مـــوقــعـــــــــى الـــخـــاص/ نــجـــــوى مــــســـلم

موقع خاص بالتاريخ وكل ما يتعلق بالأحداث التاريخية

  شهدت أوروبا في القرن السادس عشر  اعظم ولادة لحركة الإصلاح الديني البروتستانتي في تاريخ أوروبا، تلك الحركة التي انطلقت من ألمانيا بزعامة مارتن لوثر (1483م ـ 1546م) ثم انتقلت إلى سويسرا بزعامة أولريخ زونجلي( 1484م ـ 1531م ) وإلى فرنسا وجنيف بزعامة جون كالفن( 1509م ـ 1564م).

        لقد سبق ولادة حركة الإصلاح الديني البروتستانتي ولادة عدة حركات دينية أسهمت فيها، كـحركة الفلدانيين و حركة الْهُسيين في كل من فرنسا وإنجلترا وبوهيميا، فجاءت أفكار لوثر و زونجلي و كالفن بوصفها امتداداً لأفكار يوحنا هس، و يوحنا ويكلف وجيروم، و لورد بكهام "يوحنا أولدكاسل"، ولا يغيب عنّا الدور المهم لعصر النهضة في إنتاج جملة الشروط الدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والفنية التي نجم عنها ولادة حركة الإصلاح الديني في القرن السادس عشر. لقد استفادت حركة الإصلاح الديني من النهضة بحدود معينة، واتخذت مواقف مغايرة لها إزاء عديد من الموضوعات كالفنّ والأدب والفلسفة وقضايا تتعلق بالإنسان كقضيتي الفردية و الحرية.

        وعليه فقد تميّز الإصلاح الديني في القرن السادس عشر عن النهضة في القرن الخامس عشر بعديد من الميزات، وفي مقدمتها التركيز على إصلاح الدين المسيحي والكنيسة، والانفصال عن روما فنشط الخطاب الديني والقومي، ليصبح العنوان المحبب في عصر الإصلاح الديني البروتستانتي، فلا عجب من رفع شعارات تدعو إلى بناء كنائس دينية وطنية مستقلة عن الكنيسة الكاثوليكية في روما، أو من الدعوة إلى الانفصال عن الامبراطورية الرومانية. 

بداية الإصلاح:

       مهّدت عدة عوامل دينية وسياسية واقتصادية واجتماعية وأخلاقية  وفكرية وفنية السبيل لولادة حركة الإصلاح الديني البروتستانتي في القرن السادس عشر بزعامة مارتن لوثر وجون كالفن مروراً بـزونجلي، ففي ألمانيا طلب مجلس (الدايت) في أوجسبورج بضرورة إعادة المبلغ الكبير من المال إلى ألمانيا من روما في اليوبيل عام 1500م، وهو ما كانت تحوّله ألمانيا إلى روما في عهد البابوية آنئذ إذ كان البابا قد سحب من ألمانيا دخلاً يزيد مائة مرّة عما يستطيع هو نفسه أن يجبيه منها حسب تقدير الإمبراطور ماكسمليان لذلك، وفي عام 1510م طالب الألمان بضرورة وضع حد لتدفق الأموال الألمانية إلى إيطاليا، وبمعنى أوضح إلى نهضة إيطاليا التي تموّل الشعر والفن بالذهب الوارد إليها من وراء جبال الألب. 

        وثمة تغيرات ومواقف أدت إلى تعميق التناقض بين الجماهير والكنيسة الكاثوليكية والبابا، والإسراع نحو إشعال فتيل الثورة، فتناقض رجال الدين مع دعوة الجماهير إلى التمرد على البابا، ولّدَ روحاً ثائرة من الكراهية والحقد بين الكنيسة ورجال الدين من جهة، والجماهير من جهة أخرى، في مختلف أرجاء ألمانيا، كما صدرت كتيبات عنيفة اللهجة ضد الكنيسة والكرسي الأسقفي الروماني، ناهيك عن التناقص بين بعض رجال الدين من الرهبان والقساوسة في أبرشياتهم مع كبار رجال الدين بسبب الترف الذي يعيشون فيه، وهكذا فقد كان الوضع مهيئاً للثورة ضد روما وكنائسها الموالية في ألمانيا.

        فكانت مجموعة من العوامل والأسباب التي سبق ذكرها، تتجمع في إعصار يقذف بأوروبا إلى أعظم فورة لم تشهدها منذ غزو البرابرة لروما، ولعل إفراط الكنيسة الكاثوليكية في الظلم، ونهب أموال الولايات الأوروبية، وتدخل رجالها في كل شيء إلى حد سمحت فيه الكنيسة لنفسها حتى بالتنقيب عما يعتمل في قلوب الناس التي سترها الله، وإنزال أشد العقوبات قسوة على من يتهمونها بالخروج عن مبادئ الدين، الأمر الذي أدى إلى تحريك الشعوب ومفكريها في مواجهة تلك السياسة الظالمة، وليس بخاف أنّ سياسة فرض الضرائب وجباية الإتاوات التي هي من خُلق الجباة العشارون، وليس من أخلاق رجال الدين الأتقياء، فضلاً من منح بعض الأشخاص سلطان الله في مسح الخطايا لما تقدم منها وما تأخر بعد الاعتراف، وطباعة صكوكاً تباع وتشترى لنيل الغفران، قد ولّد حالة تمرد وانفجار تعود بداياتها الأولى إلى مطلع القرن الثالث عشر، القرن الذي وجدت فيه بذرة النهضة الأوروبية اللاحقة الّتي مثلت نهضة للإرادة الإنسانية ويقظة للعقول، أسهم فيها بنصيب وافر اتصال الغرب بالشرق وما نجم عن ذلك من تمازج ثقافي، وتأثّر كبار المفكرين الأوربيين بفكر أساتذة الإسلام ومشاهيره، كـالفارابي وابن سينا والغزالي وابن رشد وغيرهم، وما نتج عن ذلك من اعتقاد الأوروبيين: "بأن لا سلطان لأحد من رجال الدين على القلب وأنّ لا واسطة بين الله والعبد، وأن الله قريب ممن يدعوه، ويجيب دعوة الداعي إذا دعاه"، وبأنه غافر الذنوب وحده، والمجزي والمثيب وحده.

        وأما المجاهرة بالدعوة للإصلاح الديني منذ القرن الخامس عشر حتى ولادة حركة الإصلاح البروتستانتي في العقد الثاني من القرن السادس عشر قد ابتدأت بدعوتي جيروم و هس اللذين أعدما حرقاً بالنار بقرار من مجمع كونستانس الذي انعقد من سنة 1414م إلى سنة 1418م؛ ذلك لأنهما دعيا الكنيسة إلى عدم الأخذ بما يسمى بسر الاعتراف، مبينين أنّ الكنيسة ليس لها سلطان في محو الذنوب والآ ثام أو في تقريرها، وإنما التوبة مع رحمة الله هي التي تمحو الآثام وتطهر النفس من الخطايا، كما كان لدعوة ويكلف أثرها في إذكاء روح التمرد والاحتجاج على الكنيسة الكاثوليكية والبابا؛ فقد كتب كاتب كاثوليكي متعصب يصور موقف هس وجيروم من المجمع الذي انعقد بشأنهما قائلاً:"… وكان المجمع قد عرض عليه "على هس" صورة الرجوع عن ضلاله فأبى أن يمضيها وبقي مصراً على غيّه… على عناده ورفيقه جيروم حتى نالا العقاب نفسه".

