فتحي أحمد
إن حجم الخطوب على الساحة السورية ينذر بكارثة إنسانية سطرها التاريخ الحاضر على أنها أكبر المجازر على الإطلاق. يندى جبين العالم، أقصد هنا جبين شعوب الأرض الحرة، لما يجري ضد المواطنين السوريين.
في سوريا ينتهج بشار الأسد وشقيقه ماهر الأسد أبشع المذابح ضد شعب أعزل لا يملك من السلاح إلا الإرادة القوية والإصرار على تغيير النظام العلوي الذي وصل فكره إلى حد الكفر!!
إذن هذه الأفكار العلوية تسير جنبا إلى جنب مع الأفكار الصهيونية من أجل تنفيذ مخططات تهويد فلسطين والدول المتعارف عليها بدول الطوق لتحقيق إسرائيل الكبرى؛ فهذا التكتيك السياسي الذي صيغت أهدافه في أروقة الماسونية العالمية يحتاج إلى أدوات مادية ملموسة ومناهج فلسفية غير ملموسة حينما كتبت أبجديات بروتوكولات حكماء صهيون بحروف من القذارة، وكانت الخطوة التالية هي البحث عن دمى من غير ملة يهود وذلك لغرض مساعدتهم في جني الثمار فأثبتت هذه الفلسفة صحتها بعد موجات التحرر من الاستعمار حيث نصب لكل دولة رئيسا يشكل رأس هرم مقلوب وتتبعه قاعدة مشبوهة إلى حد قريب لها فكر ملطخ بأطعمة الخيانة والهوان.
فالهرم بشكله غير الطبيعي يمثل أسوأ الأساليب في قمع الشعوب ومص دمائها ليبقى يبحث فقط عن لقمة العيش؛ فسوريا مثلا منذ أن تسلق نظام البعث فيها كرسي الحكم خمدت الأفواه التي تنادي بتحرير الجولان من قبضة الاحتلال الصهيوني، وأصبح نظام الحكم هناك أجوف لا يملك الإصرار والاستمرار في دحر الاحتلال سوى تألقه في الصدح بالخطابات الرنانة فارغة المحتوى.
لقد كان الأسد الأب في حرب أكتوبر أشعث أغبر ساهم بتواطئه في إبقاء الجولان محتلة إلى الأبد!! السؤال الذي يبدو هنا: ما هذا النظام الذي يكشر عن أنيابه في وجه الغرب ويطأطئ رأسه لروسيا؟
هنا تكمن حلبة الصراع الدولي التي عنوانها العريض: سوريا والثورة فيها. فمنذ ردح من الزمن حتى اللحظة تحاول روسيا ومن قبلها الاتحاد السوفييتي المفكك الولوج إلى منطقتنا لتحقيق أهدافها الاستراتيجية والاقتصادية والسياسية، فكانت أمريكا لها بالمرصاد..
ثمة تشبيه ينطبق على الصراع الروسي الأمريكي. إن روسيا أفعى تحاول أن تبث سمها في الجسم العربي، ويأتي القط، والمقصود هنا أمريكا، لينقض عليها بسهولة؛ لكن معادلة الصراع الروسي الأمريكي اختلفت إلى حد كبير، فأمريكا ذات الجراح المثخنة بعد العراق وأفغانستان والأزمة المالية تحاول أن تستخدم دهاءها السياسي للانقضاض على غريمتها وعدوها اللدود روسيا.
بينما تعمل روسيا على محاولة استغلال جرح أمريكا النازف لتساومها على ذلك، فإما بالمال أو تقسيم مناطق النفوذ، فالحل الذي يناسب الولايات المتحدة الأمريكية هو إغراء روسيا الفقيرة بعشرات المليارات، وليس من باب النكتة وإنما من صميم السياسة.
إن من يظفر في الصراع الأممي على سوريا أمريكا وروسيا معا، بحيث تكتفي روسيا بالمليارات مقابل أن ترفع يدها عن حماية الأسد وتعود سوريا إلى الحضن الأمريكي من جديد، على أن يتبع ذلك قلب نظام الأسد وتحويل سوريا إلى بلد أشبه بالعراق على اعتبار أن تربته الخصبة ممزوجة بالطائفية والتكتلات السياسية بأطيافها المتنوعة فضلا عن أنها بوابة الصراع الشيعي السني في المنطقة.
خلاصة القول، سوف تبقى بلاد الشام وبالأخص سوريا في هذه الأيام تحت نيران وفوهات البنادق الغربية تمهيدا لتقسيمها إلى دويلات طائفية، كما سيحدث في لبنان والعراق وليبيا واليمن، بمعنى أن ثمار تقسيم الشرق الأوسط الجديد بدأت تؤتي أكلها وأن خارطة جديدة لمنطقتنا تلوح في الأفق القريب. <!--EndFragment-->
نشرت فى 19 يونيو 2012
بواسطة mhmadshoo
عدد زيارات الموقع
276,782
ساحة النقاش