أنشئ هذا المركز بموجب اتفاقية بين الحكومة المصرية و هيئة الأمم المتحدة و منظمة العمل الدولية في بداية عام 1953م ليقدم خدماته للمكفوفين في مصر و البلاد العربية .
و انطلق المركز بالكفيف كحركة اجتماعية رائدة إلى مجالات العلم و العمل بعد تحليل و دراسة لميوله و قدراته في إطار المفهوم الشامل للتأهيل ، و أُشهِر المركز بوزارة الشئون الاجتماعية كهيئة اجتماعية مركزية للنهوض بالخدمات التي تقدم لمن ينطبق عليهم تعريف كف البصر بجمهورية مصر العربية و له أن يقدم خدمات إقليمية نموذجية في إعداد العاملين و رعاية و توجيه المكفوفين أو أية خدمات أخرى في الوطن العربي وفقاً للاتفاقيات المعقودة أو التي تعقد لذلك على أن يتناول نشاطه بصفة أساسية النواحي الآتية :
- الإسهام في توفير التعليم العام و المهني للمكفوفين .
- إتاحة فرص عمل للذين يتم تعليمهم أو تأهيلهم .
- النهوض بالمستوي الثقافي لهم .
- تدريب المختصين من المدرسين و الأخصائيين الاجتماعيين و النفسيين على أساليب رعاية و تأهيل و تربية المكفوفين .
- نشر الوعي العام بأساليب الوقاية من كف البصر .
- العمل على اكتساب رأي عام سائد لرعاية و توجيه المكفوفين .
و من أجل ذلك أنشأ المركز عدة فروع يمارس كلاً منها نمطاً من النشاط الذي يحقق أحد أهدافه .
أولاً : خدمات التدريب و الرعاية الطلابية :
و تشمل هذه الخدمات مراحل التعليم الثلاث الابتدائي و الإعدادي و الثانوي بإشراف وزارة التربية و التعليم حيث يدرس الطالب الكفيف نفس المناهج الدراسية التي يدرسها الطالب المبصر .
و يتمتع الطلاب الملتحقون بهذه المدارس بالخدمات و أوجه الرعاية التالية :
الرعاية الصحية :
عن طريق العيادة الشاملة التي تقدم خدماتها للطلبة في طب العيون و الأمراض الباطنية و صرف الأدوية و النظارات الطبية إلى من هم في حاجة إليها .
الرعاية الاجتماعية :
من خلال البحوث الاجتماعية و النفسية و الدراسات التعليمية الهادفة لتغطية احتياجات الطلبة الاجتماعية و الثقافية و ربطهم بالبيئة و إدماجهم في المجتمع .
الرعاية الثقافية و الرياضية :
من خلال مكتبات المركز التي تضم قاعات القراءة للكتب المكتوبة بطريقة برايل في مختلف ألوان الآداب و العلوم باللغات العربية و الإنجليزية و الفرنسية و كذا الاستماع للكتب المسموعة المسجلة على أشرطة الكاسيت و تنظيم الندوات و المحاضرات و الرحلات و الحفلات الموسيقية و المسابقات الرياضية .
الرعاية الداخلية :
و تشمل المأكل و الملبس و خدنات النظافة و غيرها و ذلك تحت إشراف و توجيه الأخصائيين الاجتماعيين و النفسيين .
ثانياً : خدمات التأهيل الاجتماعي :
حيث يتم تأهيل من يتعذر عليه مواصلة تعليمه النظامي و ذلك بتدريبه على بعض الحرف و الصناعات التي تساير روح العصر لإتاحة فرص العمل للمكفوفين بعد التخرج و حصولهم على شهادات التأهيل الرسمية المعتمدة من الدولة للتوظف في مختلف القطاعات و مواقع العمل و الإنتاج بالحكومة و القطاعين العام و الخاص في إطار النسبة التي حددها القانون للمعوقين ( 5% من عدد العاملين ) ، و من هذه الحرف صناعة منتجات الخيزران و الموبيليات و أدوات النظافة و المصنوعات الجلدية من الحقائب و الأحذية و المصنوعات الخشبية و الأثاث المنزلي .