        وبعد ذلك ابتدأ رجال الإصلاح بدعوة هادئة لتحقيق الإصلاحكما فعل أرازموس 1465م إلى 1536م إذ دعا الناس إلى قراءة الكتاب المقدس وإلى تهذيب عقولهم وتنمية مداركهم، فجاءت دعوته موجهة إلى الحكام المستنيرين وإلى رجال الكنيسة أنفسهم… نابذاً استخدام العنف سبيلاً لتحقيق الإصلاح، وليس كما فعل لوثر في ثورته العنيفة لاحقاً وما أسفرت عنه من مَسٍّ بسلطات الكنيسة الكاثوليكية والنيل منن قداستها.

        ولعل دعوة أرازموس للقيام بإصلاح سلمي للكنيسة كانت قد رددتها دعوة توماس مور 1478م ـ1525م في إنجلترا إذ دعا إلى تحقيق الإصلاح الكنسي بالطريق السلمي فدعا بنفسه إلى وجوب احترام سيادة البابا، بوصفه السلطان الديني على الجميع دون أن يتمكن من قطف ثمار تلك الدعوة، لكن انتقال أفكار الإصلاح من المفكرين إلى الشعوب واصطدام الكنيسة بآراء المفكرين الثوريين وبعض الأمراء، جعل انتقادهم للكنيسة عنيفاً، وجعل خطوات الدعاة الجدد للإصلاح لوثر وزونجلي وكالفن أسرع مما يريد أصحاب الاتجاهات السلمية من أمثال توماس مور وأرازموس.

        لقد كانت البلاد الألمانية تعيش في مخاض الثورة السياسية ضد الإقطاع، وضد النظام الاجتماعي الذي كان نظام الحكم الأميري قائماً على أساسه، فسلسلة الأحداث العنيفة التي شهدتها ألمانيا قبيل الإصلاح بنصف قرن، كانت في جوهرها اجتماعية وسياسية مع احتوائها قليلاً أو كثيراً على عناصر دينية، فضلاً عن تجذّر الروح الثورية المترافقة مع النمو الاقتصادي الذي شهدته ألمانيا في أواخر العصر الوسيط من قوة ازدهار الصناعة، واتجاه التجارة نحو رفع الأسعار واحتكار الثروة في أيادي طبقة التجار، خصوصاً الشركات التجارية الكبرى وانعكاس ذلك سلباً على القداسات الدينية في المدينة والبلد، حتى أصبحت فكرة الثورة العظمى على الكنيسة خلال الخمسين سنة السابقة على مجيء لوثر، فكرة راسخة في المجتمع، وأصبح الفلاّح أكثر المعنيين مباشرة بتحسين شروط واقعة التعس. ناهيك عن أن العلاقة بين الكنيسة والدولة لم تشهد استقراراً طيلة قرون خلت، وهكذا باتـت الكاثوليكيـة صاحبة المقام السامي تعاني من فقدان سلطتهـا. 

        بينما كانت قوة الأمراء قد ازدادت، حتى إن لوثر نفسه دعا إلى تحالف الأمراء والفلاّحين ضد البابا ورجال الدين الموالين له، وكانت الحركات الثورية السابقة على مجيء الإصلاح الديني في القرن السادس عشر، حركات اجتماعية وسياسية في جوهرها مع احتوائها كثيراً أو قليلاً على عناصر دينية، اتخذت في البداية شكل حركة لتحرر القداسات من سيطرة النظام الاجتماعي والإقطاعي، مقترنة بالطموح من أجل قيام نظام ديمقراطي في الدولة وإلغاء القانون الإقطاعي الذي منح القدرة والامتيازات للطبقات العليا.

مارتن لوثر والإصلاح البروتستانتي في ألمانيا: 

        ابتدأت حركة الإصلاح الديني البروتستانتي في ألمانيا مع لوثر؛ فقد وجّه تحذيراً شديد اللهجة إلى الأمراء كي يحترسوا من نتيجة سوء سياستهم على عامّة الناس، كما وجّه الدعوة للناس إلى الاستفادة من احتجاج الحكام في إنجلترا وألمانيا وفرنسا وأسبانيا على بيع صكوك الغفران وتحويل الأموال الطائلة إلى روما لبناء كنيسة للقديس بطرس فيها.

        لقد جاهر لوثر بدعوته للانفصال عن الكنيسة الكاثوليكية وعلى رأسها البابا، والشروع في تشييد كنائس وطنية جديدة في ألمانيا، لم يتمكن ويكليف Wyekliffe و هُس Huss ومن إشادتها قبل ذلك. ومن جهة ثانية أصرّ جميع المصلحين البروتستانت على أنهم غير مبتدعين للعقيدة، بل هم يستمدونها من يسوع والكنيسة القديمة، وهي الكنيسة الحقيقية، ويؤكدون أن روما هي التي غيرت التقليد المسيحي الصحيح فأفسدته، وعليه فقد أعلنوا بأنّ تقليدهم هو تقليد للمسيح نفسه، وفي هذا السياق يجيء رفض مارتن لوثر أستاذ علم اللاهوت لـصكوك الغفران وفاعليتها ليخلّد اسمه في التاريخ، إذ اعترض على القول بأن صك الغفران يمكن أن يمنح لأي روح معينة ويكون له أثر لا يخيـب بمجرد اقتـران الغفران بقطـع النقـود بقولـه:" ما أن ترى قطـع النقود في الخزانة، حتى تقفز الروح من نار المطهر "، وقول لوثر المشهور عن صكوك الغفران أنه إذا حدث المستحيل واغتصب رجل أم الرب، فإنّ صك الغفران كفيل بأن يمحو عنه هذا الإثم، وعندما شاهد لوثر الشرور الماثلة الناجمة عن بيع صكوك الغفران التي لم يشك في التبرير الذي تشتمل عليه الصكوك نفسها، وإنما على بيعها بالمال، فقد ألّف خمساً وتسعين رسالة أسماها "بحث في بيان قوة صكوك الغفران، غرضه أن يدحض ادعاءاتها وتصحيح المساوئ التي تنشأ عن توزيعها" إذ أضعفت الصكوك الإحساس بالندم الناشئ عن ارتكاب الإثم، فباتت الخطيئة أمراً تافهاً يمكن تسويته مع بائع الصكوك. 

