د. فايز رشيد
كشفت صحيفة ألمانية "دير شبيغل" وصحيفة إسرائيلية "يديعوت أحرونوت" أن إسرائيل تسلمت رسمياً في الرابع من "مايو" أيار الماضي غواصة حربية رابعة من أصل ست غواصات من الأكثر تطوراً في العالم، والقادرة على حمل رؤوس نووية. الغواصة الخامسة ستتسلمها دولة الكيان الصهيوني خلال العام 2013 والسادسة في العام 2016. الغواصات جميعها هي من طراز دولفين. وعملية التسليم تجري بسرية تامة وتحت حراسة شديدة، يوفرها جيش الاحتلال الإسرائيلي وعناصر من الاستخبارات الإسرائيلية.
وفي خبر متصل، نقلت "دير شبيغل" عن مسؤولين في شركة الصناعات الحربية الإسرائيلية "رافائيل" قولهم: إن الشركة طورت صواريخ نووية من طراز "بوباي طوربو أس أل أم" وهي صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية بوزن 200 كغم، وأن هذه الرؤوس تم تطويرها في مفاعل ديمونة النووي الإسرائيلي.
ألمانيا تدرك تماماً أن إسرائيل هي القوة النووية الوحيدة في المنطقة، ووفقاً للتقديرات تمتلك ما يزيد عن 400 رأس نووي، وتدرك أيضاً أن إسرائيل تحتل أراضي فلسطينية وعربية، وتمارس استيطاناً بشعاً في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتتنكر للحقوق الفلسطينية، وهي الدولة المعتدية وليس المعتدى عليها، ورغم ذلك تقوم بتسليحها بغواصات حربية تعتبر الأكثر تطوراً في العالم.
ألمانيا ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية وبعد دحر النازية تعيش عقدة "اضطهاد اليهود"، لذلك ومنذ عام 1948 وحتى هذه اللحظة تقوم بدفع تعويضات مالية وتسليحية سنوية لإسرائيل، هذا عدا عن دورها الكبير في تهجير اليهود من أوروبا ومن مختلف أنحاء العالم إلى فلسطين، ودورها في إقامة الدولة الإسرائيلية.
ألمانيا التي عانى شعبها من النازية مثل الشعوب الأوروبية والعالمية الأخرى، حري بها أن لا تقوم بدعم كيانٍ عنوانه الأساسي "...". هذا الكيان وقبل إنشائه من خلال الإرهاب الذي قامت به العصابات الصهيونية، وعند وما بعد الإنشاء وحتى اللحظة يمارس المذابح والمجازر ضد الفلسطينيين والعرب. وإسرائيل هي التي قامت بحملات التطهير العرقي للفلسطينيين منذ عام 1948 وحتى اللحظة وضد العرب، ورغم ذلك تقوم ألمانيا بمدها بالمساعدات الاقتصادية والسياسية والعسكرية والتقنية إلى الحد الذي باتت تتساوى فيه مع جزءٍ كبير مما تقدمه الولايات المتحدة لدولة الاحتلال.
من ناحية أخرى، تدرك ألمانيا: أن إسرائيل لا تعترف علناً بوجود أسلحة نووية لديها، وترفض التوقيع على معاهدة خطر انتشار الأسلحة النووية، وهي التي تهدد بشن الحروب على الدول العربية ودول المنطقة.
برلين الرسمية، وعبر المتحدثين الرسميين باسمها، تنفي باستمرار أن يكون بإمكان هذه الغواصات التي تقدمها لإسرائيل أن تشكل جزءاً من الترسانة النووية الإسرائيلية، لكن وفقاً لما نشرته "دير شبيغل" و"يديعوت أحرونوت" فإن مسؤولين عسكريين ألمان وإسرائيليين أكدوا أن ألمانيا تدرك أن إسرائيل تجهز الغواصات الهجومية من طراز دولفين بأسلحة نووية.
المستشارة الألمانية ميركل تدّعي الحرص على أن تقوم إسرائيل بتقديم "تنازلات" في موضوع الاستيطان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإثباتاً لحسن نوايا ألمانيا تجاه الفلسطينيين قامت ببناء محطة لمعالجة المياه الآسنة في قطاع غزة، وقام الرئيس الألماني وزوجته بافتتاح مدرسة للبنات، قامت ببنائها ألمانيا بالقرب من رام الله "هذه الخطوة كانت في الخامس من يونيو الحالي، ذكرى النكبة"، ولكن نقول للمستشارة الألمانية: إن من يحرص على حقوق الفلسطينيين لا يقدم مساعدات لإسرائيل وبخاصة مساعدات تصب في تعزيز قدرتها النووية.
ونتيجة لهذا الظلم الفادح التي تمارسه ألمانيا بحق الفلسطينيين والعرب، والقيام بتسليح إسرائيل طلبت المعارضة الاشتراكية الديمقراطية الألمانية إيضاحات من حكومة أنجيلا ميركل فيما يتعلق بتسليح إسرائيل ودعم ترسانتها النووية، ورفعت اتهامات للحكومة بأنها لن تحقق أية مكاسب مقابل مساعداتها لإسرائيل.
الرد الحكومي الألماني جاء من خلال تصريح لستيفين شيبرت المتحدث باسم حكومة ميركل قال فيه: "إنه لا يشارك في التكهنات المتعلقة بالترسانة النووية الإسرائيلية".
هذا الرد الحكومي هو "أقبح من ذنب" وجاء على طريقة "النعامة التي تدفن رأسها في الرمل حتى لا ترى".
رغم كل المساعدات الألمانية التي يجري تقديمها لإسرائيل قامت قيامة الأخيرة ضد الكاتب الألماني الحائز على جائزة نوبل للآداب غونتر غراس عندما نشر قصيدة فقط ينتقد فيها السياسات الإسرائيلية! إسرائيل اتهمته "بالخدمة في الجيش النازي" و"بالعداء للسامية"، ودعت الصحف الصهيونية إلى مقاطعته ومحاربة انتشاره. للأسف لم تنتصر ألمانيا لواحدٍ من أبرز كتّابها. ألمانيا تمارس النفاق السياسي عندما تتذرع بالحرص على حقوق الفلسطينيين والعرب وتقوم بتسليح إسرائيل!!. <!--EndFragment-->
نشرت فى 12 يونيو 2012
بواسطة mhmadshoo
عدد زيارات الموقع
271,970
ساحة النقاش