مقدمة
كثيرة هي الأفكار التي تسعى إلى تنفيذ مشروعات أهلية خيرية تستهدف مكافحة الفقر المتفشي في منطقتنا العربية أو تشغيل العاطلين من خلال إقراضهم مبالغ صغيرة أو حتى إعانة المحتاجين وقت الأزمات والكوارث.
ولكن في المقابل قليلة هي معرفة النشطاء العرب بالأدوات التي ينبغي على المنظمات الأهلية امتلاكها للحصول على التمويل اللازم لإطلاق مثل هذه المشروعات التي تندرج تحت قطاع الاقتصاد الاجتماعي.
بل إن النشطاء الذين لديهم دراية بعملية التمويل للمشروعات الخيرية، لا يقومون في الغالب بنقل خبرتهم لآخرين في هذا المجال، حيث يرون أن ذلك هو سر المهنة! خاصة أن العمل الخيري تحول في بعض القطاعات والقضايا العربية إلى وسيلة سريعة لجلب الأموال لنخب مثقفة من الداخل والخارج، دون القيام في المقابل بنشاط حقيقي يعكس حجم التمويلات التي تصل في بعض الحالات لملايين الدولارات أو حتى التعامل مع المشكلات الأساسية التي يعاني منها الناس.
وإذا كنت ناشطا في العمل الأهلي التنموي تبحث عن تمويل لتنفيذ أنشطة تنموية حقيقية وليست وهمية.. فتابع هذا الملف، لمعرفة الأدوات التي تساعد أي منظمة خيرية في الحصول على تمويل لأنشطتها، لا سيما أن الأمر يحتاج إلى جهد منظم من قبل طالب التمويل، حتى يقتنع الممول سواء أكان فردا أم مؤسسة.
كما يحتاج إلى معرفة القوانين الحاكمة لتلقي المجتمع المدني للتمويلات والتي تختلف من دولة عربية لأخرى، خاصة في ظل ظروف التضييق الدولي على تمويل العمل الخيري وربطها بما يسمى بـ"الإرهاب" بعد أحداث 11 سبتمبر 2001.
الاستعداد لطلب التمويل
تزداد فرص أي منظمة خيرية بالحصول على الدعم المالي، إذا ما قامت بالإعداد والتحضير السليمين قبل تقديم طلب الدعم، لأي جهة كانت. وفي إطار التحضير الجيد لطلب الدعم على المنظمة أن تقوم بالمهمات التالية:
- اختيار مشروع ضمن أهداف المنظمة:
على المنظمة أن تختار مشروعا يؤدي تنفيذه إلى تحقيق أهدافها وأغراضها، وأن يقدّم هذا المشروع خدمات تحتاجها الفئات المستفيدة من نشاطات المنظمة، فمثلا إذا كانت منظمة تهدف لمكافحة الفقر، فيمكن أن تقوم بحملة لتحويل 1000 فقير إلى منتج. فأي جهة ممولة تهتم بأن يكون المشروع الذي ستموله يرتبط بشكل وثيق بتوجهات المنظمة التي قدمته.
وللتأكد من ذلك على المنظمة أن تبحث من خلال هيئتها الإدارية والعاملين فيها مدى ارتباط المشروع الذي تسعى إلى البحث عن تمويل له مع رسالتها ورؤيتها وأهدافها والفائدة التي تستفيد منها الفئات المستهدفة من تطبيق هذا المشروع.
- ماذا ستفعل المنظمة بالأموال؟
من الأمور التي تسهل حصول المنظمة على الدعم المالي هو وضوحها في تحديد المجالات التي سيتم إنفاق المال فيها، بمعنى أن على المنظمة أن تحدد كافة الجوانب المتصلة بالمشروع والتي ستقوم بإنفاق المال بها، مثلا سيكون هناك ثلاثة أنشطة في المشروع تحتاج إلى دعم، أو أن تنفيذ المشروع يحتاج إلى شراء عدد من أجهزة الكمبيوتر، وغير ذلك. وبشكل عام، كلما كانت المنظمة دقيقة في التحديد كان موقفها أفضل في طلب الدعم.
