تنابلة السلطان وداعا

تشخيص وتحليل ومعالجة التنبلة وبناء مصر الحرة

authentication required

 

اقتراح ثوري رصين لهيكل الحكومة الجديدة

مع رجاء فحص ملف الشكل المرفق للمقترح على الرابط التالي:

http://www.ahlan.com/2012/07/04/egypt-government-structure/

   بقلم       

أ.د. محمد نبيل جامع

أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية

4 يوليو 2012

[email protected]

01227435754

ينادي رشوان اليوم في المصري اليوم بحكومة إخوانية سلفية غير ائتلافية، وبسوء ظن بسيط، يريد أن يوقع الإخوان والسلف في شر أعمالهم، أما نافعة في نفس الجريدة فينادي بحكومة سياسية، وكأن المهمة الحقيقية للحكومة ليست على باله على الإطلاق. أما العبد لله فلا يهمه إلا أن تكون هذه الحكومة الجديدة محققة لأهداف ثورة 25 يناير، وبصورة خاصة التنمية والإنتاج والعدالة الاجتماعية وتحقيق الدولة الحديثة المهابة. نقطة الانطلاق هي الاختيار الصائب لرئيس الوزراء برؤيته الثورية والتنموية والتنظيمية والإدارية الثاقبة والذي بدوره سوف يختار الوزراء الكفوئين، والذين هم بدورهم سيختارون من تحتهم بنفس الأسلوب والنتيجة وجود وزارة كفء تحقق أهدافها السابقة بكفاءة وذلك من حيث القيادات. وهنا أتمنى أن يكون البرادعي أو حسام عيسى هما المرجوين لرئاسة الوزارة. وأرجو أن يبتعد الاقتصاديون عن رئاسة الوزارة، فعقلية الاقتصادي عادة ما تكون متحجرة حول الاقتصاد التقليدي فقط كما تمثلت بصورة صادقة تماما في رد دكتورة نسيت اسمها تداخلت مع لميس الحديدي مجيبة على سؤال لميس حول نصائحها الاقتصادية للوزراة الجديدة، وهذه الدكتورة هي المدير التنفيذي للمركز المصري للدراسات الاقتصادية الكائن ببرج التجارة العالمي على كورنيش النيل، وهو مركز كان يظنه البعض مُدارا بجمال مبارك وعز وشلة كانوا يطلقون عليها لفظا أستحي ذكره ولكنه مرتبط بسلوك جمال مبارك وعصابته. المهم أن هذه الاقتصادية ذكرت ثلاث نقاط في نصيتحها تعبر عن الرأسمالية المتوحشة وهي الاقتراض من البنك الدولي والصندوق والهيئات العالمية، ومحاولة سد عجز الميزانية بالتوقف عن السلوك الاستهلاكي الذي قصدت به بصورة خاصة في نقاشها عدم دفع العلاوة الـ 15% التي قررها الرئيس مرسي، ثم تشجيع الاستثمارات. الاقتصادية "المرموقة" لا ترى إلا الحلول المالية للاقتصاد والتنمية، وليتها تتعلم من صباحي أو حتى حسن مالك في برنامجي تنميتهما إبان الدعاية الانتخابية لرئاسة الجمهورية.

نعود للجانب الآخر، بعد القيادات، وهو التنظيم والهيكلة، وهنا يتركز هذا المقال، حيث يعتبر التخطيط والإدارة والتنسيق واللامركزية من بين أهم التغيرات المؤسسية الضرورية الكثيرة لبناء الدولة الفتية. ونحن نقترح هنا مقترحا بنائيا أو هيكليا يهدف إلى تحقيق التنسيق واللامركزية والتخطيط والإدارة المشاركية والعمل بالجماهير من أجل الجماهير والتنمية. ومن المعتقد أن هذا المقترح جدير بالنظر والدراسة والتقييم من جانب رئيس الوزراء الذي سوف يكلف بتشكيل الوزارة الآن. المقترح سوف يحرر السلطات المركزية من الكثير من الأنشطة الجزئية المحلية، ويسمح لها بمساحة أكبر لممارسة الواجبات الإستراتيجية المتعلقة بمهام التخطيط والتنسيق واللامركزية والسياسات الوطنية الداعمة للمحليات والسياسات الاقتصادية والتجارية الدولية والتمويل والمساعدات الدولية التقنية وسياسات الضبط والرقابة والثواب والعقاب والقضاء والعدالة وبناء العنصر البشرى الفعال.

يتمثل المقترح في الدمج التدريجي لإدارات الوزارات المعنية بالتنمية المحلية تدريجيا بدءًا بمستوى المحافظة، ثم بمزيد من الدمج التدريجي الإداري على مستوى المركز، ثم انتهاءً بوحدة واحدة على مستوى القرية الأم أو على مستوى الحي بالمدن. العجيب أن الفكرة كانت مطبقة في مصر سابقا من خلال البلديات والمراكز الاجتماعية والمجمعات القروية التي كانت أشكالا تنظيمية تحاول تحقيق هذا المبدأ التنموي على المستوى المحلى، ولم تنقرض إلا بسبب عدم استمرارية سياساتنا التنموية، وهدم ما سبق من علامات النجاح لأسباب شخصية في غالب الأحيان.

