موقع الكاتب: د. "محمد حيدر" صادق محيلان

موقع ثقافي فكري يضم منشورات الكاتب في الصحف والمواقع الاليكترونية

authentication required

 

أي الفريقين أحق بالعباءة؟؟؟

[2/16/2013 5:22:26 PM] محمد حيدر محيلان

العباءة العربية ترمز للعزة والكرامة والشرف والوفاء. وهي تترجم العادات والتقاليد النبيلة التي كان يتحلى بها العربي من النخوة والنجدة وإغاثة الملهوف ونصرة المظلوم والذود عن الأهل والأسرة والعشيرة, وهي تدل على السيادة والوجاهة , وكانت تنتقل بمراسم احتفالية مهيبة عند وفاة شيخ القبيلة إلى نجله الأكبر, الذي لم يرث السيادة والوجاهة على العشيرة وحسب بل ورث جميع القيم النبيلة أو بالأحرى هي متأصلة فيه أب عن جد.

وكان يعني ذلك أن هذا الشيخ انتقلت إليه الولاية والمسؤولية الجسيمة في الحفاظ على وصون نفس ودم وعرض وسمعة القبيلة فلا تمس من قريب أو بعيد وكانت بمثابة بيعة من أبناء القبيلة لشيخهم الذي استحق الوجاهة عن جدارة وأهلية وكفاءة ونسب وحسب وأصالة .

وكانت تصل مشاعر الشيخ تجاه عشيرته وقبيلته حد التقديس وان دم اقرابائه مقدسا وعرض بنات عشيرته مقدسا لا يجروء احد أن يمسه بسوء .

وكان يتوج تنصيبه بالعباءة من قبل (وجوه العشيرة) (عشيرته الذين يمثلهم) وليس سواهم, لإيمانهم الكامل بقدسية القبيلة وسمعتها لديه, وللحميمية والدفء والرابطة القوية بينه وبين أفراد العشيرة الواحدة وتمسكه بتلك الرابطة.

فهو حامي العشيرة والناطق باسمها ورمز رجولتها كابر عن كابر. إنه منهم وإليهم، ومصلحتهم - لا مصلحته الخاصة أو الشخصية - هي التي توجهه أهدافه وتطلعاته، ولا هم له غير همومهم، فهو ليس فقط رمزهم، بل كذلك محقق العدل والعدالة في مجتمعهم (عشيرتهم)، فهو بعيد عن الأنانية وحب الذات, أي انه لا يحب لنفسه مالا يحرمه على غيره, ولا يستأثر بخير ولا نعيم دون خيرهم ونعيمهم.

وأن العباءة التي يلبسه إياها أبناء قبيلة غريبة على قبيلته من (المتزلفين والمزاودين والطامعين بعطاياه) من أبناء العشائر الأخرى لا تتصل بالسيادة والوجاهة ولا الشرعية بشيء, على أبناء قبيلته , بعد إذ خلعوا عنه عباءتهم الشرعية واسقطوا عن رأسه شماغه وعقاله .

فذلك سلوك أشبه بمن تسمى عندنا (أشفق من الولاًدة) وتنعت بنعوت مزرية حيث لا يوجد من تدعي أنها أشفق من الأم على ولدها إلا الكاذبة والفاسقة وو... ومن يتراكض ليغطي سوءة من تكشفت سوءته بعد إذ خلعه قومه وذهب ليثبته هو (أشفق من الولادة) عهرا ونفاقا.

العباءة تعني الأمن والأمان والسلام الذي يكون الشيخ قادرا على إحلاله لينعم به أهل قبيلته, وهي تعني الوفاء الذي إذا وجد في امة أثناها عن القضاء لان القضاء يُستجلب للذين لا يعرفون الوفاء,والخونة الذين يتاجرون في دماء وأعراض ورزق وقوت أبناء قبيلتهم وعشيرتهم.

من يستحق أن يتوج بالعباءة يجب أن يكون شجاعا ومقداما أي انه يأخذ الحق ويعطيه,ويدفع الباطل ولا يدنيه,فلا يستأثر بالمنصب والسلطة إذا كانت رغبة عشيرته وأهله أن يتنازل عن المنصب لسبب يتعلق بعدم أهليته لذلك المنصب, وأجمعت عشيرته وقبيلته على استبداله فيصدع بيسر وسلاسة لرغبتهم, فلا يستبد ولا يتجبر.

أسوة بخير الناس من الصحابة رضوان الله عليهم, فها أبو بكر يخاطب الأمة بقوله "أطيعوني ما أطعت الله فيكم فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم". فلا امن ولا أمان لمن يلبس الظلم ويعتمر الضلالة ويتحصن بالباطل ويستقوي بالعصيان والجبروت.

(فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81)الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82)(الأنعام).

فأي الفريقين أحق بالعباءة , المنسلخ عن قبيلته وأهله, وقد خلعت عنه عباءتها لسوء تدبيره وتنكيله بها وبطشه بدمها وعرضها, ومضيعة أمنها وأمانها وقلة وفائه وخيانته لها, أم الراعي لها الواصل لذمتها المحافظ على دمها وعرضها وتماسكها؟؟؟

فلو إن كل مزاودي العالم ومنافقيها اجتمعوا على صعيد واحد ومعهم كل عباءات الأمة العربية والبسوه إياها ما ثبتوه ولا شيخوه ولا سيدوه ما دام أبناء قبيلته وأهله خلعوه.

المصدر: عمون الاخبارية
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 61 مشاهدة
نشرت فى 16 فبراير 2013 بواسطة mohammadhaider

ساحة النقاش

الدكتور (محمد حيدر) صادق محمود محيلان

mohammadhaider
موقع ثقافي فكري للكاتب الدكتور "محمد حيدر" صادق محيلان . - الكاتب من مواليد مدينة اربد عام 1963. - الاصل من سوم - عشيرة المراشدة - درس في مدارس اربد الابتدائية والاعدادية والثانوية وترعرع في مرابعها . - قضى معظم مراحل دراسته يعمل في محل ابيه , وحتى الانتهاء من »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

54,399

مختارات :السعي في حاجة الناس:

 

السعي في حاجة الناس:

 عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم      :

من سعى لأخيه المسلم في حاجة فقضيت له أو لم تقض، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وكتبت له براءتان براءة من النار وبراءة من النفاق.