- إعداد مقترح المشروع:
بعد الانتهاء من الخطوتين السابقتين سيكون قد تشكل لدى المنظمة رؤية واضحة حول المشروع والإجراءات والنشاطات التي تندرج في إطاره، وهو ما يسهل عملية إعداد مقترح بالمشروع يتضمن كافة النقاط التي تناولتها المنظمة في الخطوتين السابقتين.
وتكمن أهمية مقترح المشروع في أنه يعطي للجهة الداعمة صورة شاملة عن المشروع وعن إجراءاته والنشاطات التي يسعى لتنفيذها والنتائج المتوقعة منه.
- البحث عن التمويل:
هو آخر مهمة تقوم بها المنظمة التي تسعى إلى دعم أحد مشاريعها. فكل الإجراءات السابقة هي نفسها التي ستقود إلى تحديد الممول (أو مجموعة من الممولين) الذي من الممكن أن يدعم المشروع.
فبعد الانتهاء من إعداد مقترح المشروع سيكون من السهل على المنظمة أن تبحث عن الممولين الذين يقع هذا المشروع ضمن اهتمامهم ومجالات تخصصهم، كما سيكون قد تكوّن لدى المنظمة تصور تقريبي حول حجم التمويل الذي تحتاجه، وبالتالي عليها أن تبحث عن جهات تمويلية تقدم دعما ماليا قريبا من الحجم المتوقع لموازنة المشروع.
كيف تكتب مقترحا لمشروع مقترح للتمويل
هذه هي مراحل أو خطوات تمويل أي مشروع خيري، وعليك تنفيذها بدقة إذا أردت الوصول إلى ممول أو مانح لمشروع تنموي.
أولاً: التخطيط Planning:
وينطوي التخطيط على عدة أسئلة عليك الإجابة عليها، وهي:
لماذا: Why
1- لماذا نحتاج لحملة جمع التبرعات؟ Why
2- لماذا نحتاج هذا الحجم من التمويل؟ Why
ما هي:What
1- ما هي الحاجات؟
2- ما هو المشروع الكبير؟
3- ما هي الفكرة من الحملة أو من التمويل؟
4- من هم الفئة المستهدفة من الممولين؟
5- ما هو الاستثمار أو الاستخدام للتمويل؟
6- ما هو المبلغ المقدر أو المطلوب جمعه أو الحصول عليه؟
7- ما هو شعار حملة التبرعات؟
متى: When
1- متى نحتاج لهذا المبلغ؟
2- متى سيتم المباشرة بالحملة؟
3- متى سيتم تنفيذ كل مرحلة؟
4- متى ستنتهي؟
من:Who
1- من ستسأل (لمن سنتوجه)؟
2- من سيحدد المتبرعين؟
3- من سيطلب؟
4- من سيشكل لجنة جمع التبرعات أو لجنة الطلب من الممولين؟
5- من هم المعنيون من الكادر الوظيفي؟
ثانيًا: إعداد المشروع المقترح:
يجب أن يكون:
1- مقنعًا.
2- حاجات ملحة.
3- مبنيًّا على مشكلة واضحة.
4- واضح الرؤية والغايات والأهداف.
5- يثير اهتمام الممولين.
دراسة الجدوى
في حالة توفر الأسباب الخمسة المذكورة سابقًا للمشكلة ينبغي على مخطط الحملة أو منمي فحص أو دراسة جدوى نجاح هذه الحملة -من خلال إجراء مقابلة 30 - 40 شخصًا من ممثلي الأفراد أو المؤسسات المستهدفة في الحملة- معرفة رأيهم في هذه القضية ومدى تجاوبهم.
ماذا سنتعلم من دراسة الجدوى؟
- مدى تقبل وثيقة المشروع.
- معرفة أهمية الحاجات التي تم تحديدها.
- عناصر الاهتمام لدى الممولين.
- أين يمكن الدعم إن وجد؟
- توفر القيادات التطوعية.
- حجم التبرع.
- من سيعطي؟
- الوقت المناسب.
ثالثًا: القيادات التطوعية:
القيادة التطوعية عنصر مهم من عناصر نجاح جمع التبرعات، وعلى المتطوعين أن يشاركوا في كل مراحل الحملة من مرحلة التخطيط للحملة، وتحديد المشكلة، وتحديد المتبرعين، والطلب من المتبرعين، إلى بناء علاقات طيبة بين المتبرعين والمنظمة.
