(الفصاحة العربيّة وكيد النساء الذي فاق كيد هيام زوجة الملك سليمان.. هههههه)

تزوّج الحجّاج بن يوسف الثقفي من امرأة اسمها هند وكانت شديدة الجمال ومن عائلة عربيّة عريقة من أشراف القوم، وذلك رغما عنها وعن أبيها.
وذات مرّة وبعد سنة على زواجهما تحمّمت هند وجلست أمام المرآة تمشط شعرها.. وكانت تظنّ أنّها بمفردها.. ولم تفطن لكون الحجّاج كان في مكان خفيّ يراها ويسترق النظر والسمع، وصادف أن سمعها لذلك وهي تشاهد وجهها وجسدها بالمرآة وتتغزّل بحسنها مكلّمة نفسها مترنّمة بأبيات شعر بصوت مسموع:

وما هند إلاّ مهرة عربية
سليلة أفراس تحلّلها بغلف
إن ولدت مهرا فللّه درّها
وإن ولدت بغلا فقد جاء به البغل

فسمعها الحجاج بن يوسف فغضب بشدّة وعرف مقصدها وكونها ترى أنّها أشرف منه، وأنّه لا يليق بها حتّى أنّها شبّهته بالبغل.. قائلة في شعرها أنّها لو ولدت مهرا فالفضل لها لكونها هي فرسة أي أنثى حصان أصيل، أمّا إن ولدت طفلا يشبه البغل فسيكون نسبة لأبيه مشبّهة بذلك الحجّاج بالبغل.. وفهم الحجّاج أنّه لولا أجبرها على الزواج منه لما رضيت به أبدا لاحتقارها له..

أوجعت كلمات هند الحجّاج ونفرها لاحتقارها له، وقرّر أنّ يوجعها بدوره كما أوجعته، مظهرا احتقاره بدوره لها.. فذهب فورا إلى خادمه وقال له اذهب إليها وبلّغها أنّي طلّقتها، على أن يكون نقل الخبر لها في كلمتين فقط لو زدت ثالثة قطعت لسانك.. وأعطها هذه العشرين ألف دينار..
وقصد الحجّاج بذلك تطليقها حتّى دون مواجهتها والمنّ عليها بالمال محاولا إظهار احتقاره لها بدوره..

فذهب اليها الخادم فقال لها كلمتين فقط كما أمره الحجّاج:
"كنتِ .. فبنتِ" !!
"كنتِ" يعني كنتِ زوجته،
"فبنتِ" يعني أصبحت طليقته.
ولكنّ هند كانت أفصح من الخادم فقالت:
"كنّا فما فرحنا … فبنّا فما حزنّا" !!
وقالت له: "خذ هذه العشرين ألف دينار لك بالبشرى التي جئت بها"!!

وسمع الناس بذلك فهزّهم فرح هند بطلاقها من الحجّاج الوالي الشديد الذي أرعبهم، وزهدها في المال الذي أراد أن يمنّ به عليها بأن أهدته للخادم كجزاء على خبر طلاقها الذي نقله لها وأفرحها به كما قالت، وذلك رغم ضخامة المبلغ المالي.. وهو ما عكس مدى فرحتها بطلاقها من الحجّاج ومدى احتقارها له مرّة أخرى..

وقيل إنها بعد طلاقها من الحجاج لم يجرؤ أحد على خطبتها في العراق خوفا من بطش الحجّاج.. وهي بدورها لم تكن لتقبل بمن هو أ قلّ من الحجّاج. فأغرت هند بعض الشعراء بالمال فامتدحوهاوامتدحوا جمالها عند الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان الذي كان هو من عيّن الحجّاج بن يوسف واليا له على العراق.. فأعجب بها عبد الملك من أوصافهم خاصّة وقد سمع بقصتّها مع الحجّاج ودهش لجرأتها.. وطلب الزواج منها وأرسل إلى عامله على الحجاز .. يصفها له، فأرسل له يقول إنّها لاعيب فيها.

