عبد الجبار الجبوري:
وصلت الأزمة السياسية المفتعلة، أزمة سحب الثقة عن حكومة المالكي، إلى نهايتها المعروفة، وهي دخول محور الاحتلال "أمريكا وإيران" على خط الأزمة؛ فطارت الوفود من أطراف العملية السياسية المتصارعة إلى إيران، وجاءت وفود إدارة أوباما "بايدن والسي أي ايه والسفير الجديد والقديم"، للملمة الأزمة ونزع فتيلها باتجاه مصالحهما، وهي إبقاء المالكي رئيسا للوزراء كما أفصحت عن هذا جريدة النيويورك تايمز قبل يومين..
وتصر طهران أيضا على هذا الاتجاه، وما دعوة مقتدى الصدر إلى طهران وممارسة الضغوطات الدينية والسياسية عليه وتصريحات كاظم الحائري إلا إعلان واضح على تطابق المصالح الإيرانية والأمريكية في شخص المالكي، والضغوطات الإيرانية كشف عنها بشكل صريح الناطق باسم مقتدى الصدر صلاح العبيدي.
ولم يقف الأمر عند هذه الضغوطات الخارجية الإيرانية حصرا، وإنما ظهرت ضغوطات داخلية على التيار الصدري من قبل حكومة المالكي منها "فتح ملفات خطيرة مثل قضية أبو القاسم الخوئي والمقابر الجماعية لفريق الأولمبية والبعثات بوزارة التعليم العالي وقضية أحمد الحجية رئيس اللجنة الأولمبية والقتل الطائفي الذي مارسته عناصر جيش المهدي في عام 2005 و2006 وغيرها الكثير".
أما على الأرض فهناك توتر شديد بين حزب الدعوة وحكومة المالكي وبين التيار الصدري، حيث هدد المالكي بحملة صولة الفرسان الجديدة ضد التيار الصدري وما تمرد سجناء هذا التيار في سجن البلديات إلا نتيجة ضغوطات الحكومة عليه، في حين نأى جلال طالباني بنفسه ونفى توقيعه على سحب الثقة عن المالكي مكتفيا بإرسال الأسماء إلى مجلس النواب، وهو بهذا يحاول أن يمسك عصا الأزمة من وسطها، مع إصرار التحالف الكردستاني والعراقية والتيار الصدري على إنهاء الأزمة ببديل للمالكي مهما كلفت الظروف. وهذا يعني أننا ذاهبون إلى عواقب وخيمة جدا يحضر لها المالكي وحزبه حال إعلان سحب الثقة منه وهو ما أعلنه سامي العسكري مستشار المالكي نفسه.
فالأزمة تتفاعل باتجاه التعقيد والتوتر الشديد في الوضع الأمني، مع انفلات واضح في الاغتيالات والاعتقالات والتفجيرات اليومية هدفها توتير الوضع وتصعيده وتفجيره لتصفية الحسابات السياسية.
إذن هي لعبة جر الحبل للحصول على المزيد من المغانم والمكاسب في السلطة وتنفيذ أجندات خارجية وإقليمية لا تريد استقرار أوضاع الشعب العراقي، بل تريد تفتيته وتقسيمه، وتعمل على هذا الخط أوساط الأحزاب الكردية لتنفيذ حلمها في إقامة دولة كردستان كما أعلن مسعود برازاني في أكثر من مرة، والذي يطالب بتنفيذ المادة 140 الملغاة وإعلان جيش البشمركة الخاص بكردستان مع تنقيب وتصدير نفط العراق لصالح كردستان فقط.
أما العراقية فيريد إياد علاوي تطبيق اتفاقية اربيل ومجلس السياسات الإستراتيجية، دون أن يلتفت احد منهم إلى معاناة الشعب في الإقصاء والتهميش والاعتقالات وتدخلات دول الجوار الإقليمي وحصرا إيران، وإلغاء قوانين بريمر وإلغاء الدستور المفخخ الطائفي والتقسيمي الذي أنتج الأزمات لهم وللشعب العراقي الجريح.
إن هذه اللعبة لن تنطلي على شعب العراق ولن يكتب لها النجاح، فالصراع بين الأضداد والكتل السياسية والأحزاب الطائفية لا يعنينا أبدا، فهم كلهم نتاج الاحتلال الأمريكي البغيض، وهو من صنعهم وسلمهم السلطة، وعليه أن يدفع ثمن أخطاء وخطايا هؤلاء الساسة في حق شعب العراق المضحي المظلوم، إنها صراعات ساسة ومراهقي السياسة وليسوا رجال دولة، فرجل الدولة من يهمه معاناة شعبه وآلامه، ويسهر على حلها، لا أن يزيد منها ويعمل على إدامتها وهو متنعم بخيرات العراق وينهب ثرواته ويحمي الفساد والمفسدين في حكوماته.
نقول لكل هؤلاء: اللعبة انتهت، كما قالها مندوب العراق السابق لإدارة المجرم بوش، إن الانتخابات قادمة بإذن الله وسترون مصيركم النهائي فيها، فالشعب كشف كل ألاعيبكم وأهدافكم وأفعالكم وولاءكم، ولن يكرر خطأه وينتخبكم، بل سيحاسبكم أشد الحساب، جراء ما اقترفته أيديكم بحقه، أما لعبة سحب الثقة وجر الحبل فلا نعول عليها كثيرا، لأننا واثقون بأن اللاعبين الإيراني والأمريكي سيحسمان الجولات بالتراضي، وتبقى النتيجة صفرا على الشمال.. <!--EndFragment-->
نشرت فى 11 يونيو 2012
بواسطة mhmadshoo
عدد زيارات الموقع
271,971
ساحة النقاش