قصة قصيرة:     الموضة.
بيتر مربي حيوانات السيرك المشهور ، حصل على تقاعده وتخلى عن وظيفته لمساعده جون.صحيح ان جون هذا ذكي ويضاهي مديره في الحنكةولكنه فشل في التعامل مع جوليا.انها ابنة بيتر المفضلة رغم انه عازب..فقد تبناها منذ لحظة ولادتها .نشأت جوليا يتيمة الأبوين.وكان بيتر بالنسبة لها نعم الام والاب..وقد تعلقا ببعضهما البعض كأب وابنته حقيقيين.وهما في الحقيفة بيتر والقردةالذكية شامبانزي.
  رفضت الطعام وعصت اوامر مدربها الجديد، بل انها هددته كم مرة وجعلته يتراجع إلى الوراء . اتصل ببيتر واخبره بالمشكل وجاء مسرعا خاصة وان الامر مرتبط بابنته جوليا..
بمجرد ان تشاهد اباها فإنهاتقغز إلى الاعلى وتصدر أصوات فرح وحبورثم وكانها تشكو جون لمديره تصيح وتشير إليه فينقبض صدر ابيها. ولما تكرر الأمر مرات عدةفإن  الرجلين وجدا نفسيهما وجها لوجه.ولولا ان صداقتهما قد عمرت ما يربو على عشرين سنة لتواجها بالرصاص.
ذات ليلة لم يذق بيتر فيها لا طعام ولا نوم وردت عليه فكرة.وبخ نفسه على عدم التفكير فيها منذ اليوم الأول.قبل شروق الشمس كان يطرق باب السيرك.،مما ازعج كل ساكنيه بما فيهم المدير.، ولكن جوليا وحدها كانت تصيح فرحاوكأنها تنبات بسبب قدوم ابيها.
في الاول رفض المدير الأمر قطعيا ولكن لما فصل له جون ظروف جوليا قبل بالعرض. وهكذا انتقلت للعيش مع ابيها.
استعادت حيويتهاونشاطها، لكن وجودها مكلف لبيتر ، و منحة التقاعد الشهريةلم تعد تكفي متطابات الشهر ، فلم يجد بدا من التفكير في حل .لم يفكر كثيرا .ابتسم وهو يشكر الرب على نعمه.وترحم على ذلك المفكرالذي قال:"  كل شيء في الحياة  مترابط .لا شيء يوجد عبثا.""  ذلك أن اباه كان خياطا للملابس الجااهزة  وقبل ان يلتحق  بالسيرك كان قد استوعب الصنعة ، لكنها الاقدار تلعب بالانسان وتجعله يسير في طريق لم يكن قط يفكر بالسير فيه.   في اليوم الموالي قام بالتنفيذ.لكن ما يتوفر لديه من مال غير كاف للمشروع.فاتصل بصديقه الحميم روبيرت .إنه الوحيد الذي حافظ على صداقته بعد مغادرته السيرك .أما الأخرون فقد رفضوا حتى الرد على الهاتف.تألم  بيتر كثيرا وحكى لروبيرت، فما كان من هذا الاخير سوىالتأفف من مثل هكذا تصرف. 
 وافق على ان يعطيه المال وليس ان يسلفه له، ولكن صاحب المشروع رفضا رفضا باتا أن يأخذه دون ان يرده ، خاصة وأنه يعرف ظروف اشتغاله في مجلة للإعلانات.. وبعد اخذ ورد ، وقف بيتر واتجه نحو صديقه وعانقه بقوة وهو يبكي مرددا :" أنت لست  صديقا وإنما أخا شقيقا." وبما ان البكاء يعدي فإن روبيرت ايضا أجهش بالبكاء هامسا :" وهل تشك في ذلك.؟ ألم نكن صديقين منذ الروض.التفت الى الوراء لتتأكد كم سنة  عمرت علاقتنا.مايزيد عن الخمسين سنة من الود والحب المتبادل."
 في الوقت الذي كانت فيه جوليا نائمة في سريرها وكانت تحلم بكابوس تناهى الى سمعهانحيب ابيها ، فقفزت بخفة وبدأت تتلصص على الصديقين.و بدون ان يشعرا وجداها تعانقهما وتبكي كانها أدركت سبب دموعهما.
 قال بيتر :" موافق أن أخذ منك المال ، بشرط واحد وهو ان تشاركني  المشروع.وهكذا نتقاسم الارباح .ماذا قلت؟ '" حتى هذا الاقتراح رفضه .لكن لم يصمد كثيرا امام توسلات صديقه.فقبل على مضض.
