تنابلة السلطان وداعا

تشخيص وتحليل ومعالجة التنبلة وبناء مصر الحرة

برجاء نشر هذا المقال أو نشر معانيه

شرعية الإخوان المسلمين

بقلم

أ.د. محمد نبيل جامع

أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية

0127435754

13 نوفمبر 2011

زرع المجلس العسكري، بقصد أم بغير قصد، الإخوان المسلمين في مسار أجمل وأسعد ثورة عرفها التاريخ المصري لأم  الدنيا، مصر الحبيبة. والعجيب أن المجلس العسكري الذي كان يحمي النظام السابق، بحكم وظيفته، ظل يعيش سنين هذا النظام ويستعذب ثقافته بما فيها من أن الإخوان المسلمين جماعة محظورة، من الناحية الشرعية القانونية. زرع الإخوان المسلمين في مسار هذه الثورة بترئيس المستشار البشري وتشريف السيد صبحي صالح بعضوية لجنة المواد الدستورية المعدلة، وما ترتب عليها من فوضى المرحلة الانتقالية ومن "عك دستوري"، بتعبير الفقيه الدستوري القدير المستشار ابراهيم درويش. واستمر المجلس العسكري في مهادنة الإخوان المسلمين ومغازلتهم ومحاورتهم حتى أصبحوا يرون أنفسهم حراسا للثورة وفرسانا لبناء الدولة المصرية الديمقراطية الحرة الحديثة. ونجح المجلس العسكري في تحقيق مآربه التي اتضح أنها لا تؤمن حقيقة بتلك الثورة المستنيرة، نظرا لأنه لم يتبنى تحقيق مطالب هذه الثورة، ولم يسع لبلورة مجموعة قيادية من الشخصيات والحركات الشبابية والسياسية التي فجرت هذه الثورة لتتحدث بلسانها، بالإضافة إلى أنه لم يحقق من أهدافها، طواعية، وبعد مرور عشرة أشهر على قيامها، هدفا واحدا حتى الآن، اللهم إلا السماح المتباطئ بتنفيذ ما قررته المحاكم المصرية. كل هذا ناهيك عن الأفعال النشطة والمبادرات القوية لقمع التظاهر السلمي وحبس الثوار ومحاكمتهم عسكريا والسماح باستمرار الفوضى والانفلات الأمني وغير ذلك من مثل هذه المتاريس المعوقة لمسار الثورة.

وأظن أنه لا يغيب عن أي محلل موضوعي لمصر بعد الثورة أن السبب الحقيقي لهذا الفشل الحزين في استغلال عودة روح الشعب المصري وأمل أبنائه في الحياة الكريمة العزيزة لدفع مسار الثورة والتحول العظيم نحو دولة العز والرخاء هو الأداء السياسي والإداري للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، مرة أخرى بقصد أم بغير قصد، لإجهاض تلك الثورة وإخماد يقظة الفقراء والمقهورين، السواد الأعظم من هذا الشعب المصري البائس. وكانت وسيلته الناجعة في هذا المضمار هي دمج التيار الإسلامي السياسي وإطلاقه حرا في الساحة السياسية يصول ويجول "ويتبرطع" مذكرا إيانا بمشهد "معركة الجمل" يوم الحسم، يوم 28 يناير التاريخي مما أدى إلى هذه الفوضى والتصارع والتشرذم السياسي.

لقد حول المجلس العسكري الإخوان المسلمين والتيار الإسلامي السياسي من فزاعة لأمريكا وإسرائيل إبان عهد مبارك بقصد توريث عرشه لأسرته إلى فزاعة للشعب المصري بعد الثورة. وبالفعل استُدْرِج الإخوان "المستألسون" فبلعوا الطعم بصورة شرهة معتقدين بذلك أنهم سوف ينشئون مصر كدولة شبه دينية فرحين بنشوة الحرية واعتلاء مواقع الزعامة والهيمنة السياسية. لقد استخدم الإخوان المسلمون الدين الإسلامي كوسيلة للصعود السياسي والهيمنة السياسية مستغلين في ذلك انسياق البسطاء من شعب مصر الطيب وراء شعاراتهم الدينية التي لا تحمل مضامين تنموية تحقق بالفعل مطالب هؤلاء البسطاء من عيش وعزة ورفاهية وحرية وديمقراطية، فأصبحوا بحق جديرين بأن يطلق عليهم "الإخوان المستألسون" نظرا لأنهم طلبوا الدين الإسلامي واستدعَوا مشاعر التدين لدي الشعب المصري الطيب لتحقيق مطالبهم ونزعاتهم السياسية.