        صحيح أن لوثر لم ينكر دور السلطة البابوية في غفران الخطايا عن طريق الاعتراف النادم الذي يعفي صاحبه من العقوبات الدنيوية، غير أنه يضيف القول:" إن كل المسيحيين يشاركون آلياً في خزينة الفضائل التي كسبها المسيح والقديسون حتى وإن لم ينص خطاب بابوي بالغفران على منحهم مثل هذا النصيب"، وإذا كان الاحتجاج موجوداً قبل مجيء لوثر، فإن لوثر حارب ضد الظروف الحياتية في الكنيسة التي يصعب علينا تصورها والتي لم يدم وجودها طويلاً، فقد ابتُدِئ أول نشاط عملي إصلاحي قام به لوثر عندما ألصق رسائله على باب كنيسة فيتنبرج عام 1517م إذ اشتملت تلك الرسائل على دعوة ودّية تقول:" بدافع من الحب للعقيدة والرغبة في تسليط الضوء عليها سوف نناقش الآراء التالية في فيتنبرج تحت رعاية الأب الموقر مارتن لوثر أستاذ الآداب واللاهوت المقدس، والمحاضر الثّبت لنفس العلم في ذلك المكان، ولهذا يرجو من هؤلاء الذين لا يستطيعون الحضور والجدال شفوياً أن يفعلوا هذا بخطاب مكتوب"، وهكذا تبدو البداية الهادئة للإصلاح من خلال الدعوة لسماع المناقشة التي سيتقدم بها لوثر، ومن خلال ترجمة الرسائل إلى الألمانية وإرسال نسخة منها إلـى ألبرخت كبير الأساقفة في ماينـز بجرأة لا نظير لها؛ ليبتدئ الإصلاح الديني في جوّ من الرّقّة والورع عن قصد.

حياة لوثر:*

        جملة عوامل دفعت بـلوثر أن يكون راهباً يلتجأ إلى الدير، فقد أدت التربية القاسية لأبويه إلى التجائه إلى الدير للتخلص منها، فيقول:" إن الحياة الخشنة القاسية التي عشتها معهما هي التي دفعتني إلى أن ألجأ فيما بعد إلى الدير وأصبح راهباً "، لكن تعرضه لصاعقة مخيفة باغتته بالقرب من أر فورت جعلته يقطع نذراً على نفسه بالدخول إلى الدير إن خلّصه الرب من هذه الورطة وقد أوفى النذر حقاً. 

        كذلك أثّرت مفاهيم لوثر عن السحر والعفاريت والملائكة في تكوين شبابه وعقيدته الدينية. كما تأثر بالمذهب الاسمي لـأوكهام، إذ فطن إلى رأي أوكهام الذي يذهب إلى أنّ الباباوات والمجالس الدينية يمكن أن تخطئ، ولم يستحب فلسفة اللاهوت بأي من صورها، بينما تأثر قليلاً ببعض علماء الإنسانيات، على الرغم من تركيز جل اهتمامه للاحتفال بالعالم الآخر، وتعلّم قليلاً من اليونانية والعبرية، وقد قرأ أمهات الكتب الكلاسية باللاتينية.

        إن قرار لوثر أن يصبح راهباً يعبر عن شيء من التناقض في شخصيته فقد كان قوياً يفيض بالحيوية لحد الانغماس في الشهوات وإشباع غرائزه الطبيعية. ومن ناحية أخرى أفضت المفاهيم التي تلقّنها في البيت والمدرسة عن اقتناع أنّ الإنسان آثم بطبعه، وهذا نتيجة لتشاؤمه الأخلاقي العميق الذي جعله لا يرى في الطّبيعة الإنسانية إلا الفساد والخطيئة. كما نظر إلى نزوات المراهقة على أنها من أعمال الشيطان الذي نذر نفسه للإيقاع بالأرواح في لعنة أبدية لا فكاك منها، ويؤكد أكثر من مرّة:" أنه شاهد الشيطان في مناسبات عديدة وأكّد أنه رجمه يوماً بالجوز"، وهناك أسطورة تذهب إلى أنّ لوثر قذفه يوماً بزجاجة حبر لكنها أخطأته، ومما لا شك فيه أنّ لوثر تلقّن جملة أفكار عن الله ومريم ويسوع مفادها: أنّ الله لا يكاد يشمل أي عنصر من الحنان ولم يكن لمريم المواسية موضوع كبير في هذا اللاهوت القائم على الخوف، وكانت صورة المسيح الذي هدد الخاطئين بعذاب جهنم الأبدي وفكره الجحيم قد وضعتا غشاوة على عقله، في الوقت الذي لعبت فيه بعض الحوادث الشخصية التي تعرض لها دوراً هاماً في تكوينه العقلي، فقد أوحت العاصفة الشهيرة التي تعرض لها في يوليو سنة 1505م بأنّ الله قد وجه إنذاراً له لتكريس أفكاره للخلاص، ولم يكن ذلك ممكناً إلا بين أربعة جدران ليقيم حاجزاً بينه وبين العالم والشهوة والشيطان، وقهر نفسه بالانصراف إلى التقشف ونذر عهداً للقديسة "آن"-حنّة- أنه سوف يصبح راهباً لو نجا من هذه العاصفة، فدخل دير الرهبان الأوغسطينيين كراهب ورع يراعي أحكام الطائفة التي ينتمي إليها بشدة. 

        ولم تبق مفاهيم لوثر على ما هي عليه؛ فقد تأثرت بعدة مفاهيم جديدة، إذ أثر الصوفيون الألمان في تغيير مفاهيمه وبشكل خاص ما قرأه عن تاولر الذي أعطاه أملاً في أن يجتاز الثغرة الرهيبة بين روح تنـزع بطبيعتها إلى الخطيئة وبين إله مقسط قادر على كل شيء. أما رسائل جون هس فتجيء لتعمق من اضطرابه الروحي فيتساءل: ترى لماذا أُحرق رجل استطاع أن يكتب بمثل هذه الروح المسيحية وبهذه القوة؟ لقد أغلقتُ الكتاب وأشحت بوجهي وقلبي جريح. وهو في موقفه هذا يتجاوز كالفن ويفترق عنه إزاء موقفه من سرفيتوس الذي أمر بإعدامه حياً.

        إن حالة الاضطراب والتناقض في مذهب لوثر يجسدها مزيج غريب من الصوفية والفظاظة ومن النـزعات الرجعية وضروب التجديد الجريئة، وحالة الاضطراب الروحي التي مزقت نفس لوثر كان لا بد من تغلبه عليها لإيجاد حالة من التوازن والاستقرار الروحي، فَتَوجه إلى الكتاب المقدس لمجابهة ذلك الاضطراب فوقع على ناظريه عبارة " البار بالإيمان يحيا " في رسالة القديس بولس إلى الرومان، أي الإيمان المطلق بالمسيح وبتكفيره عن خطايا البشر، ليتخذ من الإيمان بعد ذلك واسطة لخلاص الإنسان وتبريره من الآثام والخطايا.

موقفه من الباباوات ورجال الكهنوت: 

        اتخذ لوثر مواقف لاذعة إزاء الباباوات بوصفه إياهم " إن الباباوات أسوأ من الأباطرة الوثنيين وأن اثنتي عشرة فتاة عارية كنّ يقُمنَ بخدمة رجال البلاط البابوي وقت العشاء". وبين أعوام 1512م ـ1517م طرأ تغير وتحول في آرائه الدينية ببطء عن المذاهب الرسمية للكنيسة، وبدأ يتحدث عن " لاهوتنا " مقابل ما كان يدرس في أرفورت، وبات يرى أن فساد العالم يعود إلى رجال الكهنوت الذين غرسوا في أذهان العامة كثيراً من الأمثال والحكايات الخرافية التي هي من إبداع البشر وليست في شيء من الكتب المنـزلة، وأما النعماء والخلاص فيتحققان للمؤمن بمجرد قبوله لفضائل المسيح، هذا ما أثبته عام 1517م، الأمر الذي جعل الدوق جورج صاحب ألبرت سكسونيا يتذمر من مثل هذا التشدد في الإيمان؛ لأنه " سوف يجعل الناس مغرورين ومتمردين فحسب". 

