موقع الاديبة الفلسطينية ناديا كمال / عطر الورد


سوق الحياة ..!! الكاتبة الفلسطينية  ناديا كمال - القدس


سوق الحياة ، كثيرا ما يدخله الناس بعضهم يبحث عن متعة نفسه او متعة جسده او كليهما .. اما انا مثلك ايها القارئ الطيب دخلت باحثة عن معاني جميلة تفيدني في إكمال مسيرتي ، ولكني للأسف لم أجد إلا ما عكُر صفو روحي ونقاء عقلي ، تجوُلت في ذلك السوق فوجدت قلوب البشر تباع وتشترى ، تارة أجدها تلتهب حبا وعشقا لقلوب من حولها وتارة أخرى أجدها قست وتحجرت وما عادت تسمع إلا أصواتا شيطانية حاقدة ، تابعت خطواتي إلى الأمام وليتني لم أفعل فقد وجدت عقولا سكنها العند والكبر ، ولم تعد تهتم بعلم ولا معرفة ولا تأبه لأمر البشر ، عقولا مقفلة بأقفال حديدية لا تلبث أن تصدأ على مر الزمان ، وجدتها متعنتة بالية يسودها تقاليد وأعراف لا صلة لها بأصالتنا وتراثنا ومعتقدات أجدادنا ، هي عادات سيئة توارثتها الأجيال المتعددة التي لم تقدر عز الأجداد ولا أمجاد الأمم ,,

قادتني خطواتي الى الأمام قليلا فوجدت مشاعر بشرية تداس بالأقدام ، لا أحد يهتم بها تتكالب عليها الذئاب البشرية ، ودموع تنهمر كالأمطار ولا أحد يقدرها ولا يأبه لها ، وكأننا أصبحنا حيوانات بشرية يأكل بعضنا بعضا ،تابعت طريقي بحثا عن شيء يرد روحي ويعيد أنفاسي التي تثاقلت من هول من رأت ، فوجدت الصدق في محال مهجورة لا يقربها إنسان ،ولا يمر بها أحد ، ومن مر بها يقف لحظات يفكر قليلا

فيجد أن ثمن الصدق أغلى من إستطاعته فيمضي بعيدا وينسى ان الصدق خلق عظيم من تحلى به فاز بالنعيم ، ، وبالمقابل وجدت الكذب يباع في محال كثيرة ظاهرة للبشر ، الكل يقبل عليه بجنون ويريدون شراءه بسهولة ويسر وخاصة أن ثمنه زهيد جدا والكل يستطيع الحصول عليه ، فالبضاعة الفاسدة دائما سهلة الوصول لأيدي المستهلك ,

ما دفعني إلى كتابة هذه المقدمة هو الأحداث التي نسمع عنها كل يوم والتي يهتز لها الحجر والصخر ،مما ادى الى تفكك روابط المحبة بين الناس ، وزيادة البعد والجفا وتحجر القلوب ، فقبل شهر تقريبا قرأت في إحدى الصحف العربية عن شاب أخذ يجلد والدته جلدا قاتلا حتى فارقت الحياة ، وكل هذا ليرضي رغبات زوجته التي رفضت وجود أمه معهما وتدخلها في حياتهم ، وكانت النتيجة وفاة الأم وزج إبنها في السجن مع تعذيب الضمير الذي لن يفارقه أبدا ، أما الزوجة فمنها لله وحسب .

في قصة أخرى سمعنا عن الزوج الذي كان يضرب زوجته صباح مساء ، وكأنه يريد أن ينتقم لفارق العمر بينهما ويحاسبها لجمالها وحسن شكلها ، حتى انتهى المطاف بها في المشفى بعد ضربه الأخير لها باَلة حاده وهي ) المفك ( مما أدى الى تقرحات وتشوهات في كامل جسدها شيء استنكره الأطباء وأعلنوا أنها ربما تكون أول حالة تأتيهم بهذه البشاعة وهذا المنظر ، وتدخلت جمعيات حقوق الإنسان والقضاء في هذه القصة وما زالت الأحداث جارية حديثا في بلد من بلادنا العربية .حسبنا الله ونعم الوكيل فيه ومن على شاكلته .

