جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
........... الخضر..................... أم القَدَر ؟
.....................................................................................................................................
كيف تفوق العبد الصالح ( القدر) الخضر عليه السلام على النبى البشر وأحاط بما لم يحط به النبى المدلل صاحب الوحى وكليم الله ( موسى عليه السلام )
...............................................................
هل توقفت يوما لتتسائل عن سيدنا الخضر عليه السلام ؟
هل هو نبي أم ولي أم عالم أم ماذا ؟
هل انتابتك الدهشة لهذا الذي جعله الله أكثر علما و حكمة و رحمة من نبي مرسل ؟
.....................................................................................................................................
أتساءلت يوما لماذا كل هذا الإصرار أن يصل سيدنا موسى عليه السلام لبلوغ المكان الذي سيلاقي فيه سيدنا الخضر عليه السلام ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً ﴾.
و لماذا سيدنا موسى تحديدا الذي قدر له من بين جميع الأنبياء و الرسل أن يقابل سيدنا الخضر الأكثر علما و رحمة؟
الأكيد أن هذه القصة تحديدا تختلف تماما عن كل القصص ، قصة موسى و العبد الصالح لم تكن كغيرها من القصص ، لماذا ؟
لأن القصة تتعلق بعلم ليس هو علمنا القائم على الأسباب ، و ليس هو علم الأنبياء القائم على الوحي ، إنما نحن في هذه القصة أمام علم من طبيعة أخرى غامضة أشد الغموض علم إغترفه الخضر من مكان لن يبلغه نبى ولا رسول ) وهو
علم (القدر الأعلى) علم أسدلت عليه الأستار الكثيفة ، كما أسدلت على مكان اللقاء و زمانه و حتى الإسم ﴿ عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا ﴾ ، هذا اللقاء كان استثنائيا لأنه يجيب على أصعب سؤال يدور في النفس البشرية منذ خلق الله آدم إلى أن يرث الله الأرض و ما عليها
السؤال
لماذا خلق الله الشروالفقروالمعاناة والحروب والأمراض؟لماذا يموت الأطفال؟
كيف يعمل القدر؟
البعض يذهب إلى أن العبد الصالح لم يكن إلا تجسيدا( للقدر...المتكلم) لعله يرشدنا ﴿فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً
أهم مواصفات (القدر المتكلم) أنه رحيم عليم أي أن الرحمة سبقت العلم .
واى رحمة يستوعبها العقل البشرى تتناسق مع قتل غلام لم يرتكب جرما ووحيد والديه ....أى رحمة فى خرق سفينة هى مورد الرزق الوحيد لليتيمين ... أى رحمة بقرية لا تكرم الغريب ولا تأوى الضعيف اجمعت على البخل ليبنى جدار للقرية التى اهلكتهم جوعا وعطشا ورفضت ايوائهم
فقال النبي البشر ( موسى ) : ﴿ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً ﴾
قطعا موسى يعلم حقيقة الخضر وإلا مال طلب منه ذلك
يرد القدر المتكلم ( الخضر ) :
﴿ قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً ﴾ ﴿ وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً ﴾
لأن (أقدار الله ) فوق امكانيات العقل البشري ولن تصبر على التناقضات التي تراها
يرد موسى بكل فضول البشر : لمعرفة تلك الأسرار
﴿ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْراً ﴾
هنا تبدأ أهم رحلة توضح لنا كيف يعمل القدر؟
يركبا في قارب المساكين فيخرق الخضر القارب .. تخيل المعاناة الرهيبة التي حدثت للمساكين في القارب المثقوب .. معاناة ، ألم ، رعب ، خوف ، تضرع .. جوع ... وتشرد
جعل موسى البشري يقول ﴿ قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً ﴾ ..
اذن غرق السفينة فى غرق أهلها لأنها ملاذهم ونجاتهم هكذا تخيل العقل البشرى غرق السفينة إما غرق جسدى فى البحر وإما غرق مادى ومعنوى فى تلفها
.....................................
عتاب للقدر كما نفعل نحن تماما .. أخلقتني بلا ذرية كي تشمت بي الناس؟ ؟ أخلقتنى لتهيننى لماذا يا رب ضيقت على رزقى أفصلتني من عملي كي أصبح فقيرا؟ أزحتني عن الحكم ليشمت بي الأراذل ؟ يارب لماذا كل هذه السنوات في السجن ؟ يارب أنستحق هذه المهانة..........................
﴿ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً ﴾ ألم أقل لك أنك أقل من أن تفهم الأقدار ؟ ثم يمضيا بعد تعهد جديد من موسى بالصبر ..
يمضي الرجلان .. و يقوم الخضر الذي وصفه ربنا بالرحمة قبل العلم بقتل الغلام
و يمضي .. فيزداد غضب موسى عليه السلام النبي الذي يأتيه الوحي .. و يعاتب بلهجة أشد ..
