محمد شو

العالم بين يديك

كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” عن أن الرئيس الاميركي باراك أوباما سعى جاهداً لإقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالمشاركة في تنحية الرئيس بشار الأسد عن الحكم، وذلك في أول لقاء يجمع الطرفين “وجهاً لوجه” في قمة العشرين بعد وصول بوتين إلى الكرملين.

 

وفيما يرى الغرب أن إقناع روسيا بمثابة “السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة السورية”، لفتت الصحيفة إلى أن الرئيس الروسي ظلّ متمسكا بموقفه بشأن القضية السورية، بعد اجتماع دام ساعتين مع الرئيس الأميركي، في وقت وصفت “نيويورك تايمز” الوضع بعد الاجتماع بـ”المحبط”، حيث خيمت حالة من الإحباط على الطرفين، مشيرة إلى أن الرئيسين بقيا بعد انتهاء الاجتماع جنباً إلى جنب محدقين إلى الأمام من دون أي تفاعل أو تبادل للمجاملات القصيرة أسوة بما يحصل في الاجتماعات الرئاسية الأخرى.

 

ونقلت “نيويورك تايمز” عن مسؤولين قولهم إن الرئيس الروسي أمضى وقتا لا بأس به يستعرض لأوباما ما يعتبره أمثلة تثبت فشل انتقال السلطة في ليبيا ، فضلاً عن تعبيره عن قلق بالغ حيال ما سيحدث بشأن الفصائل المتناحرة والجماعات الإثنية في حال سقوط نظام الأسد.

 

في المقابل، والكلام للمسؤولين الأميركيين، حاول الرئيس الأميركي طمأنة بوتين بأن واشنطن لن تقف حائلاً بين الحلف الاستراتيجي الذي يجمع موسكو بدمشق، باذلاً “جهوداً مضنية” لإعادة تقديم تطمينات لبوتين كان قدمها المسؤولون الأميركيون إلى نظرائهم الروس في الماضي ولم يصدقوها.

 

وتابعت الصحيفة أن كلاً من الرئيسين الأميركي والروسي استمع إلى توضيحات الآخر في ما يخص الأسباب المتعلقة “بتنحي” الرئيس الأسد، لافتة إلى ما أبداه المسؤولون الأميركيون من أمل في التمكن من المضي قدماً في حلّ الأزمة السورية.

 

كما نقلت الصحيفة عن نائب مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي والاتصالات الاستراتيجية بنيامين رودز اعتقاده بوجود حاجة ماسة إلى التوصل لاتفاق أبعد من وقف إطلاق النار، منوهاً بوضوح اعتقاد واشنطن بأن العملية السياسية تتضمن بشكل أساسي تنحية الرئيس الأسد.

 

من جهة ثانية، ذكرت الصحيفة أن “المسألة النووية الإيرانية كانت على أجندة اللقاء”، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة وروسيا، إلى جانب أوروبا والصين، تبذلان جهوداً واسعة لضبط الطموحات الإيرانية. وبحسب الصحيفة، أكد الطرفان الأميركي والروسي على “اتباع نهج مشترك وعلى وجود متسع من الوقت لتفعيل الإجراءات الدبلوماسية”.

 

يشار إلى أن محاولة أوباما تعزيز العلاقات مع روسيا كانت قد بدأت قبل سنوات مع الرئيس ديمتري ميدفيديف، ويمكن القول إنها “كانت أفضل ثلاث سنوات تشهدها العلاقات بين واشنطن وموسكو”.

 

الاستبسال الأميركي لإقناع روسيا بالتدخل يأتي في وقت تبدو الأخيرة المفتاح الوحيد لحلّ الأزمة السورية بعد تصاعد احتمالات فشل التدخل العسكري الغربي لأسباب جمة. وفي هذا السياق، كتب ليسلي غلب في مجلة “نيوزويك” يقول إن “على أميركا ان تفكر بما سيأتي بعد وبعد وبعد أي تدخل في سوريا”، معتبراً أن لا أحد يمكن أن يفكر بالتدخل في ظلّ الأوضاع المحيطة سوى الجاهل بأحوال الشرق الأوسط. واعتبر غلب، وهو احد الموظفين السابقين الكبار في البيت الأبيض، أن الفوضى السورية المقبلة هي الأسوأ، مؤكداً أن الحرب الأهلية قادمة إلى سوريا.

