محمد شو

العالم بين يديك

محمد المليص
  
منذ بداية الثورة السورية، انكشف أمر النظام الأسدي وتبين أنه نظام مُتفق عليه روسياً وإسرائيلياً وأمريكياً وغربياً، رغم تعارض مصالح هذه الدول.

إن النظام الأسدي منذ عهد حافظ الأسد، وعى المكانة الإستراتيجية لسوريا، فأرضى كل الأطراف الدولية، ودفن جبهة الجولان للأبد من أجل بقاء نظامه الطائفي وإلى الأبد. وما كان دعمه لحزب الله ولبعض التنظيمات الفلسطينية إلا تكتيكاً لتبرير شرعية نظامه اللاشرعي واللاشعبي.

إن حافظ الأسد كان يعي أن دعم حزب الله سيقوي الطرف الشيعي في لبنان، وبالتالي قوة الطرف الشيعي هذا يكون دعماً لنظامه الطائفي. وهذا ما أثبته حزب الله ومن خلفه إيران عندما وقفوا إلى جانب النظام رغم ارتكابه المجازر بحق شعبه الثائر. وكان يعي حافظ الأسد أن دعم بعض التنظيمات الفلسطينية، لكن بدون أن يعكروا صفو العلاقة مع إسرائيل على جبهة الجولان، التي هي الجبهة الحقيقية لسوريا مع إسرائيل، يمكن أزلام النظام من التطبيل والتزمير بالنظام المقاوم، ويمكنهم من قتل كل من يعارض النظام، حتى ولو كان المعارض يريد تحرير الجولان. 

حفاظاً على النظام الأسدي المتفق عليه روسياً وأمريكياً وإسرائيلياً، حاولت كل هذه القوى، بما في ذلك إيران وحزب الله، أن تعرقل مسيرة الثورة السورية. منها من وقف مع النظام جهراً، ومنها من تظاهر بدعم الثورة من خلال إنذارات فارغة، أو بعض المساعدات الإنسانية التي ترسل للشعوب المنكوبة. 

لا شك أن أمريكا والغرب وإسرائيل وروسيا قد أدركت أن الثورة منتصرة حتماً، لذا راح كل طرف يخطط لبناء نظام سوري جديد على مقاس مصالحه. فروسيا اتخذت قرارا بضرورة دعم النظام الأسدي حتى تحافظ مافيات النظام، باسم حماية الأقليات، على مواقع هامة في النظام ما بعد الثورة، وبذلك تحافظ روسيا على مصالحها. 

أما أمريكا والغرب، فاتخذوا قراراً بركوب أمواج الثورة كي يتم التحكم بها لبناء نظام توافقي يرضي روسيا وإسرائيل وأمريكا والغرب. لذا راح المسؤولون الأمريكيون والغربيون يطلقون التصريحات النارية، الفارغة، ضد النظام، وبنفس الوقت يعطون المهلة تلو المهلة للنظام كي ينهك الشعب الثائر، ويصبح التحكم به بعد الانتصار سهلاً. 
  
أما إسرائيل، فكان ينوب عنها البيت الأبيض والغرب، في إنهاك الثورة السورية، كي يُدَمر الشعب السوري ويصبح النظام الجديد عاجزا عن الوقوف في وجه غطرسة إسرائيل.

وهكذا فإن الكل متفق على إطالة عمر النظام السوري، رغم قناعتهم المطلقة بأنه نظام زائل لا محالة لأنه يواجه زلزالا شعبيا لا توقفه كل دول العالم. 
  
أما إيران وحزب الله، فإنه انكشف مخططهما الطائفي عندما دعما النظام الأسدي الذي يقتل شعبه، واتهما الثوار بأنهم إرهابيون. عندئذ لفظهما الشارع العربي، وكشف زيف مقاومتهما الطائفية التي تتخذ من قضية فلسطين غطاء لمشروع مذهبي طائفي عفن وخطر على العرب كما الخطر الصهيوني. 
  
لكن وعي الشعب السوري بالتآمر الدولي والإقليمي الطائفي، خيب أمل الجميع من خلال تضحياته التاريخية التي أدهشت العالم. لذا وقع الجميع، دولياً وإقليمياً، في مأزق كبير.

هاهي الثورة تدك قلاع النظام الأسدي في عمق دمشق، لذا شرعت إسرائيل وأمريكا بالمكر من خلال التحذير من وقوع الأسلحة الكيمياوية في أيدي الثوار، ولا شك أن روسيا سعيدة بهذه التحذيرات التي هي ليست أكثر من نداء إلى روسيا للتفاوض مع أمريكا على ما بعد الأسد، وبما يكفل السيطرة على النظام الجديد روسيا وأمريكياً، وبالتالي إسرائيلياً. وبحيث يتكون نظام سوري جديد ضعيف ومرتهن في سياساته الداخلية والخارجية إلى توافق روسي أمريكي وإلى الأبد. 
  
إذن الآن، رغم قرب انتصار الثورة السورية الباسلة، وقرب انهيار النظام الأسدي، فإن الثورة تمر في أخطر مراحلها بسبب هذا التآمر الروسي الأمريكي، والإسرائيلي ضمناً. لذا لا بد لها من أن تثبت أقدامها على الأرض، وأن يكون الشعب السوري، ومن خلفه العربي هو الحاضن الأساسي للثورة، كي يتم التصدي لأي مؤامرة روسية أمريكية ستخرج إلى النور في الأيام القادمة، باسم مبادرة دولية لحل الأزمة السورية.

على قيادات الجيش الحر والقيادات السياسية للثورة أن يتوجوا تضحيات شعبهم الباسل الجريح ببناء نظام جديد ومستقل عن أي هيمنة إقليمية أو دولية، وإلا فلتستمر الثورة لسنين طويلة حتى يتحقق هذا الهدف الشعبي النبيل.

بكل تأكيد إن الدول الإقليمية والدولية، غير مستعدة لاستمرار الثورة السورية لسنوات قادمة، لأن ذلك يضر بمصالحهم، لذا فإن ثبات الثورة السورية وتصديها لأي تآمر روسي أمريكي إسرائيلي، سيتوج بنصر مبين وخلال شهور قريبة إن شاء الله.

إن عشرات آلاف الشهداء ومئات آلاف الجرحى والمعتقلين والمهجرين لن تكون وقوداً من أجل المصالح الروسية والأمريكية والإسرائيلية، بل هي من أجل مصالح الشعب السوري، ووحدة سوريا، وقوة سوريا، وحرية واستقلال سوريا من أي هيمنة إقليمية أو خارجية. 

لن تنقذ النظام الأسدي كل مؤامرات العالم بما في ذلك التآمر الروسي الأمريكي الإسرائيلي والتآمر الطائفي الإيراني. إن النظام السوري الجديد سيحافظ على علاقات احترام متبادلة مع كل دول العالم طالما أن ذلك لن يتعارض مع مصالح الشعب السوري والعربي من المحيط إلى الخليج. وإن النصر لقريب. <!--EndFragment-->

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 65 مشاهدة
نشرت فى 19 يونيو 2012 بواسطة mhmadshoo

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

272,566