رفعت عبدالغنى الداودى غبن

موقع اجتماعى لكل الموضوعات التى تفيد المسلم وتحس على التعاون

العمل الأهلي يمتد ويتسع مفهومه ليشمل عمل الجمعيات والمؤسسات الأهلية من ناحية، وعمل مؤسسات مدينة أخرى مثل (لجان الزكاه-مراكز الشباب وأخرى) بحيث ينطبق على كل هذه الأنواع المختلفة من العمل الأهلي خمس سمات رئيسية :
أولها: أنها تعكس مبادرات أهلية (يعني مبادرات شعبية من الناس أنفسهم لتأسيس مثل هذا النوع) .
ثانيها: معيار التطوع، وهو أن تتوفر درجة ما من درجات التطوع في هذا العمل حتى نستطيع أن نقول أنه عمل أهلي .
ثالثها: يجب أن يحقق المنفعة العامة فينبغي أن تهدف هذه المنظمة أو هذه المؤسسة إلى المنفعة الجماعية أو منفعة فئات خاصة (قطاعات خاصة)، مثل رابطة من الروابط المسجلة وفقاً لقانون الجمعيات الأهلية التي تهتم بالخدمات الاجتماعية لأعضاء الرابطة الذين تجمعهم مهنة واحدة أو اهتمام واحد .
رابعها: عدم الربحية، أى لا تسعى إلى الربح، وإذا حققت أى نوع من أنواع الربح مثل بيع السلع والخدمات-وهذا من حقها-فالعائد لا يوزع على مجلس الإدارة، ولكن يوجه إلى تدعيم الخدمة التي يتم تطبيقها .
خامسها: تعمل من خلال القانون، أى يجب أن يكون لها إطار مؤسسي مقنن، وتعمل داخل إطار القانون، وذلك يجعلنا نقول بشكل قاطع :أنها غير حكومية أو منظمات غير حكومية .
الجمعيات الأهلية في مصر (خلفية تاريخية) :
مما لا شك فيه أن جذور العمل التطوعي في مصر تمتد إلى عمق التاريخ، إذ أن الطبيعة الزراعية للمجتمع المصري جعلت من نظام التآزر ومساعدة الناس بعضهم لبعض جزءاً لا يتجزأ من حياتهم العادية، خاصة في أوقات الأزمات الاقتصادية والكوارث . ومع ظهور الإسلام خلال القرن السابع الميلادي تدعمت هذه الروح من خلال الدعوة القرآنية إلى التكافل والتراحم بين الناس . ومع حلول القرن العاشر الميلادي والثالث الهجري تأصلت هذه القيم بظهور نظام الوقف، الذي يعني قيام الأغنياء بتخصيص جزء من عائد ممتلكاتهم أو كل ممتلكاتهم لخدمة غرض خيري أو ديني محدد .
وقد شهد عام 1821 ظهور أول جمعية أهلية تطوعية بالمعني الحديث على يد أفراد من الجالية اليونانية بالأسكندرية في ذلك الوقت وقد اكتسب النموذج الجديد للعمل الاجتماعي اهتمام الصفوة من المصريين . فنشأت الجمعية المصرية للبحوث التاريخية والثقافية عام 1850، وتبعتها جمعية المعارف عام 1861، ثم الجمعية الجغرافية عام 1875، ثم الجمعية الخيرية الإسلامية عام 1878، ومع بداية الاحتلال البريطاني لمصر عام 1881 ومع فقدان الاستقلال الوطني صارت الجمعيات الأهلية التطوعية كيانات قومية تعمل-اعتماد على الذات-في شتي مناحى الحياة، كالصحة والتعليم والثقافة والرعاية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والنهوض بالمرأة والتنمية الريفية . وقبل نهاية القرن التاسع عشر كان عدد الجمعيات الأهلية التطوعية بمعناها الحديث قد بلغ 70 جمعية. وقد استمر هذا الاتجاه المتنامي خلال العقدين الأول والثاني من القرن العشرين مما أدى إلى إنشاء أول جامعة مصرية حديثة في عام 1912 باسم جامعة فؤاد الأول، وهي جامعة القاهرة حالياً .
وبعد قيام ثورة 1919 والاستقلال عام 1922 زادت سرعة نمو الجمعيات الأهلية التطوعية واتسعت مجالاتها . والجدير بالذكر أن الكثير من أنشطة ثورة 1919 وقياداتها قد تتلمذت على يد النشاط الأهلي التطوعي . وقد تضمنت المادة 21 من دستور 1923 حق المصريين في انشاء الجمعيات الأهلية التطوعية، حتى أنه مع حلول عام 1925 بلغ عدد الجمعيات الأهلية التطوعية أكثر من 300 جمعية . وقد أدت الحاجة إلى وجود كادر مدرب من الأفراد للعمل في هذه الجمعيات إلى إنشاء أول مدرسة للخدمة الاجتماعية بالأسكندرية عام 1936، وفي العام التالي أنشئت مدرسة أخرى بالقاهرة سنة 1937، وقد انشئتا من خلال جهود تطوعية خاصة . وفي عام 1936 بلغ عدد الجمعيات الأهلية التطوعية أكثر من 500 جمعية منتشرة في شتى أنحاء مصر . ثم تدخلت الدولة وقامت بالتعاون مع الجمعيات الأهلية التطوعية بإنشاء هيئة تنسيقية عرفت باسم المجلس الأعلى للإصلاح الاجتماعي الذي تحول في عام 1939 إلى وزارة الشئون الاجتماعية .
وخلال الخمس عشرة سنة من وجودها (أى حتى عام 1955)، كانت الوظيفة الرئيسية لوزارة الشئون الاجتماعية هي تطوير وتنسيق الجهود وتدريب العاملين في المجال الاجتماعي . واستمرت الجمعيات الأهلية التطوعية خلال هذه الفترة في العمل بحرية واستقلالية . وخلال السنوات الشاقة التي استغرقتها الحرب العالمية الثانية قامت الجمعيات الأهلية التطوعية بدور كبير في ملء الفراغ الذي نتج عن انخراط الحكومة في الجهود الحربية والأمنية . فقد تحملت الجمعيات الأهلية التطوعية مسئولية إيواء وإعاشة المشردين وضحايا الحرب . كما قامت الحكومة بتوجيه ما كان في مقدورها تدبيره من موارد مالية أو مادية فخصصت جزءاً من عوائد الضرائب التي فرضتها عام 1943 إلى الجمعيات الأهلية خاصة جمعية الهلال الأحمر التي أنشئت في هذه الفترة .