﴿ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا ﴾
تحول من إمراً إلى نكراً
و الكلام صادر عن نبي أوحي إليه.. لكنه بشر مثلنا .. و يعيش نفس حيرتنا
يؤكد له الخضر مرة أخرى ﴿ أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً ﴾
ثم يمضيا بعد تعهد أخير من موسى كليم الله بأن يصمت و لا يسأل ..
فيذهبان إلى القرية فيبني الخضر الجدار ليحمي كنز اليتامى
و هنا ينفجر موسى .. فيجيبه من( سخره ربه) ليحكي لنا قبل موسى حكمة_القدر .. ﴿ قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرا ً﴾
هنا تتجلى حكمة الإله و التي لن تفهم بعضها حتى يوم القيامة ..
الشر نسبي .. و مفهومنا كبشر عن الشر قاصر .. لأننا لا نرى الصور الكاملة
هل رحبت ورضيت أم الغلام القتيل بقضاء الله ورضيت وإحتسبت
الجواب لا .. بالتأكيد قلبها انفطر و أمضت الليالي الطويلة حزنا على هذا الغلام الذي ربته سنينا في حجرها ليأتي رجل غريب يقتله و يمضي .. و بالتأكيد .. هي لم تستطع أبدا أن تعرف أن الطفل الثاني كان تعويضا عن الأول
وأن الأول كان سيكون عاقا وسيئا﴿فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً﴾
فهنا نحن أمام شر مستطير حدث للأم ولم تستطع تفسيره أبدا ولن تفهم أم الغلام أبدا حقيقة ما حدث إلى يوم القيامة
نحن الذين نمر على المشهد مرور الكرام لأننا نعرف فقط لماذا فعل الخضر ذلك؟ فقد أخبرنا بها ربنا فى رد الخضر على موسى وتفسيره لذلك أما هى لم تحضر هذا الحوار ولم يعلمها الله بذلك
فهى فلم ولن تعرف.
ــ النوع الثانى من القدر و هو الأهم
هو الشر الذي يصرفه الله عنك دون أن تدري لطف الله الخفي .
خرق السفينة وإنصراف الملك عن اغتصابها وتركها لهم هو الشر الذى صرفه الله عن المساكين
النوع الثالث من القدر
الخير الذي يسوقه لك الله و لم تره، و لن تراه، و لن تعلمه
هل اليتامى أبناء الرجل الصالح عرفوا أن الجدار كان سيهدم ؟ لا.. هل عرفوا أن الله أرسل لهم من يبنيه ؟
لا ولن يعرفوا الى قيام الساعة
.......................................................................................................................................
اذن من هو الخضر هل هو حالة الهية فريدة ... هل هو خاصة الله .... هل هو مخلوق فريد اعطاه الله الرحمة والعلم وهما خاصة الله ...... هل الخضر ما هو الا حالة قدرية كالتى نمر بها حينما نفقد شئ أو نربح شئ .... الخضر مع موسى تجرد من بشريته فى ماهو مكلف به هذا ان كان بشرا فى الأساس ولم يفلح موسى فى التجرد من بشريته ونظرته المحدود لأقدار الله فى رد فعله لأقعال الخضر ... ولكن الرد القرآنى كان عميق فى وصف الخضر ( عبدا من خاصة الله اتاه الله الرحمة والعلم لتنفيذ أقداره
أما أنت أيها القارئ
استعن بلطف الله الخفي لتصبر على أقداره التي لا تفهمهما .. ثق في ربك فإن قدرك كله خير .. و قُل في نفسك.. أنا لا أفهم أقدار الله .. لكنني متسق مع ذاتي و متصالح مع حقيقة أنني لا أفهمها .. لكنني موقن كما الراسخون في العلم أنه كل من عند ربنا .. إذا وصلت لهذه المرحلة ...
ستصل لأعلى مراحل الإيمان .. الطمأنينة .. و هذه هي الحالة التي لا يهتز فيها الإنسان لأي من أقدار الله .. خيراً بدت أم شراً .. و يحمد الله في كل حال ..
حينها فقط .. سينطبق عليك كلام الله ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ﴾ حتى يقول .. ﴿ وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾..
و لاحظ هنا أنه لم يذكر للنفس المطمنئة لا حساباً ولا عذاباً..
*اللهم علمنا ماينفعنا و انفعنا بما علمتنا اللهم آمين ...
دمتم بخير يا سادة
البداية والنهاية/الجزء الأول/ذكر قصتي الخضر وإلياس عليهما السلام.
الإصابة في تمييز الصحابة-ابن حجر العسقلاني-2275..
من حساب/الشيخ محمد متولي الشعراوي
كتبنا وكنا نظن أننا نكتب وقرأت ما كتبنا أكتب تعليقك ربما يكون نافلة القول التى تقيمنا إنتقد أو بارك أفكارنا لربما أنرت لنا ضروبا كانت مظلمة عنا أو ربما أصلحت شأننا أو دفعتنا لإصلاح شأن الآخرين