هديل الشالجي
في فناء صغير لدار رياض للاطفال في العاصمة الليبية طرابلس تجمعت نحو 20 امرأة ليستمعن الى خطاب ماجدة الفلاح التي تشرح برنامجها في أول انتخابات تجري في ليبيا منذ نحو نصف قرن.
قدمت الفلاح "46 عاما" وهي طبيبة محجبة نفسها والحزب الذي تمثله. وحين فتحت باب النقاش انهالت عليها الاسئلة لا عن سياسة حزبها بل عن تجرية التصويت الجديدة على الليبيين.
سألتها امرأة "ماذا سيحدث تحديدا حين نتوجه الى لجنة الانتخاب. كم عدد من سننتخبهم؟".
وتساءلت أخريات عن دور المجلس المنتخب ودور الاحزاب السياسية في الحكومة. ورغم انها تخوض الانتخابات كمرشحة عن الاخوان المسلمين وهي جماعة قوية الا انه لم يكن يحيط بها مديرون لحملتها الانتخابية يخططون لها كل خطوة كما لم يكن هناك مكبرات للصوت ولا لافتات أو بالونات.
وبعد نحو عام من اسقاط الليبيين للزعيم الراحل معمر القذافي بدعم من قوات حلف شمال الاطلسي يستعدون الان لانتخاب مجلس يضم 200 عضو يساعد في وضع دستور جديد لليبيا الجديدة التي يأملون في بنائها.
ومن المتوقع ان تحقق جماعة الاخوان المسلمين الاكثر خبرة سياسية والافضل تمويلا نتائج طيبة في الانتخابات بعد ان تلقت دفعة من النجاح الذي حققه الاسلاميون في مصر.
وهناك أيضا في المشهد بوضوح جماعة الوطن التي يقودها قائد الميليشيا السابق عبد الحكيم بلحاج كما يلقى ائتلاف محمود جبريل شعبية بين الليبيين الذين بهرتهم مهاراته السياسية التي تبدت خلال الانتفاضة.
لكن من المتوقع ان تأتي القواعد الانتخابية بمجلس تهيمن عليه جماعات متفرقة من المستقلين الذين يمثلون مصالح مختلفة لا ايديولوجيات ثابتة.
وبينما سجل 2.7 مليون ناخب اسماءهم في السجلات الانتخابية اي نحو 80 في المئة ممن يحق لهم الانتخاب في ليبيا تبذل الاغلبية جهدا لتعلم قواعد اللعبة الديمقراطية قبل أيام معدودة من تطبيقها في الانتخابات التي تجري في السابع من يوليو/ تموز.
وقالت فوزية مسعود وهي مدرسة "تحت حكم القذافي تعلمنا ان اعضاء الاحزاب السياسية خونة.. الان نتعلم ما هو الحزب وماذا يفعل وكيف تجرى الانتخابات. لم نفعل هذا من قبل ونشعر بالحماس".
وعلى خلاف مصر وتونس حيث كانت تجرى انتخابات صورية تهمش فيها المعارضة الجادة ويعاد فيها انتخاب الزعماء بأكثر من 90 في المئة من الاصوات كانت آخر مرة يتوجه فيها الليبيون الى صناديق الاقتراع عام 1964 تحت حكم الملك ادريس السنوسي الذي أطاح به القذافي بعد خمس سنوات.
وطوال حكم القذافي الذي استمر 42 عاما كانت الاحزاب السياسية محظورة ولا توجد فعليا مؤسسات سياسية.
وبالنسبة لمعظم الليبيين سيكون السابع من يوليو أول مرة يدلون فيها باصواتهم. واضطرت اللجنة الانتخابية التي تعاني من نقص في العاملين والاموال الى تأجيل الانتخابات من موعدها الاصلي في 19 يونيو حزيران وبذلت جهدا كبيرا لشرح النظام الجديد للعملية الانتخابية.
وقالت فاطمة جليدان "47 عاما" التي حضرت خطاب مرشحة الاخوان الاسبوع الماضي "نريد لقاءات حاشدة ومؤتمرات وأناسا يمرون على المنازل ليعلموا الناس البسطاء الانتخابات.. الاعلام لا يقوم بما يكفي لتعليم الناس دور المجلس الوطني او كيف يختارون من مرشحي القوائم الحزبية او المستقلة".
ووسط هذا الارتباك تبدو العاصمة الليبية هادئة بشكل غريب قبل اسبوع واحد من الانتخابات. فقد بدأت للتو الحوائط تمتليء بملصقات مرشحين علت على وجوههم ابتسامات عريضة. لم يكن هناك عدد كبير من اللافتات ولم تشهد المدينة تجمعات حاشدة صاخبة تنطلق فيها مكبرات الصوت لتعدد محاسن الاحزاب المتنافسة.
ويصعب تخيل ان هناك أكثر من 3000 مرشح يخوض الانتخابات.
وزاد من الارتباك تعقيد النظام الانتخابي الذي يمزج بين النظام الفردي والتمثيل النسبي. ويخوض نحو 2500 مرشح بالنظام الفردي ويتنافسون على 120 مقعدا وستذهب الثمانون مقعدا الباقية لمرشحي القوائم الحزبية.
ونظرا لتأخر بدء الحملة الانتخابية قبل ايام معدودة من الاقتراع سيبذل الليبيون جهدا كبيرا للتعرف على المرشحين البارزين كما يحاول المحللون تحديد من سيكون في الصدارة.
وقالت حنان صلاح من هيومن رايتس ووتش في ليبيا ان الحملة الانتخابية لا وجود لها لا في طرابلس وحدها بل ايضا في المناطق النائية.
وأضافت ان هناك نقصا في المعلومات عن المرشحين وعن الكيانات الحزبية والاهم من ذلك ما يمثله هؤلاء المرشحون وما هي أجنداتهم السياسية.
وبدأت الحملات الانتخابية تنشط مع اقتراب يوم الاقتراع لكنها قد لا تكون كافية لتمكين الناخبين من القيام باختيارات مدروسة.
وقد يشعر البعض ببساطة بالخوف من التوجه الى اللجان الانتخابية بينما يسعى حكام ليبيا المؤقتون الى فرض هيمنتهم على عشرات الميليشيات التي شاركت في الاطاحة بالقذافي وتسعى الان الى الظفر بنصيب في السلطة.
ومع غياب الوعي بين الناخبين ومخاوف امنية حقيقية يخشى خبراء من ان يضر ذلك بشرعية التجربة الديمقراطية في ليبيا.
وقال ايان سميث رئيس المؤسسة الدولية للانظمة الانتخابية في ليبيا "هناك قدر كبير من العصبية والقلق في العملية. الكل يريد لها ان تجري بشكل جيد ولذلك يتوخى الناس قدرا من الحذر وهم يتحركون قدما.. لا يوجد احتمال لفشل الانتخابات بل الامر متعلق بالجودة في مستوى الشرعية".
وأضاف "الارادة السياسية موجودة الناخبون سيحضرون كل ما نريده ان نبذل كل ما هو ممكن لنضمن دقة النتائج وان تعكس ارادة الشعب". <!--EndFragment-->
المصدر: رويترز
نشرت فى 30 يونيو 2012
بواسطة mhmadshoo
عدد زيارات الموقع
272,571
ساحة النقاش