أيضا سمعنا عن دور الحضانه التي يعذب فيها الأطفال الرضع والأهالي الذين يعذبون أبناءهم بهدف التربية ، والمدارس التي تتبع أسلوب الترهيب في التعامل مع طلابها فتعاملهم كأنهم في معتقل ، كما سمعنا عن الأب الذي يغضب على ابنه دون سبب يذكر ، وعن الإبن العاق لوالديه ، وعن أخوة يتقاتلون من أجل المال ، وعن اعراض تنتهك في وضح النهار وأمام أعين الناس دون أن يحرك فيهم ساكنا ، سمعنا عن الكذب الذي بات ملح الناس اليومي إلا من رحم ربي ، و الصدق الذي بات عملة نادرة الوجود ، والضمائر والذمم التي تباع على الارصفة بابخس الاثمان ، والاخلاق التي باتت تتغذى بأفكار الغرب وتفاهاته وتتبع العولمة الحديثة ،والانفتاح المزيف نحو كل ما هو فاسد سمخ .

بالإضافة الى الغصة التي تحرق قلوبنا جميعا هي فلسطين المغتصبة و القدس السليب والاقصى الذي يحتضر كل يوم ويصرخ على من يعيد له الطهر ويخلصه من الأنجاس ، واخيرا الربيع العربي الذي بات معبقا برائحة الدماء وأشلاء الضحايا والغرب يرصد كل التفاصيل بعيون ضاحكة تنتظر أن تسمع خبر السقوط كما حدث في بغداد .

وفي اَخر جولتي في السوق العتم تركت رسالة صغيرة كتبت فيها عن الوفاء والإخلاص والمحبة والنخوة العربية ، كلها بضاعة من طراز قديم ، لا يتعامل بها عصرنا الحاضر ، فهي صفات عتيقة قديمة لم تدرس في المدارس العصرية ، ولا يعرفها إلا من رضعها مع حليب أمه ،وكتبت عن الأمل الذي بات مفقودا يشوبه غبار اليأس والإحباط وكان علي احياؤه من جديد ، ذكرت لهم الفتوحات الإسلامية ، و خاصة فتح بيت المقدس والعهدة العمرية ، وعراق الرشيد وشام المجد والفخار ومصر الأمن والسلام وأردن الكرامة وغيرها .ذكرتهم بحضارات العرب وثقافاتهم ورحلاتهم وبحوثاتهم ، وتاريخنا العظيم ، وقبل كل شيء ذكرت لهم الاَية القراَنية الرائعة التي أنزلها سبحانه في رسوله الكريم عليه السلام واصفاُ أخلاقه العظيمة قائلا سبحانه : )وإنك لعلى خلق عظيم ) لعل وعسى نعود أدراجنا ونتمسك بتلك الأخلاق ونعيد ماضي الجدود ونكتب تاريخهم من جديد ونسير على منهجهم وقيمهم وأخلاقهم النبيلة التي لو تمسكنا بها لعدنا أدراجنا واعتلينا القمم .


ناديا كمال ـ القدس

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 113 مشاهدة
نشرت فى 20 يناير 2012 بواسطة nadia-alwardhmh

ساحة النقاش

ناديا كمال / عطر الورد

nadia-alwardhmh
فلسطينية الاسم ,,,,,فلسطينية الكلام والصمت ,,,,فلسطينية الوشم ,,,,,فلسطينية الاحزان والجرح ,,,,, نعم فعِنْدَمَآ يَقُولُونَ لِيْ : يَآ فَلَسْطِينـِــــيْة ... ..أشْعُرُ وَكَأنِّيْ ' مَلِكـة ' فِيْ هَذَآ الكَوْنْ ..! وأقول لاعدائي :عذِّبوني، هجِّروني، و ان اردتم حتى اقتلوني و لكن … من ارضي ابدا لن تقتلعوني !! »

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

15,592