موقع الكاتب: د. "محمد حيدر" صادق محيلان

موقع ثقافي فكري يضم منشورات الكاتب في الصحف والمواقع الاليكترونية

 

ناقة الرئيس الفرنسي وسقياها

[4/11/2013 5:08:05 PM] محمد حيدر محيلان

يحكى أن الرئيس الفرنسي (فرانسوا هولاند) في آخر زيارة له لمالي أُهدي إليه ناقة جميلة عندما زار (تمبكتو) في شهر فبراير الماضي، وتركها عند عائلة هناك لرعايتها. وذلك عرفانا بالجميل من قبل الرئيس المالي الذي تواجه بلاده ثورة وهجمات من قبل إسلاميين حيث ساهمت فرنسا بقمع الثورات الإسلامية في مالي بقوات مسلحة تقدر بأربعة ألاف جندي فرنسي.

وقال الرئيس المالي لاهل البلدة : هذه ناقة (فرانسوا) وسقياها فاحفظوها له وأكرموا نزلها ومثواها, عرفانا بجميله علينا بمساعدته بقمع الثوار المسلمين ,,,لكن أهل (تمبكتو) والذين هم جزء من شعب المالي الذي يقدر عددهم بحوالي خمسة عشرة مليون, ونصفهم يعيش تحت خط الفقر.

لكن أهل (تمبكتو) حين ادلج ليلهم وخلت بيوتهم من القوت وذاقت ذات ايديهم وتضور أبناؤهم جوعا, عدوا على ناقة (فرانسوا) فعقروها وتلذذوا بطهيها وأكلها تاركين امرها وحرج الموقف للرئيس المالي الذي هو مسؤول عن توفير طعامهم وأمنهم , فما كان من الرئيس المالي إلا أن أهدى ناقة أخرى إلى الرئيس الفرنسي، (فرانسوا هولاند)، تعويضا عن ناقته المعقورة وقال معتذرا: إننا نشعر بالخجل لما حدث، فالناقة هدية، وما كان لها أن تلقى ذلك المصير.

إن هذا المصير التي آلت إليه الناقة الهدية,غير مستهجن ولا فاضح , فالأصل والذوق والأدب يلزم الرئيس الفرنسي أن لا يستهين بالهدية المقدمة لهُ مهما كانت قيمتها. ذلك أن الهدية يُنظر إليها من منظار معنوي أخلاقي وليس منظار مادي جامد,وكم من هدية لا قيمة لها ماديا تركت في النفوس أثراً أضعاف ما تتركه الهدية المرتفعة الثمن. و أثر عن الرسول عليه السلام انه قال : ( لو أهدي إلي كُراعٌ لقبِلته ) والكراع هو عظم الساق من الشاة.

ذلك أن فلسفة الهدية بالأساس هي التعبير للطرف الآخر بالتقدير والاحترام والمحبة والتعبير عن الاهتمام به. أما أن يترك الرئيس الفرنسي الهدية عند أصحابها فليس من الذوق العام , ولا حجة ولا مبرر له بضخم الهدية , وإلا كيف يبرر إيصال القوات والأسلحة المدججة المحمولة جوا إلى مالي وغيرها من دبابات وراجمات صواريخ وغيرها مما يزن آلاف الأطنان !!

وكان الأحرى والاوجب بروتوكوليا ودبلوماسيا من الرئيس الفرنسي أن يأخذ هديته بوسائله ذات القدرات المتفوقة وما كان على الرئيس المالي أن يعوض بهدية أخرى .

وأما بالنسبة لعاقري الناقة فألف (صحة وهَنا) على قلوبهم, فلن يدمدم عليهم ربهم بذنبهم ولن يسوي عليهم الأرض ولا يخافوا ولا يحزنوا على ما فعلوا ,لان الجوع كافر ولا مانع ديني أو اجتماعي أو عشائري من عقر الناقة الأخرى وأكلها إذا تركها المهدى إليه , وإذا استبد الجوع وطغى الفقر وضاقت السبل بالماليين.

المصدر: عمون الاخبارية
  • Currently 1/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
1 تصويتات / 201 مشاهدة
نشرت فى 16 إبريل 2013 بواسطة mohammadhaider

ساحة النقاش

الدكتور (محمد حيدر) صادق محمود محيلان

mohammadhaider
موقع ثقافي فكري للكاتب الدكتور "محمد حيدر" صادق محيلان . - الكاتب من مواليد مدينة اربد عام 1963. - الاصل من سوم - عشيرة المراشدة - درس في مدارس اربد الابتدائية والاعدادية والثانوية وترعرع في مرابعها . - قضى معظم مراحل دراسته يعمل في محل ابيه , وحتى الانتهاء من »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

54,041

مختارات :السعي في حاجة الناس:

 

السعي في حاجة الناس:

 عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم      :

من سعى لأخيه المسلم في حاجة فقضيت له أو لم تقض، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وكتبت له براءتان براءة من النار وبراءة من النفاق.