جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
بديع الصنع
إن التأمل فى خلق الله وفى بديع صنعته ، مدخل هام للإخلاص فى عبادته ، من لم يعيه ويشعر بمدى جماله وروعته ، فهذا دليل دامغ على غفلته
أما مرهف الحس والشعور ، صاحب القلب الرقيق والفكر العميق ، المسترشد بالنور ، القارىء لما بين السطور ، الموقن بتوفيق الله الذى هداه ، وأخلصه وانتحاه ، وأرشده وتولاه ... فهو الذى يمعن النظر ، ويستخلص العبر ، يفكر بأناه ، ويرى ما لا يراه غيره من البشر
فما أجمل أن تستظل بشجرة ، تتأمل ملكوت الله ، فترى العبرة المعتبرة ، وسحر الطبيعة الفتان ، فى روعة الأشكال وتناسق الألوان ، يتناغم حفيفها مع زفزقة العصافير الآبية لعشها ، فيا لعظمة الخالق الحكيم القدير ، الذى هو أولى بالحمد ، والمدح والشكر والثناء الكثير
إن المتعة الحقيقية تكمن فى النظر بإمعان ، إلى سحر الألوان ، وهى تسكر العقل والفكر والوجدان
فاللون الأخضر يتدرج بحنان ، على الزروع والنباتات وأوراق الأغصان ، فوق الشجر، فيمنحنا الإحساس بالطمأنينة والأمان ، ويزيل عنا الكدر ... وها هو العشب الذى يكسو الأرض وكأنه السندس فى الجنان ، يريح النفس ويمتع النظر ، تصافحه شمس الأصيل فيرد السلام ، فى حياء وخدر ....
تأملات فى صنعة الخالق العظيم ، نقلتنى إلى روضة من نعيم ، تنفس خلالها القلب هواءاً عليلاً ، وعزفت نفسى على أوتار مشاعرى عزفاً جميلاً ....
تلك المشاعر المرهفة ، وخلجات النفس المتعطشة المتلهفة أصبح الكون معها معرضا بديعا لألوان من الآيات المعبرة الواصفة .... أتتبعها فى شغف وذهول ، بغية الوصول ؛ فالشمس فى موكب الغروب ، تكاد تذوب ، لترسم البهجة ، وتثير الرغبة ، فى العيون والقلوب .... تمضى تاركة وراءها وهج الحمرة الوردية ، والمباهج النرجسية ، كهدية منها للسماء، فى رحلتها اللانهائية
وها هى الزهور بسحرها وجمالها ، تخطف بصرى وتخاطبنى بلغتها ، وبغزارة مفردات ألوانها .....
والنسائم العليلة ، تداعب الأوراق الجميلة ، فتميل مؤدية أجمل رقصاتها
وهاهو البحر الآن ، يلوح لى بزرقته الحانية وسمائه الصافية وأنا تائهة فى جماله الفتان ، عازفة مع أمواجه أشجى الألحان ...
الطبيعة تتمايل بإعجاب ، يسحرها هواء الربيع الجميل وهواء البحر العليل .... إنهما الربيعان الأخضر الأرضى والأزرق المائى .... سكر واحد من الطرب ، والعزف والعجب ، فكأس الحب قد وجب
إنى أتأمل إعجاز الخالق فى بديع صنعته ، التى أودع فيها من أسرار الجمال وروعته ، ما يدخل السعادة على قلوب خلقه ، ويحرك مشاعرهم ، وينمى بالجمال أحاسيسهم ، ويرقى بذوقهم وفكرهم ، ويزيد من إيمانهم بقدرته ، ويرشدهم ‘لى أبواب حمده وشكره ، وحسن عبادته
هذه الطبيعة كانت وما تزال ، مصدر إلهام لكل من يحسن تأمل مظاهر الجمال ، وإنى لأقف أمام لوحات هذا الكون عاجزة عن الوصف والبيان ، متأملة بأناه فى شغف وانبهار، مهلله الله الله أطلقها من غور قلبى ملبية بالأذكار ، ولا أملك إلا أن أردد قول الحق سبحانه فى محكم آياته : (ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك)
...........
موقعى الشخصى على الرابط :
http://drmervat.blogspot.com/
ساحة النقاش