التغيّر في الأسلوب: 

        وجدت رسائل لوثر الخمس والتسعين تأييد الطبقة المتعلمة في ألمانيا ووقوف الآلاف ينتظرون هذا الاحتجاج، كذلك لقيت تهليل وترحيب الحركة المضادة لرجال الدين وانفلاتها من عقالها إذ وجدت صوتاً يعبر عنها. وكان من شأن ذلك أن قل الإقبال على شراء صكوك الغفران وفي ذلك إيذان ببدء المعركة جهاراً مع البابا والكنيسة القائمة، فتبدل أسلوب الدعوة للإصلاح الديني من حالة الوداعة والهدوء واللين إلى حالة أكثر تشدداً ستسفر عن إشعال فتيل الانفجار والثورة. فقد رد على الراهب تيتزل في عظة حول صكوك الغفران والرحمة اختتمها بقوله في تحد لا نظير له: " إذا كنت هرطقياً في نظر من تعاني أكياس نقودهم من الحقائق التي أذكرها فأني لا أبالي كثيراً بصيحاتهم؛ لأنه لا يقول هذا إلا من رانت عقولهم غشاوة فلم يعرفوا قط الإنجيل". هذه العبارات خلقت ردود فعل حادّة من قبل الخصوم من رجال الدين؛ فقد أمطر جاكوب فان هوجستراتين الكولوني لوثر وابلاً من عبارات التنديد واقترح أن يحرق على السارية، أما جوهان إيك فقد أصدر كتيباً في مارس عام 1518م اتهم فيه لوثر بنشر "السم البوهيمي" هرطقات هس، وتقويض النظام الأكليروسي بأسره. 

        لقد أدرك لوثر مخاطر ردود الفعل لدى الخصوم الأمر الذي جعله يظهر تذللاً وخضوعاً غريبين للبابا ليو العاشر في محاولة لاستدرار عطفه بقوله: " أيها الأب المبارك أقدّم تحت أعتاب قداستك تذللي وخضوعي بكل ما أكونه وما أملك. هيا، سارع، واقتل، وادع واستدع، واستحسن، واستهجن، إذا راق ذلك في نظرك، إني سأقرّ بأن صوتك هو صوت المسيح إذ يقيم في جسدك ويتحدث، وإذا كنت استحق الموت فلن أرفض أن أموت". 

        يظهر من هذا الخطاب مدى المعاناة والصعاب التي أحاطت بمسيرة لوثر والإصلاح الديني، فليس غريباً أن نلحظ تباين فاعلية دعوات الإصلاح وتباين مواقف لوثر وتأرجحها بين هبوط وصعود، بين هدوء وخضوع من جهة، وصخب وتمرد من جهة أخرى، تبعاً لجملة الظروف الموضوعية والذاتية التي تحدد شكل الموقف الذي يتعيّن عليه اتخاذه، وبالفعل أدت بعض العوامل الموضوعية إلى القيام بمهمة رائدة في دعم مسيرة الإصلاح الديني و لوثر في مواجهة البابوية، وتجذير روح الانفصال والتمرد عنها، فقد رفض المجلس النيابي الإمبراطوري طلب للبابا فرض ضريبة على ألمانيا لتمويل حملة عسكرية جديدة ضد الأتراك، كما سجل المظالم التي كانت تهيئ الدعامة التي قام عليها فكر لوثر. ووصف أحد النواب هذا القرار بقوله:" إنّ مثل هذا الرفض الجريء للمطالب البابوية لم يعرف قط في تاريخ ألمانيا"، الأمر الذي أذكى روح الثورة بين الأمراء مما حدا بـ ماكسمليان أن يكتب إلى روما، ينصح بالحرص في معاملة لوثر، مع إظهار وعده للتعاون مع روما في القضاء على الهرطقة.

        ومن جهة ثانية كان في تسامح ليو العاشر واعتداله تعزيزٌ لانتصار الإصلاح الديني البروتستانتي. أما لوثر فلم يجد بدّاً من ضرورة تحقيق الإصلاح الديني في عالم البابوية ومؤسساتها الكنسية والزمنية، فبعث بخطاب تاريخي أكثر اعتدالاً إلى الدوق جورج طالب فيه بضرورة الإصلاح:" يجب القيام بإصلاح ديني عام للطبقات الروحية والزمنية"، وهذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها الكلمة التي أضفت على ثورته اسمها التاريخي (حركة الإصلاح الديني)، ومن النتائج المترتبة على الانتصارات التي حققتها حركة الإصلاح الديني أن اتخذت الإمبراطورية والبابا مواقف توفيقية من قضية صكوك الغفران، ولا أدل على ذلك من المحاولة التوفيقية التي قام بها ليو لتفسير صكوك الغفران بقوله:" إنها لا تمحو الآثام والذنوب، ولكنها تعفي فحسب من العقوبات الدنيوية التي فرضتها الكنيسة أما إطلاق سراح الأرواح من المطهر فإنّ سلطة البابا محدودة بصلواته التي يبتهل فيها إلى الله أن يمنح روح الميت البركة الزائدة للمسيح والقديسين".

        لقد كتب لوثر إلى البابا رسالة يعلن فيها خضوعه التام، فردّ عليه ليو بروح ودية ودعاه للحضور إلى روما ليدلي باعترافاته في وقت لم يكن فيه لوثر على يقين تام فيما إذا كان البابا مناهضاً للمسيح أم أنه رسوله، وخلافاً لميلانكتون الذي يُؤْثر المسالمة والتراخي، فإن لوثر قد آثر الصراع أحياناً، الأمر الذي جعله يؤنب ملانكتون أحيانا بقوله:" أنه حليم أكثر مما يجب"، في حين يرى في نفسه أنه خُلِق للحرب والقتال مع الأحزاب والشياطين، وأن كتبه عاصفة، خليقة بمحارب، أما الأستاذ فيليب شفا رتسرت "ميلانكتون" فإنه يسير في رفق وهدوء.

        غير أن لوثر لم يكن وحيداً في الدعوة إلى الإصلاح الديني، فإلى جانب ميلانكتون ثمة أستاذة آخرون في فيتنبرج من أساتذة الإصلاح الديني كانوا أكثر شهرة منه، فـأندرباس بوندينشتيان المعروف باسم كارلشتان أستاذ كرسي الفلسفة التوماوية واللاهوت كان قد سبق احتجاج لوثر التاريخي في 13 إبريل عام 1517م بنشر 152 مقالاً ضد صكوك الغفران وكان في بادئ الأمر معارضاً لـلوثر، ولكنه سرعان ما تحول إلى نصير غيور حتى لقد قال عنه الثائر العظيم:" إنه أشد تحمساً مني للأمر"، وأخذ كارلشتادت في دفاعه عن رسائل لوثر بـأربعمائة وست قضايا منطقية في إحداها أول بيان محدد بالألمانية عن الإصلاح الديني الألماني وعن سلطة الإنجيل العليا على مراسيم الكنيسة وتقاليدها، وفيما بعد قرر لوثر الانضمام إلى كارلشتادت في المباراة اللاهوتية في تحدًّ مع إيك المناهض للإصلاح الديني البروتستانتي آنذاك، ليقرر أن المجالس المسكونية يمكن أن تخطئ، وأنّ كثيراً من آراء هس كانت صحيحة، فمهاجمة إيك لـلوثر كانت تستند في مبدئها إلى الادعاء بأنه يردد وجهة نظر هس التي أدانها مجلس كونستانس المنعقد سنة 1415م.

