تشدد موسكو في ملفات اقليمية ودولية، بدءا بالملف الجيورجي، مرورا بالدرع الصاروخية، وصولا إلى ملف الأزمة الروسية، يبين جدية مساعي روسيا تحت الحكم المطلق لفلاديمير بوتين للعودة إلى الساحة الدولية كقطب ثان مضاد للقطب الأمريكي.
غير أن أسئلة كثيرة ترافق هذا المسعى تتعلق بالقدرات الحقيقية لروسيا التي تعرف عديد المشاكل الاجتماعية والعثرات الاقتصادية، فضلا عن تأكيد خبراء أن مستواها التقني في مجال السلاح يصعب أن يضاهي خصومها الغربيين.
في هذا الباب تتالى تلميحات روسيا بشأن قوّتها.. لكنها قوة في طور المأمول.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في وقت سابق من هذا الأسبوع إنه يجب أن تكون بحوزة القوات البرية الروسية بحلول عام 2020 تسعة ألوية من منظومات "أس – 300 " الصاروخية.
ونقل عن بوتين قوله في الاجتماع المخصّص لتجهيز القوات البرية وقوات الإنزال الجوي في مدينة سوتشي، "يجب أن تجهّز القوات البرية بـ10 ألوية من منظومة صواريخ اسكندر ـ أم و9 ألوية من منظومة أس ـ 300، وأكثر من 2.3 ألف دبابة وحوالي ألفي مدفع ذاتي الحركة، إضافة إلى 30 ألف ناقلة وعربة مختلفة".
وأضاف "كما يخطط لاستخدام منظومات اتصال جديدة ومنظومات حديثة للاستكشاف والمعدات الشخصية للمقاتلين".
وأشار بوتين إلى أن للقوات البرية وقوات الإنزال الجوي دوراً أساسياً في تنفيذ العمليات الحربية الأرضية وكذلك حماية حدود الدولة وتسوية النزاعات المحلية، بالإضافة إلى عمليات حفظ السلام.
وقال إن "المتطلبات الأساسية من القوات البرية وقوات الإنزال الجوي، هي قدرتها على العمل بفعالية مع مختلف صنوف القوات الأخرى وسرعة الحركة وجاهزيتها القتالية".
وتنوي السلطات الروسية تخصيص حوالي 81 مليار دولار لغاية عام 2020 لتنفيذ هذه الخطط، مع العلم أن برنامج التسليح الأساسي للقوات المسلحة الروسية لغاية عام 2020 يعادل حوالي 625 مليار دولار.
الخطاب الروسي القوي تحاول موسكو أن تترجمه إلى سياسات تتعلق ببعض الملفات الخلافية مع جيرانها.
ومؤخرا أدى رئيس الوزراء الروسي ديميتري ميدفيديف زيارة تحد إلى جزر الكوريل المتنازع عليها مع اليابان. وتعليقا على تلك الزيارة قال الخميس، انه لا يأبه بردة فعل اليابان على زيارته تلك.
ونقلت وسائل إعلام روسية عن ميدفيديف، قوله للصحافيين "لا أهتم بردة فعل شركائنا اليابانيين.. لا آبه بها لدرجة انني لن أضيع وقتي بالإجابة" على الموضوع.
وأضاف "ماذا لدينا لنناقش معهم؟.. مسألة وجود رئيس وزراء روسي على أرض روسية؟".
وأسف ميدفيديف لأنه هذه المرة لم يأخذ معه كل الصحافيين إلى الجزيرة، ووعد بذلك في زيارته المقبلة.
يشار إلى ان ميدفيديف زار قبل أيام جزيرة كونشير المتنازع عليها بين اليابان وروسيا، وكانت هذه ثاني زيارة لميدفيديف إلى الجزر، حيث كان زارها للمرة الأولى بصفته رئيسا لروسيا في تشرين الثاني-نوفمبر عام 2010، ووصفت زيارته تلك، كأول رحلة يقوم بها رئيس دولة في تاريخ روسيا إلى هناك.
ويذكر أن الجزر الـ4 ألحقت بالاتحاد السوفياتي إبان الحرب العالمية الثانية، وتزعم اليابان ملكيتها ما يحول دون توقيع معاهدة سلام رسمية لإنهاء الحرب العالمية الثانية بين البلدين.
وأسفت اليابان لزيارة ميدفيديف إلى هذه الجزيرة، واستدعت وزارة الخارجية اليابانية السفير الروسي في طوكيو وتقدمت باحتجاج على الزيارة.
الغرب من جانبه يستشعر تطور العلاقات مع روسيا باتجاه العداء.
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فوج راسموسين الأربعاء إن روسيا والحلف لم يتمكنا حتى الآن من حل خلافاتهما، نظرا لأن كلا الطرفين ربما لا يزالان أسيرين لـ"أفكار الحرب الباردة".
وأوضح راسموسين في معهد "تشاثام هاوس" للأبحاث بالعاصمة البريطانية لندن أن التوترات مستمرة بين الجانبين "بسبب التفكير بعقلية الحرب الباردة ، وموروث اجواء الحرب الباردة ، وعلينا التخلص من ذلك".
وأضاف: "ربما تكون هناك أفكار قديمة لدى كلا الجانبين".
وجدد أمين عام الحلف دعوة روسيا إلى التخلي عن معارضتها لمنظومة الدفاع الصاروخي ، وهي مشروع تقوده الولايات المتحدة لنشر صواريخ اعتراضية وأجهزة رادار في تركيا وأوروبا الشرقية ، والذي يتولى الحلف مسؤوليته الآن.
وأشار راسموسين إلى أن توسع الحلف شرقا، ليضم بعض الدول التابعة للاتحاد السوفيتي السابق مثل بولندا ودول البلطيق "ساعد في الواقع على توفير وضع استراتيجي لروسيا دائما ما كانت تتطلع إليه ، ألا وهو الاستقرار على حدودها الغربية".
وقال: "من الأفضل لروسيا أن تركز على التهديدات الحقيقية بدلا من استثمار الكثير من الجهود السياسية وربما المال أيضا في اتخاذ تدابير هجومية ضد عدو مصطنع، لا وجود له لأن حلف الأطلسي ليس عدوا لروسيا".
نشرت فى 7 يوليو 2012
بواسطة mhmadshoo
عدد زيارات الموقع
276,669
ساحة النقاش