عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين 2005إرتبطت الثورات الشعبية قديماً و حديثا بقضية حقوق الإنسان  وكذلك كانت ثورة الشعب المصرى وشعوب الأمة العربية فيما يُعرف بالربيع العربى ،لا يخفى على عاقل ان الله تعالى خلق الإنسان حراً ومنحه جملة من الحقوق الأساسية التى تحفظ عليه عقله وصحته وماله ودينه وعرضه ورأيه ، وتحقق له العيش الرغيد  ، وجعل تلك الحقوق شرعاً يُتعبد به  ،هذه الحقوق الأساسية للإنسان ارتقت فى ظل شريعة الإسلام إلى مرتبة الفرائض الشرعية ،بل جُعلت من مقاصد الشريعة .وإذا ما حدث إنتهاك لهذه الحقوق كانت غضبة شديدة تؤكد على هذه الحقوق " متى استعبدنم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ، كلمة ترددت فى الآفاق وسمعتها الدنيا منذ قرون طويلة قالها الخلفة الراشد عمر بن الخطاب حين رُفعت اليه شكوى احد المصريين ضد ابن والى مصر عمرو بن العاص .إنّ العالم كله يقف مشدوداً ويطأطئ رأسه  احتراماً  وخجلاً وهو يستمع الى سيد الرسل محمد       ( صلى الله عليه وسلم ) وهو يعلن بكل وضوح ويؤكد بلا ادنى شك أنّ الناس سواسية وكلهم يخضعون للقانون والشرعية ، لا فرق بين فقير وغنى ، ولا وزير وغفير  ،وان الجميع سواء أمام القانون  ، لقد استمع الخلق لرسول الله  ( صلى الله عليه وسلم ) وهو يعلن غضبه من فوق المنبر :"  يا أيها الناس إنما أهلك من كان قبلكم أنه كان إذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، وإذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها."بل سجل التاريخ البشرى أنّ وثيقة المدينة المنورة والتى نطلق عليها بحق  " دستور المدينة " و قد ضمنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جملة من الحقوق الأساسية للإنسان ، أكدت الوثيقة أن الأنسان مكرم وأن ماله وعرضه ودمه مصان ،وأن حقوقه اللصيقة به كإنسان محترمة وأن الدولة تسعى جاهدة لحملية هذه الحقوق ،  حقه فى ممارسة شعائر دينه  ، حقه فى الأمن الإجتماعى حقه فى التنقل بحرية وحقه فى السفر والعودة الى المدينة  ، ومما جاء فى الوثيقة  " وأن لليهود دينهم وللمسلمين دينهم - مواليهم وأنفسهم - إلا  من ظلم وأثم " فهذا مفهوم الحرية الدينية بأوسع معانيه ، دولة الاسلام تسع كل المواطنين ، دون تعصب ولا مصادرة للأراء والمعتقدات ،وجاء فى الوثيقة كذلك " من خرج من المدينة  أمن ، ومن قعد أمن إلا من ظلم وأثم "  وهو ما يُطلق عليه اليوم حرية السفر والتنقل داخل الدولة ، وحرية البقاء الآمن والقعود فيها .-          إنتهاك حقوق الإنسان العامة كان الدافع الأساسي و المحرك الرئيسي للثورات و منها ثورة الشعب المصري .هذا أمر اتفق عليه كافة اهل الراى والعلم ، لم يشذ عنهم عاقل ، فإنتهاك حقوق المواطن المصرى خلال عهد مبارك المخلوع كان الوقود الأساسى لتفجير الثورة ، انتهاك حقه فى التعبير عن رأيه و حقه فى العمل وحقه فى التعليم  وحقه فى الصحة والعلاج  ، حقه فى ممارسة شعائر دينه دون خوف  او ملاحقة من قبل الإجهزة الأمنية  ، حقه فى الترشح للمجالس النيابية  ومباشرة حقوقه السياسية على أسس ديمقراطية تتفق مع المعايير الدولية من النزاهة والشفافية ، ولقد شهد العام الأخير من حكم مبارك ذروة الإنتهاكات الشنيعة لحقوق المصريين ، حالات القتل والتعذيب على أيدى أجهزة الأمن المصرية وتحول مراكز الشرطة الى سلخانات ضجت جماهير الشعب بالشكوى منها ، ثم كانت انتخابات مجلس الشعب وقبلها مجلس الشورى  كاشفة لكل عورات ومساوئ نظام مبارك ، وكان شعور المواطن بإنسداد الأفق أمامه فلا أمل فى التغيير والإصلاح والإنعتاق من هذا النظام القمعى  والتحرر من كافة اشكال