<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]--><!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]--><!--<!--

 

 

 الجامعة الرمضانية

الحمد لله صاحب الفضل والجود والإحسان، احمده تعالى واشكره واسأله المزيد من فضله ، والتوفيق لنفحاته ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أعطى ومنع وهو أحكم وأعلم ،ومن يسأل الله يوصل والله أغنى وأكرم ،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله كان مثالا للخلق الكريم والجود العميم  وهو في رمضان أجود،وما فتئ يذكر أمته ويدعوها إلى مكارم الأخلاق ومعالي القيم حتى أتاه اليقين ، اللهم صل وسلم عليه وسائر النبيين والمرسلين أما بعد: أيها الناس: اتقوا الله تعالى واشكروه على أن بلغكم رمضان، واحمدوه على أن وفقكم للصيام والقيام، ) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ(يونس:58.فلله الحمد والمنة وله الشكر والثناء أن بلغنا شهر رمضان المبارك فنهنئ أنفسنا والمسلمين ببلوغ هذا الشهر العظيم، جعله الله مباركا على أمة الإسلام وعموم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، أهله الله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام والعز والنصر والتمكين للمسلمين0 وأن يجعل هذا الشهر نصرا للإسلام والمسلمين في كل مكان، وأن يعم بالخير والعدل والسلام كافة بني الإنسان، إنه سبحانه ولي الجود والإحسان والكرم.

أيها المسلمون: ويدور الزمان دورته، فمنذ أيام قلائل قدر الباري جل وعلا المنازل، فحبانا بشهر كريم ذي خير عميم وضيف أثير مبجل، هفت له الأشواق، وتلقته بالعبرات الأحداق، شهر أرسل أنواره على الأفئدة المؤمنة الرضية، فغشي أقطارها بالتقوى والحبور، وأفاض عليها من نفحاته فجللها بالرشد الطهور،) شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ( البقرة:185

أيها المسلمون : نواصل اليوم معكم ماأصغت إليه مسامعكم في خطبة الجمعة الماضية عن الجامعة الرمضانية 0فياأيها الإخوة المؤمنون حقا إن جامعة رمضان جامعة الأخلاق ،ومجمع المكارم ،وملتقى الفضائل  ولكن آفة عدد من الصائمين أنهم لا يدركون هذه الأسرار ،أوقد تغيب عنهم أشياء من حكم الصيام ، فمن جامعة رمضانَ نورُ الإيمان يُشِعّ ويضيء، ونفحَات الوحي المباركات تمضي وتجِيء،فالأوقاتُ بالطاعات والقرُبات مَعمورة،والأرواح بالطّمأنينة والسكينة بَهِجَةٌ مغمورة، الأجسادُ عن شهواتها وملذّاتها تخلَّت، والأرواح بحُلَى القُربات توشّت وتحلَّت،وللخير العميمِ شمَّرت وتجلّت. فاليوم نتجول وإياكم اليوم في رحاب الجامعة الرمضانية بعد أن فتحت أبوابها لجميع المسلمين قبل يومين حيث هلُّ علينا هلال التوحيد والعقيدة، هلال التوبة والاستغفار، هلال الجود والكرم،ويحلّق في سمائنا مدة شهر واحد،)أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ (البقرة:الآية184،قد هل علينا هلال شهر كريم وموسم مبارك كان رسول الله r إذا أقبل هذا الشهر بشر أصحابه فابشروا أيها المؤمنون بشهر رمضان شهر شرع الله فيه الصيام وأنزل فيه القرآن وجعله موسمًا للعبادة والمجاهدة والخير والبركة وجعله من أفضل الأوقات للعمل والجهاد فهذه السمات الكثيرة: الصيام والتقوى والقرآن والعبادة والعمل والجهاد هي أبرز عطايا هذا الشهر الكريم وخصائصه لو يسر الله وأعان فسنتحدث عن هذه السمات في جمع هذا الشهر الكريم إن شاء الله تعالى.والتي جعلناها في سلسلة متتابعة وسنتابعها معكم خلال هذا الشهر الكريم والتي لقبناها باسم الجامعة الرمضانية لانها جامعة لكل خير0فرمضان شهر تربوي وحيوي وتفاعلي وتلاحمي رمضان هو شهر انتصار الأنسان بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى انتصار على الشيطان انتصار على الشهوات انتصار على السيئات انتصار نفخة الروح على طينة الأرض 0فرمضان وجامعة يتدرب فيها المسلم على تقوية الإرادة للوقوف عند حدود الله في كل شيء وعلى كل شيء وعلى أي حال وفي كل مكان 0وننتقل أيها الاخوة هذا اليوم إلى جامعة رمضان الإيمانية ونقف أمام أربع كليات من كلياتها 0جعلنا الله من )الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ( الزمر:18