لقد كانت خطبة الوداع التاريخية للحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام تبدأ بقوله صلى الله عليه وسلم "يا أيها الناس"، أي يا بني آدم أجمعين، مؤكدا في نفس الخطبة قوله عليه الصلاة والسلام كلكم لآدم وآدم من تراب، فالبشر أجمعون "إخوان"، فالأخوة إذن صفة عامة Genus proximum للبشر أجمعين، أما الصفة الخاصة Differentia specifica لمن آمن بالله ورسله وكتبه والملائكة واليوم الآخر والقضاء والقدر فهي "المسلمون". إذن فنحن المسلمين جميعا "إخوان مسلمون" بمن فينا "الإخوان المسلمون". أما إذا أراد الإخوان المسلمون أن يحددوا هويتهم بصفتهم الخاصة فيجب أن يطلقوا على أنفسهم "الإخوان المستألسين" لأن استدعاء الإسلام لتحقيق مآربهم السياسية هو الصفة الخاصة بهم والتي تميزهم عن بقية أفراد جنسهم وهم "المسلمون". أقول ذلك لجماهير مصر ولنا لنطمئنهم أننا جميعا مسلمون ولا ننتظر الإخوان المسلمين ليخلقوا لنا هويتنا الإسلامية من جديد، فلم ولن نفقدها بعون الله سبحانه وتعالى، ومصر تفخر بأنها دولة إسلامية ومسجلة هويتها الإسلامية في دساتيرها وقبل ميلاد الإخوان المسلمين بدءًا بدستور 1923، الذي وافق عليه ممثلو الإسلام والمسيحية واليهودية آنذاك. ورحم الله مكرم عبيد الذي قال "إني مسيحي دينا ومسلم وطنا".

المهم وبعد تلك المقدمة الضرورية أن نفكر فيما يجب أن نفعله الآن في مرحلة الانتخابات المقبلة بعد أيام قلائل:

<!-- لن تتمكن القوى الثورية والأحزاب الناشئة من أن تواجه التيار الإسلامي بقيادة الإخوان المسلمين، ومن ثم فيجب علينا كمواطنين أن نعمل على تحقيق توازن بين التيار "المسـتألس" والقوى الثورية التي هي صاحبة الحق في السيطرة على البرلمان وتمثيل الغالبية التي قامت بالثورة وليس الإخوان المسلمين أو السلفيين الذين تم استدعاؤهم بعد الثورة. ولذلك فالمواطن الساعي لمصر كدولة حرة ديمقراطية عليه التصويت لممثلي القوى الثورية وترك التيار الإسلامي فهو بقوته "المدعاه" لا يحتاج لعون الناخبين.

<!--أدعو شباب مصر بمن فيهم شباب الإخوان المسلمين وشباب الدعوة السلفية أن يدركوا أننا لسنا الآن في مرحلة بناء دولة "خلافة أو دولة دينية"، حيث أننا لا يمكننا أن نفعل أي شيء، أي شيء كان، إلا من خلال دولة ديمقراطية حقيقية أولا. والديمقراطية أحبائي الشباب ثقافة تحياها الدول العصرية المتقدمة ولم يحياها ولا يعيشها ولا يمارسها شيوخكم الأفاضل، مع احترامنا وتبجيلنا لهم كدعاة للدين والأخلاق والمعاملة، ومن ثم فهم ليسوا بنائيها ولا صناعها. القادرون عليها قادة أمثال الدكتور البرادعي وحمدين صباحي إذا حصرنا التمثيل في المرشحين المحتملين للرئاسة. أما في الانتخابات الحالية فعلينا أيها الشباب أن نناصر قوى الثورة وأحزابها الناشئة فهي التي تقتنع بالديمقراطية وبالثورة ومطالبها لأنهم هم القائمون بها والحارسون لها.

