مصر القوية، والثورة الفتية، وظز في الضلالية
بقلم
أ.د. محمد نبيل جامع
أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية
6 يونيو 2012
01227435754
شفيق عمره 71 سنة، وجماعة الإخوان المسلمين بدخولها عالم السياسة بلغت أيضا نهاية عمرها. أقصد فساد نظام مبارك وظلام الخيال الديني السياسي، كلاهما قد بلغا من العمر أرذله. وقامت ثورة يناير الحبيبة بإحياء الغابة المتصحرة التي كان يعاني فيها الشعب المصري الصابر شظف العيش وعلقم الحياة المهينة.
ما هذه الثورة الفتية الرهيبة، ثورة 25 يناير الحبيبة، تلك الثورة التي تجابه قوى عاتية زلزالية سونامية خيالية، ولا زالت تنبض بالحياة، بل ويقوى عودها، وتُفْتَل عضلاتها يوما بعد آخر؟ تتمثل هذه القوى العاتية فيما يلي:
- المجلس العسكري، الذي أوكل إليه قائده الأعلى، الراقد الآن بسجن مزرعة طره، إدارة البلاد غير مكتسب لشرعية الثورة، ومتعهد بإجهاض الثورة بأقل التكاليف الممكنة للنظام القديم ودولته العميقة الفاسدة.
- الإخوان المسلمون وتيار الإسلام السياسي، الفزاعة التي كان يهدد بها مبارك معارضيه، والذين تحالفوا كعادتهم عبر ثمانين عاما، تمثل عمرهم المديد، مع الملوك والرؤساء والذين دائما ما كانوا ينقلبوا عليهم ويتصارعون ويتقاتلون معهم تماما كما يحدث اليوم. جماعة خاصة منغلقة عالمية بأجندة خيالية فاشية لا تخدم إسلاما ولا تحترم إنسانية.
- بالرغم من حبي وامتناني لأمريكا وشعبها (لخبرة شخصية) إلا أني أضع سياسة حكومتها بجانب إسرائيل جنبا إلى جنب مع القوى الرجعية بالمنطقة العربية كقوى عاتية مضادة للثورة الحبيبة.
- سباع الغابة الذين يقتاتون على فضلات الأسود قبل بقية المخلوقات الضعيفة في الغابة المتصحرة. وهم أزواج المال والسياسة من رجال الأعمال مصاصي دماء مصر، وكهنة أسرة مبارك السياسيون، وحماة الدولة الفاسدة من الشرطيين والعسكريين، ولصوص الإقطاع الحكومي المهيمنون على سلطات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية.
- كلاب السلطة من الإعلاميين الذين يتلونون ويخضعون لأي سلطة أيما كانت شرعيتها أو طهارتها، والذين مُنِعت عنهم حمرة الخجل، وعتاب الضمائر، وحرموا تقوى الله، وحياة القلوب.
- المرجفون من بين الشعب الغافل، الذين يحقدون على الثوار أحيانا، والخائفون من المجهول أحيانا أخرى، والذين يخافون من وقف أعمالهم التي تقتات على الفساد والرشوة والاعتماد على سباع الغابة سابقي الذكر أعلاه أحيانا أخرى.
- العاملون والفلاحون البسطاء وأصحاب الأعمال الصغيرة والمتناهية في الصغر الذين يصدقون الإعلام الفاسد وإشاعات المرجفين بأن الثورة هي المسئولة عن سوء أحوال مصر، والتي هي في الحقيقة ناشئة عن الإدارة الفاشلة للمجلس العسكري لأحوال البلاد الاقتصادية والأمنية والاجتماعية والسياسية.
- القدريون اللامبالون البوهيميون الذين ينتقدون ويلعنون، والذين يمثلون عبئا على الحركة الثورية إن لم يكونوا أحيانا مصدرا للشائعات وخفض الروح المعنوية وبث روح اليأس لدي الثوار.
ما هي الخلاصة إذن؟ الخلاصة ألا ننتظر "الحدأة تلقي بالكتاكيت". لا المجلس العسكري ولا الإخوان ولا أي من القوى السابقة سوف يتوجهون الآن أو مستقبلا لتحقيق مطالب الثورة، لأنها مضادة لمصلحتهم ومطالبهم الخاصة.
أعجبتني كلمة نوارة نجم اليوم في التحرير "لو قامت مصر كلها والصين بالتصويت لمرسي سينجح شفيق"، وهذا ما يستمر المجلس العسكري فيه بعد هذا المشوار الطويل من إدارته الانتقامية من الثورة المصرية. ومن ثم فلا زالت رؤيتي المعدلة من العمل مع مرسي والتصويت له إلى إبطال الصوت سعيا لنزع الشرعية عن الرئيس شفيق المرتقب هي التي لا زلت مقتنعا بها. والأهم من ذلك كله هو أن نقاوم دكتاتورية النظام السابق ودكتاتورية الإخوان الأيديولوجية التي ليس لها علاقة بمطالب الثورة، ونسعى لدعم حركة التيار الوطني بقيادة حمدين صباحي وزعامته الثورية المرتقبة للانضمام لحزب الدستور وتجميع قوة العمل الثوري في منظمة سياسية تتقزم بجانبها الأحزاب الأخرى التي ستستمر مستقلة عن حزب الدستور. ولندع الفرصة لهذا الحزب ليقود ويستنفر جهود شباب مصر صانع ثورتها المباركة والخالي من تحيزات العفن الفكري التي ورٌثَها فينا نظام الطاغية مبارك. ولينتظر الرئيس القادم زلزالا جديدا وسوناميا مضادا لن يقوى هو وأركان نظامه المباركي الفاسد على أن يواجه حركةً لشعب عظيم صام وصام ولن يفطر على بصلة.
ساحة النقاش