أيها المسلمون :إن لجامعة رمضان معنا ذكريات، ولنا فيه موسم للخيرات ، وفي لياليها أنس وتغن بالآيات البينات،وفي تاريخ الأمة مع جامعة رمضان معارك وغزوات وانتصارات . في رمضان رقاب تعتق ، وأكف تدعو وتتصدق ، وأزهار الإيمان تنمو وتتفتق ، فتبيت نفوس زاكيات ، تتقرب من ربها وتتملق . وفي رمضان يفوح شذى الجنان ،ويكثر عطاء المنان،ويعظم الفضل من الرحمن  فيتنافس المسلمون أيهم إلى الخير أسبق . والحديث عن رمضان ذو شجون ،تتلهف له القلوب،وتذرف منه العيون ، وتشتاق له النفوس وبذكره تتعلق .ففي ليلة من ليالي رمضان أشرق النور ، وتفتحت الزهور ، ولفت حياء وجهها من ذلك الحدث بقية الشهور ،إذ نزل جبريل بآي الذكر الحكيم ، يهدي البشرية ويسعدها ، ويسمو بها ويزكيها 0                                                                           0

الكلية الأولى مكتوب عليها (كلية التقوى) ( فالتقوى)هي الحكمة الجامعة النافعة من الصيام والله تعالى يذكرنا بهذه الحكمة الجليلة فالتقوى أيه الأخوة شيء لَيْسَ بالهيّن وَلاَ يصل إِلَيْهِ الإنسان بيوم وليلة جعل لهذه الأمّة شهراً تتعلّم مِن خلاله التقوى فقال عَزَّ وَجَلَّ:) يَا أيّها الَّذِينَ آمنوا كُتِبَ عليكم الصّيام كَمَا كتب عَلَى الَّذِينَ مِن قبلكم لعلّكم تتقون (البقرة: 183نعم إخوة الإيمان التقوى هي ميزان الأعمال ،يجوع الصائم وهو قادر على الطعام ويعطش وهو قادر على الشراب ،لا رقيب عليه إلا الله ،هنا يتحقق الإيمان ،وتظهر التقوى ،ألسنة صائمة عن الفحش والرفث،وآذان صامة عن سماع الحرام من القول وأعين محفوظة عن النظر الحرام،قلوب منكسرة مخبتة،إلى الله ناظرة وجلة،ثوابها عند الله قال r:قال الله عز وجل:(كل عمل ابن آدم له إلا الصوم ،فإنه لي وأنا أجزي به) والتقوى:هي الخوفُ من الجليل..والعملُ بالتنزيلُ..والقناعةُ بالقليل..والاستعدادُ ليوم الرحيل .. ومن حقق التقوى شعر بأن حياته كلَّها .. ملك لله تعالى .. يفعل بها ما يشاء .. فهو يصلي وقت الصلاة .. ويصوم وقت الصوم ..ويجاهد مع المجاهدين .. ويتصدق مع المتصدقين .. فليس لنفسه منه حظ ولا نصيب .. بل حياته كلها وقف لله تعالى ..نعم هذه حقيقة التقوى !! أن تطيع الله بكل جوارحك .. فهل يكون متقياً .. من يصوم بطنه عن الطعام .. ولا تصوم عينه عن النظر الحرام ..ولا سمعه عن الحرام .. ولا لسانه عن الآثام هل يكون متقياً .. من يجمع الثواب في النهار ..ثم يحرق ذلك في الليل .. بأغنية ماجنة .. ونظرة إلى راقصة فاتنة ..يزينها له شياطين الإنس..نعم ..يزينها له شياطين الإنس صفدت شياطين الجن فتحركت شياطين الإنس..بل إن شياطين الإنس لم يكتفوا بليل الصائمين ..وإنما أشغلوا نهارهم..أصبحت جموع من الصائمين ..تتسمر أمام الشاشات في النهار والليل..واكتفوا من الصيام بالإمساك عن الطعام فقط..ولا يستشعرون أنهم وقعوا في الحرام.عجباً . هل ينكر أحد منا حرمة النظر إلى المرأة الأجنبية.