تتفرد العربية بالموسيقى الداخلية في حروف ألفاظها وبين ألفاظها، مما يجعلها لغة طيعة سهلة الحفظ على الرغم مما يبدو للدارس لها من صعوبة في البداية، إذ يلحظ تشابها وتشابكاً في صيغ الأفعال والأسماء، ولكن سرعان ما يزول ذلك التشابه والتشابك، ومما يدل على سهولة وجاذبية العربية بموسيقاها حفظ الملايين للقرآن الكريم على الرغم من أنهم لا يتقنون هذه اللغة وليست لغتهم الأم.
في العربية صيغ تدل على الحركة والاضطراب، وهي على وزن "فَعَلان"، كالغلَيان، والهيَجان، وما كان على وزن (فَعْلان) دل على صفات تقع في أحوال، عطشان، شبعان، غضبان، وما كان على وزن (أفْعَل) دل على صفات بالألوان أزرق، أبيض، أحمر، أصفر، أخضر، وكذلك العيوب تكون على وزن (أفْعَل) أحَوْل، أعور، أقرع، أعرج، أفيف، وتكون الأدواء (الأمراض) على وزن (فُعال): صداع، زكام، سُعال.
والأصوات على هذا الوزن (فُعال): صُراخ، نُباح، ثغاء، ومن الأصوات أيضاً على وزن (نعيل) نهيق، هدير، هرير، صهيل، نهيق، نعيق، نعيب، وحركة الأصوات أو حكاية الأصوات: على وزن (فعْلَلة): صَرْصرة، قزقزة، غرغرة، قعقعة، خشخشة.
وأطعمة العرب على وزن (فعيلة): كالسخينة، والعصيدة، واللفيتة، الحريزة، النقيعة، الوليمة، العقيقة، وأكثر الأدوية على وزن فَعُول، اللعون، السَّعُوط، وأكثر العادات في الاستكثار (الاستكثار) على وزن (مِفْعال)، مطْعان، مطعام، مضراب، مضياف، مكثار، امرأة معطار، ومِذكار، مئناث، متئام.
كان للرشيد جارية سوداء، اسمها خالصة ، دخل مرة أبو نواس على الرشيد، ومدحه بأبيات بليغة، وكانت الجارية جالسة عنده، وعليها من الجواهر والدرر ما يذهل الأبصار، فلم يلتفت الرشيد إليه. فغضب أبو نواس، وكتب، لدى خروجه، على باب الرشيد: لقد (ضاع) شعري على بابكم...كما ضاع در على خالصة ولما وصل الخبر إلى الرشيد، حنق وأرسل في طلبه. وعند دخوله من الباب محا تجويف العين من لفظتي (ضاع) فأصبحت (ضاء)، ثم مُثل أمام الرشيد. فقال له: ماذا كتبت على الباب؟
فقال:
لقد ضاء شعري على بابكم كما ضاء درّ على خالصة
فأعجب الرشيد بذلك وأجازه.
فقال أحد الحاضرين: هذا شعر قلعت عيناه فأبصر.
محمد بن علي السنوسي:
هاتيك دجلة فانهل أيّها الصادي
من فَيْض علم وآداب وإرشــــــادِ
وسلْ بها عن عريبٍ وابـن عائشة
وعن صريع الغواني شاعرِ الوادي
عن المثنى عن البدر بن حارثـــــة
عن ابن يــاسر عن سعدٍ ومقدادِ
عن ابن أكثم عـــن معن بن زائدة
<!--EndFragment-->
ساحة النقاش