<!--أدعو الأغلبية الصامتة وهؤلاء المنشغلين بأعبائهم اليومية، ساعدهم الله وهون عليهم حياتهم، أن يتوجهوا بكل عزم وإصرار إلى صناديق الانتخاب ويدلوا بأصواتهم مناصرة لشباب الثورة وأحزابها الناشئة، حتى نستمر في المسار الذي فرضته علينا إدارة المجلس العسكري حتى نصل إلى مرحلة تسليم الدولة لحاكم منتخب ومؤسسات تستطيع أن تحقق أهداف الثورة الحقيقية بمعنى الكلمة.

<!--أتمنى ألا تُسْتَغل حماسة الشباب وثوريتهم في تكوين لجان شعبية كما يحاول وزير التنمية المحلية الآن ويدفع لهم أجرا على قيامهم بحماية صناديق الانتخاب من الفوضى والبلطجية، إذ يبدو أن هذه عملية سوف تؤدي لمزيد من الفوضى وربما لإراقة الدماء، فالمفترض هو حماية هذه الصناديق بواسطة الشرطة والقوات المسلحة وليس بواسطة الشباب. أما اللجان الشعبية ذات المفهوم الأصيل فهي مستحبة ومطلوبة، وهي تلك اللجان التي تسعى لأنشطة الحراسة المنزلية والتجميل البيئي والنظافة والمشاركة الشعبية والتكافل الاجتماعي والرقابة سواء للأجهزة التنفيذية وكشف الفساد وحماية المستهلك ومحاربة الغلاء ونشر الوعي السياسي والتحدث بلسان أبناء القرى والأحياء وتحقيق مطالب الثورة بوجه عام. هذه هي اللجان الشعبية الحميدة والتي نحتاجها الآن، والتي سوف تنمو بنمو المجتمع المدني ومنظماته غير الحكومية بعد العبور العظيم وتسليم الدولة للحكومة المدنية ورئيسها المنتخب ومؤسساتها الحرة بفضل الله ونعمته التي سوف يتمها علينا بكرمه ورحمته.

 

المصدر: أ.د. محمد نبيل جامع

ساحة النقاش

asmaaeldsouky

تحية اعجاب وتقدير لهذا المقال فقد أوجزت فأنجزت فعزيت واسمح لى ببيت شعر ينطبق على الطرفين : يخفى لواعجه والشوق يفضحه فقد تساوى لديه السر والعلن فقد بات واضحا غرام كل منهم للاخر .باحثة سياسية

abeeronline

يمكنكم أن تشكلوا أحزاباً تحمل اسم الإسلام أيضا وتضم من هو معتدل لأنك كما تقول اننا مسلمون ويحق لنا استخدام الإسم كما يستخدمه غيرنا ونطرح مبادئ تستند الى الفكر الإسلامي ومستقاة منه ثم غيروا الإسم كما فعل الإخوان
لا تنكروا على غيركم مسيرتهم وقودوا مسيرتكم وان كان استقطاب الشارع يكون بالإسلام فمعناه أن المطلوب هو الإسلام فلا تدعوه للمتشددين بل تمسكوا به باعتداله وقوته ببذور الولادة والحياة الكامنة فيه بعكس باقي الأنظمة التي تحمل بذور الفناء فالإسلام قادم كنظام معتدل شاء من شاء وأبى من أبى .

abdosanad

اختلف جذريا مع الكاتب الفاضل ولست اخوانيا فالمستار البشري فقية دستوريوالتعديلات في مجملهاطيبة لولا مجموعة من العلمانين الذين لا يريدون بالبلاد خيرا ولولا دخول الاخوان الثورة لما كان هناك ثورة ولا يحزنون

أ.د. محمد نبيل جامع

mngamie
وداعا للتنبلة ومرحبا بمصر الحرة: يهدف هذا الموقع إلى المساهمة في التوعية الإنسانية والتنمية البشرية، وإن كان يهتم في هذه المرحلة بالذات بالتنمية السياسية والثقافية والإعلامية نظرا لما تمر به مصر الآن من تحول عظيم بعد الثورة الينايريةا المستنيرة، وبعد زوال أكبر عقبة أمام تقدم مصر الحبيبة، ألا وهو الاستبداد »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

92,162