6- العولمة والثقافة :

يرى أنصار العولمة إن عولمة الثقافة هى من أهم إيجابيات العولمة ، فقد عززت ثقافة العولمة زيادة الوعى بالقضايا الإنسانية والتفاعل معها. كذلك تتطلب ثقافة العولمة قدرا من التسامح مع وجهات النظر المخالفة، بما يتطلبه ذلك من الانفتاح الفكرى، واحترام الاختلاف، ولذلك فهى تساعد على سهولة التفاعل فيما بين الجماعات والمجتمعات المختلفة.
وقد قللت الثورة فى تكنولوجيا الاتصالات من قدرة الدول والحكومات على إخفاء أخبار الفساد، أو الاستبداد، أو الركود الاقتصادى، أو تشويه الحقائق وتحريفها، مثلما كان يحدث كثيرا فى الماضى. فالقنوات الفضائية تذيع الأخبار التى قد يكون محظور نشرها فى الإعلام المحلى، وكذلك الإنترنت، قد تحتوى على طبعات إلكترونية من المواد المحظور نشرها فى بعض الدول. وبالتالى أصبح العالم أكثر شفافية، وأصبحت قضايا الديمقراطية، وحقوق الإنسان، ملء السمع والبصر فى كل أنحاء العالم.
7-
المجتمع العالمى الجديد :
يرد أنصار العولمة على تهمة التفاوت الثقافى بأن العولمة تتيح إمكانيات هائلة للتفاعل وحشد الآراء وتنظيم العمل على مستوى العالم أجمع، تحت إسم المجتمع المدنى العالمى، الذى يعتبر فضاء مفتوحا للتأثير للمهتمين من كل دول العالم. فهذا المجال من مجالات العولمة لا يتمتع فيه الغرب بأفضلية على دول العالم الثالث، سوى بخبرة الممارسة التى يمكن اكتسابها.
وفى هذا الإطار، اكتسبت المنظمات غير الحكومية التى يشكلها بعض الأفراد أو الجماعات من كل دول العالم، للدفاع عن مواقف ومعتقدات عادة تكون عالمية الطابع مثل حماية البيئة، وحماية حقوق المرأة والطفل، والدفاع عن حقوق الإنسان، أهمية كبيرة فى عصر العولمة.
ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن أفراداً عزل استطاعوا التصدى لدول عظمى وتغيير مواقفها من خلال آليات وإمكانات العولمة. فقد نالت جودى وليامز جائزة نوبل للسلام عام 1997 لإسهامها فى الحظر الدولى على الألغام الأرضية رغم معارضة القوى الكبرى العالمية. وقد استطاعت جودى وليامز حشد الرأى العام المناهض للألغام الأرضية وتنظيم حركة من ألف جماعة من جماعات حقوق الإنسان فى العالم للدفاع عن هذه القضية عن طريق الإنترنت.
فالعولمة التى أفقدت الدولة بعض سلطانها، أعطت للإنسان الفرد، والتنظيمات التى يشكلها للتعبير عن مصالحه الكثير من الإمكانيات التى لم تكن متصورة قبل عصر العولمة.
8 -
العولمة والخصوصية الثقافية :
إن المخاوف على الثقافة الأصلية والهوية الوطنية من طغيان الثقافة الأمريكية، يعتبر من أهم المخاوف المرتبطة بعولمة الثقافة. ويرى بعض أنصار العولمة إن انتشار الثقافة الأمريكية ليس بالضرورة نوعا من الغزو الثقافى، أو محاولة أمريكية متعمدة للتأثير على أذواق العالم، إنما الشعب الأمريكى نفسه يتكون من خليط من البشر (زنوج، وأمريكيين لاتينيين، وآسيويين، وأنجلو ساكسونيين) وتتمتع الثقافة الأمريكية التى تلائم هذه الأجناس والأمزجة المختلفة من البشر بمرونة كبيرة، فهى سهلة الانتشار عبر غيرها من المجتمعات والدول.