هناك نوعان من الوزارات، وزارات ذات طبيعة مركزية، وهذه تبقى وإداراتها على حالها سواء على المستوى المركزي أو المستويات المحلية، وأما الوزارات الأخرى فهي بجانب طبيعتها المركزية تنخرط في معظم أعمالها في أعماق الريف والأحياء وأواسط الصحارى. هذه الوزارات الأخيرة ذات الطابعين المركزي والمحلى لا يفترض أن تعمل في خطوط متوازية دون تنسيق بينها، لأنها جميعا ترتبط يبعضها، بالإضافة إلى أنها تنقسم إلى مجموعات ترتبط كل مجموعة يبعضها ارتباطا عضويا أي حيويا. ومن ثم فقد ظهرت المشكلة التنظيمية الأزلية، سواء بين العلماء أو التنفيذيين، وهى مشكلة ضعف أو حتى انعدام التنسيق المنبثقة من تدنى التخطيط، وسوء الإدارة والمركزية الطاغية، وذلك إذا ما عملت كل وزارة بطريقة رأسية في حدود إداراتها على مستوى العاصمة والمحافظات والمراكز والقرى.

والوزارات المركزية هي: الدولة للإنتاج الحربي- الدولة للتنمية الإدارية- الدولة لشؤون البيئة- التعليم العالي والدولة للبحث العلمي- العدل- الدفاعالدولة للشئون الخارجية- الطيران المدني- التنمية المحلية. ويلاحظ هنا أن وزارة التنمية المحلية بالرغم من مسماها التنفيذي إلا أنه يغلب عليها الطابع المركزي لأنها تسعى بجانب مهامها الخاصة إلى التنسيق بين الوزارات المعنية بالتنمية المحلية، ومن ثم يصعب إدماجها أو حصرها في مجموعة وزارية تنفيذية معينة.

والوزارات ذات الصبغتين المركزية والمحلية هي:

* مجموعة الزراعة واستصلاح الأراضي، الموارد المائية والري، التجارة والصناعة، الكهرباء والطاقة، والبترول والثروة المعدنية. وهذه يقترح دمج إداراتها على مستوى المحافظة في "إدارة التنمية الزراعية والصناعية."

* مجموعة التعليم، الصحة، الدولة لشئون الأسرة والسكان، القوى العاملة والهجرة، التضامن الاجتماعي، الأوقاف. وهذه يقترح دمج إداراتها في إدارة "تنمية الموارد البشرية" على مستوى المحافظات.

* مجموعة الثقافة، والإعلام، والسياحة، والداخلية. وهذه يقترح دمج إداراتها في إدارة "الأمن والعلاقات العامة والسياحة" على مستوى المحافظات.

* مجموعة المالية والتأمينات الاجتماعية، الاقتصاد، والتعاون الدولي. وهذه يقترح دمج إداراتها في إدارة "الإدارة الاقتصادية" على مستوى المحافظات.

* مجموعة الكهرباء والطاقة، النقل، والاتصالات والمعلومات، الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية. وهذه يقترح دمج إداراتها في إدارة "المواصلات والإنشاءات العامة" على مستوى المحافظات.

أما على مستوى المراكز فيتم تجميع الإدارات السابقة إلى أقسام بالصورة التالية:

* يتعامل "قسم التنمية الزراعية والصناعية" على مستوى المركز تابعا لإدارتي التنمية الزراعية والإدارة الاقتصادية.

* يتعامل "قسم تنمية الموارد البشرية" على مستوى المركز مع إدارتي تنمية الموارد البشرية والإدارة الاقتصادية.

* يتعامل قسم "الأمن والعلاقات العامة" على مستوى المركز مع إدارتي الأمن والعلاقات العامة والسياحة والإدارة الاقتصادية.

* يتعامل "القسم الصناعي والإنشاءات العامة" على مستوى المركز مع الإدارة الاقتصادية وإدارة المواصلات والإنشاءات العامة.

أما على مستوى القرى الأم والأحياء فتتعامل  "الوحدة المحليةمع أربعة أقسام فقط على مستوى المركز، وهى أقسام التنمية الزراعية، وتنمية الموارد البشرية، والأمن والعلاقات العامة، والقسم الصناعي والإنشاءات العامة بدلا من أن تتعامل في الأمور التنفيذية مع أكثر من عشرين إدارة على مستوى المركز كما هو الحال حاليا.