أو حرمة الغناء وآلات الطرب و مشاهدة المسلسلات والمسابقات فيمضي ليلهم بعد فطرهم بمشاهدة هذه و تلك من القنوات والتسوق وشراء الأكل والملبوسات فلا بصيام قدروا و لا بصلاة قاموا فما أقربهم لان ترغم أنوفهم يوم لا ينفع مال ولا بنون فان المحروم من حرم رحمة الله في وقتها و قد عرضت عليه بأبخس الأثمان فأعرض عنها، فبكم تشتري مقعدك من الجنة و بكم تبيع مقعدك من النار فلو ربحت مسابقات الدنيا وخسرت مكانك من الجنة، فوالله لموضع سوط أحدنا من الجنة خير من الدنيا و ما فيها0إن أناسا تخاط أكفانهم بين يومنا هذا و بين رمضان هل تأمن أن تكون منهم؟ وإن أدركت رمضان فهل تضمن أن تكمل أيامه أو أن تكمل صيامه و قيامه و إن أكملتها فهل تضمن أن تعود إليك عامك القادم وهب انك أدركت عشرين أو ثلاثين أو أربعين رمضانا قادم لم تتب فيها و لم تعمل صالحا في أيامها فهي عليك حسرة وعليك شهيدة ونهايتك ستحمل على الأكتاف يوما (بعدأوقصر)ستتمنى فيه ركعة أو ركعتين تسبيحةأوتسبيحتين فعلام التسويف وأنت ترى الناس في كل يوم ينعون قريبا أو حبيبا و علام التسويف وأنت ترى عامنا هذا قد انصرم أكثره كأحلام ليل لم يبق منه إلا الذكريات آلام تجرعانها وآمال سعدنا بها فما لبثت أن صارت أحاديث. تأمل يا رعاك الله قول الحق تبارك وتعالى)أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ*ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ*مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ (الشعراء:205-207فإذا مد الله أجلك و بلغك رمضان فما عساك فاعل و ما الذي ستملي في أيامه و لياليه على الملكين:أغنية وتمثيلية مسابقة وأمسية شعرية0ألا فاتق الله عبد الله واستعد لرمضان بحسن الاستقبال بنية صادقة و عزم أكيد على شغل أوقاته بما يفيد صلاة وصيام بر وصلة صدقة و دعاء تلاوة و ذكرا فرحمة الله قريب من المحسنين بعيد من المعرضين والراحة لا تنال بالراحة ولا يمكن أن تصل إلى الجنة العليا إلا بالنصب والتعب و من طلب العظيم لابد أن يبذل في ذلك نفسه و مهجته.ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة فقد قيل لأهلها )كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (الحاقة: 24وقيل لهم)الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ( النحل:32وقيل لهم) هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (الرحمن:60فلا تغتر بكثرة الهالكين ولا بكثرة المعرضين الذين أطلقوا لأنفسهم العنان تتبع غرائزها وتعبد هواها أوقاتهم وقود شهواتهم وغفلتهم حطب لذاتهم ولكن ذرهم يأكلوا و يتمتعوا و يلههم الأمل فسوف يعلمون فلا تكن منهم و لا معهم و لا فيهم و لكن كن راشدا تقيا راضيا مرضيا سائرا في طاعة ربك ما دمت حيا وقبل أن تكون نسيا منسيا.فطوبى لصائم استشعر نعمة بلوغه رمضان.فحقق التقوى. فصام الشهر.واستكمل الأجر أخذ رمضان كاملاً وسلمه للملائكة كاملاً0فلا غيبة.ولا نميمة.ولا أذية للمؤمنين.ولا تقاعس عن صلوات.أو وقوعاً في محرمات صام فصامت جوارحه وأركانه)قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ(الزمر:من الآية9 فطوبى لمن كانوا كذلك0

