يحيي البوليني
أستطيع أن أقول وبكل وضوح لا يظن أحد أن الفترة الماضية بكل ما حملت من أخبار ومواقف سعيدة أحيانا وحزينة وكئيبة أحيانا أكثر، لا يظن أحد أنها كانت نهاية المطاف، وأن النتيجة التي ستخرج بعد جولة الإعادة في مصر أيا كانت نتيجتها- وأغلب ظني أنها لمرسي بإذن الله- ستكون آخر مراحل العمل والتعب.
فالجميع يعلم أنه لو خرجت النتيجة بنجاح شفيق فستبدأ مرحلة جديدة من التعب والمعاناة على الشعب المصري كله وليس على الإخوان وحدهم ولا على كل من أظهر أنه مضاد لتولية شفيق فقط، بل ستكون مرحلة صعبة جدا من مقاومة شعبية لوجوده ولاغتصابه الحكم بالتزوير، وذلك مع ظهور محتمل لوجه آخر من المجلس العسكري في التعامل مع الشعب المصري.
فلا أعتقد أن مرشحا رئاسيا ضرب بالأحذية في أكثر من مكان في مصر ولم يستطع حتى أن يظهر في مكان عام، ولا أن يقوم بجولة انتخابية بين الناس ولا حتى أن يدلي بصوته في الانتخابات سوى بالدخول من باب خلفي.. لا أعتقد أنه سيتعامل مع الشعب المصري بالتسامح والهوادة بل سيأتي لينتقم من شعب ما استطاع إقناعه ولا استطاع أن يكسب احترامه فسيفرضه بالقوة والقهر.
ولا أعتقد أيضا أنه في حالة نجاح الدكتور مرسي أن مرحلة التعب ستنتهي من لحظة إعلان النتيجة كما أتمنى ويتمنى كل مصري وعربي، فلا المجلس العسكري مستعد للتسليم بهذه البساطة بعد عقود من احتكارها، ولا أعتقد أن الحكومة والمحافظين وموظفي المحليات- المنتمي أغلبهم للحزب الوطني الفاسد المنحل- سيتعاونون معه بصدق؛ وأظن أنهم سيعرقلون عمله وسيحاولون تصدير الأزمات له، وسيسلطون عليه الأبواق الإعلامية الكاذبة الخاصة بهم التي ستبدأ بعد دقائق من إعلان النتيجة بأن مرسي "معملش حاجة"، وبالتالي ستوجه تلك الأبواق التي أنكرت كل إنجازات مجلس الشعب وكذبت عليه واتهمته باتهامات مثل قانون المضاجعة وغيرها واستطاعت تأليب الشعب على مجلسه الذي أنجز ما لم ينجز في عهود طويلة سابقة.
وأعتقد أن "ترزية" القوانين وحملة المباخر والآكلين على كل الموائد من كثير ممن يسمون بالنخبة جاهزون لسن قوانين معرقلة أو للاشتراك في جمعية تأسيسية لجعل الدستور المصري برلمانيا، وساعتها يكون منصب الرئيس الذي قاتل المصريون من أجله منصبا شرفيا صوريا لا صلاحيات له، وساعتها يحكم حزب الأغلبية وذلك بعد حل المجلس الحالي، وبالتالي مع إلغاء قانون العزل تنتقل المرحلة التالية من الحرب القادمة مع فلول الحزب الوطني لحرب انتخابات مجلس الشعب للحصول على الأغلبية البرلمانية التي تمكنها من الحكم.
وأعتقد أن فلول الحزب الوطني إما أن تنشئ حزبا جديدا الآن أو تنضم للحزب المزمع إنشاؤه "مصر المستقبل" الخاص بالسيد عمرو خالد الذي جمع معه رموزا من رموز الحزب الوطني الفاسد السابق!!
* ملاحظة: كان شعار مبارك في حملته الانتخابية المزيفة الأخيرة "القيادة والعبور إلى المستقبل"، وأسس جمال مبارك جمعية "جيل المستقبل" وأعدها لتكون حزبا جديدا يدعم مشروع التوريث، ويؤسس عمرو خالد الآن حزب "مصر المستقبل" وتنتشر صورة له مع أحمد بهجت وعبد السلام محجوب وغيرهما في دعوته لإنشاء الحزب، فهل هذا الحزب هو الوجه المعدل لحزب الوريث جمال مبارك الذي سيمتطيه للعودة لحكم مصر مرة أخرى؟ وخاصة أنه بمجرد خروجه من الاتهامات الموجهة إليه يستطيع المشاركة في الحياة السياسية تماما بلا معوقات، وشياطين الإعلام والقنوات المأجورة مستعدون لتلميع صورته قبل وبعد خروجه.
إن المرحلة القادمة هي الأشد صعوبة ولن نمر عليها بسلام سوى بتصالح الإخوان والسفليين وكل القوى الوطنية الثورية ونبذ الخلافات والوقوف صفا واحدا ضد من يريد إعادة عقارب الساعة إلى الوراء؛ وحسبنا بعد هذه القرارات الأخيرة أننا اكتشفنا من مع الثورة ومن يعمل لحسابه الخاص، ومن هو الطرف الثالث ومن يؤيده ويحميه ويتستر عليه وتبين موقف بعض كبار القضاة والمحكمة الدستورية.
لا بد أن يلتئم الشمل مرة أخرى لمواجهة تحديات أراها الأقوى، لكننا بوحدتنا وتجمعنا وتجردنا لله ثم لمصلحة هذا الوطن سنغلب وننتصر وستعود مصر ملكا لأبنائها بعدما استعمرت واستذلت وغيبت إرادتها قرونا طويلة. <!--EndFragment-->
نشرت فى 18 يونيو 2012
بواسطة mhmadshoo
عدد زيارات الموقع
276,748
ساحة النقاش