        فقد تمكّن من الوصول إلى غرضه الحقيقي وهو أن يستدرج لوثر إلى أن يرتكب بنفسه "جريمة هرطقة محددة"؛ فقد تحول الإصلاح الديني من خلاف صغير حول صكوك الغفران إلى تحدّ كبير للسلطة البابوية في العالم المسيحي، وعليه فقد أوصى إيك السدّة البابوية بحرمان لوثر من غفران الكنيسة، وفي الوقت نفسه لم يعدم لوثر أنصاراً مدافعين عنه أمثال جوهان هولتشوهر ولازاروس وشبينجلر وفيليبالد بيركهايمر وديرر، وجميعهم من المثقفين وأنصار الدعوة إلى الإصلاح الديني، كما أطلق علماء الإنسانيات وابلاً من الكتيبات تطعن في البابوية بكل ما استوعبه العصر من نقد جارح، وهذا أولريخ فون هوتن يحيّي لوثر كمحرر لألمانيا، وشرع قلمه منذ ذلك الوقت للدفاع عن الإصلاح والتحريض على إحياء العصبية القومية والانتقام لهنري الرابع الذي حكم من( 1056م ـ 1106م) في صراعه مع البابا جريجوري السابع الذي حكم من 1073م ـ1085م) وكان اسمه الكاردينال (هلد براند في إهداء مقدم إلى الامبراطور الشاب شارل الخامس، إشارة إلى أن ألمانيا تتوقع منه أن ينتقم لإذلال هنري وهزيمته. كذلك وضع أولوية تحرير ألمانيا من روما، على الحرب مع الأتراك، فاعتلى صوت التمرّد لديه بوصفه لروما بأنها "دودة ضخمة تمتص الدماء". وصرّح بأن البابا " زعيم لص، وأن عصابته تحمل اسم الكنيسة.. وروما بحر من الدنس وحمأة من القذارة وبالوعة ليس لها قرارا من الظلم. ألا يجدر بنا أن نتقاطر من كل حدب وصوب لنقوم بإزالة هذه اللعنة الشائعة التي حاقت بالبشرية؟

        لقد وجدت دعوة المصلح الديني لوثر مؤازرة من الأمير المختار فريدريك وهوتن وكارلشتادت وغيرهم، الأمر الذي جعل لوثر يغير في خطابه الإصلاحي في ربيع عام 1520م، فيقابل التطرف بالتطرف، فنصح الأمير فريدريك باستيلاء السلطة الزمنية على كل ثروة الأديرة، وأوضح الوجوه السامية التي يمكن لألمانيا أن تنفق فيها الأموال التي ترسل سنوياً إلى روما، وكتب يقول موجهاً الحديث للباباوات والكرادلة:" .. وإذا كنّا نقضي على اللصوص بالمشانق ،ونضرب أعناق الناهبين بالسيوف، ونلقي بالهرطقة في النار فلماذا لا نهاجم أيضاً بالأسلحة أساتذة الدمار هؤلاء، أعني: هؤلاء الكرادلة وهؤلاء الباباوات وكل هذه البالوعة من سدوم الرومانية التي أفسدت كنيسة الرب بلا حدود ونغسل أيدينا في دمائهم". 

        هكذا أخذت تطغى روح التمرّد القومية على كتابات لوثر في عدائه للبابا وروما، ففي يونيو عام 1520م. كتب إلى سبالاتان وهو لاهوتي ألماني وعضو مجمع أوجسبرج المنعقد في عام 1530م بين الكاثوليك والبروتستانت، يقول: "لقد ألقيت النرد… وأنا احتقر الآن غضب الرومان بقدر ما أحتقر رضاهم، ولن أهادنهم إلى الأبد… فليدينوا ويحرقوا كل ما يمت لي بصلة… وأنا في مقابل هذا سوف أفعل لهم الكثير… إني لم أعد اليوم أخشى أحداً وسوف أنشر كتاباً باللغة الألمانية عن الإصلاح المسيحي وهو موجه ضد البابا بلهجة عنيفة، كما لو كنت أوجهها إلى مناهض للمسيحية ".

لوثر الثائر: 

        لقد أعلن لوثر نهاية عهد التسامح، ونشر أول كتيب من الكتيبات التي كوّنت برنامج الثورة الدينية، وتطور أسلوب اللغة لديه، فبات يكتب كوطني ألماني خطاباً باللغة الألمانية مفتوحاً وموجهاً إلى أشراف الأمة الألمانية من المسيحيين، بشأن إصلاح طبقة رجال الدين، وشمل نداءه " استغاثة بالنبيل الشاب" شارل الخامس فقال: " وأنعم به الله علينا ليكون زعيماً لنا وبهذا ينعش في كثير من الأفئدة آمالاً كباراً في الخير"، ثم هاجم لوثر الجدران الثلاثة التي شيّدتها البابوية حول نفسها وهي التمييز بين رجال الأكليروس والمدنيين، وحق تفسير البابا للكتاب المقدس على هواه، وحقه المطلق في دعوة مجلس عام للكنيسة، وطالب لوثر بهدم كل هذه الدعاوى، ورأى أن ليس هناك فرق حقيقي بين رجال الأكليروس وبين المدنيين، فكل مسيحي يُنَصَّبُ قساً بالتعميد وعلى الحكام الزمنيين أن يمارسوا سلطاتهم دون عائق بغض النظر إذا كانوا يسيئون إلى البابا أو الأسقف أو القس، كذلك من حق كل مسيحي أن يفسر الكتب المقدسة طبقاً لما يراه، كما يجب اتخاذ الكتاب المقدس طبقاً لما يراه، ويجب اتخاذ الكتاب المقدس مرجعاً أخيراً للعقيدة. كما أنه ليس هناك نص في الكتاب المقدس يخوّل البابا الحق في الدعوة لمجلس كنسي عام، أما إذا كان يستهدف بالحرمان من غفران الكنيسة، أو التحريم، أن يمنع مجلساً فإننا يجب أن نستخف بسلوكه كأنه تصرف رجل مجنون، ونقذفه بحرمان معتمدين في ذلك على الله ونقمته بقدر الإمكان.

        ثم يشتد هجوم داعية الإصلاح على البابا فنعته بأنه أكبر لص وسارق ويتساءل لماذا لا نلحق العقاب بالشّره الروماني؟ فيقول: " إن روما هي أكبر لص وقاطع طريق ظهر على وجه الأرض أو سيظهر، فيا لنا من مساكين نحن الألمان، لقد خدعنا، لأننا خلقنا لنكون أسياداً، فاضطررنا لأن نحني رؤوسنا تحت نير الظالمين، لقد حان الوقت لكي يمتنع الشعب التوتوني العظيم عن أن يكون لعبة بين يدي روما. 