ثالثاً : العناية بالطفل الكفيف قبل سن الدراسة :
و يتم ذلك من خلال الروضة التي أنشأها المركز و التي تستقبل الأطفال المكفوفين من الجنسين من سن ثلاث سنوات إلى ما قبل سن الدراسة ( 6 سنوات) للعمل على تكيفهم و إعدادهم للالتحاق بمدارس المكفوفين بعد إكسابهم الثقة في أنفسهم و التعامل مع البيئة المحيطة بهم و تدريبهم على الحركة و اكتشاف و صقل هواياتهم مع تدريب أسرهم على كيفية التعامل معهم بأساليب علمية بعيدة عن الارتجال .
رابعاً : الطباعة و النشر :
حيث توجد بالمركز مطابع للكتابة البارزة بطريقة برايل و هي المطابع الوحيدة في جمهورية مصر العربية لطباعة جميع كتب المناهج التعليمية لمراحل التعليم المختلفة لجميع مدارس و معاهد النور بالجمهورية و للأفراد و المؤسسات العاملة في ميدان المكفوفين بمصر و الدول العربية و ذلك بالإضافة إلى قيامها بطباعة : المصحف الشريف ، الكتب الدينية ، الكتب الثقافية ، قصص الأطفال ، الكتب الموسيقية ، الخرائط البارزة ، وسائل الإيضاح ، التقويم السنوي ( الهجري و الميلادي ) ، المعاجم و القواميس العربية و الإنجليزية ، مجلة مصباح التي يصدرها المركز شهرياً للكبار ، مجلة دنيا للأطفال التي يصدرها المركز شهرياً للأطفال ، أسئلة امتحانات النقل و الشهادات العامة لجميع مدارس المكفوفين بمصر .
خامساً : رعاية المكفوفين في بيئاتهم :
استلزم التوسع الجغرافي لمدينة القاهرة و ما استتبعه من زيادة سكانية في مختلف أنحائها أن تصل خدمات المركز للمكفوفين في هذه المناطق مع تعريف بيئتهم برسالته للمشاركة فيها فقد أنشأ المركز وحدات للرعاية البيئية و المنزلية بالأحياء الشعبية ذات الكثافة السكانية العالية و التي يتزايد فيها عدد المكفوفين و ذلك في أحياء مدينة القاهرة بالسيدة زينب و الخليفة و بولاق و شبرا و الزيتون للاستفادة من إمكانيات البيئة المادية و البشرية و الانتفاع بمواردها و خدماتها بما يتفق و يتناسب مع احتياجات المكفوفين .
و لم يغفل المركز الكفيف في الريف حيث أنشأ وحدة ريفية لتقديم خدماته للمكفوفين من أبناء قرية برنشت التابعة لمركز العياط بمحافظة الجيزة و القرى المجاورة لها للتدريب على بعض الصناعات التي تحتاجها القرية من الخدمات المحلية مثل منتجات ألياف النخيل بالإضافة إلى تربية الدواجن .
سادساً : الأندية الثقافية الاجتماعية للمكفوفين و أسرهم :
لا تقف خدمات المركز عند حد رعاية الكفيف فقط بل تمتد خدماته لتشمل الكفيف و أسرته و العمل على تكيفهم مع البيئة و إدماجهم فيها من أجل هذا أنشأ المركز الأندية الثقافية و الاجتماعية لهم التي يلتقي فيها كافة المكفوفين و أسرهم سواء المشمولين منهم برعاية المركز أو الذين ألحقوا بأعمال خارجية حيث يلتقي الجميع في فراغ أوقاتهم داخل هذه الأندية ليمارسوا بعض الألعاب الرياضية المناسبة و الألعاب الداخلية المسلية و يمارسون الاطلاع في المكتبة و تنظم لهم و لأسرهم من خلال هذه الأندية المحاضرات و الندوات الثقافية و الرحلات و المعسكرات الصيفية و غيرها .
