Subject: التنبلة والمثقف الحق؟
لثقافة غذاء، وتبادل الفكر دواء، والتواصل الاجتماعي شفاء، وتفاعل الفكر نماء.
إن لم يعجبك قولي فأرشدني،
وإن ضقت بي ذرعا فأخبرني،
أو بلوكمي، أو سبام مي.
أ.د. محمد نبيل جامع [email protected]
التنبلة والمثقف الحق
برجاء نشر هذه الإشارة
بقلم
أ.د. محمد نبيل جامع
أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية
0127435754
حلل نفسك وقرر من أنت.... ليس من قبيل الفلسفة، ولكن دعوة للتثقف ومناصرة المثقفين.
ضج البعض من المثقفين والنخبة، ولكن لو علمت من هو المثقف الحق فسوف تدعو له بخير الجزاء. وإذا بدأنا بالنخبة فنجد أنها ترجمة لكلمة Elites والمقصود بها أعاظم القوم، وخاصة بالمعايير الدنيوية كالمال والجاه والأسرة والممتلكات والسلوك الترفي، وهم غالبا ما يكونوا متعلمين، ولكن ليس بالضرورة أن يكونوا مثقفين، وهذا ما يقودنا إلى مفهوم المثقف.
هناك أربعة أنواع من البشر: المثقفون، والموسوعيون، والمروجون، والحرفيون.
المثقف الحق هو إنسان ملم بقدر كاف من مختلف أنواع المعرفة، وبقدر كبير نسبيا عن عمله أو تخصصه في الحياة، في الوقت الذي يكرس فيه حياته لرسالة سامية لخير الناس والمجتمع والإنسانية، ومن ثم تجده مهتما بالعمل العام والمشاركة فيه، بعيدا عن العزلة والأنانية والاستكانة والعجز والتبعية والركوب المجاني كلما أتاحت له الفرصة، ولا ينتظر التفاحة لتقع عليه أو بجواره، وإنما يسعى لقطفها وإطعامها للغير. أليس هذا بالإنسان الماسي الذي لو بلغت نسبته في المجتمع 25% فقط لقفز هذا المجتمع إلى مصاف الدول العظمى؟ أمثال هذا النوع كثيرون، وخاصة اليوم بعد الثورة، يظهرون وتظهر معادنهم. ولمجرد ذكر أمثلة فقط نذكر البرادعي، وعلاء الأسواني، وبلال فضل، وابراهيم عيسى، وسعد هجرس ومحمد صبحي وعمرو خالد ..... وغيرهم كثير، وهم أقوام قليلا من الليل ما يهجعون حبا وسعيا حثيثا لتحقيق رسالات سامية في سبيل الخير ورفعة الوطن وتكريم الإنسانية.
النوع الثاني، الموسوعيون، وهم أناس يعرفون كثيرا في مجالات متعددة مثل الموسوعة، ولكنهم في نفس الوقت كالحاسب الآلي يخزنون المعلومات ويسترجعونها حين يطلب منهم. وغالبا ما يتباهى الموسوعي بكثرة معارفه، وتجده كثير الكلام، يعجب الناس بلحن قوله، ويغبطوه على معرفته، ولكنه كالتربة السبخة لا فائدة منه، لأنه لا يسعى نحو تحقيق رسالة سامية في الحياة، وأمثلته كثيرة أيضا ولكن لا يصح ذكر أسماء حتى لا نؤذي المشاعر، خاصة وأن الموسوعي غالبا ما يصاب بالغرور. ومن ثم فبالرغم من كثرة معرفة هذا النوع من البشر إلا أنه أبعد الخلق عن الثقافة.
النوع الثالث، المروجون، وهم ما يسعون لتحقيق رسالة سامية في الحياة، يروجوا لها ويساعدوا على تحقيقها ومناصرتها، ولكنهم لا يملكون معرفة كافية، ومن ثم فهم أكثر فائدة من الموسوعيين السابقين. وهؤلاء ينطبق عليهم قول الحبيب صلى الله عليه وسلم: "أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور يدخله على مسلم، أو يكشف عنه كربة أو يقضي عنه ديناً أو يطرد عنه جوعاً..."
وأخيرا النوع الرابع من البشر، الحرفيون، وهم البشر العاديون العاملون الذين لا يتمتعون بمعرفة شاملة، ولا يسعون لتحقيق رسالة سامية، وإنما يعلمون فقط خبرة عملهم الخاص. وهنا يدخل في هذا الصنف الزبال وأستاذ الجامعة إذا كان كلاهما لا يعرف إلا تخصصه. ولذلك فكثيرا ما نجد علماء ينتمون إلى هذا النوع لأنهم تكنوقراط لا يفهمون إلا في تخصصهم، ولا يعلمون حتى أسماء وزرائهم، ولا يهتمون بالعمل العام، وهم بئس المستشارين لضيق أفقهم الشديد.
فأي نوع من الناس أنت؟ حلل نفسك، وانظر إلي غيرك، وأوقد شمعة، دون أن تلعن الظلام، والثورة مستمرة بإذن الله.
ساحة النقاش