هذا هو معنى أن تكون مصريا أو لا تكون مصريا: باختيارك وتشكيلك لشخصيتك وفكرك.. ليس فقط بحدود جغرافية لمكان مولدك.

مصر لم يرسم خريطتها الاحتلال
مصر الاقليم (أو مصر مفرد أمصار) من قديم الازل حدوده معروفة
مصر "الحضارة وثقافة أسلوب الحياة" تنبثق من هذا الإقليم وتمد خارجه
أما "مصر الدولة" السياسية.. فقد تمددت حدودها حسب قوتها السياسية والعسكرية.
وعبر القرون تشكلت "شخصية مصر" وكيانها الحضاري-الفكري-الثقافي الإنساني، لا الجغرافي فقط. وصارت "كيانا حضاريا عميقا وخصبا" امتزج انتماؤه الفرعوني بالقبطي بالعربي بالإسلامي بالتركي بالأوروبي بالفارسي بالنوبي بالأفريقي.
وان برز منه انتماءات حضارية ثلاثة حاكمة: المصري والعربي والإسلامي
حتى وإن استمر الانتماء التركي-الأوروبي-النوبي فارضا وجوده بقوة للناظرين.. في ملامح ولهجات عرقية متمازجة شقراء وسمراء من الدلتا إلى الصعيد.

فالانتماء للأمة الإسلامية او العربية ليس انتماء لغة أو أديان/عقائد..
بل انتماء لحضارة وثقافة وفكر ومثل عليا ومنظومة من المثل والأخلاقيات والمعايير في الصواب والخطأ والمقبول والمرفوض والجمال والقبح.

والانتماء لمصر الإقليم والثقافة - التي هي جزء مهم جدا من الثقافة العربية الإسلامية المتسعة جغرافيا بتطوراتها - هو انتماء اختياري أساسا - في نظري - وليس لمجرد الميلاد داخل الإقليم أو من أبوين ينتميان للإقليم.

فكم من "مصري" في شهادة الميلاد..
لكن لا يربطه بمصر قلبا وروحا وفكرا ودينا ونماذج ذهنية وأخلاقا  وسلوكا وأسلوب حياة غير شهادة الميلاد!
وكم من تركي أو عربي أو أوروبي.. ليس في أوراقه كلمة مصر..
لكنه منغمس قلبا وروحا وفكرا ودينا ونماذج ذهنية وأخلاقا  وسلوكا وأسلوب حياة في أديان وروحانيات وأخلاقيات وجماليات مصر!

وإذا اتفق الانتماء الحضاري مع الانتماء للميلاد تحقق مفهوم "الوطن" و "المواطنة" كأوضح ما يكون، وبذلت في فدائه وفداء حضارته المتناغمة النفوس والأرواح.

هذه رؤيتي لمصر ولمصريتي
وهي لا علاقة لها مطلقا بتعصب أو عنصرية أو فوقية أممية..
لكنها خليط ثقافة وأديان ومباديء وقيم وسلوك وأسلوب حياة
إنها : "حضارة"
حضارة متكاملة الأركان والألوان والمكونات.. والطعم والرائحة.. والروح