الكلية الثانية مكتوب عليها (كلية الصبر)  : فشهر رمضان هو شهر الصبر، فالذي يصوم رمضان وهو منضبط، انضباطاً تاما شهراً كاملاً، لابد أن يخرج من هذا الشهر، وقد اكتسب صفة الصبر، فالذي صبر عن الحرام، وصبر عن الأكل والشرب وجَدَّ في صلاة التراويح والقيام، وصبر على كف اللسان والجوارح عن ما نهى الله عنه، أقول فالذي صبر على هذه الأمور0 فالصبر الايجابي :هو انتصار الإرادة على الشهوة فالصوم يروض الإنسان ويربيه خلال شهر كامل على الصبر والتحمل، كما يروضه على التحدي لشهواته وملذاته، فتصبح إرادته قوية بالله تعالى، غير خاضعة لأهوائه، ولا أهواء أحد، وذلك لأن المعارك لا تحسم في ساحة القتال فقط، بل تحسم في ساحة الصدور، وميدان النفس، فالنفوس المنهزمة داخلياً هي التي تنهزم في ساحة القتال، بل قد لا تجرؤ على الدخول في الساحة أصلاً، وتضحي بكل شيء في سبيل أهوائها وشهواتها ومصالحها. والصبر يعلم الأمة التضحية بالشهوات في سبيل رضاء الله تعالى ويعودها تجويع أنفسها في سبيل كرامتها، ومن هنا تسقط أمامها أكبر التحديات المتمثلة في التحدي الاقتصادي، هنا يتدخل الصوم فينادي: لا وألف لا، فلن نخضع لشهوات البطن ونضيع كرامتنا وحقوقنا، فأنا أروض المسلم على أن يصوم ثلاثين يوماً، أي يوفر 50% من الغذاء بل أكثر من ذلك لو التزمت الأمة بمنهج الإسلام في الإنفاق (دون إسراف ولا تبذير).ولكن مع الأسف، ضاع هذا الهدف النبيل في خضم تباهي المسلمين بالأكلات والمشروبات في شهر رمضان الفضيل، حيث يصرف الفرد على الغذاء ونحوه في هذا الشهر أضعاف ما يصرفه في بقية الشهور!.فهو في شهر التعود والصبر والمصابرة على فعل الخيرات . وما نراه اليوم من تهافت الناس على البقالات ،ومحلات الأدوات المنزلية لشراء الأطعمة والأشربة ، والأواني ، ما هو إلا نتيجة لعدم فهم نصوص الشريعة ،وعدم فهم لما من أجله شرع صيام شهر رمضان ، فالله تبارك وتعالى بين للمسلمين ذلك بياناً واضحاً لا يخفى حكمه على أحد إلا ممن ترك العمل بكتاب الله ، وهجر قراءته ، وابتعد عن تدبره ، فلا بد من فهم صائب ، وتصحيح للمفاهيم ، فليس شهر رمضان شهر أكل وشرب ، بل هو أعظم من ذلك بكثير  فهو شهر صبر وترويض للنفس البشرية وكبح لجماحها ،وكسر لشهواتها ،وكبت لملذاتها0

هذه بعض كليات الجامعة الرمضانية أيها الإخوة المؤمنون وسوف نعرض ماتبقى في الخطبة الثانية إن شاء الله تعالى اللهم بارك لنا في هذا الشهر الكريم اللهم بارك لنا في هذا الشهر الكريم واجعله عتقًا لنا من النار وطريقًا لنا إلى الجنة وأعنا على صيامه وقيامه على الوجه الذي يرضيك عنا يا كريم يا أرحم الراحمين إنّه على كلّ شيء قدير.

كذلك0أعو ذ بالله من الشيطان الرجيم) شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (البقرة:185 بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بالذكر الحكيم 0 كتبت ما قلت وسمعتم ، فالخير ما وفقت إليه ، والشر ما أعرضت عنه والله نعم المولى ونعم النصير ، واستغفر الله أن أقول عليه بلا علم ، فاستغفروا ربكم إنه كان غفاراً0 

 

 

 

 

الخطبة الثانية : الجامعة الرمضانية (2)

الحمد لله ذي الفضل والإنعام ، أوجب الصيام على أمة الإسلام ، وجعله أحد أركان الدين العظام ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الجلال والإكرام ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أفضل من صلى وصام ، وخير من أطاع أمر ربه واستقام ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه البررة الكرام،وسلم تسليماً كثيراً0أما بعد نواصل تجوالنا بين كليات الجامعة الرمضانية 0أما بعد:أيها الإخوة مازلنا وإياكم نواصل جولتنا داخل أروقة الجامعة الرمضانية لنستفيد لنهل من معينها حكم شهر رمضان وأسراره 0