بدون قيادات تطوعية لا يمكن أن يكون هناك حملة جمع تبرعات لمشاريع كبيرة. أما المؤهلات الواجب توافرها في الهيئة الإدارية ولجنة جمع التمويل، وهي:
- لهم العطاء حسب الحاجات.
- لهم علاقات مهمة ويمكن استخدامها.
- قادر وراغب في الطلب من الآخرين.
- المؤهلات المطلوبة في الرئيس وأعضاء لجنة جمع التبرعات:
أ. المساهمة بالتبرع ضمن إمكانياتهم.
ب. أن يكون لهم اتصال قوي مع الممولين واستخدام هذا الاتصال.
ج. أن يكونا قادرين وراغبين للطلب من الممولين.
والأكثر تأثيرًا من المتطوعين هم:
1- الذين بنفس المستوى الاقتصادي والاجتماعي للمتبرع.
2- رئيس الجمعية أو المنظمة من المفروض أن يستخدم 50% من وقته في استثمار علاقته مع المتبرع.
3- رئيس تنمية الموارد من الخارج.
لجنة جمع التبرعات:
1- هي عبارة عن لجنة تضم 3 - 4 أشخاص من المتطوعين المتميزين في علاقتهم وسمعتهم وقدرتهم على بناء العلاقات واستخدامها مع الممولين.
2- إن الاختيار الموفق لرئيس اللجنة أو المتحدث باسمها هو العنصر الرئيسي في نجاح اللجنة.
3- على أعضاء اللجنة أن يكونوا قادرين على معرفة الناس الذين يتبرعون.
4- لهم اهتمام كبير في الجمعية أو المنظمة.
5- ألا يشاركوا في لجان جمع تبرعات أخرى.
6- يمكن للجنة أن تختار راعيًا للحملة لإعطائها قيمة أو هوية ومصداقية وثقة أمام الجمهور.
7- يمكن أن يتفرع من لجنة تبرعات، مثل:
- اللجنة المالية.
- لجنة التجار.
- لجنة البرامج الفنية... إلخ.
على لجنة التبرعات أن تقوم بـ:
1- إعداد المشروع الذي سيتم جمع الدعم له.
2- إعداد قائمة بالمتبرعين.
3- إعداد قائمة بالمبالغ أو المواد الممكن طلب التبرع بها.
4- التأكد من مقترح المشروع قد تم إنتاجه بشكل جيد، ويمكن أن يكون موجز المقترح على شكل نشرة أو مطوية... إلخ.
بعد ذلك تقوم اللجنة بالنشاطات التالية:
1- البدء بالتبرع من أموالهم الخاصة.
2- ترتيب المستهدفين إلى ثلاث درجات حسب إمكانياتهم، أي ذوي الإمكانيات المالية، الوسطى، دون الوسط.
3- استثمار جميع الفرص المتاحة.
4- طلب التبرع أو أخذ وعد أكيد بالتبرع.
5- أن تكون مستعدة لاستلام التبرع ولتقديم الشكر والتقدير للمتبرع.
رابعًا: تحديد الممولين:
إذا كنت تعمل كعضو لجنة جمع التبرعات فمن الضروري أن تجري دراسة للتعرف على الأشخاص أو المنظمات الممولة أي دراسة الشخص أو المنظمة التي حددتها لطلب التمويل منه أو منها، ولو أردت تحديد 30 - 50 شركة أوجه ممولة للحصول على التمويل منها عليك أن تختار من قائمة تحتوي 4 أمثال هذا العدد.
هناك مصادر كبيرة للمعلومات، وعليك أن تبدأ بجمع المعلومات من داخل جمعيتك قبل أن تلجأ للمعلومات في الخارج.
مصادر المعلومات خارج المنظمة:
1 - التقارير والنشرات السنوية الصادرة عن المنظمة الأهلية.
2- التقارير السنوية للشركات والمؤسسات.
3- مطبوعات كالأدلة، والنشرات، المجلات، الصحف.
4- البحوث والدراسات والمطبوعات المتوفرة في الحاسوب. عندما تجمع هذه المعلومات أو البحوث عليك أنت تحتفظ بها في سجلاتك وتعمل على تجديدها Updating.