كذلك يتمتع النموذج أو الحلم الأمريكى، بجاذبية كبيرة لأنه يرمز إلى قيم الحرية والطموح والنجاح التى تخلب ألباب الشباب من جميع أنحاء الأرض. ويتوافر لدى الولايات المتحدة الأمريكة إمكانات هائلة فى مجال صناعة الفن والترفيه مقارنة ببقية دول العالم، ومن هنا يتردد الحديث حول الغزو الثقافى الأمريكى فى عصر العولمة.
ويرد أنصار العولمة على المخاوف من اكتساح المنتجات الثقافية الأمريكية للعالم، بأنه توجد بعض الوسائل لمواجهة هذه الظاهرة، ومنها التشريعات القانونية المباشرة. فدول الاتحاد الأوروبى مثلا، ورغم التحالف والترابط الواضح بينها وبين الولايات المتحدة، تنص قوانينها على أن يكون 51% على الأقل من محتوى البرامج والأفلام التى تبث فى الإعلام فى دول الاتحاد هى برامج ومواد أوروبية، وليست أمريكية، وهذه القوانين تسعى الولايات المتحدة إلى تغييرها من خلال قوانين منظمة التجارة العالمية لضمان الانتشار لصناعاتها الإعلامية.
من ناحية ثانية، فإن سوق الاتصال والثقافة مفتوحة لمن لديه الرغبة والقدرة على التأثير، وهنا يبرز دور الإعلام المصرى والعربى بوجه عام فى طرح الصورة الحقيقية للقيم العربية والإسلامية، فى مواجهة الاعتقادات الخاطئة، والأنماط الشائعة.
وقد حققت بعض المنتجات الثقافية والفكرية لبعض دول العالم الثالث انتشارا فى دول العالم المتقدم، فالفيلم الهندى مثلا استطاع تحقيق انتشار كبير فى الستينات، ونجحت هونج كونج وتايوان فى تحقيق نجاح مشابه فى التسعينيات، بل إن السينما الإيرانية بكل ما تتسم به من محافظة دينية نجحت فى أن تجد لنفسها موطئا لقدم فى المهرجانات الدولية.
الأكثر من ذلك أن المنتجات الثقافية الأمريكية نفسها أصبحت متأثرة بالثقافات الأخرى فى العالم، فالولايات المتحدة نفسها اليوم ليست محصنة ضد تأثيرات العولمة، والكثير من الأفلام الأمريكية أصبحت تضم أبطالا من أصل آسيوى أو لاتينى، ولم تعد الثقافة الأمريكية نفسها متمحورة حول الكاوبوى البطل.
والحديث عن غزو ماكدونالدز، وأسلوب الحياة الأمريكى للعالم أيضا مردود عليه، فالطعام الصينى، والهندى، والمكسيكى، والإيطالى انتشر انتشارا كبيرا فى السنوات الماضية فى كل أنحاء العالم. والعولمة التى حظى من خلالها الهمبورجر والفاست فوود الأمريكى بهذا الانتشار لا تمنع الفول والطعمية مثلا من منافسة ماكدونالدز فى عقر داره. الأمر يتوقف على الفكر والمبادرة، واستغلال الفرص التى تتيحها العولمة، وتوظيف الاستثمارات التى تدعم هذا الفكر.
ومن هنا يرى أنصار العولمة، أنه على المدى البعيد، حين يتحقق اندماج معظم بقاع الأرض ومساهماتها بفاعلية فى العولمة، سوف تصبح العولمة أقل تأمركا، وأقل تمركزا حول الذات الغربية.

 

 

المصدر: أ/ هناء عبيد - موسوعة الشباب السياسية http://acpss.ahram.org.eg/ahram/2001/1/1/YOUN57.HTM
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 1045 مشاهدة
نشرت فى 5 أكتوبر 2011 بواسطة mowaten

ساحة النقاش

mowaten
يأتى الربيع العربى للثورات بمتطلبات ضرورية لعل من اهمها هو نشر التوعية السياسية بين المواطنين بوطننا العربى لارساء وتهيأة البيئة للعيش فى جو ديمقراطى طالما حلمنا به »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

284,133