الشاعرة والكاتبة الأديبة دكتورة مرفت محرم

تجليات وأنوار

أنت أمام بحر زاخر وعميق ، وعلم لدنى وافر دقيق ، شطئانه مترامية الضفاف ، متباعدة الآماد والأطراف ...
وكما حاول غيرى حاولت ، وكما فشلوا فى السباحة فى لج هذا البحر الزاخر فقد فشلت !
لأن الاقتراب من شواطئه المفعمة بالإشارات والتلميحات ، والرموز والكلمات ... تنقلنا إلى عالم الروح وما أدراك .... فكيف أيها الرفاق بمن أراد الغوص فى عمق الأعماق
إنها أسرار خافية مخفية ، مفاتيحها عطية روحية ، يمنحها رب البرية ، للأرواح المتصلة بالملأ الأعلى كفتوحات ونفحات ربانية
فتغترف نفوس هؤلاء الأبرار ، مما أسبغ الله عليها من أسرار ، ومما شاءت لها القدرة الإلهية من أنوار ... تلك العوالم النورانية ... التى تغمر قلب المؤمن بتجليات روحانية ، تأتى كمكافأة ربانية ، من إله خبير ولطيف  رفع عن عبده غطاء المادة الكثيف ليرى بنور الله جلت قدرته ، وتعالت هباته وعظمته (لقد كنت فى غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد)
إن هذه الكلمات القرآنية هى ميراث النبوة الحقيقية ، فقد امتدت منذ نزول الوحى المبين على المبعوث رحمة للعالمين ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليرثها صفوة من عباده المؤمنين الحافظين لحدود الله وأحكامه على نحو سليم ، والعاملين بسنة رسوله الكريم ... وعلى قدر طاقة الواحد منهم  وعلى قدر فهمهم وجهادهم لأنفسهم  يفتح الله عليهم ....
فهؤلاء الذين تكلموا فى المعارف الإلهية ، والأنوار الروحية كان انتسابهم والمرجعية سلسلة متصلة إلى خير البرية رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال أبو بكر الصديق ، وعلى بن أبى طالب ، وسلمان الفارسى .... ولما انقضى عهد الصحابة والتابعين ، أطلق الناس إسم الصوفية على من سار على نهج الصحابة المكرمين ... هذا النهج القائم على الزهد ، وكثرة الذكر ، والورع والصلاح.، والحمد والشكر .... ثم تواصلت مسيرة الداعين إلى الله جل فى علاه على تعاقب العصور. فظهر فى دنياه علماء أعلام فتح الله عليهم فكان لكل منهم شان ... فى علوم الشريعة والحقيقة على مر الزمان ... أمثال الحسن البصرى ، والقشيرى الإمام ... إلى آخره... تلك السلسلة من هؤلاء الأعلام الذين لايكف عن ذكر آثار علمهم الراوى ... كان فى خاتمتهم فضيلة الشيح محمد متولى الشعراوى الذى حمل مشعل الهداية فأنار الطريق وفسر الآية وكشف الالتباس فاسترشد بعلمه الناس ...
إن هؤلاء الأعلام العاملين العالمين ـ بقدرة الله رب العالمين ـ قد استناروا بشريعة الله وسنة رسولة الكريم... فهم من أهل الباطن وحملة الأنوار النبوية ، المتصدرين لتربية الأرواح والأنفس الذكية ، وكما قلنا فى غير موضع ومكان كانت لهم سلسلة تنتهى إلى خير الأنام رسول الله صلى الله عليه وسلم...  فهم أهل صدق وإخلاص وروية ، ومجاهدة وأهل ثبات وعزيمة قوية ...
وحقيقة الأحوال الروحية لهؤلاء ... تختلف عن أصحاب الادعاء ... فقد ظهرت على أيديهم كرامات وفتوحات تؤيد صدق منهجهم وحقيقة انتسابهم ... وهل هناك كرامة لولى من الأولياء أعظم من هداية الله تعالى للخلق على يديه البيضاء ، وتغيير قلوبهم إلى حب الله ورسوله وسنته الغراء ..... مذهبهم هو أهل السنة والجماعة وما كانوا يحيدون عن سنة رسول الله فى أية ساعة قيد أنملة .... وكل من هذه الشخصيات التقية ، قد تميز بمنهج تربوى روحى دعامته الأساسية هى تربية النفس وتقويتها ، وتنقيتها من أثقالها وأدناسها
أما فى هذا الزمن العجيب الذى رفعت فيه راية المادة بشكل مخيف ومريب ، وغاص العباد فى أوحال الفساد...  فغابت الروح وتنصلت من كل مريد .... لتتركهم مع أمواجهم المادية العاتية فى بحرهم اللجى الذى تعلوه الظلمات والأخطار ... عبدوا الطاغوت فغاب عنهم ضوء النهار ، واتبعوا أهواءهم فضلوا وأضلوا وحار الناس فى الأمصار : هل من سبيل إلى النجاة .... هل من سبيل لإخراج النفس من أوحالها،  واللحاق بعالم الإشراقات والتجليات ، والتمتع بالفتوحات الربانية والأنوار المحمدية ...؟
لاشك أن الطريق مفتوح ، وعلى قدر العزم تأتى العزائم . 

...........
موقعى الشخصى على الرابط : 
http://drmervat.blogspot.com/

المصدر: موقعى الشخصى على الرابط : http://drmervat.blogspot.com/
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 129 مشاهدة
نشرت فى 13 ديسمبر 2011 بواسطة mervatmoharam

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

6,889