايدة من المصريين النازحين؟، والإجابة الفورية ستكون طبعا "بلا"، فلن توفر المشروعات السياحية الساحلية المقامة بالجنوب والشمال ولن تفي عمليات التنقيب عن البترول والمعادن باحتياجات الشباب لفرص عمل كثيرة ومتنوعة في المجالات الاقتصادية والتنموية المختلفة، ولن توفر المشروعات الحالية العدد المطلوب من المساكن والمرافق والطرق والمدارس والمستشفيات وغيرها من الخدمات اللازم توفرها وبجودة مناسبة لتشجيع إقامة مستديمة للمصريين بسيناء
وللحق فإننا جميعا نعلم بوجود خطة قومية لتنمية سيناء تمتد حتي سنة 2017 م، ولكن هل يسير تنفيذ الخطة وفقا للمعدلات المطلوبة؟. ونعود مرة أخري للسؤال: متي ستكون سيناء جاهزة بخدماتها ومرافقها لاستقبال شباب المصريين من أبناء الدلتا والصعيد بهدف الإقامة الدائمة وليست المؤقتة كما هو الحال حاليا؟. إن التنمية الشاملة لسيناء وتوطين شباب المصريين وأسرهم بها لم تعد خيارا تنمويا، وإنما وفي ظل التحولات الإقليمية والعالمية الحالية باتت حتمية استراتيجية لحماية أمن مصر القومي. ولن تنمو سيناء بالأحلام والأماني والأغاني، ولكن يجب أن تتحول تنمية سيناء إلي مشروع قومي واضح ومعلن ومحدد المعالم، تسخر له كافة الطاقات وتوفر جميع الموارد لتحقيقه
سلام عليك سيناء، وسلام علي دماء طاهرة سالت لتحريرك، وسلام علي كل يد تبني وتعمر وتخلق حياة جديدة ومستقرة علي أرضك. وتهنئة خاصة لأقباط مصر بمناسبة عيد القيامة المجيد. وكل عام ومصر وكل أبنائها بخير. كل عام وسيناء بخير، كل عام وسيناء مصرية.
Email: hanrashed2010@hotmail.com
ساحة النقاش