خـــيـولــنـا

==================== الشاعر حسن منصور

مَــنْ يَقرعُ اليوْمَ لِحَربٍ جَرَسا || مَنْ يُسْرِجُ اليومَ لِـثأرٍ فَــرَسا؟!

لـمْ نَــرَ في بلادِنا أصــــــائِلاً || ولا مِنَ الفُرْسانِ شَهْماً أقْعَـسا

خُــيـولُنا خَــصِــيَّةٌ ذَلـــــيلةٌ || تكْتُمُ ضَبْحَــهـا وِتَخْشى النَّفَـسا

خـــيولُنا مَرْبــوطةٌ جـــميعُها || لِلسِّرْكِ، لِلسِّباقِ صُبْحاً وَمَــسا

خُــيولُــنا في فَــنِّهـا بارِعَــةٌ || نَشْهَدُها بِالرَّقْصِ تُحْيي العُرُسا

خُـــيولـنا طَعــامُهـــا لــوْزٌ وَسُــــكَّـرٌ، وَبَـيْـتُها قُـصورُ الـرُّؤَسـا

شرابُهــا مــاءُ الــوُرودِ والـنَّـبــيــــذُ أتْـرَعـوا دِنـانَـهُ وَالأَكْـؤُسـا 

عِـزٌّ وَمَجْـدٌ زائِفٌ يَزْهـو بِهِ || أهْـلُ الغِــنى وَهُــمْ عَـبـيدٌ بُؤَسا 

خُــيولُنا سَـمينَةٌ ظُهـــورُها || ليْسَتْ سِوى وَسائِدٍ تَحْتَ النِّسا 

فــوارِسٌ أكْــفالُهـا طَــرِيَّةٌ || عَــلى مُــتونٍ لا تَضُرُّ النَّرْجِسا

كُلُّ حِصانٍ فـوْقَهُ رُعْـبوبَةٌ || قَـد بَرَكَتْ فَــمـا اشْتَكى أوْ نَبَسا

وكيْفَ لِلْخَصِيِّ أنْ يقولَ لا || وَهَــلْ تَرى الذَّليلَ يَوْماً شَمَسا؟!

*****

أيْنَ الأَصاِئلُ التي كانَتْ لَنا || عُـنْوانَ مَجْــدٍ وَشُمــوخٍ قَـدْ رَسا

خُــيولُنا كانَتْ فُحـولاً دائِماً || وَما ارْتَضَتْ قَيْداً لَهــا أوْ مَرَسا

خُــيولُنا كانَتْ تَشُقُّ دَرْبَهـا || مـا كَلَّ مِــنْها سائِرٌ أوْ عَــرَّســا 

خُــيولُنا مَمْشوقَــةٌ ضَوامِرٌ || ما عـاقَهــا كَيْدُ العِدى مَهْما قَسا

كالسَّهْمِ لا يَحيدُ عَنْ وُجْهَتِهِ || وَلا تَــراهُ في المَــسيرِ ارْتَكَـسا

أمامَهـا لا يَثْـبُتُ الوَغْدُ وَلَوْ || بِالــنّارِ وَالحَــديـدِ قـــدْ تَـتـَرَّسا 

فُـرْسانُها مِنَ الّذينَ أدْرَكوا || مَقْــصِدَهُــمْ وَلمْ يَكُــنْ مُلْتَـبِسا

فَــأبْدَعوا حَـضارَةً شامِخَةً || وَعَـرَّبـوا وَأصَّلــوا المُـقـْتَـبَـسا 

فُــرْسانُها كأنَّهُمْ جِــنٌّ عَلا || مُتونَها، فَما انْثَــنى أوْ أوْجَـــسا

والنَّصْرُ مَعْقودٌ عَلى هاماتِها || إِنْ حَـمْحَمَتْ يَوْماً وَأوْرَتْ قَبَسا

في مَشْرِقِ الأرْضِ وَفي مَغْرِبِها || صَهيلُها، وَلمْ يَزَلْ مُنْبَجِــسا

تُرَدّدُ الجِـبالُ وَالقــيعـــــانُ أُنْــــــــشــــودَتَهُ، بِرَنَّةٍ فيهــا الأَسى

فَتوقِظُ الأَسى الذي ما انْفَكَّ عَنْ || قُـلوبِنا، بَلْ عَــضَّها وضَرَّسـا 

في زَمَنٍ لمْ يَـبْـقَ فيهِ فـارِسٌ || وَالخَــيْرُ فــيهِ وَالجَمالُ انْتَكَسا

وَلمْ يَعُــدْ لـِلحَــقِّ مِـــنّا ناصِرٌ || ألمْ تَرَوْا كيفَ أَضَعْنا القُدُسا؟!

صُهْيونُ في تَهْويدِها مُجْــتَهِدٌ || وَالقَوْمُ حَــوْلَها أَجادوا الخَرَسا

وَما الرُّجــولَةُ الّتي كانَتْ بِنا || إِلا كَمـا نَذْكُــرُ قَــبْـراً دَرَســـا

فَأيْنَ مِنّا فارِسٌ يَهْوى الوَغى || ما حـادَ عَـنْ طَريقِهـا وَلا خَسا

وأيْنَ أيْنَ العادِياتُ الضّابِحــــــــاتُ إِذْ تُثـيرُ النَّقْــعَ فَجْــراً أغْلَسا

لا أجْــلِدُ الذّاتَ ولا أَبْكي عَلى || ماضٍ مَضى بَلْ أسْتَحِثُّ الأَنْفُسا

أبْنـاءَنا أحْــفادَنا مَرْحى لكُـمْ || فَــوَحْـدَكُــمْ سَتَغْـسِلونَ النّجَــسا

أمَّـــتُــنا وَلّادَةٌ ما عَــقــِمَــتْ || وَالغَيْثُ عَنْ رُبوعِنا ما احْـتَـبَسا

وهذهِ الأرضُ ستَبْقى ذُخْرَنا || أنْصَفَــنا زَمــانَـنــا أوْ مَـكَــسا

لا تَـبْـتَـئِــسْ فَـإنَّنا نَهْفـو إلى || جــيلٍ جَــديدٍ لمْ يَعِـشْ مُبْتـَئِـسا 

********************************** 

الشاعر حسن منصور

[من المجموعة الثانية عشرة، ديوان (عندما تنكسر الدائرة) ص86]

---------------------------------------

المصدر: نسمة سعيد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 32 مشاهدة
نشرت فى 6 أغسطس 2016 بواسطة nasamat7elfouad

عدد زيارات الموقع

94,153