خامسًا: استثمار العلاقات الشخصية:
المبالغ الكبيرة يقدمها الناس أو المنظمات الملتزمة لمنظمتك وليس فقط المهتمة بمشروعك. ولتحقيق هذا، الالتزام عليك استثمار هذه العلاقة مع الناس المستهدفين للتمويل وتفعيل دورهم في الجمعية وجعلهم يشاركونك اهتماماتك وأمانيك.
وهذا النوع من استثمار العلاقات شخصي جدًّا، ويمكن تحقيقه على مستوى مجموعات صغيرة.
أمثلة على استثمار الفرص:
1 - ملخص عن الجمعية.
2- اجتماعات.
3- عشاء.
4- استقبال.
5- يوم مفتوح.
6- مناسبات اجتماعية.
7- الاتصال برسائل، تليفونات، صحافة.
8- استغل كافة المناسبات للتعرف على فئات جديدة من المستهدفين.
سادسًا: طلب التمويل:
1- من المهم أن تتذكر أنه عند طلبك من الممول لدعم مشروع كبير أن تجعل الممول فخورًا بتمويل هذا المشروع. أي بمجرد تقديم المال أن يشعر الممول بالتقدير والرضا النفسي.
2- أن طلب التمويل يجب أن يتم وجهًا لوجه أي مباشرة من الممول. لا كما يحدث أحيانًا؛ إذ إن طالب التمويل يخجل من المقابلة الشخصية خوفًا من الرفض أو الفشل في الإقناع، أو عدم توفر الثقة بين الطالب والممول؛ وهو ما يجعله أحيانًا يكتفي بإرسال رسالة بالبريد إلى المتبرع.
3- تذكر أن المتبرعين يقدمون تبرعهم للناس وليس للمؤسسات، وأن هوية وشخصية طالب التبرع هي الأساس في تحديد قيمة المبلغ المتبرع به.
أ. من الذي سيطلب؟
- أفضل طالبي التمويل هم الناس الذين بادروا بالتبرع.
- طالب التمويل يجب أن يكون متطوعًا معروفًا للمتبرع وبدرجة متساوية اقتصاديًّا واجتماعيًّا.
ب. كم هو المبلغ الذي سيطلبه؟
- قدر قيمة المبلغ الذي يمكن المتبرع أن يقدمه وكم المبلغ المنوي طلبه في الوقت الحاضر.
- قائمة المتبرعين وترتيبهم (حسب قدراتهم ومكانتهم) يجب أن تُعَدّ من قبل لجنة التبرعات، وأن تكون مدروسة حسب المعرفة والبحث الدقيقين.
- حدد مبلغًا حسب قدرة كل ممول، وهذا أسهل لطالب التبرع وللمتبرع. ولا مانع يرغب في أن يسأل بمبلغ كبير لكي يعطيه أهمية أو تقديرًا في نظر الآخرين.
- الناس الأغنياء لديهم مصادر أخرى لمساعدة منظمتك، أي يمكن أن يقدموا شيئًا عينيًّا كاستضافة حفل خيري ودفع تكاليفه أو تقديم تجهيزات للمشروع، أو مواد... إلخ.
ج. كيف تسأل؟
- اختر الشخص المناسب للمتبرع.
- اكتب رسالة تشكر المتبرع على تبرعه في الماضي.
- اذكر للمتبرع بأنك ترغب في مقابلته لمناقشة إنجازات المنظمة وأهدافها ومشاريعها... إلخ.
- تأكد من أن رسالتك وصلت واطلب تحديد موعد المقابلة الشخصية.
- اطلب تحديد اليوم والمكان والزمان... إلخ.
- حضر قائمة اختيارات من الممكن أن يقوم المتبرع بتمويل أحدها، آخذًا بعين الاعتبار اهتماماته، نوع التبرع الذي يقدمه أو قدمه سابقًا.
قد يرغب المتبرع في أن يكون عضوًا في مجلس الإدارة أو ذكر تبرعه في وسائل الإعلام المتوفر أو اجتماعه مع المؤسسين أو راعي المنظمة.
د. أين تسأل؟
- في بيت الممول أو مكتبه.
- ابحث أين يرغب الممول أن تطلب منه.
- أثناء تناول وجبات الطعام يمكن أن تكون جيدة، ولكن أن يكون تأثيرها كبيرًا.
- لا تطلب أثناء حفل استقبال أو غيره.
