حين يبـزغ الفـرح ...

               
ما كنتُ أعرفُ الفرحةَ يوماً 
أسمعُ عنها ، أقرأُ 
وأتخيلُها على شكلِ أمٍّ
ترضِعُ صغيرَها كي لا يبكي 
كنتُ أحسبُها كالنقودِ
تُدفىءُ الجيبَ
كتفاحةٍ نأكلُها وقتَ نشتهي 
كالماءِ نشربُهُ عندَ العطشِ 
وأحياناً ، كنتُ أُشَـبِّـهُ الفرحةَ بالفراشةِ 
أوِ الوردةَ العابقةَ بالشذى 
أو الغيمةَ التي تزهو في السمـاءِ 
وكنتُ أظنُّها كالنجمةِ
ترقصُ ببصيصِها 
أوْ كالقمرِ يطلُّ بكاملِ بهائِهِ
تسبحُ في ظلِّ بسمةٍ هانئةٍ 
هكذا كنتُ أتخيلُ أو أتوَقَّعُ
أو يَتهيَّـأُ لـي 
فأنا لم أعرفِ الفرحَ يوماً 
حيثُ نَبتَتْ روحي في العراءِ الأجردِ 
و نما قلبي في مستنقعاتِ الحزنِ 
الدمعةُ تكادُ لا تفارقُ دمي 
والوجعُ يربضُ فوقَ كاهلي 
بكاملِ ثِقَـلِهِ 
واليومَ فقط 
وبقدرةِ الحبِّ وحدَهُ 
أطَلَّ الفرحُ على أعتابِ قلبي 
نوراً غامراً بالنشوةِ 
 حناناً مذهلاً  يهزُّ الأرضَ 
أنساني ألم ألف عام 
وصيَّرَ لِـروحي أجنحةً
وانعتقَ الشجنُ من أورِدَتي 
زغردتْ مهجةُ الأشواقِ 
وارتفعتْ في قبةِ الأحزانِ شمسٌ 
تفجرُ ثمارَ الصمتِ موسيقى 
إني أشهدُ أنَّ للفرحِ ألـفُ بابٍ
يطلُّ على الدنيا 
وألفُ نهرٍ عذبٍ كالندى 
تورقُ بأغصانِ الكلماتِ
قصائدُ من عسلٍ 
واشتدتْ أعوادُ النبضِ لقلبي
لك الشكرُ على شفائي 
لك التحياتُ الـبِيضُ
لك أجنحةُ القبلاتِ 
أنتِ  مَن أوقدَ المصباحَ لظلماتي 
مَن أعادَ الدربَ لخطواتي 
مَن جفَّفَ دمعَ الموتِ 
العالقَ بي 
شكراً لحنانِ قلبِك 
يومَ ربتَ على يباسي
شكراً إليك 
لحظةَ أسندتِ انهياري  
ما كنتُ أعرفُ الفرحَ لولاكِ
وما كنتُ أعيش 
من دونِكِ مولاتي 
أنتِ الزمانُ
أنتِ المكانُ
وأنتِ الوجودُ كلُّه ُ
فما الكونُ ؟!
لو ما كانت تضيءُ لـهُ عيناكِ  *
                           مصطفى الحاج حسين .
                                   إسطنبول

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 26 مشاهدة
نشرت فى 11 يوليو 2018 بواسطة mmansourraslan

عدد زيارات الموقع

109,418