بِمَ التَعلُلُ
2/6/2016 3:02:31 AM/time>
بقلم: الدكتور محمد حيدر محيلان
بِمَ التَعلُلُ وقد فسدَ الصالحُ، وسادَ الفاسدُ، ونهب الأبنُ وتآمر الاخُ، وظلم القريبُ، وتجاهل الشقيقُ المُترَفُ.. وانسلخ الصديقُ وقتَ الضيق.. وجَهلَ العالِمُ، وأفتى الجاهلُ، وخانَ الوفيُ وكذب الصادقُ، وسُفكت الدماءُ ونضب الماءُ، واستُبيحت الاعراض، وانتشرت الامراضُ، وشُرِد الملايين،... فبِمَ التَعلُلُ ؟؟ !!
فمن أزمة الى أزمة، ومن صفعة الى صفعة، ومن فاسد الى مفسد، ومن سارق الى مارق، وكلما جاءت حكومة لعنت اختها، وسفَهت سابقتها وأذلت، وألقت مسؤليتها وتخلت، واشعرتنا انها هي المخَلِص الروحي والاقتصادي من خطايا وتخبط من سبقها، ووعدتنا بانفراج الازمة الاقتصادية، وجلب الرفاه وتجلت (فخزقنا اذاننا )، وابتهلت افئدتنا وبنينا طموحاتنا، ورسمنا مشاريعنا وخططنا آمالنا، وما فتِئتْ ان تلاشت وتبخرت ... حتى يأسنا وصرنا نُكذِب الاقاويل والوعود ونهز رؤوسنا أو نحرك شفاهنا وعيوننا بدون تعليق... حيث سئمنا الحديث والتعليق...
فبين حانا ومانا ضاعت لحانا، وهما امرأتان لزوج غابر، كان كلما دخل إلى حجرة (حانة) وهي الصغيرة السن، تنظر إلى لحيته وتنـزع منها كل شعرة بيضاء وتقول: لا يليق الشعر الشائب بهذه اللحية الجميلة وهذا الشاب الانيق، فيذهب الرجل إلى حجرة (مانة) الزوجة الكبيرة، فتمسك لحيته هي الأخرى وتنـزع منها الشعر الأسود معللةً ان السواد لا يليق بلحية رجل كبير السن جليل القدر مثله، ودام حال الرجل على هذا المنوال إلى أن نظر في المرآة يومًا فلم يجد الا شعيرات، فمسك بهن بعنف وقال : "بين حانة ومانة ضاعت لحانا" ...
ونحن كلما اتانا رئيس حكومة انتزع من جيوبنا الاسود والابيض، ليدعم الاقتصاد المتهاوي ويبني ما تصدع من بنيان ، نتيجة السياسات الخاطئة والاجتهادات الغبية، التي يقترحها صبيان ومستشارون في الحكومات امثال مختار القرية التي عَلِقَ رأس ثور لها في جرة فخارية، فاقترح كبار فقهائهم كسر الجرة، بينما اقترح كبار المستشارين قطع راس الثور، مما الجأتهم حيرتهم (للمختار الحكيم والشيخ العليم) الذي أشار عليهم بقطع رأس الثور، ثم كسر الجرة، ففعلوا...، وجلس يبكي، فقيل له يا شيخنا الحكيم ما يبكيك؟؟ فقال ويلي عليكم، غدا اذا متُ، فمن سيحل مشاكلكم بعدي ..
فكم (رجل حكيم كمختار القرية ) بكى على حالنا بعد ما ترك المنصب، مدعيا انها ستخرب بعده ؟؟ وكم مستشار افتى بقرار اقتصادي ضيَع فيه الرأس والجرة !! ، ثم ابتلينا بمجالس نواب (ممثلين على الامة)،لا رقابة ولا تشريع يليق بمستوى المرحلة، ألم ترهم يتسابقون للخطابة وتسجيل المواقف، لقرب انتهاء مدتهم وصلاحيتهم، فيسعون لخَطْبِ ود المغفلين من الناخبين والناخبات،الاحياء منهم والاموات... وقد امضوا عمر المجلس يخطبون ود الحكومة، وينافقونها ويصفقون لها.. فبين الحكومات النائحة ومجالس النواب الفاضحة.. ضاعت لحانا... وضيعنا أزماناً...واوطانا...
وهكذا..سنبقى مالم نجلس بجرأة ومكاشفة وصراحة، ونعترف بالمرض والخلل، وبفشل السياسات والخطط الموضوعة، ونقول للباكي على حالنا بعد ذهابه.. انت فاشل وغبي تنحى واجلس ببيتك، واترك الجرح للطبيب الماهر والطاهر، والحكيم النزيه الأمين، ليستأصل الداء ويصف الدواء، لكي نشفى جميعا.
فنحن مستعدون للصبر على الم الجرح ونزف الدم ودفع المال، اذا كان ذلك يشفي الالم العضال، والداء الناخر في عظم الدولة ... وليس المخرج الوحيد من نفق الازمة، سوى الإنسان الاردني النظيف والامين، فهو رأس المال الحقيقي الذي نملكه في الاردن، وقد عدمنا الموارد المادية والطبيعية الاساسية، لنشوء وتطور ونماء الدولة.
فلنهييء الفرد الصالح والمؤهل والمنتمي، ونجَعْله عنصرا قادرا على العطاء والمساهمة في تطوير مستقبل بلده، من خلال منظومة تعليم وتربية رائدة ومميزة، ومنظومة قيم ثقافية ايجابية، تقوم على الاخلاق الحميدة والنزاهة والامانة والواقعية، ومحاربة الفساد، (فعلا لا قولا)، تكون مخرجاتها كفاءات قيادية نزيه ونظيفة، تضع رؤية شاملة لادارة الموارد المتاحة، وترسم اهداف وطنية، وتعمل باصرار ومثابرة على تحقيقها وانجازها بنجاح.
بدون هؤلاء القادة والكفاءات المميزة، الامناء على الامة والوطن والمخلصون لها، لن يتعافى الوطن ولن يصمد امام التداعي والفلتان الامني، والمد المتطرف، والنيران المشتعلة حوله .. وبهؤلاء فقط ممكن نتجاوز الازمة وندخل في مرحلة التنمية والتطوروالنماء،والا فلا مناص، ولا مخرج من مستنقع الفساد والتخلف المظلم الكريه.
- See more at: http://kenanahnews.com/Details.aspx?ID=223#sthash.pYVNob31.ntDxO7S3.dpuf
ساحة النقاش