هـ. متى تسأل؟
من خلال بحثك عن الممول وخصوصياته يمكنك التعرف على وقت ملائم له وقد يكون، عيد ميلاده مثلاً، الذكرى السنوية لوفاة محب، نهاية السنة المالية، بيع الحصول... إلخ.
سابعًا: الشكر والتقدير للمتبرع:
-إن شكر المتبرع لمشروع كبير يمكن أن يأخذ أشكالاً عدة.
-فمبدئيًّا يجب أن يرسل للمتبرع كتاب شكر رسميًّا تقديرًا لتبرعه.
-اعرف من المتبرع أو من خلال علاقتك الشخصية معه ما هو التقدير الذي يمكن أن يقدم له نظير تبرعه.
-عضو في مجلس الإدارة.
-رئيس فخري.
-الإعلان عن التبرع إعلاميًّا.
-رعاية المشروع.
-تسمية المشروع باسمه أو جزء منه إذا كان بناء مثلاً.
أحيانًا بعض المتبرعين يقدمون تبرعهم تخليدًا ووفاء لصديق أو عزيز متوفى وهذا غالبًا ما يحدث في التبرع لمستشفيات أو مؤسسات دينية... إلخ.
إن أغلب الممولين يرغبون في أن يكون تبرعهم معلنًا عنه وظاهرًا في أماكن بارزة في المشروع.
كما أن الممولين لمشاريع أو مبالغ كبيرة يحبون أن يبقوا على اتصال مع المشروع الذي تم دعمه؛ لذا يجب المحافظة على علاقات طيبة معهم مراعاة ربطهم بالمنظمة أو جمعية كدعوتهم لمناسبات مختلفة تقوم بها الجمعية، حفل عشاء، افتتاح مشروع، تخريج فوج من المنتفعين من خدمات الجمعية أو المنظمة.
إن العناية والتقدير للممول ستساعد في استمرار دعمه للمنظمة والوفاء بمشاريعها وبرامجها، وأن إهمال الممول بعد التبرع لن يعيد التبرع لهذه المنظمة مرة ثانية.
مصادر التمويل المحتملة
تشكل قطاعات المجتمع المختلفة، وهي القطاع الحكومي والعام والقطاع الخاص والقطاع التعاوني والقطاع الأهلي والأفراد بصفتهم الطبيعية، مصادر خصبة للتمويل وتنمية موارد مؤسسات العمل الخيري.
وتضطلع أغلب تلك القطاعات بأدوار متفاوتة في دعم العمل الخيري وتمويل برامجه وأنشطته ومشاريعه الخدمية والتنموية. كما تعتبر الزكاة والأوقاف من المصادر الرئيسية لتمويل العمل الخيري، وسنعرض فيما يلي مساهمات كل قطاع من تلك القطاعات في تمويل العمل الخيري.
القطاع الحكومي:
بدأت الحكومات العربية ولا سيما في السنوات الأخيرة تراعي في أنظمتها دعم وتشجيع المؤسسات غير الحكومية الربحية، سواء كانت تقوم بعمل اجتماعي أو علمي أو ثقافي أو فني أو رياضي... الخ، إلا أن الدعم الحكومي أصبح يشهد تراجعا في الآونة الأخيرة، ولا يجب النظر إلى حكومة في الوقت الحاضر كأكثر مصادر التمويل أهمية؛ لأن الدعم الذي تقدمه للعمل الخيري لا يشكّل إلا نسبة ضئيلة من مصادر التمويل الأخرى.
والمعروف أن العمل الاجتماعي ومؤسساته في أغلب الدول العربية قد اعتادت الاعتماد على الدولة في تنفيذ أنشطتها وبرامجها خلال العقود الماضية؛ الأمر الذي أدى إلى بروز إشكالية أحادية التمويل لمشاريع وبرامج وأنشطة العمل الاجتماعي وضعف المصادر التمويل الأخرى وأثرها بالتالي على فاعلية مؤسسات العمل الاجتماعي؛ وهو ما حال دون تنمية مواردها وتفعيل مساهماتها الاجتماعية.
ولكن الحال يختلف بالنسبة للعمل الخيري؛ إذ لا يشكل الدعم الحكومي لها سوى نسبة ضئيلة جدا، فضلا عن أن بعض الجمعيات الخيرية لا تأخذ أي دعم مالي من الحكومة؛ حيث إنها تكتفي بمصادرها الذاتية ومصادر التمويل الأخرى غير الحكومية.
