مرسي.. احتفالات بفوزه تفوق قيمة ما حصل عليه من سلطة افتكها منه العسكر
حسمت قضية المكان الذي سيقسم فيه الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي اليمين الدستورية بعد جدل دار حول ما اذا كان ذلك سيحصل امام مجلس النواب المنحل او بساحة التحرير او أمام المحكمة الدستورية.
في الأثناء تتواتر الانتقادات لمواقف الإخوان المخاتلة والمتسمة بكثير من النفاق في علاقتها مع المجلس العسكري والتي تكشف تناقضا مريبا بين خطاب ثوري للاستهلاك الشعبي، وممارسة سياسية استسلامية، ثمنا لمنصب رئاسي لن يكون مهما كثيرا في الفترة القليلة المقبلة التي تسبق انجاز دستور لمصر سيعاد وفقه الواقع السياسي في مصر من النقطة الصفر.
وكثيرا ما يصرح قيادات الإخوان بلغة التحدي للمجلس العسكري علانية، لكنهم وبشكل مفاجىء يتنازلون دون أن يفهم الرأي العام المصري أسباب تراجعهم الغريب في كل مرة.
وقال بيان صادر عن رئاسة الجمهورية الخميس، إن الرئيس المنتخب محمد مرسى سيتوجه في الساعة 11:00 من صباح غد السبت بالتوقيت المحلي إلى مقر المحكمة الدستورية العليا، وذلك لأداء القسم أمام الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية العليا.
وأضاف أن مرسى سيتوجه بعد أداء اليمين الدستورية إلى قاعة الإحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة، ليلتقي القيادات الشعبية والتنفيذية والنقابية والحزبية للاحتفال بتنصيب أول رئيس منتخب لمصر، بعد ثورة 25 يناير.
ويخوض مرسي معركة مصير ضد الجيش المصري المتمرس على المناورة والانقلابات.
ويرى متابعون للشان المصري أن مرسي سيخرج من هذه المعركة منهزما في كل الحالات.
وسيبقى لمرسي أن يختار بين الهزيمة بالضربة القاضية أو الهزيمة مع البقاء رئيسا صوريا لاحول له ولا قوة في اتخاذ القرارات المصيرية.
ونص الاعلان الدستوري المكمل الصادر عن المجلس العسكري على ان الرئيس المنتخب يؤدي اليمين امام هيئة المحكمة الدستورية العليا وذلك بسبب حل مجلس الشعب المصري.
وأثارت عملية أداء الرئيس المنتخب اليمين الدستورية لغطاً على الساحة السياسية حيث يشدد نشطاء سياسيون على أن تتم أمام المحكمة الدستورية العُليا وفقاً لما جاء في "الإعلان الدستوري المُكمِّل" الذي أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة الأسبوع الفائت، فيما يعتبر آخرون أن أداء اليمين أمام المحكمة يمثِّل اعترافاً ضمنياً بحكم قضائي أصدرته بحل مجلس الشعب "البرلمان" والذي كان من المفترض أن يتم أداء اليمين أمامه.
وهدد الإخوان بتصعيد "يزلزل" أرض مصر من تحت أقدام قادة الجيش المصري، إن هو أصر على دعم قرار حل مجلس الشعب وقالوا ان مرسي لن يؤدي اليمين الدستوري إلا أمام البرلمان المنحل كتعبير عن الرفض لقرار الحل القضائي وللدستور المكمل، الذي سنه المجلس العسكري وسحب من خلاله كل الصلاحيات المهمة للرئيس المصري الجديد، لكنهم سلموا في النهاية للأمر العسكري وسيذهب مرسي لأداء اليمين أمام المحمكة الدستورية.
ويقول مراقبون إن الرئيس المصري الجديد وبتوجيه مباشر من قادته في حركة الإخوان المسلمين وحزب العدالة المنبثق عنها، قرر القبول بأهون الهزيمتين، أي التسليم بحل مجلس الشعب المنتخب رغم كل التهديدات بالمظاهرات المليونية عوضا عن خسارة منصبه كرئيس لمصر إذا ما تخلف عن الذهاب السبت الى المحكمة لأنه سيعد متخليا عن مهمته مع ما يستتبع ذلك من نتائج ستكون كارثية على بقية باقية لانتصار سياسي "الفوز برئاسة مصر" غير مكتمل للإخوان.
وأعلن مصدر مصري الخميس، أن من حق المجلس الأعلى للقوات المسلحة الإعلان عن فراغ منصب رئيس الجمهورية في حال تخلف الرئيس المنتخب محمد مرسي عن أداء اليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية العُليا.
وقال المصدر "المسؤول" الذي لم يشا الكشف عن اسمه "إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة طبقاً للإعلان الدستوري المُكمِّل من حقه إعلان فراغ منصب الرئيس الأحد القادم في حال تخلف الدكتور محمد مرسي الفائز في انتخابات رئيس الجمهورية عن أداء اليمين الدستورية أمام الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية العليا ما لم يتم التوافق على صيغة قانونية تنص على غير ذلك".
وأوضح المصدر أنه في "حالة عدم القسم أمام الدستورية حسبما هو منصوص عليه في الإعلان الدستوري المكمل للإعلان الدستوري المُستفتي عليه في 19 مارس/ آذار يعتبر ذلك مخالفة لنص دستوري ويسقط عن الرئيس المنتخب شرعيته الدستورية وبذلك يصبح المنصب شاغراً ويحق للمجلس "الأعلى للقوات المسلحة" إعلان خلو المنصب".
ويقول محللون إن الإخوان الذين يتلبسهم هاجس السلطة، قبلوا على الاغلب بكل ما قرره الجيش وسيقبلون بما سيقرره في المستقبل مقابل ان يبقوا لأنفسهم شيئا من حكم مصر، رغم هذه الاحتجاجات الممسرحة.
ويؤكد مراقبون أن من يتنازل مرة يتنازل ألفا، خاصة إذا كانت موقفه تتعاطى مع الواقع بانتهازية بالغة في علاقتها بالطيف المصري الواسع الذي يرفض منح اي فرصة لمن يصفونهم بـ"ازلام النظام السابق" للالتفاف على الثورة المصرية، بما في ذلك قادة الجيش المصري الذين تربوا في مدرسة مبارك، والذين يخبزون اليوم خبزة قاطو اللعبة السياسية في مصر.
ولن يستفيد من هذه الخبزة شباب الثورة المصرية، ـ وفقا لنفس المراقبين ـ بينما قبل الإخوان أن يكونوا مجرد بهار من بهاراتها، يمكن الاستغناء عنه في اي لحظة دون أن يكون لذلك تأثيرا يذكر على طعم خبزة القاطو النهائي بالنسبة للجيش، الذي شرع في إدارة انقلاب عسكري على مهل، وبسحر عجيب لم يفعل فعله إلا في الإخوان لقصر نظر في الرؤية للمستقبل، أو ربما لأنهم "مؤمنون" أكثر من غيرهم، كما يلمح إلى ذلك باستهزاء، بعض المصريين الغاضبين من المواقف المتخاذلة للإخوان. <!--EndFragment-->
ساحة النقاش