        إن أفكار لوثر اللاهبة كانت بمثابة الفتيل المشتعل للثورة في ألمانيا وأجزاء من أوروبا، ليجد نفسه بعد ذلك يقف على مفترق طرق مع الجماهير الثائرة الغاضبة حول طبيعة الأسلوب المستخدم لتحقيق الحرية والاستقلال، لدرجة جعلته يتراجع عن مواقفه وإدانته المعلنة لاستخدام أساليب العنف، ونبذه للثورة، والعودة بأفكاره نحو المطالبة بتحقيق إصلاح ديني ومدني بالوسائل السلمية بعيداً عن العنف المستخدم من قبل عامة الناس، وهكذا بات ينظر إليه على أنه دفع بالأمور إلى ساحة المعركة بخطاباته وكتاباته اللاهبة فأوقد نار الثورة، ثم تراجع إلى الصفوف الخلفية في الصراع مع أعداء الإصلاح، ليبدي الأسف والندم والشعور بالخطيئة من جراء مشاهدة القتل والتدمير دون طائل.

        ولم يكتف وقتذاك بتغيير مواقفه ونبذه للعنف، وإنما وقف إلى جانب الأمراء وآزرهم في القضاء على جموع الفلاحين الثائرة لِيُطرح في نهاية المطاف سؤال هام، أين يمكن تصنيف لوثر؟ هل مع الثورة؟ أم مع الأمراء؟ وما هو الأسلوب الأمثل لتحقيق الإصلاح المنشود؟ ستظهر الإجابات على تلك الأسئلة في بحثنا لمواقف لوثر في مراحل الصراع المختلفة مع أعداء الإصلاح الديني في ألمانيا وروما. 

أفكار لوثر: 

        دعا لوثر الألمان إلى إنشاء كنيسة قومية تحت زعامة كبير أساقفة ماينـز وإلى ضرورة تخلص رجال الدين الألمان من تبعيتهم لروما، ووجوب أن يُسمح للقساوسة بالزواج، وأن لا تؤخذ عهود الرهبنة قبل سن الثلاثين، كذلك يجب أن تلغى التحاريم والحج وشعائر القدّاس على أرواح الموتى، والعطلات، ما عدا أيام الآحاد، بالإضافة إلى دعوة الكنيسة لمصالحة الهسيين في بوهيميا، أما الهراطقة فيجب أن يتم التغلب عليهم بالكتب لا بالحرق، وأما القانون فيجب توحيده بحيث يطبق على رجال الدين والمدنيين على حد سواء، وهذا يعني التخلي عن قوانين الكنيسة في الحكم، ومن المسائل التي دعا إليها الإطاحة بالبابا بقوله:" ثق بأن الله رب السماوات سوف يقوّض عرشك قريباً ويغرقه في هاوية الجحيم… يا سيدي المسيح أطلّ علينا من عليائك ودع يوم قصاصك يشرق ويدمر عش الشيطان في روما". 

        لقد نظر الحذرون إلى خطاب لوثر على أنه إفراط وتهور، بينما عدّه الكثيرون من بين الأعمال البطولية في تاريخ ألمانيا. وإن نضج الروح القومية الألمانية جعل لوثر يزرع بذرة الثورة في أرض خصبة في ألمانيا مثلما فعل هس في بوهيميا و هنري الثامن في إنجلترا يوم رفض أن يمتد السلطان البابوي إلى إنجلترا. وقد جسد ذلك بيان ثان بعد خطاب مفتوح باسم الأسر البابلي يذكر فيه أنه كما قاسى اليهود طويلاً من الأسر في بابل فإن الكنيسة كما أنشأها المسيح وكما نص عليها في العهد الجديد قد تعرضت للأسر عما يزيد عن ألف عام تحت حكم البابوية في روما، وخلال تلك الفترة تعرض دين المسيح إلى الفساد في الإيمان والأخلاقيات والشعائر، مما يوجب اتخاذ مواقف صلبة إزاء عديد من الممارسات الدينية الخاطئة فليس هناك قس يملك هذه القدرة الصوفية في استحالة الخبز والنبيذ إلى جسد ودم المسيح. 

        لقد دفعت الرغبة الشديدة في إصلاح الكنيسة وإصلاح الحكومة، كلاً من لوثر و فر يدرك منتخب سكسونيا على إصلاح الكنيسة، والحكومة على الرغم من الصعوبات التي تعرضا لها، ومنها أن الإمبراطور والبابا قد اتحدا معاً على مضادة الإصلاح الذي لم يكتف بالدعوة إلى إجراء إصلاح ديني فحسب، وإنما إلى إجراء تغيير سياسي يطال الإمبراطور نفسه.

إسقاط القداس: 

        في كنيسة جميع القديسين في فيتنبرج كان يتلى سنوياً تسعة آلاف وتسع مئة قداس وقداس، ويحرق كل سنة خمسة آلاف وتسع مئة وثمانية وعشرون رطلاً وثلث رطل من الشمع، الأمر الذي كان يهيج غيظ لوثر فسمى تلك القداسات "هاوية مدنسة" معتقداً أنه لا يوجد إلا ذبيحة واحدة ترفع الخطية عن الناس هي جسد المسيح ودمه الذي بذله من أجل الإنسان، وعليه فلا نفع يرتجى من الذبائح التي تقدم في القداسات الدينية بقوله: " إنه لا يوجد إلا ذبيحة واحدة ترفع الخطية، أي "المسيح" الذي قدم نفسه مرة واحدة عن الجميع، وبتلك الذبيحة نحن شركاء لا بالأعمال ولا بالذبائح ولكن بالإيمان بكلمة الله فقط".

        أما الزواج فليس قرباناً مقدساً وعليه فإن " زيجات الأقدمين لم تكن تقل قداسة عن زيجاتنا" ودعا إلى إحلال الزواج بين المسيحيين وغير المسيحيين، كما أباح للزوجة مضاجعة رجل غير زوجها إن ظهرت منه العنّة لتنجب طفلاً من غيره، ومنحها الحق في طلب الطلاق إن هو رفض الاعتراف بالمولود كابن له، مما أثار سخط الكنيسة ورجال الدين عليه؛ لأنه قد هدم الأسرة بآرائه الإباحية من وجهة نظرهم، التي مثلت خروجاً عن العقيدة المسيحية واستنكاراً واضحاً للتشريعات الكنسية المعمول بها آنذاك، ومنها قوله:" إن الشخص الوثني سواء كان رجلاً أو امرأة خلقه الله، كما خلق القديس بطرس والقديس بولس أو القديسة لوسي"، لكنّه ما لبث أن تراجع عن هذه الأفكار، فاتفقت نظرته إلى الزواج مع نظرة القديس بولس القائلة: بأنه خير للمرء أن يتزوج "فإن التزوج خير من التحرّق "، وصرح بأنّ الجنس أمر فطري وضروري كالطعام، وعليه فقد سمح لواعظ الإنجيل بالزواج؛ لأنه بلسم لذلك الجرح ويجعل الواعظ يعيش بعفة، والزواج ضرورة؛ لأنه "ترتيب الله، بينما العزوبة ترتيب الإنسان"، الأمر الذي أثار ضحك الناس وروما منه، فقرر أن يتزوج من الراهبة كاترينا، مما شجع المصلحين من بعده إلى الإقدام على الزواج؛ لأن الأسرة من وجهة نظره مؤسسة إلهية ولأن الإنسال واجب ديني. وأما الطّلاق فمأساة لا نهاية لها، ولعل تعدد الزوجات خير منه.