القطاع الخاص:
يجب التمييز هنا بين الشركات العائلية المملوكة لشخص وعائلته والشركات المساهمة مثل شركات التأمين والبنوك والشركات المساهمة العامة؛ فالملاحظ في الوطن العربي أن الشركات العائلية أو الفردية لها نصيب الأسد في المساهمات الخيرية وتعتبر أهم الروافد المالية للعمل الخيري.
أما الشركات المساهمة فيعتبر دورها ضعيفا جدا في دعم العمل الخيري العربي، مع العلم بأن رأس مال تلك الشركات يعتبر كبيرا جدا بالمقارنة مع الشركات العائلية، وأن ما يميز الغرب هو الاعتماد على الشركات المساهمة الكبيرة في دعم النشاط الخيري.
والمطلوب عربيا هو تكثيف الجهود على تلك المؤسسات والشركات المساهمة لإقناعها وإقناع مجلس إدارتها والمساهمين فيها بضرورة القيام بدورهم المجتمعي بشكل أكبر ويتماشى مع دورهم الاقتصادي والمالي، فبذلك نكون قد ضمنا موارد مالية كبيرة تدعم العمل الخيري بشكل كبير ولأمد طويل.
إن هذه المسألة الحيوية حول أهمية النظر إلى القطاع الخاص كمصدر واعد لتمويل مشاريع الخير العربي يتطلب التفكير في وضع نظم تحفيزية لجذب هذا القطاع وتفعيل مشاركته المجتمعية لتمكين مؤسسات الخير العربي على الديمومة والاستمرار كمكون أصيل في بنية المجتمع المدني العربي.
إن المرحلة الراهنة تتطلب أن يرتقي القطاع الخيري بتنظيماته وآليات عمله لكسب ثقة القطاع الخاص، ويمكنه في ذلك اتباع الخطوات التالية:
- اعتماد سياسة الشفافية والمساءلة من قبل مؤسسات الخير العربي، وإقناع المتبرعين في القطاع الخاص بحيوية المشاريع والبرامج التي تنفذها.
- إعداد مشاريع متكاملة مقرونة بدراسات جدوى اقتصادية واجتماعية وتقديمها لمؤسسات وشركات القطاع الخاص لتوفير التمويل ودعم تلك المشاريع ولو على مراحل وبشكل تدريجي.
- إشراك القطاع الخاص في إبداء الرأي والمشورة والأخذ بمقترحاته في اختيار المشاريع؛ الأمر الذي يجعله متبنيا ومنتسبا للأفكار المطروحة.
- إطلاع الشركات والمساهمين في تمويل المشاريع الخيرية وبشكل موثق وشفاف بالنتائج المتحققة عن المشاريع المساهم في تمويلها.
- دعم شركات ومؤسسات القطاع الخاص التي تتبرع وتقوم بتقديم خدماتها للمجتمع من خلال خفض ضرائبها أو إلغائها.
- دعوة القائمين على مؤسسات القطاع الخاص لتحمل مسئولياتهم نحو المجتمع من خلال المساهمة في مشاريع التنمية والبرامج الإنسانية.
المصادر الدولية:
تعتبر المصادر الدولية من مصادر تمويل العمل الخيري في الوطن العربي، ولا شك أن هذا المصدر يقع تحت تأثير المتغيرات الدولية والسياسية كما يقع تحت نفوذ الدول العظمى والدول الصناعية الكبرى والتي تعتبر من المساهمين الرئيسين في تمويل الصناديق الدولية.
ورغم أهمية هذا المصدر فإنه لا يجب علينا كقائمين على العمل الخيري العربي التعويل عليه كثيرا خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر وعمليات التضييق التي باتت موجهة ضد التمويل للأنشطة الخيرية.
فالمصدر المتاح اليوم قد لا يتاح غدا لتغير المواقف السياسية ولا يخفى على القائمين على العمل الخيري صعوبات التقديم وطول الإجراءات وتعقيدها للحصول على المنح من الصناديق الدولية المانحة، وبرأينا نحن لدينا في المنطقة العربية من الموارد المالية والجهات المانحة ما يكفينا عن اللجوء للمصادر الدولية، ولكن علينا إعادة ترتيب أوراقنا.
