لم تعد ظاهرة الإرهاب تمثل مشكلة ذات حساسية لدولة بعينها أو لمجموعة من الدول بعينها وإنما صارت مشكلة للعالم كله.
ويثير مفهوم مكافحة الإرهاب ملاحظتين فى البداية:
1-
أنه لا يوجد اتفاق حول معنى مكافحة أو مواجهة أو منع الإرهاب ، وكلها مفاهيم لم يتم الاتفاق على تعريف محدد لها حتى الآن ينصرف إلى معنى المفهوم، ومن ثم إلى وحدة سبل المواجهة وآلياتها واستراتيجيتها وتكتيكاتها، وإن كان هناك تفاهم عام على أنه عملية مستمرة لمواجهة ظاهرة الإرهاب سواء أمنيا أو اقتصادياً أو اجتماعياً أو سياسياً بهدف الحد منها.
2-
إن الحديث عن حل لمشكلة الإرهاب لا يعنى القضاء عليه قضاءً مبرماً وبصورة كاملة بحيث لا يبقى منه أى أثر، إذ أن مثل هذا القول لا يعدو أن يكون فرضاً نظرياً بحتاً أو أملاً مغرقاً فى التفاؤل. فحل مشكلة الإرهاب يعنى تحجيم وتقليل الخطر الإرهابى فى حدود دنيا لا يشكل معها تهديداً لحياة الجماعة واستقرارها.
وتتعدد الجهود الدولية لمواجهة ظاهرة الإرهاب. فهناك الجهود الفردية لمواجهة الظاهرة من قبل كل دولة على حدة ، والجهود متعددة الأطراف التى تتم بين مجموعات إقليمية محددة، مثل الجهود العربية من خلال جامعة الدول العربية، والجهود الأوروبية فى إطار الاتحاد الأوروبى، ثم الجهود الجماعية على المستوى العالمى من خلال منظومة الأمم المتحدة والقانون الدولى.
ونتناول هنا تجربة مصر كنموذج لجهود الدولة، والتجربة العربية كمثال للجهود متعددة الأطراف .

أولا: التجربة والرؤية المصرية
تعتبر مصر من أكثر دول العالم خبرة فى مكافحة الإرهاب الذى واجهته فى النصف الأول من تسعينيات القرن العشرين. وقد نتج عن هذه الخبرة رؤية واضحة تقوم على أن الإرهاب ظاهرة عالمية لا تقتصر على منطقة من العالم دون أخرى. فالإرهاب أصبح له تنظيماته التى تتعدى الحدود، ولم يعد مرتبطاً بفكر معين أو أيديولوجية معينة.
وفى هذا السياق أكدت مصر فى الدورة الخامسة لمؤتمر منع الجريمة والعدالة الجنائية فى فيينا على أن انتشار الأعمال الإرهابية فى دول العالم على اختلاف أوضاعها وثقافاتها ونظمها ودرجة تطورها الديمقراطى يمثل تهديدا خطيرا للأمن والاستقرار الوطنى والدولى لكونها عقبة فى طريق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتطور الديمقراطى والتمتع بحقوق الإنسان.
فالإرهابيون الذين زرعوا العبوة الناسفة فى مقهى بميدان التحرير فى القاهرة لا يختلفون فى طريقتهم وأسلوب تفكيرهم عن العناصر الإرهابية التى وضعت السيارة الملغومة فى أكبر مركز تجارى عالمى فى نيويورك ولا عن مدبرى حادث أوكلاهوما سيتى. ويمكن تلخيص أهم معالم هذه الرؤية فى:
1-
التنظيمات الإرهابية فى مصر لا يجوز وصفها بالجماعات الإسلامية أو الدينية لأنها تنظيمات ترتدى عباءة الدين للتضليل ومن ثم لا يجوز اعتبار الإرهابيين أصحاب عقيدة أو رأى.
2-
الإرهاب فى حقيقته ليس سوى جريمة دولية منظمة ذات أهداف مشبوهة وبغيضة لا علاقة لها بالأديان أو الجنسيات أو الأوطان.
3-
سيظل الإرهاب خطراً قائما ومحدقا ما دامت رؤوس وقيادات الإرهاب الموجودة فى الخارج طليقة تخطط وتمول وتدفع بالعناصر المأجورة للتنفيذ.
4-
المجتمع الدولى مازال عاجزا عن صياغة إطار واضح لمواجهة الإرهاب فى شتى صوره وأشكاله.
5-
التنبيه الى أن نطاق الظاهرة سوف يتسع وأن العناصر الإرهابية سوف تضرب فى مناطق مختلفة وأنها سوف تنقلب حتما على الأطراف التى تتغاضى عنها.

 

 

المصدر: أ. مختار شعيب - موسوعة الشباب السياسية http://acpss.ahram.org.eg/ahram/2001/1/1/YOUN61.HTM
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 90 مشاهدة
نشرت فى 10 أكتوبر 2011 بواسطة mowaten

ساحة النقاش

mowaten
يأتى الربيع العربى للثورات بمتطلبات ضرورية لعل من اهمها هو نشر التوعية السياسية بين المواطنين بوطننا العربى لارساء وتهيأة البيئة للعيش فى جو ديمقراطى طالما حلمنا به »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

284,296