 

قراءة في “إيماءات” بوتين وأوباما: ماذا تقول لغة الجسد عن الأزمة السورية؟

 

إلى ذلك اضطر البيت الابيض لطمأنة الصحافيين الذين قرأوا تشاؤما في تعابير الرئيسين الروسي والاميركي بعد اجتماعهما أمس الاول، في لوس كابوس في المكسيك، معتمدين على لغة الجسد.

 

واللقاء الذي جمع باراك أوباما وفلاديمير بوتين على هامش قمة مجموعة العشرين في المنتجع المكسيكي، أثار اهتمام هواة لغة الجسد الذين طرحوا تساؤلات عديدة. فهل يمكن تفسير نظرة بوتين بإمعان الى الارض، على انه لا يوافق على ضغوط أوباما على سوريا؟ وهل كان أوباما يقصد عندما عقد حاجبيه ان استخدام بوتين لصفة “الجدية” في حديثه عن اللقاء هو كناية لوصف حوار أكثر حدة؟

 

وابتسامة بوتين عندما دعا أوباما الى زيارة موسكو، هل يمكن اعتبارها دليلا لعودة الحرارة الى العلاقة بين الجانبين؟

 

وكان الصحافيون الذين واكبوا اللقاء يتوقعون أجواء فاترة تتناقض مع تلك التي سادت الغداء الذي جمع أوباما مع سلف بوتين ديميتري ميدفيديف. واستخدم كل من أوباما وميدفيديف الاسم الاول لمحاوره أثناء تواصلهما في لوس كابوس، بينما استخدم أوباما وبوتين في تبادل الحديث عبارة “السيد الرئيس”.

 

وعندما جلسا على كرسيين من القصب لالتقاط الصور كالعادة أمام المصورين في بداية اللقاء، بدا عليهما التشنج. وبعد اللقاء، أدلى الرجلان بتصريحات مقتضبة الى الصحافة. فقد تكلم بوتين بمفرده لدقيقتين ونصف الدقيقة وقد غابت التعابير عن وجه رجل الاستخبارات الروسية السابق. وقد بدا انه يريد الانتهاء بسرعة من الشكليات.

 

أما أوباما المعروف أكثر بتشدده، فقد تحدث بصوت رتيب لاحقا ملخصا المحادثات التي وصفها بـ”الصريحة”. وكانت مداخلته أربع مرات أطول من نظيره الروسي. وعندما تطرق الرئيس الاميركي الى الوضع في سوريا، عض بوتين الغامض على شفتيه. وعندما تم إبعاد الصحافيين، حدق الرجلان أمامهما بدون أن يتفوها بكلمة.

 

وجهدت البعثة الاميركية لاحقا للإجابة عن أسئلة الصحافة عن “غياب مشاعر الود” بين الرجلين. وقال المسؤول في مجلس الامن القومي بين رودس انها ليست المرة الاولى التي تحصل فيها “فضيحة إيمائية” مع الروس. ويلمح رودس بذلك الى اللقاء بين أوباما وميدفيديف العام الماضي في فرنسا الذي دفع البيت الابيض الى نفي أي خلاف حاد مع موسكو.

 

وفي هذا الاطار أوصى السفير الاميركي لدى موسكو مايك ماك فول الصحافيين بدرس الحركات المعهودة لبوتين التي تعكس عادة شخصيته الحادة. وقال “هذا هو نمطه. أدعوكم الى ألا تصفوا نوعية العلاقة بالاستناد الى وضعية جلوس الشخص”.

 

وأكد المسؤولون الاميركيون أن المحادثات بين رئيسي الدولتين دامت ساعتين لأنهما يريدان البحث في التفاصيل وعرض نقاط الاختلاف ونقاط الالتقاء بينهما بالتفصيل. وأوضح رودس انه لو كان بوتين يريد إظهار خيبة أمله بعد اللقاء لفعل ذلك بصراحة. وقال “عندما يرى أن الاجتماع سيئ فهو يظهر ذلك بوضوح”.

 

وأعرب المتحدث باسم الرئيس الروسي ديميتري بيسكوف عن رضا الجانب الروسي عن المحادثات، مضيفا ان نبرة اللقاء لم تكن “قاسية” بل “بناءة ومنفتحة”.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 36 مشاهدة
نشرت فى 20 يونيو 2012 بواسطة mhmadshoo

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

276,810