قصة قصيرة.                  غرباء داخل الوطن . 

(   با العربي)  رب  أسرة  مكونة من اربعة افراد و هو خامسهم، سريع  النكتة ،حلو الضحكة ،طيب  إلى حد السذاجة .وهذا ما جعله محبوبا من طرف  زوجته رقية. و محاطا بزملائه في الشركة ،الذين يتظاهرون بالضحك وهو يحكي إحدى نكته داخل الكفتيريا .
  لكنه  ذلك  اليوم المشؤوم  عاد شبه ميت ،لم يسبق لزوجته  ابدا ان راته على هذه الحال.:""  فص _لوني من_ الش _ر_كة_ زملائي__ تخلوا عني ، شه _دو_ ضدي . نحر_ظ  على _ لضر__ اب...و و وسر_ق_ت وو.و...."" ، نطق بجهد جهيد مخبرا زوجته بصوت متقطع وعينين غائرتين ووجه شاحب .لم تتركه يكمل حديثه ، فبدأت تلطم وجهها وتصيح لما غاب عن الوعي .. تحلق ابناؤه حوله واجمين .لم يسبق لهم ان شاهدوه  على هذا الوضع .....وهو ممدد على سرير المرض بغرفة الانعاش ما فتئ يردد:" خونة ،خونة".أخبر الطبيب  زوجته وابناءه انه تعرض لموقف صعب جدا والحل هو ان يوفروا له الهدوء بالبيت.وان يحرصوا على موعد تناوله  الدواء.
  في اليوم الموالي ،توجهت نحو الشركة لمعرفة اسباب طرده من العمل. التقت  احد اصدقائه .لاحظت انه  اراد تجاهلها.:"" السلام عليكم سي عباس " وبصوته الجهوري رد عليها.التفت جهتهما كل المتحلقين امام بوابة الشركة وهم  ينتظرون وقت الدخول:"" سي عباس كيف حالك؟ ،"" ومن وراء ابتسامة صفراء أجاب  :"" اختي رقية." ثم مد  يده ليسلم عليها .قالت انا لا اصافح  .:"" لماذا طرد. العربي  من الشركة؟" . في الاول تلعثم في الكلام ،بعدها قال كل شيء:"" زوجك( باالعربي)  تعبت معاه. نصحته ان يزيل من دماغه فكرة الدفاع عن حقوق  العمال." رقية لم تفهم كلمة واحدة.فألحت عليه أن يشرح اكثر . :"" يريد ان يكون زعيما  نقابيا  . نصحته أن يفكر في مصلحته الخاصة  ولكنه عنيد  . أيام المدير الاجنبي كان تصرفه مقبولا  ، أما مع المدير الجديد وهوعلى فكرة ابن ناس  ،يحب الوطن و يشغل منصبا كبيرا في الدولة ، .أعدى كلمة عنده هي ""نقابة.".. طلبنا منه  أن يتقدم باعتدار للمسؤول  الجديد ، ولكنه رفض .ركب دماغه . فليتحمل مسؤولية تصرفاته "".
   في المساء جاء لزيارته شابان يعملان معه. قالا إنهما يريدان الاطمئنان عليه.وعند مغادرتهما قدما  للزوجة مظروفا به مبلغ من المال ،قالا إن  العمال ٱكتتبوا  لمساعدته في ظروفه هذه . ورسالة من مدير الشركة... .في الوقت الذي نادت ابنها البكر أحمد ليقرأ لها الرسالة ،غادر المرسولان نحو أقرب مقهى حيث تقاسما نصف المبلغ الباقي في جيب احدهما.
    كلفت رقية احد المحامين لرفع دعوى قضائية. ضد الشركة للمطالبة بانصاف ( با العربي)،كل مرة تسأله، فإنه يطمئنها بقرب الحكم لصالحهم وفي انتظار ذلك عليها ان تؤدي الاتعاب أولا.
   بقي  ازيد من سنتين وهوطريح الفراش باعت زوجته كل الاثاث لتوفير الدواء ومصروف البيت،...قبل نهاية السنة الاولى على مرضه طردهم صاحب الشقة لعجزهم عن اداء مستحقات الكراء .اشترت رقية خيمة ونصبتها قرب العمارة وعلقت فوقها الراية حتى لا تطردهم السلطات .وقد علق احد سكان العمارة  على هذا الوضع: " لاجؤون داخل الوطن "" لكن جاره اختلف معه مقترحا وصفا آخر :"" غرباء في وطنهم "   
    بعد أن  قضت المحكمة بحفظ دعوى ( با العربي ) وردت اخبار عن حملة طرد  أخرى من الشركة لكل من يجرؤ مناقشة السيد المدير ......       
  اضطرت  رقية الى البحث عن عمل . تخلى ولداه الشابان ايضا عن مقاعدهما الدراسية ليبحثا عن شغل . وكانت فرصة للغوص في وحل الادمان على المخدرات واحيانا  سرقة و سلب  المارة ليلا تحت التهديد بالسلاح الابيض. اما ابنته الصغرى ، البالغ سنها  حوالي الثانية عشرة فقد تخلصت من مراقبة امها لتتخلف عن المدرسة و تختبئ وصديقها في قبو العمارة المغلق الباب بالمزلاج والقفل .لكن  (سعيد الجن ) استطاع توسيع كوة توجد وراء العمارة للتسلل إلى داخل القبو .كانا يقضيان النهار كله دون ان يثيرا الشبهات. لكنها حين رافقت امها الى الحمام العمومي.لاحظت رقية   ان ابنتها ليست عادية. ..في الاول انكرت لكنها. في الاخير اعترفت بعلاقتها مع  (سعيد الجن .).
 حين تماثل للشفاء وجد اثنين من أبنائه في السجن،اما تلك التي كان يدللها ويناديها اميرته فقد وضعت طفلا سفاحا وهي لازالت طفلة ،.حتى زوجته رقية  فهي تغادر البيت الخيمة  منذ الصباح الباكر ولا تعود الا ليلا.... انتكس.  صار شيئا   من الاشياء المتراكمة  حوله ...
 عمر  بنحيدي                                  29/5/2018

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 27 مشاهدة
نشرت فى 29 مايو 2018 بواسطة mmansourraslan

عدد زيارات الموقع

109,630