برجاء نشر هذا المقال أو نشر معانيه
عَشَم الغزالي في البرادعي والمشير
بقلم أ.د. محمد نبيل جامع
أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية
0127435754
[email protected] ، 4 أكتوبر، 2011
وقد اشتد الضباب وتكاثفت الغيوم، وأُرهق المخلصون، ثائرون وإعلاميون وشعبيون، وبَرَزت أنياب الغول، وفاحت نتانة الفلول، واكتأب السياسيون المتفرقون، تظهر إبداعات المخلصين المهمومين، ومنها دعوة الغزالين حرب أسامة وطارق إلى تضافر البرادعي والمشير، الأول رئيسا للوزراء مطلق السلطات، والثاني رئيساً للجمهورية لإنقاذ مصر الحبيبة في عامين كفترة انتقالية. طرح أسامة الفكرة، وفصلها طارق أمس في المصري اليوم. (ارجع إلى: http://www.almasryalyoum.com/node/501304). اختار الغزالان البرادعي لأن البرادعي، كما يقول طارق، "أولا وقبل كل شيء آتٍ من خارج منظومة الفساد والإفساد التي غرق فيها طوال حكم مبارك الأسود معظم نُخب هذا الوطن ولعقود طويلة، وأنه تحدى النظام السابق في عنفوانه، وأن رهاناته على الشعب المصري وشبابه كانت هي الصائبة، وأنني أثق في قدراته الإدارية والقانونية، وفى وطنيته وحزمه واستقامته في قول الحق." ولهذه الأسباب وغيرها أضعافا مضاعفة أتفق تماما في اختيارهما لأيقونة الثورة ورمزها الحقيقي الدكتور ألبرادعي.
الاقتراح عبارة عن عشر نقاط تمثل صفقة متلازمة لا تتجزأ ولا تنتقص، تختصر في تسمية المشير طنطاوي رئيساً مؤقتا للجمهورية سنتين غير قابلتين للتجديد يرأس فيهما البرادعي حكومة إنقاذ تخول له جميع سلطات تشكيل الحكومة والعمل اللازم والإبداع وكشف جميع بنود الميزانية بلا استثناء بشفافية كاملة لإعادة توزيعها لتحقيق العدالة الاجتماعية ومواجهة القضايا الاقتصادية ومنهج التعامل مع المطالب الفئوية، ثم اختيار لجنة المائة لوضع الدستور وإنهائه خلال ستة أشهر وتحقيق الحريات، وتكون سلطة إصدار القرارات لرئيس الجمهورية شرط ورودها من مجلس الوزراء وإنهاء حالة الطوارئ ثم فتح باب الترشيح لرئيس الجمهورية الجديد بعد مرور العامين، ثم يتولى الرئيس الجديد الدعوة لانتخابات المجالس التشريعية تبعا للدستور الجديد ويستمر البناء.
هذا بطبيعة الحال حل مثالي يا دكتور طارق، ويستحق في تقديري كل من يوافق عليه نوط الوطنية بل ونوط قلادة النيل، ولكن كيف يمكن حل المعوقات التالية أمام تطبيقه:
<!-- الدكتور البرادعي يقال أنه موافق على ذلك، وهو مستعد لخدمة مصر في هذه المرحلة ولا يهمه رئاسة الجمهورية الآن أو مستقبلا. ولكن هل يوافق المشير؟ وإذا وافق سيادته فهل يوافق المجلس الأعلى للقوات المسلحة؟ ثم ماذا سوف يقول اللواء ممدوح شاهين بصفة خاصة بصفته أركانحرب الهندسة القانونية للمرحلة الانتقالية؟ الأمر هنا في اعتقادي يرتبط بقضية الضمانات الحقيقية لاستمرار الوضع المتميز للقوات المسلحة والجيش المصري في الدستور الجديد وفي مصر الجديدة. وقد تناولت هذه الضمانات في مقال سابق بعنوان "لا تفرحوا بما آتاكم من المجلس الأعلى." وأعتقد أن هذا المعوق هو الأخطر والأصعب بين كافة المعوقات. ويمكن التغلب على هذا المعوق كما ذكرت في المقال السابق من خلال خمس نقاط أساسية:
(أنظر: http://kenanaonline.com/users/mngamie/posts/324677)
<!--مرشحو الرئاسة سيقفون بالمرصاد أمام هذا الاقتراح، إلا من رحم ربك، وذلك لحرمانهم من أحلام السلطة وآمالها لفترة مجهولة في تقديرهم. ولكن أعتقد أنهم، بفضل ثقافتهم ووعيهم ووطنيتهم، لن يعترضوا على تأجيل طموحاتهم وكبت نوازعهم مدة عامين، خاصة وأن الأمر كما هو الآن قد يستغرق أكثر من ذلك.
<!--سينفجر تيار الإسلام السياسي، وعلى رأسه الإخوان المسلمون، في معارضة صارخة لهذا الاقتراح، لأن دعاته لا يؤمنون بالبناء المؤسسي من أجل بناء مصر الحديثة القوية بقدر ما يريدون احتلال السلطة من أجل فرض ما يؤمنون به من قيم دينية لا تتوافق إلا مع الفهم الوهابي للإسلام الحنيف. ومع هذا فكما قلت لهم من قبل كثيرا أن سعيهم هذا، وهو أمر مشروع في ظل الدولة الديمقراطية الحقيقية، يمكن أن يؤجل إلى ما بعد بناء تلك الدولة الديمقراطية، والذي سيستغرق عامين فقط تبعا لهذا الاقتراح. ومن ثم فكل ما هو مطلوب منهم أن يؤجلوا أيضا طموحاتهم ونوازعهم مدة عامين مثلما يمكن أن يفعل مرشحو الرئاسة في النقطة السابقة.
<!--هذا الحل فيه نوع من الإقصاء المؤقت لكل من الأحزاب السياسية القديمة والأحزاب الانتهازية الجديدة المكونة من رحم الفلول ودعائم الحزب الوطني المنحل، وكذلك الأحزاب الثورية الجديدة، والتي ستفرح هي بصفة خاصة بهذا المقترح لأنه يعطيها فرصة النضوج وتمام البناء. وسيعترض في هذا السياق أيضا من يستعدون للدخول في الانتخابات البرلمانية التي ستؤجل في هذا الاقتراح إلى ما بعد مرور العامين مدة الاقتراح.
<!--يتبقى المعوق الأخير وهو هجوم تتاري على غرار معركة الجمل من جانب البلطجية وأحفاد المخلوع وأبنائه الذين تحركهم سادتهم من جلادي الداخلية وفرانكنشتاينات رجال الأعمال والطفيليين من بلاط الدكتاتور المخلوع. ولكن إذا نجحنا في مواجهة المعوقات السابقة سيكون من السهل اجتثاث هذه الفئة الضالة وكبح جماحها تمهيدا للقضاء عليها في صيرورة بناء الدولة المصرية التي يحلم بها المصريون الشرفاء وينتظرها الشعب المصري العظيم.
ألا يستحق هذا الاقتراح حوارا فوريا جادا من جانب نبض الإعلام الوطني المخلص والمفكرين المبدعين من مثقفي مصر حتى نخرج من هذا المستنقع الكئيب؟
ساحة النقاش