خضر عدنان /إرادة تكسر السجان .. - الكاتبة الفلسطينية ناديا كمال
نذر عمره فداء لكرامة الأسرى جميعا واختار أن يخوض حربه وحده ..وكأنه يقول لسجانيه لن تفلحوا في كسر إرادتي ....شامخ أنا كزيتون وطني ..عزيز قوي رغم أنوفكم ...لو مت أموت شهيدا ...أفضل عندي من العيش في ذلّكم .... هذا هو خضر عدنان ..الأسير الفلسطيني في السجن الإداري من عرّابة جنين في الضفة الغربية والبالغ من العمر (33 عاما )..المضرب عن الطعام منذ أكثر من شهرين متتاليين ليسجل بإضرابه هذا أعلى رقما في تاريخ الإضرابات للمعتقلين ..وجاء إضرابه احتجاجا على إعتقاله الإداري الذي يعاني منه الكثير من أبناء شعبنا ..حيث تصادر الحرية دون أي تهمة تذكر ..ودون أي حقوق .. مع سوء المعاملة وانتهاك كرامة الإنسان ...
يدخل عدنان شهره الثالث في معركة الأمعاء الخاوية ساخرا من سجّانيه متحديا لهم ولكل العالم الذي لم يطلب منه شيئا لأنه يعلم مدى تخاذله ، لم يناشد أحدا لإنقاذه ، ولم يستجدي الحرية من أحد ..يرفع يديه لخالقه متضرعا إليه راجيا منه العون والقوة والثبات ...قاد حربه بصبره وقوة تحمله ضد الجوع والألم ..وواجه سجّانيه الذين ما كان منهم إلا أن ثبّتوا الإعتقال الإداري ضده لمدة أربعة أشهر ..لاغين بذلك كل المواثيق الدّولية والإنسانيّة التي تنادي بحقوق الإنسان والأسرى بشكل خاص ..تلك المواثيق والنداءات التي لم تحَقّق على أرض الواقع هي فقط خربشات على الورق ..لا تهتم لها إسرائيل ولا تقيم لها وزنا ولا قيمة ..بل تزيد في تعنّتها وظلمها وجبروتها ...
صرخة أطلقها الأسير خضر عدنان بتعنته وصبره وتحديه ..إصحوا قبل أن يخطفني الموت ، قالتها حرب أمعائه الخاوية ولم يقلها لسانه ، إصحوا قبل مماتي ..رسالة الى كل ضمير حر أن يتحرك لإنقاذ الأسرى من براثن المعتقل والسجّان ، وإلغاء الإعتقال الإداري بشكل نهائي ، وتحمل في طيّاتها دعماً للمعتقلين الإداريين بشكل خاص .أن يتحدوا سجّانيهم ويرفضوا الذل والقهر ..وأن الشهادة وحرب الأمعاء الخاوية أفضل من ذل الإعتقال وحقد السجّان ، (وبالفعل في الفترة الأخيرة انضم له الكثير من الأسرى في حربه هذه)... هو مناضلا حمل هم كل المعتقلين على كتفه ..وحمل قضيتهم في قلبه وروحه واختار أن يصير صبره وتعنّته نارا حامية يحرق بها كهنة تل أبيب كلهم ،ثائرا سار على الدرب وحده لا ترهبه سطوة السجّان ولا حرقة معدته الخاوية وجسده المنهك ..ولا سجنه الإداري ...
والاّن خضر عدنان في حالة صحية حرجة للغاية ..حيث يرفض التعامل مع الأطباء وأخذ العلاج ..سوى الماء فقط ..ولكن إرادته صلبه كالحديد ..وزاده قرار تثبيت الحكم الإداري بحقه لمده أربعة اشهر تصميما وتعنتا ويقول في ذلك :( هو قرار جبان ومرفوض ومدان ، ولن يردعني عن مواصلة إضرابي حتى أحقق مطالبي وأهدافي التي لا تنازل عنها ) ويقول على لسان محاميه :(أوجه تحيتي وتقديري وإعتزازي لكل أبناء وجماهير شعبنا وأمتنا ، والمؤسسات والفعاليات والأحرار والضمائر الحية في فلسطين والعالم ،ولكل من ينتصر لصوت الحق والعدالة ،وأوجه تحياتي لإخواني الأسرى في كافة السجون ،ممن وقفوا الى جانبي في قضيتنا لإحقاق الحق وإسقاط سياسات وأساليب الإحتلال )..
هذا هو فارسنا الذي ترجل يقود حرب العزة والكرامة المنهوبة ، جاعلا من نفسه فنارا يهدي كل تائه وضائع عن الحق ، نورا تبصر
بقلم : ناديا كمال / القدس |
ساحة النقاش