فلمّا خطب الخليفة عبد الملك بن مروان هندا كتبت له وقالت: "إنّ الإناء قد ولغ فيه الكلب".
فأرسل لها: "اغسليه سبعا إحداها بالتراب"..
ووافقت هند، وبعثت إليه برسالة أخرى تقول أنّها توافق على الزواج منه بشرط واحد وهو "أن لا يسوق بعيرى من مكاني هذا إليك إلاّ الحجّاج نفسه" !!
فوافق الخليفة و أمر واليه الحجّاج (زوجها السابق) بذلك.
فبينما الحجّاج يسوق الراحلة مكرها ولم يكن بإمكانه رفض أمر الخليفة له، إذا بها توقع من يدها ديناراً متعمّدة ذلك، فقالت للحجّاج: "يا غلام لقد وقع منّي درهم فأعطنيه".
فأخذ الحجّاج يبحث في التراب لكنّه وجد درهما وليس دينار، والدرهم أقلّ من الدينار..
فقال لها إنّه دينار وليس درهما ً !!
فنظرت إليه هند وقالت: "الحمد لله الذي أبدلني بدل الدرهم دينارا.."
ففهمها الحجاج وكانت تقصد أنّ اللّه أبدلها واليا هو الحجّاج بالزواج من الخليفة نفسه وهو أعظم شأنا منه..
فأسرّها الحجّاج في نفسه..

عند وصولهم لقصر الخليفة تأخّر الحجّاج في الأسطبل والناس يتجهّزون للوليمة بمناسبة زواج الخليفة من هند، فأرسل إليه الخليفة ليطلب حضوره، فردّ عليه قائلا: "ربّتني أمّي على ألاّ آكل فضلات الرجال" !!
ففهم الخليفة قصد الحجّاج، وعرف أنّه يقصد أنّ زوجته الجديدة هند تزوّجها الحجّاج بكرا وسيتزوّجها هو من بعده ثيبا..
فأمر عبد الملك بن مروان ـ وكان قد تزوّجها فعليّا قبل قول الحجّاج ذلك ـ أن تدخل زوجته بأحد القصور الأخرى التي لا يقيم بها، ولم يقربها ولم يدخل بها أبدا.. إلاّ أنّه كان يزورها كلّ يوم بعد صلاة العصر.. يراها ويحادثها دون أن يلمسها..

علمت هند بسبب عدم دخول زوجها الخليفة عليها، فاحتالت لذلك كعادتها، وأمرت الجواري أن يخبروها بقدومه عندما يصل بعد أن أرسلت إليه أنّها بحاجة له في أمر .
تعمّدت هند قطع عقد اللؤلؤ عند دخوله ورفعت ثوبها لتجمع فيه اللآليء.. فلمّا رآها عبد الملك ورأى بعض ما تحت ثوبها… أثارته روعتها وحسن جمالها.. وتندّم لعدم دخوله بها لكلمة الحجّاج تلك لكنّه بقي متردّدا..
فقالت هند وهي تعاود نظم حبّات اللؤلؤ بعد جمعها من الأرض: "سبحان الله"..
فقال عبد الملك مستفهما: "لم تسبّحين الله ؟!!"
فقالت: "إنّ هذا اللؤلؤ خلقه الله لزينة الملوك.."
قال: "نعم".
قالت: "ولكن شاءت حكمته ألاّ يستطيع ثقبه إلاّ الغجر.."
فقال لها متهللّا وقد فهم مقصدها: "نعم والله صدقت.. قبّح الله من لامني فيك".
ودخل بها من يومه هذا !!

فغلب كيد المرأة هند كيد الحجّاج بن يوسف !!

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 76 مشاهدة
نشرت فى 1 ديسمبر 2021 بواسطة nagwahiessun

ساحة النقاش

المهندسة / نجوى حسين محمد

nagwahiessun
موقع شامل للاستفادة فى شتى مجالات الحياة (الاسرية _الترفيهية _الثقافية _الزراعية _الدينية _الاجتماعية) »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

133,965