الكلية الثالثة مكتوب عليها ( كلّية الطّب ) :هذا رسول الله  rينبه الأمة إلى السبب  الرئيسي للأمراض التي يعاني منها البشر فيؤكد أنها في المعدة التي هي منفذ عظيم لدخول الأشياء إليها ووصولها إلى باقي البدن فيقول:(ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلث لطعامه وثلث لشرابه، وثلث لنفسه) صحيح الجامع،وبذلك يحصل الترشيد في الطعام الذي يمتنع الإنسان عنه في نهار رمضان ليقوم الجسم بالتخلص من الفضلات الزائدة عنه، والسموم التي تخرجها خلايا الجسم لتصبح نشيطة فتنتقل من عمل التنظيف إلى البناء والإنتاج، وهذا في حقيقة الأمر بحاجة إلى إنسان مرتاح نفسيا لأن الأمراض النفسية لها تأثير على الأجهزة والأعضاء وتصيبها بخلل فلا تستطيع تنظيم عملها حتى ولو كان أصحاب هذه الأجهزة والأعضاء لا يأكلون من الطعام إلا القليل.ومع طول السنة والانشغال الفكري والعضلي وتجمع هموم الحياة اليومية والمستقبلية تتفرق الهموم على الإنسان حتى يشعر بأنه لا يخرج من هم إلا إلى غيره إلى أن يأتي شهر رمضان فيتذكر أنه لا بد له من الدخول في هذه العبادة وغيرها من العبادات ليكون من عتقاء هذا الشهر، ومن أهل الجنة، فيركن تحت تلك المظلة المكتوب فيها ( من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله وأتته الدنيا وهي راغمة ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له ) صحيح الجامع ،فيجتهد في العبادة وخاصة أن من حوله من الناس يكون همهم هو همه من العبادة والذكر فيجد في ذلك الفرصة ليتخلص من أوهامه كلها ويعود إلى الأصل الذي خلق من أجله )وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ*  مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ*إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ( الذاريات: 56-58 وبذلك تتخلص النفس من حقدها وشرها وحسدها وتتطلع بعد ذلك لفعل الخير لأن كل شيء ذاهب ولا يبقى إلا البحث عن حقيقة ذلك الطريق الموصل إلى الجنة. جعلنا الله وإياكم من أهل الجنة 0

الكلية الرابعة مكتوب عليها (كلية الجهاد):ففي جامعة رمضان متسع لها كيف لا وأسلافنا وفي مقدمتهم نبينا محمد r، خاضوا أكثر من معركة في رمضان ابتداء من يوم الفرقان في (بدر) وانتهاء بالفتح الأعظم (في فتح مكة ) ودخول الناس في دين الله أفواجا ، وما فتي المسلمون بعدهم وما زالوا يجاهدون أعداء الإسلام في رمضان حتى زماننا هذا وفوق ذلك فجهاد المسلم في رمضان وجديته وصقل إرادته في شهر الصيام لا تقف عند حد المعارك الحربية،بل تتعداها إلى جهاد النفس ومغالبة الشهوات والانتصار على دواعي الرذيلة و منكرات الأقوال والأفعال ، أجل إن الصائم المحق يحفظ لسانه عن الكذب والغيبة وقول الزور،ويحفظ سمعه وبصره عن السماع والنظر المحرم أيا كان شكله ومهما كانت دواعيه ، كما يحفظ رجله عن المشي للحرام ويده من تناول الحرام وهكذا ينتصر الصائم في معركة الشهوات والشبهات ويجاهد نفسه وشيطانه فتكتمل له أسهم الجهاد ، ويتوفر له الجد ، وهذه التربية الجهادية حرية بأن تستمر مع المسلم بعد رمضان ، فالعبادة لله لا أجل لها دون الموت)وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ( الحجر:99 والله يهدي المجاهدين ويُسددهم )وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (العنكبوت:69 0