سابعاً : معهد الموسيقي :
تعتبر الموسيقى من الهوايات المفضلة عند المكفوفين و قد عمد المركز إلى صقل هذه الهواية عندهم بالأسلوب العلمي بتوفير الكتب الموسيقية العلمية و طبعها بطريقة برايل و تزويدهم بالآلات الموسيقية اللازمة و تحت إشراف نخبة من الأستاذة و المدربين ذوي الخبرة في الفنون الموسيقية و الصوتية من خلال معهد خاص للموسيقى يحصل فيه المتدرب على مستوى دراسة أكاديمية لمدة أربع سنوات وفق برامج معاهد الموسيقى الرسمية .
و يمارس خريجو المعهد العمل بعد ذلك في التدريس بالمدارس الرسمية و في العمل الحر بالفرق الموسيقية ، و يرى الدكتور عبد الرحمن سليمان (في كتابه القيم تربية غير العاديين وتعليمهم) أنه بالإضافة إلى الأنشطة التي سبق الإشارة إلى بعضها فقد قام المعهد بتخريج عدد غير قليل من خريجي هذا المعهد الذين وصلوا إلى مرتبة النجوم في التلحين و الموسيقى و الغناء على المستويين المحلي و الدولي .
و على المستوى الشخصي يتم تدريب هواة الموسيقى بوحدات التعليم المنزلي التابعة للمركز بأحياء القاهرة حيث أصبح هؤلاء يكونون حالياً فريقاً للكورال و الموسيقى يشارك في تنفيذ كثير من الحفلات في مختلف المناسبات بالهيئات و الأندية و المسارح و المدارس و المؤسسات الاجتماعية و غيرها .
ثامناً : تأهيل المدرسين و الأخصائيين العاملين في مجال رعاية المكفوفين :
حيث أن العمل مع المكفوفين يقوم على العلم المتخصص كما أن تطبيق هذا العلم يحتاج إلى خبرة و ممارسة وفن ؛ لهذا فقد أنشأ المركز بالتعاون مع وزارة التربية و التعليم نظاماً تأهيلياً خاصاً بالمدرسين العاملين في مدارس النور و كذا الأخصائيين و النفسيين العاملين في مجال رعاية المكفوفين حيث يلتحقون بالدراسة عن طريق بعثة داخلية لمدة سنة دراسية يتلقون فيها بعض الدراسات النظرية و التدريبات العملية و القيام بالبحوث التطبيقية تحت إشراف نخبة ممتازة من أستاذة الجامعات .
تاسعاً : المكتبة المركزية لكتب المكفوفين :
تضم هذه المكتبة ما يزيد عن الخمسة آلاف كتاب مطبوعة جميعها بالخط البارز من الكتب الدينية و الثقافية و التعليمية و القواميس و الكتب الأدبية و القصص للكبار و الصغار فضلاً عما يرد إليها من كافة المكتبات المماثلة في بعض الدول العربية و الأوروبية .
و لهذه المكتبة فرع بدار الهيئة القومية للكتاب بالقاهرة ، و يتفرع عن هذه المكتبة فرع لبيع الكتب و المجلات للمكفوفين بأسعار مدعمة من المركز و يصل الدعم إلي ما يقرب من 60% من قيمتها الفعلية .
عاشراً : المكتبة المسموعة :
في مجال تطوير خدمات المكفوفين و بمعونة من جمعية الرعاية المتكاملة تم إنشاء وحدة تسجيل صوتي كاملة مزودة بأحدث الوسائل لتسجيل كافة المناهج الدراسية لمرحلتي التعليم ( الأساسي و الثانوي ) بالإضافة إلى طبع بعض الكتب الثقافية و بعض مقررات الدراسة الجامعية بالاستعانة بما لدى البرامج التعليمية بالإذاعة و التلفيزيون من تسجيلات و كذا التسجيلات الصوتية الموجودة بإدارة الوسائل التعليمية بوزارة التعليم .
و لا يقف دور هذه المكتبة عند حد خدمة طلاب المركز و المنتسبين إليه بل يمتد ليشمل تزويد كافة مدارس المكفوفين في جميع أنحاء الجمهورية بكل ما تحتاجه من هذه التسجيلات و قد زودت هذه المكتبة بقاعة استماع جيدة لخدمة المترددين عليها.
إعداد: د.أحمد مصطفى شلبي
ساحة النقاش