مُقَدِّمَةُ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ
قَالَ الْفَقِيهُ الْقَاضِي الْإِمَامُ أبو الفضل رحمه الله :
لاخفاء عَلَى مَنْ مَارَسَ شَيْئًا مِنَ الْعِلْمِ، أَوْ خُصَّ بِأَدْنَى لَمْحَةٍ مِنَ الْفَهْمِ ، بِتَعْظِيمِ اللَّهِ قَدْرَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخُصُوصِهِ إباه بِفَضَائِلَ وَمَحَاسِنَ وَمَنَاقِبَ لَا تَنْضَبِطُ»
لِزِمَامٍ، وَتَنْوِيهِهِ مِنْ عَظِيمِ قَدْرِهِ بِمَا تَكِلُّ عَنْهُ الْأَلْسِنَةُ وَالْأَقْلَامُ ؛ فَمِنْهَا مَا صَرَّحَ بِهِ تَعَالَى فِي كتابه، ونبّه به على جليل نصابه ، وأثنى به عَلَيْهِ مِنْ أَخْلَاقِهِ وَآدَابِهِ، وَحَضَّ الْعِبَادَ عَلَى التزامه وتقّلد إيجابه . فَكَانَ جَلَّ جَلَالُهُ هُوَ الَّذِي تَفَضَّلَ وَأَوْلَى، ثُمَّ مَدَحَ بِذَلِكَ وَأَثْنَى، ثُمَّ أَثَابَ عَلَيْهِ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى، فَلَهُ الْفَضْلُ بَدْءًا وَعَوْدًا، وَالْحَمْدُ أُولَى وَأُخْرَى ...
وَمِنْهَا مَا أَبْرَزَهُ لِلْعِيَانِ مِنْ خَلْقِهِ عَلَى أَتَمِّ وُجُوهِ الْكَمَالِ وَالْجَلَالِ، وَتَخْصِيصِهِ بالمحاسن الجميلة، والأخلاق الحميدة، والمذاهب الْكَرِيمَةِ، وَالْفَضَائِلِ الْعَدِيدَةِ، وَتَأْيِيدِهِ بِالْمُعْجِزَاتِ الْبَاهِرَةِ، وَالْبَرَاهِينِ الْوَاضِحَةِ، وَالْكَرَامَاتِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي شَاهَدَهَا مَنْ عَاصَرَهُ ، وَرَآهَا مَنْ أَدْرَكَهُ ، وَعَلِمَهَا عِلْمَ يَقِينٍ مَنْ جاء بعده حتى انتهى علم حقيقة ذَلِكَ إِلَيْنَا، وَفَاضَتْ أَنْوَارُهُ عَلَيْنَا صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم .
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِالْبُرَاقِ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ مُلْجَمًا مُسْرَجًا فَاسْتَصْعَبَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: أَبِمُحَمَّدٍ تَفْعَلُ هَذَا؟!! فَمَا رَكِبَكَ أَحَدٌ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْهُ ... قَالَ: فَارْفَضَّ عرقا .