الزكــاة:
تعتبر الزكاة أهم مصدر من المصادر المالية الرافدة والداعمة للعمل الخيري كونها فريضة من الله سبحانه وتعالى خالق الكون ومقدر الأقدار ومصرف الأمور والعالم بخلقه؛ فالزكاة لما لها من دور كبير في إعادة توزيع الثروة في المجتمع العربي والمسلم بشكل عام بالإضافة إلى الدور الاجتماعي وتدوير الأموال وعدم اكتنازها فهي تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم.
ويجب علينا ألا نستهين بنسبة 2.5% فهي يجب أن تخرج من كل مالك للنصاب وحال عليه الحول، وبالتالي لو أخرج الناس زكاة أموالهم كما أمر الله سبحانه وتعالى فلن يبقى في المجتمع العربي والمسلم فقير واحد أو محتاج، وهذا برأينا هو مقصد العمل الخيري بشكل عام وهو رفع المعاناة عن الفقراء والمحتاجين في الدرجة الأولى.
ومن ثم يأتي دور الزكاة التنموي في بناء المستشفيات والمدارس والطرقات والمصالح العامة كما حصل في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعهد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وعلينا كقائمين على العمل الخيري العربي إيقاظ الحافز الديني لدى الجمهور لإخراج زكاة أموالهم وبالتالي مطلوب منا تحفيز الجمهور كما نحفز الشركات.
الصدقــات:
تأتي بالمرتبة الثانية بعد الزكاة من حيث الأهمية في تمويل العمل الخيري العربي؛ فهناك الكثير من الكفارات والنذور التي يخرجها الناس بشكل اختياري وتقرب إلى الله سبحانه وتعالى ومشاركة للإنسانية فيما تمر به من محن وكوارث.
الأوقــاف:
هذه السّنة المهملة، وللأسف، في وطننا العربي، فهناك الكثير من إدارات الأوقاف هنا وهناك ولكن دورها في الحفاظ على الوقف وتنميته وتطوير موارده يكاد يكون أقل من الحد الأدنى إن لم يكن سلبيا؛ فالأوقاف الإسلامية والمسيحية لعبت دورا كبيرا في دعم العمل الخيري العربي منذ مئات السنين، وتعتبر بحق الرافد الأساسي والمنتظم في الدخل للمؤسسات الخيرية العربية، وبالتالي علينا اعتماد سياسة وقفية واضحة المعالم من حيث تطوير الوقف المالي وتنميته بإضافة أوقاف جديدة لكل مؤسسة من المؤسسات الخيرية مما يعطيها الاستقرار.
وهناك شكلان من الأوقاف من حيث تمويل الوقف: الأول، هو أن تقوم جهة أو شخص معين ببناء وقف خاص به يعود دخله إلى الفقراء من عائلته والباقي إلى المجتمع وهو الأكثر شيوعا في عالمنا العربي، أما الثاني فهو أن تقوم المؤسسات الخيرية العربية بمشاريع وقفية وبيع أسهمها للجمهور، فيكون وقفا خيريا مساهما، وهذا ما ندعو إلى تطويره في الوقت الحالي.
طرق التواصل مع الممول
ثمة طرق أساسية على أي منظمة خيرية أن تعييها وهي تحاول أن تجلب تمويلا لأنشطتها وللحفاظ عليه وتنميته، وأبرزها ما يلي:
1 - رسائل الاستعلام كإجراء لطلب الدعم، وهي أن تبعث برسالة استعلام لمؤسسة ما قبل أن تقدم لها عرضا كاملا عن المشروع أو البرنامج الذي تسعى إلى تمويله. ويكمن معنى رسالة الاستعلام في اسمها، فهي عبارة عن رسالة تسأل فيها المؤسسة فيما إذا كانت راغبة في استلام عرض كامل لتدرس المشروع في سبيل تمويله، ولكن ماذا يجب أن تتضمن الرسالة التي ينبغي ألا تتجاوز الصفحتين؟.
- كمية الطلب... كم من المال تحتاج؟.
- الميزانية الكلية للمشروع... ما هي التكلفة الإجمالية لإقامة المشروع؟.
margin-bottom: .0001pt; text-align: left; line-height: normal; direction: rtl; un
المصدر: خير أون لاين- 15/08/2008
|
ساحة النقاش