<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman";} </style> <![endif]-->
ونحن على مشارف بداية سنة جديدة يتذكر المسلمون خاصة والبشرية قاطبة ذكرى الهجرة النبوية التي غيرت مجرى التاريخ وبدلت أحوال العالم، وكانت بارقة الأمل لنور عم بعد طول ظلام، وعدل ساد بعد طول ظلم، فعاد ذلك بالخير على الإنسان الذي انتقل من عبادة الأوثان إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأسياد إلى عدل الإسلام ورحمته؛ هجرة وحدت قلوبا كانت متنافرة، وجمعت أجسادا كانت متفرقة، وحررت رقابا كانت مملوكة، وبعثت للعالمين خير أمة أخرجت للناس. فماذا نتذكر من هذا كله في أيامنا هذه والمسلمون أهون ساكني هذه الأرض؟ ما فائدة تذكرها والأحزان تدمي قلوب المسلمين بسبب فلسطين والعراق وأفغانستان و..؟ كيف نتذكرها ورقاب المسلمين في قبضة الاستبداد؟ وما معنى الهجرة أصلا؟ وهل مازالت تتكرر؟ وما العبرة منها؟
الهجرة لغة هي ترك الشيء إلى آخر أو الانتقال من حالة إلى أخرى أو التنقل من مكان إلى آخر، وهي بهذا تتخذ معنى حسيا وآخر معنويا. أما في الاصطلاح فقد وردت بهذه المعاني في العديد من الآيات والأحاديث مثل:
1- هجرة المعاصي والذنوب: لقوله عز وجل: "والرجز فاهجر" المدثر 5، ولقوله r "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهاه الله عنه"، ولقوله تعالى: "قال إني ذاهب إلى ربي سيهدين" الصافات 99.
2- هجرة الكفار: لقوله تعالى: "واهجرهم هجرا جميلا" المزمل 10.
3- تغيير المكان: لقوله تعالى: "ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة" (النساء 100).
وهذه المعاني كلها مازالت صالحة لكل زمان ومكان فما أحوج العبد المومن إلى هجر كل ما يغضب الله عز وجل من فتن وإغراءات وعادات ورعونات وهذه هجرة مفتوحة دائما فقد روى أبو داود بسند صحيح أن رسول الله r قال: "لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها"، وهجرة المكان الذي يتسلط فيه حكام ظلمة إن خاف على إيمانه ولم يجد معينا، مطلوبة بقوله تعالى: "إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها" (النساء 97) ثم بين الله تعالى فائدة هذه الهجرة "ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله" (النساء 100)، ولا يعفي الإنسان من هجر الظلم والظالمين إلا نية الجهاد ولهذا قال الحبيب المصطفى r "لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية" رواه الدارمي عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وما أحوج المومن إلى عفة اللسان وصون حواسه كلها بتعويدها على هجر ما يغضب الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهاه الله عنه" ولقوله r فيما رواه مسلم عن معقل بن يسار: "العبادة في الهرج كهجرة إلي".
وكم نحن في حاجة إلى هجر الكفار الذين صاروا يعيثون فسادا في أرض المسلمين يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم، ويستحلون خيراتهم، ويدنسون مقدساتهم.
كل هذا يجعل من حادث الهجرة حدثا ممتدا في الزمان وغير محصور في مكان وغير مقتصر على ثلة دون أخرى.
لم يقتصر حدث الهجرة على سيدنا محمد r ولكنه شمل عددا آخر من الأنبياء أذن الله لهم بذلك بعدما ضاقت صدورهم مما لحقهم من الأذى، أو بعد بزوغ فرج الله عز وجل لهم، فإبراهيم الخليل عليه السلام قال فيه الله عز وجل: "فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي إنه هو العزيز الحكيم" (العنكبوت 26)، وموسى عليه السلام قال فيه الله عز وجل: وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين" (القصص 20)، وكذلك قال فيه: "ولقد أوحينا إلى موسى أن اسر بعبادي فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى" (طه 77) وقال الله تعالى كذلك: "وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي إنكم متبعون" (الشعراء 52) وفي كل هجرة يأتي الفرج ليستفيد المومن الداعي إلى الله عز وجل أن بعد الكرب الفرج، وأن مع العسر يسرا.
ــــــــــــ
ساحة النقاش