الانتهاك اليومى لحقوق المصرىكل هذا فجر براكين الغضب فى نفوس المصريين فاندفعوا يكسرون حاجز الخوف ويسقطون دولة الرعب  ، وينتزعون حقوقهم المسلوبة  فكانت ثورة هزت عروش الطغاة ليس فى مصر وحدها بل امتدت توابع الثورة المصرية لتصل الى دول كثيرة ، فى لبيا واليمن وسوريا والبحرين والأردن والمغرب وأخيرا العراق  لتؤكد أن قضية حقوق الإنسان العربى لا تنازل عنها وأنه حان وقت التغيير وهبت رياح الحريةــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــمن الطبيعي أن يكون إحترام حقوق الإنسان أول و أكبر ثمرة تجنيها الشعوب الثائرة عقب نجاح الثورة .نعم كما كان انتهاك حقوق الانسان هو مفجر الثورات  كان احترام حقوق الانسان هو أول أهداف الثورات وغايتها ، وكانت نسائم الحرية والكرامة الإنسانية أولى ما تنسمته الشعوب الثائرة ، وتظل حقوق الإنسان الاساسية مقاصد للثوار والإصلاحيين وهم يؤسسون نظام الحياة الجديدة التى نبتت ورُويت بدماء الشهداء والجرحى و صانتها الملايين من أبناء الوطن الثائر الحر ،ويتطلع الجميع اليوم الى نظام جديد يقدس حقوق الإنسان وتشيع فى ارجائه وجنباته ثقافة إحترام حقوق الإنسان و كرامتهو يتمثل ذلك في :-  وجود حاكم و نظام لا يحترم حقوق الإنسان فحسب ، بل هو يتبنى المشروع برمته و يعمل جاهداً على تكريس نظام يقدس حقوق الإنسان .- منظومة متكاملة من التشريعات و اللوائح التي تقدس نظام حقوق الإنسان ، و ثقافة جديدة ترسخ مفاهيم و قيم احترام حقوق الإنسان .- شعب تغير و تحول إلى مماؤسة صحيحة لحقوق الإنسان ، كان يطالب بها و دفع ثمنها و الآن آل الأمر إليه فليبدأ عهداً جديداً من الممارسة و السلوك الصحيح .- و هناك لقطتان هامتان مرتبطتان بحالة الثورة  المصرية و كلاهما مرحلي أحب لفت الأنظار إليهما للتأمل و التفكير :-----------------------------------------------------------------------------------------------------الأولى  :  اللوحة البدبعة التي شكلها الشعب المصري أثناء ثورته و شيوع أخلاقيات و قيم رائعة تعبر بصدق عن ثقافة حقوق الإنسان وشيوع الروح الجمعية  وما استتبع ذلك قيم وأخلاقيات عظيمة أسسها الإسلام  وحضت عليها الشرائع ومنها.التعاون و التكافل و التراحم سواء في ميادين التحرير أو المظاهرات أو اللجان الشعبية لحماية الشعب و ممتلكاته العامة و الخاصة .و ترجم ذلك الشعار الذي رفعه الشعب " كلنا إيد واحدة ... كلنا مع بعض "- الحفاظ على الجبهة الداخلية و يكفي أنه لم يرم مسجد أو كنيسة بطوبة أيام الثورة رغم عدم وجود الأمن .- الحوار و قبول الآخر و التعايش معه رغم الإختلاف و التباين فالحياة تسع الجميع و مصر للمصريين .الإيجابية و المشاركة في صنع القرار ، و الوعي و الإدراك ، و الإهتمام بقضايا الوطن .إن الثورة ضاغطة ، و ضغطت على الشعب فأخرجت أطيب ما فيه من قيم و مبادئ و أخلاق و سلوك تنبئ عن مخزون مريح من المرتكزات و المرجعيات الراسخة التي تحافظ على بقاء الشعب نقياً و تضمن حيويته و تحفظ هويته و عزته و كرامته .-  هذه اللقطة تعني قابلية الشعب المصري لتحمل ثقافة و نظام حقوق الإنسانو أنه شعب رشيد لم يعد يقبل الوصاية ، فقط أعطوه الفرصة ليثبت جدارته أن يكون في مصاف الدول التي تعيش وفقاً لنظام حقوق الإنسان .- هذه اللقطة تؤكد أننا جميعاً مدينون بالإعتذار لهذا الشعب الأصيل الكريم ، فقد أساء إليه الكثيرون و ظنوا به ظن السوء و فقدوا الأمل فيه فانتفض و قطع الشك باليقين و عبر الشعب عن نفسه بنفسه و أظهر عبقريته وقت الشدة و أكد نقاء معدنه زمن المحنة .