2 - مساهمات الفقه والقانون الدولى:
يبدو من المفيد الاستعانة بالقانون الدولى لمعرفة أشكال الإرهاب التى يحظرها، سواء تلك الصادرة عن الأفراد أو الجماعات، أو الدول وهو ما يعرف بالاتجاه الحصرى الوصفى فى تعريف الإرهاب بتعداد صوره وإدانتها وهو ما عولت عليه الجماعة الدولية نظراً لصعوبة تعريف المفهوم تعريفاً جامعاً مانعاً.
وفى القانون الدولى هناك أربع مجموعات من الأحكام الدولية التى تعرف الإرهاب بتعداد صوره وتدينها. ومنها قواعد العرف الدولى التى استقرت على تحديد بعض أعمال العنف الموصوفة بالإرهاب مثل القرصنة البحرية أو الجوية كخطف السفن والطائرات وإبادة الجنس البشرى كإبادة جماعة عرقية معينة كما فى الأحداث التى تعرض لها مسلمو البوسنة على يد متطرفى الصرب اليوغوسلاف. وانتهاك قواعد القانون الدولى الإنسانى فى الصراعات المسلحة والتى تم تدوينها فى اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، وفى البروتوكولين المكملين لها لعام 1977.
أما المصدر الثانى من هذه الأحكام فهو المعاهدات الدولية الشارعة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، اتفاقية منع إبادة الجنس البشرى لعام 1948، واتفاق طوكيو 1963 لإدانة الأعمال غير القانونية على متن الطائرات، واتفاق مونتريال لعام 1971 لإدانة خطف الطائرات، واتفاق إدانة خطف الدبلوماسيين ورجال الدولة الرسميين لعام 1973، واتفاق إدانة احتجاز الرهائن لعام 1979.
والمجموعة الثالثة من الأحكام التى تدين الإرهاب، البيانات والقرارات الدولية الصادرة عن إحدى هيئات الأمم المتحدة أو عن المجتمع الدولى بشكل عام، ومنها إعلان هلسنكى لعام 1975، وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 49/ 60 الصادر فى 9/12/1994، وغيرها من قرارات الجمعية العامة التى تصدر سنويا وبصفة دورية. وقد حاولت الجمعية العامة تعريف الإرهاب بطريقة واسعة، فاعتبرت أنه يشمل الأعمال والوسائل والممارسات غير المبررة التى تستثير فزع الجمهور أو مجموعة من الأشخاص لأسباب سياسية بصرف النظر عن بواعثه المختلفة.
وفى المؤتمر الثالث لتوحيد قوانين العقوبات المنعقد فى بروكسل عام 1930، وضع تعريف عام للإرهاب مؤداه أنه استخدام متعمد للوسائل القادرة على إيجاد خطر مشترك وارتكاب فعل يعرض الحياة للخطر، ويهدد سلامة وصحة الإنسان، ويدمر الممتلكات المادية، ويتضمن ذلك الحرق والتفجير والإغراق وإشعال المواد الخانقة أو الضارة وإثارة الفوضى فى وسائل النقل والمواصلات والتخريب فى الممتلكات الحكومية وخدمات المرافق العامة والتلويث والتسبب عمداً فى تسمم مياه الشرب أو الأغذية مما ينتج منه أمراض سواء للإنسان أو الحيوان أو النبات. ورصدت لجنة الإرهاب الدولى التابعة للأمم المتحدة فى عام 1980، خصائص الإرهاب فى أنه يعد عملاً من أعمال العنف الخطيرة أو التهديد بها ويصدر من فرد، سواء كان يعمل بمفرده أو بالاشتراك مع أفراد آخرين، ويوجه ضد الأشخاص أو المنظمات أو الأمكنة ويتسبب فى جرحهم أو موتهم أو فى إلحاق الخسائر أو الضرر أو الأذى بهذه الأمكنة أو الممتلكات أو بالعبث بوسائل النقل والمواصلات بهدف تقويض علاقات الصداقة بين الدول أو بين مواطنى الدول المختلفة، أو ابتزاز تنازلات من الدول، كما أن التآمر على ارتكاب أو محاولة ارتكاب أو الاشتراك فى ارتكاب أو التحريض العام على ارتكاب الجرائم يشكل جريمة الإرهاب الدولى.
ويؤكد بعض فقهاء القانون الدولى على أن أعمال الإرهاب هى من قبيل الجرائم ضد الإنسانية على غرار الجرائم السابق ذكرها والتى وردت ضمن المشروع الذى وضعته لجنة القانون الدولى التابعة للأمم المتحدة حول الجرائم ضد الإنسانية وفى غيرها من الاتفاقيات الدولية ومنها الاتفاقية التى وافقت عليها عصبة الأمم فى عام 1937.
أما المجموعة الرابعة من أحكام القانون الدولى فهى الاتفاقات الإقليمية المختلفة متعددة الأطراف التى تدين مختلف صور الإرهاب ومنها الاتفاقية الأوروبية لمكافحة الإرهاب التى تم التوقيع عليها فى 10 نوفمبر 1976، والإعلان الصادر عن منظمة الدول الأمريكية فى أبريل 1996، والاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب الموقعة فى 22 أبريل 1998، وغيرها.
ساحة النقاش