يعمل البرلمان وفق مجموعة من القواعد، بعضها قانونى، والآخر يتمثل فى الثقافة السياسية السائدة.
فمن ناحية أولى، يحدد الدستور صلاحيات البرلمان واختصاصاته بوجه عام، مثل التأكيد على سلطته التشريعية وأنه الجهة التى تضع القوانين فى الدولة وتراقب أعمال الحكومة. ثم يوجد قانون يفسر تلك الاختصاصات بالتفصيل ويحدد مراحل عملية التشريع ذاتها أو مجالات رقابة البرلمان على أعمال الحكومة. تكون هناك لائحة داخلية لتنظيم عمل البرلمان، حيث تتضمن مجموعة من القواعد التى تنظم قيام الأعضاء بممارسة مهامهم البرلمانية، الرقابية والتشريعية، وكذلك التى تتعلق بهيكل عمل المجلس، وأجهزته الرئيسية، وتحديد حقوق وواجبات الأعضاء.
أما الثقافة السائدة فهى التى تؤثر فى مدى التزام الأعضاء بتلك المهام التشريعية والرقابية، ونوعية العلاقة بينهم وبين الحكومة، ودرجة احترامهم لواجباتهم البرلمانية.
وكلٌ من القواعد القانونية والثقافة السائدة يكمل بعضه البعض، ويحددان معا قوة البرلمان ونظرة المجتمع إليه.
ومن الناحية المؤسسية، فقد يتكون البرلمان من مجلس واحد أو من مجلسين، وذلك وفقا لعدد من العوامل التى يعرفها تاريخ الحياة البرلمانية، بعضها سياسى، مثل طبيعة نظام الحكم فى الدولة، والعملية التشريعية، والعلاقة بين البرلمان والسلطة التنفيذية، والآخر اجتماعى، مثل حجم السكان، ودرجة التلاصق الإقليمى، ومدى التفاوت الاقتصادى والاجتماعى والثقافى بين أقاليم الدولة.
ولا توجد قاعدة محددة اليوم فى الأخذ بهذا الأسلوب أو ذاك، سوى إرادة المجتمع، وما يقرره إطاره الدستورى والقانونى من قواعد لعملية التشريع.
فمن الملاحظ أن كلا من الأسلوبين يوجد فى دول العالم المعاصر على اختلافها، سواء كانت ملكية أو جمهورية ، وسواء كانت مركبة أو بسيطة، متقدمة أم نامية، كبيرة أو صغيرة المساحة والسكان، وسواء كان نظام الحكومة رئاسيا أو برلمانيا.
فعلى سبيل المثال، يوجد البرلمان ذو المجلسين فى دول ملكية (بريطانيا) وجمهورية (إيطاليا)، كما يوجد فى دول اتحادية مركبة (كالولايات المتحدة وألمانيا) وأخرى بسيطة موحدة (فرنسا)، وكذلك الحال بالنسبة لنظام البرلمان ذى المجلس الواحد.
إلا أن نظام المجلس الواحد قد انتشر فى أعقاب الحرب العالمية الأولى، وذلك فى دول مثل فنلندا، ودول البلطيق (لتوانيا، واستونيا، ولاتفيا)، ويوغسلافيا، واليونان، وكوستاريكا، والسلفادور، وبنما، وغيرها.. كما طبقته عدة دول حديثة النشأة بعد الحرب العالمية الثانية مثل غانا، وتنزانيا، والنيجر، ونيوزيلندة .
ولقد تعرّض هذا النظام الى انتقادات شديدة أهمها احتمال التسرع فى إصدار القوانين وكذلك التصادم المتكرر مع السلطة التنفيذية، فضلا عن غياب تمثيل متوازن لبعض الفئات والقطاعات الاجتماعية فى البرلمان، لاسيما تلك التى ترفض الدخول فى معترك الانتخابات وما يرتبط بها من مساوئ لأساليب الدعاية الانتخابية التى تؤثر على اتجاهات الناخبين بشكل قد لا يكون فى صالح وصول العناصر الأكفأ الى البرلمان، الأمر الذى دفع معظم دول العالم المعاصر الى الأخذ بنظام المجلسين.
وقد نبتت فكرة المجلسين فى انجلترا وسط ملابسات تاريخية طريفة، حيث شهد البرلمان فى مراحله الأولى انقساما بين ممثلى العامة وخصوصا المناطق الريفية وممثلى الطبقة الغنية والصناعية الجديدة من المدن، وتكررت المناوشات بين الفريقين مما أدى الى ارتباك العمل البرلمانى كثيرا، فاتجه ممثلو عامة الشعب الى الاجتماع فى قاعة مستقلة، أصبحت بداية لانفصال المجلسين فيما بعد.

 

المصدر: دكتور على الصاوى موسوعة الشباب السياسية http://acpss.ahram.org.eg/ahram/2001/1/1/YOUN27.HTM
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 185 مشاهدة
نشرت فى 5 أكتوبر 2011 بواسطة mowaten

ساحة النقاش

mowaten
يأتى الربيع العربى للثورات بمتطلبات ضرورية لعل من اهمها هو نشر التوعية السياسية بين المواطنين بوطننا العربى لارساء وتهيأة البيئة للعيش فى جو ديمقراطى طالما حلمنا به »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

284,180