مزايا مقترح الدمج التدريجي لإدارات الأجهزة الحكومية على المستويات المحلية: التحول التدريجي في سبيل التنمية الحقيقية أي في سبيل التغير الهيكلي، تحقيق التنسيق الهيكلي فيما تقوم به المحليات من أنشطة تنموية، تحقيق التحرر الهيكلي الاجتماعي والإداري والسياسي والذي يمثل المدخل الرئيسي الفعال لتنفيذ ما اتفق عليه علماء التنمية من مسمى "إستراتيجية التنمية المشاركية "Participatory development strategy، انطلاق روح المنافسة والرغبة في الإنجاز داخل المحليات وبين المحافظات حين تمتلك زمام المبادأة، وتعيش في إطار مؤسسي من التحرر الاقتصادي والاجتماعي والإداري، وتتوافر لها المخصصات المادية والتقنية والدعم الفني من مختلف مصادره الحكومية والأهلية، وهو مبدأ كان له دور فعال في منهج التنمية الصينية بالذات، تحقيق التكامل الوظيفي داخل كل إدارة على مستوى المحافظات، وداخل كل قسم على مستوى المراكز، وداخل الوحدة المحلية على مستوى القرية، تحقيق صلاحية وسلامة التخطيط المحلى وواقعية البرامج والمشروعات التنموية حيث يرجع ذلك لمشاركة السكان المحليين والمعنيين بها في اتخاذ القرار، مما يؤدى إلى فعالية تحقيق الأهداف وكفاءة الاستثمارات التنموية، تحقيق فعالية الخدمات والمدخلات الحكومية في وصولها إلى أكبر عدد ممكن من صغار المزارعين والمنتجين الحضريين، كما يصلح من اتخاذ القرار الذي سوف يتم عن فهم أفضل لاحتياجات المزارع الصغير والمنتج الصغير، كما سوف يزيد من حسن استغلال موارد أصحاب المشروعات الصغيرة في برامج تنموية ترتقي بمستوى معيشتهم، وأخيرا، وليس بآخر، تحقيق عدالة توزيع عوائد التنمية بما يوفر معيشة أكرم وأوفر للجماهير الشعبية التي تفتقد مصالحها مع الاهتمام باقتصاديات الحجم الكبير وسيطرة كبار رجال الأعمال وتحالفهم بل وانضمامهم للقوى السياسية والسعي نحو التغيير المؤسسي في اتجاه مصالحهم الخاصة والتي غالبا ما تكون على حساب المصلحة العامة ومصالح الفقراء والعوام.

متطلبات نجاح مقترح دمج الإدارات الحكومية على المستويات المحلية:

1. إيمان الإرادة السياسية الحقيقي بمزايا اللامركزية سابق الحديث عنها، وما يترتب عليها من  تمكين المالي (20% من ميزانية الدولة للمحليات كبداية)، وتمكين السياسي (تفويض المحليات حق اتخاذ القرار المناسب لها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا)، وتقديم المساعدة التكنولوجية مثل التدريب وتوفير التقنيات العالية وحل المشكلات ومواجهة الأزمات المحلية.

2. تفويض سلطات الرقابة والإشراف والمتابعة والمحاسبة تبعا لقانون العاملين العام إلى المجالس المحلية بشقيها التنفيذي والشعبي.

3. تأهيل كوادر محلية (قدر الإمكان) راغبة وعارفة ومدربة وأمينة على مستوى المحليات حتى  يمكن أن تكون على قدر مسؤولية تفويض السلطات للمحليات.

4. احتفاظ الهيئات المركزية بمهمة المعونة التقنية والعلمية والبحثية والرقابية والمشاركة في وضع الخطط التنموية مع المحليات.

5. ضرورة الارتقاء بمستوى كفاءة وفعالية المنظمات القروية والحضرية المحلية بجانب تشجيع المنظمات الأهلية حتى تصبح قادرة على تبادل الخدمات والمدخلات ومستلزمات الإنتاج مع الحكومة والقطاع الخاص.

6. التدرج في تنفيذ هذا النموذج اللامركزى، لأنه يرتبط ارتباطا مباشرا بكل من تنمية القدرات المهنية للعاملين في ظل تطبيقه واكتساب ثقة الوزارات المركزية المعنية. وتقول منظمة الأغذية والزراعة بالأمم المتحدة أن الوزارات الضعيفة ذات الكوادر الفقيرة لا يسهل عليها تفويض السلطات للعاملين على مستوى المناطق والحقول، أما الوزارات الأكثر مكانة وفعالية تكون أكثر استعدادا لتفويض المهام وسلطات اتخاذ القرارات إلى المحافظات والمستويات المحلية.

 

 

 

 

المصدر: أ.د. محمد نبيل جامع

ساحة النقاش

أ.د. محمد نبيل جامع

mngamie
وداعا للتنبلة ومرحبا بمصر الحرة: يهدف هذا الموقع إلى المساهمة في التوعية الإنسانية والتنمية البشرية، وإن كان يهتم في هذه المرحلة بالذات بالتنمية السياسية والثقافية والإعلامية نظرا لما تمر به مصر الآن من تحول عظيم بعد الثورة الينايريةا المستنيرة، وبعد زوال أكبر عقبة أمام تقدم مصر الحبيبة، ألا وهو الاستبداد »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

99,140