أيها الأخوة المؤمنون :- في رحاب الجامعة الرمضانية لنا وإياكم لقاء آخر في هذا المسجد المبارك في الجمعة القادمة بإذن الله لنستعرض بقية كليات هذه الجامعة الرمضانية الإسلامية الكبرى التي نعيش اليوم نفحاتها 0أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يفقهنا في دينه وأن يتقبل صيامنا وقيامنا اللهم نسألك رحمة تهدي بها قلوبنا.كما نسأله تعالى أن يوفقنا وإياكم لاغتنام الأوقات بالطاعات، وحمانا من فعل المنكر والسيئات، وهدانا صراطه المستقيم، وجنبنا صراط الجحيم، وجعلنا ممن يصوم رمضان ويقومه إيمانا بالله واحتسابا لثواب الله إنه جواد كريم.  هذا وصلوا -عباد الله- على رسول الهدى، فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال: )إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً(اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن الآل والصحب الكرام، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك، يا أرحم الراحمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين, وأذل الشرك والمشركين ودمّر اللهم أعداءك أعداء الدين من الكفرة والملحدين, واجعل اللهم هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين. اللهم وفقنا وإياكم لاغتنام الأوقات بالطاعات، وحمانا من فعل المنكر والسيئات، وهدانا صراطه المستقيم، وجنبنا صراط الجحيم، وجعلنا ممن يصوم رمضان ويقومه إيمانا بالله واحتسابا لثواب الله إنه جواد كريم. .اللهم أهل علينا شهر رمضان بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام، وجعله اللهم شهر عز ونصر وتمكين لأمة محمد r اللهم بلغنا شهر رمضان، اللهم بلغنا شهر رمضان، اللهم بلغنا شهر رمضان، ووفقنا فيه للصيام والقيام، ،واقبلنا فيه وتقبله منا، اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وأكرمنا ولا تهنا، اللهم وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.اللهم أظلَّ شهر رمضان وحضر ، فسلّمه لنا ، وسلّمنا فيه ، وتسلّمه منا . اللهم ارزقنا صيامه وقيامه صبرا واحتسابا،وارزقنا فيه الجد والاجتهاد ،والقوة والنشاط ،وأعذنا فيه من السآمة والفترة ، والكسل والنعاس ، ووفقنا فيه لليلة القدر،واجعلها خيرا لنا من ألف شهر اللهم أعنا ولا تعن علينا وانصرنا ولا تنصر علينا وامكر لنا ولا تمكر علينا, وأهدنا ويسر الهدى لنا،وانصرنا على من بغى علينا. اللهم اجعلنا لك شاكرين لك ذاكرين لك مخبتين لك أواهين منيبين. اللهم تقبل توبتنا واغسل حوبتنا وثبت حجتنا وسدد ألسنتنا واسلل سخيمة قلوبنا. اللهم انصر من نصر الدين واخذل اللهم من خذل الإسلام والمسلمين. اللهم أحفظ المسلمين في كل مكان، اللهم أحفظ المسلمين من كل شر وسوء يا رب العالمين. اللهم أحفظ المسلمين في كل مكان،اللهم انصر المجاهدين لإعلاء كلمتك يا رب العالمين.اللهم وفق إمامنا لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك يا رب العالمين..ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. اللهم إنا نسألك النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول، اللهم إنا نسألك نعيمًا لا ينفد، وقرة عين لا تنقطع، ونسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة. اللهم اغفر لنا ولجميع المسلمين يا رب العالمين، اللهم اغفر لجميع موتى المسلمين الذين شهدوا لك بالوحدانية ولنبيك بالرسالة وماتوا على ذلك، يا أرحم الراحمين. )رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ( وأدخلنا الجنة مع الأبرار، يا عزيز يا غفار  

  عباد الله: )إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ( فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون0

nassimbishra

اصبر على كيد الحسود فإن صبرك قاتله

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 204 مشاهدة
نشرت فى 31 يوليو 2011 بواسطة nassimbishra

ساحة النقاش

نسيم الظواهرى بشارة

nassimbishra
موقع تعليمى إسلامى ، نهدف منه أن نساعد أبناءنا الطلاب فى كافة المراحل التعليمية ، وكذلك زملائى الأعزاء من المعلمين والمعلمات ، وموقع إسلامى لتقديم ما يساعد إخواننا الخطباء بالخطب المنبرية ، والثقافة الإسلامية العامة للمسلمين ، ونسال الله سبحانه وتعالى الإخلاص فى القول والعمل ، ونسألكم الدعاء »

تسجيل الدخول

ابحث

عدد زيارات الموقع

1,021,252

ملحمة التحرير