        وفيما يتعلق بمحاربة الخرافات والمفاهيم الشائعة المؤلهة للبابا فقد رفضها، وطالب البابا ليو العاشر ألا يستمع إلى تلك الأقوال المعسولة التي لا تجعل منه بشراً سوياً وترفعه إلى مصاف الآلهة، فكتب له يقول: " لا يخدعك هؤلاء الذين يدعون أنك سيد العالم". وإزاء تلك المواقف المعلنة لـلوثر يطالعنا سؤال مهم هو: " هل تكلم الأستاذ لوثر عن الشخص البسيط، الذي لم يحظ بفرصة للحديث عن نفسه حتى ذلك الحين؟".

        لقد أعطى لوثر الانطباع عن الإنسان الذي انتقد الظلم داخل الكنيسة، بقوة اكثر من أي لاهوتي قبله، وقد وجد الحماية من الأمير المحلي، أما بالنسبة لتحديد رجال اللاهوت الكاثوليك لموقع لوثر من الكنيسة، فيتلخص بأن لوثر بنى اعتقاده وقناعاته خارج الكنيسة بالرغم من رغبته لتجنب ذلك، بينما يستحب اللاهوتيون البروتستانت القول بأن لوثر حاول إعادة وضع نفسه داخل الكنيسة الحقيقية، التي هي ليست كنيسة البابا، وفجأة وجد نفسه الناطق الرسمي باسم مجموعة من المصالح المختلفة.

        لقد دافع أرازموس عن دعاوى لوثر وإن لم يؤيده بجميعها، إذ أكد أمام الأمير فريدرك أن هناك عيوباً صارخةً في الكنيسة، يجب عدم قمع الجهود التي تبذل لإصلاحها،أما أخطاء لوثر من وجهة نظر أرازموس فيمكن حصرها في خطأين اثنين "أنه هاجم البابا في تاجه، والرهبان في بطونهم"، وبينما كان في السابق يُدان أي شخص من دون محاكمة عادلة، فقد وعد الإمبراطور الأمراء المختارين، كشرط لانتخابه، ألاّ يُدان ألماني من دون محاكمة عادلة في ألمانيا.

        لقد تشبّث مارتن لوثر بآرائه جميعها، ولم يظهر استعداده لسحب أي منها ما لم تدينه آية من الكتاب المقدس أو الحجة الواضحة، مبدياً رفضه لسلطة الباباوات والمجالس الدينية لأنّ كلاً منها يناقض الآخر، وأن ضميره أسير لكلمة الله، ومخالفة الضمير ليس من الصواب والأمن في شيء.

التهم الموجهة إلى لوثر: 

        قدم الإمبراطور للمجلس النيابي المسودة التي أعدها ألينا در عن منشور ورمس وفيه يتهم لوثر بأنه: "دنس الزواج، واستخف بالاعتراف، وأنكر وجود جسد الرب ودمه، ثم إنه يجعل القربان المقدس يتوقف على إيمان من يتناوله، إنه وثني في إنكاره للإرادة الحرة، .. إن هذا الشيطان الذي يرتدي مسوح راهب قد جمع الأخطاء القديمة في بركة آسنة منتنة، بل وابتدع أخطاءً جديدة، أنه ينكر سلطة الرؤساء ويشجع المدنيين على أن يغسلوا أيديهم من دم رجال الدين، وتعاليمه تدعو إلى العصيان والانقسام والحرب والقتل والسرقة والحرق عمداً، وإلى انهيار العالم المسيحي وهو يحيا حياة بهيمية، لقد أحرق المراسيم البابوية، أنه يحتقر الحرمان من غفران الكنيسة والسيف على السواء… أما كتبه فيجب أن تمحى من ذاكرة الإنسان".

        إن تحدي لوثر لرجال الدين في ورمس وبقاءه على قيد الحياة جعل أتباعه يتيهون إعجاباً به. لقد هاجم الطلبة وأصحاب الحرف في أرفورت البيوت في الأبرشيات وهدموها وأتلفوا مكتبات ومحفوظات وقتلوا عالماً بالإنسانيات وفي ذلك العام 1521م هجر الرهبان الأوغسطينيون في أرفورت الدير وبشروا بالعقيدة اللوثرية ونددوا بالكنيسة الكاثوليكية.

مبادئ اللاهوت البروتستانتي: 

        طالب ميلانكتون في أول عرض منهجي للاهوت البروتستانتي من زميله كارلشتادت رئيس الشمامسة في كنيسة القلعة بأن يتلى القداس باللغة الوطنية، وأن يتم تناول النبيذ والخبز دون أن يسبق اعتراف أو صوم، ويجب أن ترفع الصور الدينية من الكنائس. وأن يتزوج رجال الدين من رهبان وقساوسة، وأن ينجبوا، أما سابلتان فقد وقف بصورة تخالف التقاليد إذ كان يسلّم بأن الغريزة الجنسية أمر طبيعي لا يمكن قمعه ويعلن أن عهود الرهبنة من غويات الشيطان وأنها تضاعف الآثام. 

        وكان من شأن المبادئ البروتستانتية في الإصلاح الديني أن أعادت الاعتبار للحياة الدنيوية للناس فقد تناول ميلانكتون القربان المقدس بكلتي الطريقتين الكاثوليكية والبروتستانتية في سبتمبر 1521م. وبذلك تحقق لأنصار الإصلاح الديني المسيحي في بوهيميا، النصر، كما توقفت تلاوة القداس في دير لوثر، ثم خرج ثلاثة عشر راهباً من الدير يوم 12 نوفمبر وتقدموا للزواج وسرعان ما خلت قرابة نصف أديرة ألمانيا على أثر خروج مماثل .

        أما كارلشتادت فقد أقام القداس باللغة الألمانية في عيد الميلاد منذ عام 1521م وهو يرتدي ملابس مدنية ودعا الجميع إلى تناول القربان المقدس بأخذ الخبز في أيديهم والشرب من كأس القداس، كما تخلى عن الثياب الكهنوتية وارتدى معطفاً رمادياً بسيطاً، واستغنى عن الألقاب وطلب أن يدعى الأخ إندرياس ورفض قبول مرتب عن قيامه بالخدمة الدينية، وعمل على كسب عيشه بالمحراث ورفض كل استخدام للعقاقير، وفضّل الصلاة على الدواء، ودافع عن تعدد الزوجات باعتباره أمراً لم يحرّمه الإنجيل، وتبنى وجهة نظر رمزية محضة فيما يختص بالقربان المقدس، بينما قام لوثر بترجمة الإنجيل إلى الألمانية، ثم نشر العهد القديم بنفس اللغة بعد عمل دائب استمر أكثر من اثني عشر عاماً وسط كفاح دائم في مجال علم اللاهوت، ودافع بشدة عن اللغة الألمانية لغة الشعب الألماني المفضّلة لديه، فجاءت ترجمة الإنجيل باللغات الوطنية لتواكب عصر ولادة الحركة القومية، وليس بخاف للمطلع على لاهوت لوثر أنه كان موجهاً ضد النظام الكاثوليكي وممارساته وطقوسه أكثر منه ضد العقيدة الكاثوليكية، وقد حذا في ثورته حذو ويكلف و هس ولم ينتهج أي منهج جديد مغاير لنهجيهما. 

