محمد شو

العالم بين يديك

أكد علماء الشريعة أن معجزة الإسراء والمعراج في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب من أسمى آيات الله العظيمة الدالة على صدق عبده محمد، صلى الله عليه وسلم، وفيها تكريم ورفعة لمحمد وامته، وهي أعظم رحلة من بدء الخليقة إلى يوم القيامة. وقالوا إن الرحلة فيها دلالة على قدرة الله وعلوه سبحانه على جميع خلقه خاصة ما وقع لنبيه في تلك الليلة من الأمور الجليلة والمعجزات العظيمة مثل شق صدره عليه الصلاة والسلام وغسل جوفه تهيئة للرحلة في الملكوت الأعلى ثم الإسراء به إلى المسجد الأقصى والعروج للسماء في زمن محدود وصلاته بالأنبياء والمرسلين في بيت المقدس ثم صعوده إلى السماوات العلى ومجاوزته السماء السابعة إلى موضع لم يبلغه أحد من الخلق.

أوضح الدكتور صبري عبدالرؤوف، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر أن الله تعالى قال في كتابه العزيز«سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير» سورة الإسراء الآية 1، والله تعالى هو الذي أنزل القرآن الكريم على نبيه محمد، صلى الله عليه وسلم، وهو تعالى الذي أسرى بالنبي الكريم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وجعل الله تعالى الإسراء آية وعبرة وأنزلت الآيات القرآنية التي تتحدث عن الإسراء والمعراج.

وفي سورة النجم نزلت آيات مبينات تتحدث عن المعراج وكيفية العروج إلى السموات العليا قال تعالى«والنجم إذا هوى، ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، علمه شديد القوى، ذو مرة فاستوى وهو بالأفق الأعلى، ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلى عبده ما أوحى، ما كذب الفؤاد ما رأى، أفتمارونه على ما يرى، ولقد رأه نزلة أخرى، عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى، ما زاغ البصر وما طغى، لقد رأى من آيات ربه الكبرى» سورة النجم الآيات 1-18 فهذه الآيات البينات تؤكد العروج إلى سدرة المنتهى إلى ما شاء الله عز وجل ومن المتفق عليه أن الإسراء والمعراج كان لتثبيت قلب الرسول، صلى الله عليه وسلم، وإعلامه بأن الله معه.

تفريج الكرب

وأضاف: الإسراء والمعراج كان بمثابة تفريج لكرب الرسول، صلى الله عليه وسلم، خاصة بعد موت عمه أبي طالب وزوجته خديجة وحيث اشتد الكرب والحزن برسول الله، صلى الله عليه وسلم، رفعه الله إلى السموات العلى حيث أراه الله تعالى من آياته الكبيرة ما لا يعد ولا يحصى وكأن الله تعالى يريد أن يسرى على نبيه الكريم ويقول له إذا عارضك الأقوياء فإن قدرة الله تعالى فوق قدرتهم وإن لم تتسع له الأرض فإن مكانه في السماء ليحظى بالتكريم وهذا دليل على أن الله تعالى مع المؤمنين وأن الكرب إذا اشتد هان وأنه سبحانه وتعالى ناصر جنده ومؤيد أتباعه ولن يخذل حزبه ومن كان مع الله فإن الله معه قال تعالى«إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون» فكل من كان في ضيق فليصبر وليحتسب وسوف يفرج الله كربه ويزيل همه.

فضل الذكرى

وأشار الدكتور أحمد محمود كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر إلى فضل هذه الذكرى العظيمة على قلوب المسلمين من حيث مكان وقوعها وهو المسجد الأقصى فكانت الآيات الأولى من سورة الإسراء تتحدث عن المسجد الأقصى وأنه مسرى الرسول، صلى الله عليه وسلم، ومهد الأنبياء، عليهم السلام، والأولياء، رضي الله عنهم، والثاني بعد البيت الحرام في البناء وأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وله في الإسلام منزلة وشرف عظيمان ومقام كريم فهو نهاية رحلة الاسراء وبداية رحلة المعراج فقد دنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من ربه، عز وجل، مقاما لم يبلغه الخليل ولا الكليم ولا وصل إليه ملك مقرب ولا نبي مكرم وقد أم في ذلك المسجد النبيين، عليهم السلام، في ليلة مباركة صعد فيها منه إلى أعلى عليين.

وقال إن جميع النصوص والأخبار والآثار أكدت فضل المسجد الأقصى فلم يخص الله تعالى مسجدا سواه فقد وعد بني إسرائيل بأن يغفر خطاياهم بسجدة فيه دون غيره وقال تعالى«ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين» سورة البقرة الآية 58 وقوله تعالى إخبارا عن إبراهيم ولوط عليهما السلام:ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين” سورة الأنبياء الآية 71 وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:«لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا».

الرسالة الخاتمة

ويقول الدكتور حلمي عبدالرؤوف أستاذ الفقه والقراءات بجامعة الأزهر: لنا أن نتذكر قيمة رحلة الإسراء والمعراج للرسول، صلى الله عليه وسلم، التي اعلت شأن الرسالة الخاتمة كما أن الخطاب القرآني في سورة الإسراء فيه بيان لتربية الأمة وأخذ العظة من أمة موسى، عليه السلام، لعدم الوقوع فيما وقع فيه بنو إسرائيل من الافساد وكان الرسول، صلى الله عليه وسلم، حريصا على إبلاغ الدعوة وبلغة الحوار والإقناع لتوصيل كلمة الله العليا للمجتمع الإنساني لكن كفار ومشركي قريش رفضوا الرسالة وتحركوا باسلوب السخرية والإستهزاء والله عز وجل ينصر من ينصره في تنفيذ تعاليمه والعمل بشرعه والسير على مقتضى سننه الكونية.

واضاف: الإسلام عقيدة وعمل واقتضت سنة الله في خلقه أن يأتي الفرج بعد شدة وأن يأتي النجاح بعد كفاح والنصر بعد جهاد وكلها معان اجتمعت في حياة الرسول، صلى الله عليه وسلم– وجاءت العناية الإلهية لتكريم الرسول، صلى الله عليه وسلم، بأعظم رحلة عرفها التاريخ الإنساني رحلة الإسراء والمعراج لتكون على مر الأيام والدهور إحدى الشواهد الساطعة على نبوة خير الخلق والله تعالى دعا رسوله، صلى الله عليه وسلم، للحضور والمثول بين يديه فكانت الرحلة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ثم المعراج .

أركان الإيمان

وأكد الدكتور شعبان اسماعيل أستاذ أصول الفقه بجامعة أم القرى بمكة المكرمة أن مشاهد المعراج بيان عملي على ملكوت الله عز وجل، وكانت رؤية حقائق الأركان الإيمانية ورؤية بصر وعين للملائكة والجنة والنار بل رؤية للذات الإلهية رؤية أدخلت السرور لقلب الرسول، صلى الله عليه وسلم، ومع المعراج جاءت فريضة الصلاة كركن من أركان الإسلام وذلك تأكيد لأهمية الصلاة في حياتنا.

وأضاف ان المعجزات التي اختص الله بها الرسل والأنبياء أمور خارقة للعادة تدعو إلى العجب ولا تخضع فيما نعلم لسبب ومعجزة الإسراء والمعراج كانت ولا تزال معجزة القرون والأجيال وآية خالدة كرم الله بها خاتم الرسل والأنبياء والاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج يكون باتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ونهج الصحابة.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 130 مشاهدة
نشرت فى 16 يونيو 2012 بواسطة mhmadshoo

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

272,704