د. إبراهيم حمّامي
حماس هي شريك عبّاس، وحماس من يمنح الغطاء لعباس، وحماس هي طوق النجاة الدائم لعبّاس.
كم من مرة سمعت هذه التعليقات، وكم تكررت مع كل جولة من جولات المصالحة المفترضة، وكم تلام حماس في كل مرحلة، لكن لماذا؟
لا أستطيع تقبل فكرة أن هناك طرفا يثق بطغمة أوسلو، أو يعتبر أن قرارها بيدها، وبالتأكيد حماس تدرك تمام الإدراك أن تحقيق المصالحة مع عباس وطغمته أمر بعيد المنال إن لم يكن مستحيلاً. وأعرف تمام المعرفة أنه لا يمكن لطرف مهما كان أن يتحمل مسؤولية فشل المصالحة، حتى وإن كان يعلم يقيناً أنها فاشلة. لكن وبصدق وبصريح العبارة – "قرفنا"!
تحولت المصالحة المزعومة إلى عملية كعملية السلام، يديرها "المفاوض" الفلسطيني العتل كما تعود أن يُدار به، مماطلة، تفسيرات على مظاجه، حديث الليل يمحوه النهار، واتفاقية وتوقيع تعقبها اتفاقية وتوقيع، وعلى أرض الواقع اجراءات وتغييرات تثبت القمع الممارس، أليس هذا ما تفعله سلطات الاحتلال مع سلطة العار في رام الله؟
كيف يمكن لحماس أن تبرر استمرارها في "عملية" المصالحة، والاعتقالات متواصلة وبوتيرة أسرع من ذي قبل ضد أبنائها في الضفة الغربية؟ كيف تستطيع أن تبرر تخليها عن كوادرها وعدم الإصرار على إطلاق سراحهم قبل أي خطوة في المصالحة الفاشلة؟
للتذكير ومع كل اتفاق مصالحة يُوقع يزداد تعطش أجهزة القمع في الضفة الغربية المحتلة ازدواجياً لإثبات أنها الآمر الناهي، عبر زيادة حالات الاختطاف والاستدعاءات، وللتذكير أيضاً نورد الآتي:
• منذ بداية هذا العام اختطفت أجهزة القمع في الضفة المحتلة ازدواجياً 382 من أنصار حماس.
• ومع بدء لجنة الانتخابات المركزية عملها الشهر الماضي في غزة تسارعت الوتيرة ليشهد شهر يونيو/حزيران وحده اختطاف 92 شخصاً، أي بنسبة 25% في النصف الأول من عام 2012.
• بلغ عدد الاستدعاءات منذ مطلع العام 245 من بينهم 101 أسير محرر، فيما مددت محاكم اعتقال 62 آخرين، بالرغم من صدور قرارات بالإفراج عنهم.
• وضمن سياسة الباب الدوار أقدمت قوات الاحتلال على اعتقال 79 من أبناء حركة حماس بعد الإفراج عنهم من سجون أجهزة القمع في الضفة الغربية.
وللتذكير أيضاً فإن عدد من يضربون عن الطعام في مسالخ الأجهزة القمعية بلغ 11 مضرباً بدأ أولهم إضرابه في 20/ 06/ 2012 وهم: عثمان القواسمي، ومحمد أبو حديد، ومعتصم النتشة، ومحمد الأطرش، وأنس أبو مرخية من سكان الخليل، وإسلام العاروري من مدينة رام الله، انضم إليهم بالأمس طه محمد شلالدة، ومحمد عاطف خليل شلالدة، ورأفت يوسف زعل شلالدة وهم من بلدة سعير، وضرار أحمد عمرو من بلدة دورا، ونضال محمود أشمر النتشة من مدينة الخليل.
وللتذكير فقد كتب أحد أركان السلطة محمد رشيد وبشكل لا لبس فيه متهماً عباس بحصار غزة والتحريض عليها، حقيقة نعرفها تمام المعرفة لكنها اليوم تأتي على لسان أحدهم الذي اعتبر ذلك جريمة ضد الإنسانية!
بالأمس أعلنت حماس وفي خطوة احتجاجية وقف التسجيل في السجل الانتخابي في غزة، واليوم تعلن أن الخطوة مؤقتة!
إلى متى؟ وما هو الحل؟ ليس المطلوب أن تعلن حماس وقف عملية الحوار الهزيلة، ولا تحمل نتيجة الفشل. المطلوب أن تصارح الشعب وبكل شفافية وصدق، أن تقول ما جرى ويجري في الاجتماعات والكواليس الذي نعرف بعضه ونجهل بعضه الآخر.
المطلوب موقف واضح لا لبس فيه واشتراطات محددة- نعم اشتراطات- أهمها:
• تبييض مسالخ السلطة من المختطفين
• وقف التنسيق الأمني المعيب والمشين
• تحديد أسس الاتفاق– أي برنامج وطني حقيقي
• تفعيل مبدأ المحاسبة بدلاً من سياسة عفا الله عما سلف.
أما الوقوف في المنتصف، والتعذر بأن الطرف الآخر هم إخوتنا وعلينا استيعابهم، فاعذروني هذا المنطق لا يستقيم.
لو كان ولدي- ليس أخي- عاق سيئ الخلق جالب للمصائب مهيناً لإخوته ولا يحترم والدته ويتطاول عليه، لو كان زنديقاً عربيداً، لتبرأت منه وطردته من البيت، فما بالكم ببائع وطنه، عميل المحتل، عدو شعبه؟!
وفي نهاية المطاف، تحملت حماس وعبر منظومة إعلامية تخطط لها أجهزة استخبارية من دول عدة المسؤولية عن فشل الجولات السابقة من الحوار الفاشل أصلاً، فما الذي ستخسره أكثر، وقد بدأ الشعب يساوي بينها وبين الطرف الآخر؟
حماس اليوم تتحمل المسؤولية عن الاستمرار في المسرحية المسماة حوار ومصالحة، حماس شريك لعباس في مماطلته، حماس يجب أن تخرج من هذه الدائرة.
إن الاستمرار في لعبة الحوار بعد اليوم يعني المشاركة في قرارات عبّاس وتوفير الغطاء له وقبول كل ما يقوم به ضمنياً والاقرار أن التنسيق الأمني مصلحة وطنية كما ادعى عبّاس وبأن الاعتقالات والاختطاف شأن هامشي لا يهم.
يكفي ثم يكفي ثم يكفي!
نشرت فى 5 يوليو 2012
بواسطة mhmadshoo
عدد زيارات الموقع
271,870
ساحة النقاش