        أما ثورته فتكمن في رفضه للبابوية والمجالس الدينية والمراتب الكهنوتية،أو الاهتداء بشيء أخر للعقيدة غير الكتاب المقدس وقد وصف البابا بأنه مناهض للمسيحية ووجد الحماية في رحاب الدولة من أميره المحلي، ويعد تواصل الفكر من ويكلف إلى هس إلى لوثر الخيط الرئيس للتطور الديني من القرن الرابع عشر إلى القرن السادس عشر، وأما مفهوم الله عند لوثر فكان مفهوماً يهودياً فقد آمن بأن الله قد أغرق كل البشر تقريباً في الطوفان وأنه أحرق سدوم، وأهلك الأراضي والناس والامبراطوريات بنفثة من غضبه وإشارة من يده، بينما " قلّة قدر لها أن تنجو وأن كثرة كثيرة لحقتها اللعنة إلى الأبد". فقد سلط الله الوحوش المفترسة والديدان والنسوة الخبيثات على الناس عقاباً لهم على خطاياهم. 

        وأما معرفة الله عند لوثر فتنحصر بتعبيره : "نحن لا نعلم شيئاً عن الله إلاّ أنه قوة مدركة كونية موجودة، أما الجنة والجحيم فقضية مسلم بها، وأما الملائكة فعبارة عن أرواح كريمة لا أجساد لها، وأما نهاية العالم فستكون مبكرة ".

استخدام العنف البروتستانتي: 

        في 3 ديسمبر سنة 1521م دخل بعض الطلبة وسكان المدينة في فيتنبرج وهم مسلحون بالمدى كنيسة الأبرشية، وطردوا القساوسة من المذابح، ورجموا بعض المصلّين أمام تمثال مريم العذراء، لكن استخدام أسلوب العنف لم يلق تأييداً من لوثر فقد دعا إلى نبذه والابتعاد عن العصيان، وتجاوز المحتوى الطبقي للثورة بهدف كسب النبلاء إلى جانبها، وفي ذلك خير لخدمة الإصلاح، بينما العنف يولد العنف ويذهب الإصلاح أدراج الرياح، وعليه فتوجه إلى الفلاحين وجميع الأفراد بالدعوة لتحاشي الالتجاء إلى القوة، فالله منتقم جبار، ومما يبرر رفض اللجوء إلى العصيان أنه " … غير معقول وهو بصفة عامة يضر الأبرياء أكثر مما يضر الآثمين، لذلك فإن العصيان ليس من الصواب في شيء ولأن الأضرار التي ينتجها تتجاوز قدر ما يتم من الإصلاح، وحتى لا يؤدي إلى الوقوع في ظلم فظيع على يد عبد يتخلص من قيده فلا يميز بين الخبيث والطيب، وفي هذا يلتقي لوثر مع أرازموس الذي يدعو إلى نبذ العنف وإحلال السلام، في الوقت نفسه عبر لوثر عن تعاطفه مع المظلومين بقوله: " إن عواطفي ستكون دائماً ولسوف تظل مع أولئك الذين يوجّه التمرد ضدهم" في الوقت الذي دعا فيه جابرييل تسفيلينج أحد زعماء الطائفة الأوغسطينية مستمعيه إلى إحراق الصور الدينية وهدم المذابح حيثما وجدت. 

        وانطلق أنصار الإصلاح الديني و لوثر من أن المرجعية العقدية لهم هي الإنجيل وحده، وأعلن منتسر ونيكولاس ستورك والعالِم ماركوس ستيبز أنهم وحدهم مؤهلون ليكونوا مفسرين الكتاب المقدس من خلال اقتناعهم بأنّه يوحى إليهم من الروح القدس التي تأمرهم بأن يؤجّلوا العماد إلى حين بلوغ سن الرشد، وبأنّ القربان المقدس لا يكون له أثر إلا بالإيمان وهو أمر لا ينتظر من الأطفال. 

        أما رأيه في القسس وهو أعظم مادة ثورية في لاهوت لوثر فيستند إلى ضرورة تجريد القس من منصبه وإباحته للقساوسة الحصول على راتب لا بصفتهم موزعين لا غنى عنهم للقربان المقدس،أو باعتبارهم وسطاء بين الله والناس،ولكن بصفتهم خادمين للوفاء بحاجات الأبرشية الروحية، ومن ثم إباحة زواج القساوسة وأن عليهم أن يكدحوا مع الآخرين في الحياة اليومية،فالرجل الذي يجرّ المحراث، والمرأة التي تشتغل في المطبخ يعبدان الله خيراً مما يفعله الراهب وهو يتمتم بصلوات غير مفهومة في تكرار يجلب النعاس.

الداعية الثوري: 

        في كتابه ضد النظام الديني، الذي أطلق عليه اسم النظام الروحي للبابا والأساقفة دمغ البطاركة ووصفهم بأنهم أكبر الذئاب جميع،اً وناشد الألمان الصالحين أن يطردوهم بالقوة. وإنّ لجوء لوثر إلى تبني منطق الثورة والعنف إنما جاء كمحصلة لتطور الأحداث ومحاولة الخصوم إسكاته بمختلف الأساليب فكتب يقول: " كان من الخير أن يقتل كل أسقف وأن تقتلع جذور كل مؤسسة أو دير، فما فائدة هؤلاء الذين يعيشون غارقين في الشهوات ويتغذون بعرق الآخرين وكدحهم؟ فماذا يستحقون غير ثورة عارمة تكتسحهم من فوق الأرض؟ إن كلّ من يتبرع بالجسد أو بالمتاع أو الشرف للقضاء على حكم الأساقفة هم أطفال الله الأعزاء ومسيحيون صادقون".

        لعل لوثر كان محافظاً كما تبين في السياسة والدين، حيث أراد أن يعود بالناس إلى المعتقدات والرسائل الأولى، وكان يدّعي أنه ممن يردّون الأشياء إلى أصولها وأنه ليس مبتدعاً، وقد حرّم الرّبا فاتفق مع الكنيسة على إدانة الرّبا، اعتقاداً منه بأنه من عمل الشيطان لما ينطوي عليه من استغلال الدائن للمدين. 

        أما التجارة فمهنة مرذولة�

المصدر: إعداد الباحثه / نجوى مسلم
nagwamoslm

قال العقل للعلم انا الرحمن بي عرف فرد العلم قائلاً انا الرحمن بي اتصف فايقن العقل ان العلم سيده فقبل العقل رأس العلم وانصرف

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 8986 مشاهدة
نشرت فى 6 أغسطس 2012 بواسطة nagwamoslm

موقعـــــــى الـــخـــاص / نـــجــــــوى مـــســــلم

nagwamoslm
حاصلة على ليسانس تاريخ جامعة الازهر الشريف كلية / الدراسات الانسانية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

834,588

حياتى كلها لله

قال لقمان لابنه:يابني!....اياك وكثرة النوم والكسل والضجر,فأنك اذا كسلت لم تؤد حقاً,واذا ضجرت لم تصبر على حق. 


كن على حذر: 
من الكريم اذا اهنته,ومن العاقل اذا احرجته,ومن اللئيم اذا اكرمته,ومن الاحمق اذا مازحته.
 


 قال علي رضي الله عنه((البر ثلاثه:المنطق والنظر والصمت,فمن كان منطقه في غير ذكرٍ فقد لغا,ومن كان نظره في غير اعتبارٍ فقد سهاً,ومن كان
صمته في غير تفكر فقد لها))
 


افضل الجهاد جهاد النفس.