* بدايات تنظيم الجمعيات الأهلية في مصر
مما لا شك فيه أن الغالبية العظمى من مبادرات وبرامج الجمعيات الأهلية التطوعية كانت تتم بواسطة أفراد مثقفين ينتمون إلى الطبقتين العليا والمتوسطة من المجتمع المصري، في حين كان المنتفعون من هذه البرامج يشكلون الجمهور الأعظم للفئات الفقيرة والمحرومة في مصر . ومع ارتفاع المستوى التعليمي والمادي واكتساب خبرات عالمية لهذه الفئة من المصريين الذين قادوا العمل الأهلي التطوعي فإنهم لم يكونوا في حاجة إلى تدخل حكومي مباشر في جهودهم التطوعية، ولم يكن هناك سوى عدد محدود من المواد في القانون المدني العام تتعلق بالمصداقية المالية للجمعيات الأهلية التطوعية فيما يتعلق بأعضائها ومصلحة الضرائب .
وعلى الرغم من أن قواعد القانون المدني الأول تعود لعام 1885، فإن أول مادة تتعلق بالجمعيات الأهلية التطوعية أدخلت فيه عام 1905 (القانون رقم 10) وكانت تتعلق بتنظيم أعمال اليانصيب كأحد أنشطة جمع الأموال للعمل الأهلي . وقد أضيفت مواد أخرى عام 1922 (القانون رقم 10) تتعلق بسباق الخيل . وفي عام 1943 صدر القانون رقم 63 والمتعلق بفرض ضريبة خاصة على الدخل توجه حصيلتها إلى الأعمال الخيرية، وفي عام 1949 صدر القانون 1952 الخاص بالأندية، ثم القانون رقم 531 عام 1954 والخاص بالكشافة المدنية، ثم القانون رقم 223 عام 1955 الخاص بفتيان الكشافة .

* تأميم الجمعيات الأهلية المصرية
احتفظت الجمعيات الأهلية المصرية باستقلالها منذ بداية نشأتها عام 1821 وحتى منتصف الخمسينيات، أي خلال 140 عاماً من التطور والارتقاء . وقد بدأت عملية فقدان الجمعيات لاستقلالها خلال الفترة من 1956 إلى 1964 كجزء من عملية بحث مستمرة استهدفت السيطرة على شئون السياسة والاقتصاد والمجتمع المدني .
وكان لهذه الإجراءات وغيرها هدف رئيسي مشترك وهو السيطرة على كافة الأنشطة السياسية والاجتماعية في مصر .
وفيما يتعلق بالجمعيات الأهلية التطوعية، فتم إصدار القانون رقم 384 لسنة 1956 الذي استوعب العديد من القوانين السابقة التي صدرت خلال النصف الأول من القرن السابق (من عام 1905-1955) .
إلا أن قانون 1956 ترك الكثير من سلطة الإدارة الداخلية للجمعيات الأهلية إلى الجمعيات العمومية أو للمحاكم القضائية في حالة حدوث أية منازعات أو مخالفات . ومن وجهة نظر القائمين على الثورة كانت هذه تمثل نقطة ضعف خطيرة تستوجب التصحيح وبالتالي الحاجة إلى إصدار قانون جديد، وهذا ما تم بصدور القانون رقم 32 في عام 1964 .
ثم صدر القانون 153 لسنة 1999 وحكم بعدم دستورية 3/6/2000 . وأخيراً صدر القانون 84 لسنة 2002 ولائحته التنفيذية.

المصدر: خير أون لاين- 13/01/2007
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 1398 مشاهدة
نشرت فى 6 مارس 2011 بواسطة mirefat

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

16,167