 لم تمض يومان حتى كانت أحدى غرف بيت بيتر مجهزة  بآلتين للخياطة وباقي الاكسيسوارات اللازمة لذلك. وخلال الاسبوع الاول بدا يفصل أولى قطع القماش.اسبوع كامل وهو يقص ويقيس .وأخيرا تمكن من انجاز القطعة الاولى من نوع سروال.وكان من نصيب جوليا .ارتذته وبدات تحدق في نفسها في المرآة الحائطية.
أقبل روبيرت ليرى ماذا فعل بيتر الخياط فوجد جوليا تقيس القطعة الاولى.أعجب بالمنتوج وهو على كل حال يتوفر على معلومات ضعيفة في فن الخياطة.ولكي يستريح الخياط فأنه اقترح على شريكه السهر هذه الليلة للاحتفال ببداية المشروع.. طلب بيتر من جوليا مصاحبتهما ، لكنها رفضت .تظاهرت بالرغبة في النوم مما اضطره إلى إعطائها موزتين لعشائها. ثم أغلق عليها الباب  تاركاالضوء مشعولا.
  وبمجرد أن تيقنت من ابتعاد الرجلين قامت الى  آلة الخياطة وصارت تفعل مثل خياط ماهر.ولحسن حظها فان الصديقين قضيا الليل بالمخفر لان بيتر تشاجر مع أحد رواد الحانة.ولسوء حظه فهذا الشخص تربطه علاقة مصاهرة مع شريف الفيلاج . ولولا اتصال  روبيرت بمديره الذي بدوره اتصل بشريف وطلب منه وديا اطلاق احد عملائه و صديقه لأرسلهما للمحكمة.
لا احد قادر على اتهام الآخر بالتسبب فيما حصل.، لكنهما سينسيان الامر بمجرد وقوع عينيهما على جوليا وهي تستقبلهما بسعادة كاملة.أحس بيتر بدوخة شديدة وهو يرى ما فعلته جوليا بالقماش.أما شريكه فقد عقدت الصدمة لسانه، فقط جوليا تكاد تطير من السعادة.ثم بدأت تتنبه إلى حالتهما فطفقت تنقل نظراتها من هذا إلى الآخر. بعد لحظات  أخذ بيتر  يقلب القماش المخيط.وشيئا فشيئا بدأت الابتسامة تجمل ثغره.ونادى شريكه: " ولكن هذا عمل جيد." .قلب روبيرت قطعة فوجدها مخيطة خياطة جيدة، لكنه لاحظ ان بها ثقبا من الوراء وآخر من الأمام.تبددت ابتسامة بيتر وأحس أن المشروع هوى  وانه يسير نحو الافلاس. انتفخ صدره غيظا وصار تنفسه متقطعا.جاءته فكرة لكنه سرعان ما طردها:" هل يجوز للأب أن يضرب ابنته؟ ." وأكد لنفسه أنه ضد  معاقبة الابناء عقابا جسديا.  
 حمل روبيرت بعض القطع إلى مديره.فهو منظم استعراضات الموضة وبإمكانه إيجاد حل لهذا المشكل العويص.شيء لم يكن يتوقعه روبيرت ابدا.المدير انبهر بهذا الشكل الجديد.شيء مذهل.:""  اخبر شريكك انه سعيد الحظ ففي الاسبوع القادم سأشرف على  استعراض للموضة الجديدة ، وسنرى تفاعل الجمهور وبعد ذلك نقرر ماذا سنفعل..""
اتفق الشريكان على عدم إفشاء السر وبدات الارباح تتهاطل عليهما.بدأت الاعلانات  بكل اشكالها وعلى جميع القنوات.فلاتسمع الا سروال ذي علامة جوليا.
 بين عشية  وضحاها غزت  هذه الموجة البلاد العربية الاسلامية.فإذا بالشباب ذكورا وإناثا يتباهون بلباسهم الجديد.: سراويل جوليا  المثقوبة من وراء ومن قدام وكلما كان الثقبان  كبيران كلما كان المنوج اجود..اما الاجيال العتيقة فلاتملك الا ضرب كف بكف و ترديد الحوقلة.
انتهت
عمر بنحيدي                              6/8/2018

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 31 مشاهدة
نشرت فى 7 أغسطس 2018 بواسطة mmansourraslan

عدد زيارات الموقع

109,616