- هذه اللقطة المركزة عينة لما يمكن أن تكون عليه حياة الشعب المصري فيما هو آت ، لقطة طمأنت الجميع في الداخل و الخارج و هذا ما أدهش العالم كله و انتزع الأحترام و التقدير غير المسبوق .- هذه اللقطة نموذج مشروع نجاح تحرر الشعب المصري الذي يحتاج فترة من الزمن و حزمة من الإجراءات و بناء المؤسسات و منظومة متكاملة من البرامج و الخطط التنموية البشرية التي تُعنى بالبشر و الشجر و الحجر ليستجيب القدر و تتحول هذه اللقطة إلى نظام حياة مستقر راسخ يزداد عظمة و شموخاً على مر الأجيال القادمة .نحن نؤسس مصر الحديثة على هذه اللقطة البديعة .ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــأما اللقطة الثانية فهي لقطة رمادية من بقايا العهد السابق مازالت عالقة في فكر و عقل الشعب المصري ، تنبئ عم مساحات عديدة لم تهب عليها رياح الثورة و لم تنلها يد التغيير أطلق عليها البعض " الثورة المضادة " ، و قيل عنها " فلول النظام السابق و بقايا العهد البائد "و أنا لست منزعجاً من هذه اللقطة الرمادية التي تمثلت في :- موجات من الإنفلات الأمني تسير وفق برنامج واضح المعالم لم يدقق النظر و يعمق التفكير .- موجات متلاحقة من التظاهرات الفئوية ذات المطالب الخاصة .- سلوكيات فردية تتسم بالأنانية و التربح من المعاناة ، و استغلال الظروف التي تمر بها البلاد في تحقيق بعض المنافع الخاصة و تكريس حالى السيولة و الفوضى و غياب السلطة التنفيذية بما يعني تعطيل فعلي لدولة القانون ، كلنا يشاهد تلك الممارسات الخاطئة و التي تبدأ من الوقوف في الممنوع و السير عكس الإتجاه إلى البناء على الأرض الزراعية و البناء المخالف و التعليات .- تغذية الفتنة الطائفية و التحريش بين المسلمين و الأقباط .غير القانونية و السطو على حقوق الآخرين و غير ذلك من خروقات تشكل هذه اللقطة الرمادية .أستطيع القول أن هذه الممارسات ليست من إفرازات الثورة و لا تجلياتها بل هي أستمرار للنظام السابق الذي قامت الثورة لإزالته و تحرير مصر من براثنه ،مخطئ من يقول تعليقاً على هذه الخروقات – هذا ما جناه الشعب من الثورة ، بل الصحيح أن نقول أنّ هذا  يحتاج إلى ثورة ،لا عاقل يتصور الثورة تملك العصا السحرية فتحيل الحياة و تغير النظام  بلمسة واحدة ، بل الزمن عنصر من الحل و التغيير ، أجزاء كثيرة تغيرت في حياتنا و أخرى لما تتغير بعد ، وحان وقت تغييرها .اللقطة الرمادية تستفز الغيور على البلاد و محبي مصر و أهلها و لكنها لا تحيط و لا تصيبهم باليأس , فهذه اللقطة متوقعة و متوافقة مع الكود العالمي للثورات الشعبية ، بل هي في النموذج المصري أقل بكثير من مثيلاتها في الدول الأخرى التي شهدت ثورات شعبية ناجحة ، حتى الآن مازال النموذج المصري متفوقاً و متقدماً على بقية الثورات بما فيها ثورة البرتغال محل إفتخار العالم الغربي .اللقطة الرمادية تؤكد أن الثورة المصرية مستمرة و أن الشعب المصري مازال في الميدان ، قدم في ميادين التحرير و قدم في ميدادين العمل و الإنتاج , يد تعمل و تنتج و يد تحمي الثورة و تستكمل المسيرة حتى ترسو البلاد على شاطئ الإصلاح و الغد الأفضل و المستقبل الموعود .نبدأعهدا جديدا عنوانه الحرية والعدالة والمساواة والتنمية والتقدم.<!-- JOM COMMENT START --><!-- JOM COMMENT START -->



اقرأ المزيد: http://www.amlalommah.net/articles/freespeach/2545-osama-writes-jadu#ixzz1PpuWHozY

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 94 مشاهدة
نشرت فى 20 يونيو 2011 بواسطة mohamedmedhat1

ساحة النقاش

محمد مدحت عمار

mohamedmedhat1
طالب فى الاعدادى واحب الاسلام وهوايتى الكمبيوتر والمقالات والنت و كاتب صغير »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

47,752